کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
شرعيتها و رأيت في بعض أجوبة العلامة رحمه الله عما سئل عنه تجويز العمل بما سمع في المنام عن النبي و الأئمة ع إذا لم يكن مخالفا للإجماع لما روي من أن الشيطان، لا يتمثل بصورتهم و فيه إشكال.
قوله ع أنزل الله و في بعض النسخ و الثالثة أنزل و الظاهر أنها زيدت من المصلحين 3850 فأفسدوا الكلام بل هذا تفصيل لما أجمل سابقا و عود إلى أول الكلام كما سيظهر مما سيأتي و الأنوار تحتمل الصورية و المعنوية أو الأعم منهما.
و أما نفرة الملائكة فلغلبة النور على أنوارهم و عجزهم عن إدراك الكمالات التي أعطاها الله نبينا ص كما
قَالَ ص لِي مَعَ اللَّهِ وَقْتٌ- لَا يَسَعُنِي مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ الْخَبَرَ.
و يؤيد المعنوية قول الملائكة ما أشبه هذا النور بنور ربنا و على تقدير أن يكون المراد الصورية فالمعنى ما أشبه هذا النور بنور خلقه الله في العرش و على التقديرين لما كان كلامهم و فعلهم موهما لنوع من التشبيه قال جبرئيل الله أكبر تنزيها له عن تلك المشابهة أي أكبر من أن يشبهه أحد أو يعرفه و قد مر تفسير الأنوار في كتاب التوحيد و التكرير للتأكيد أو الأول لنفي المشابهة و الثاني لنفي الإدراك.
و قال الجزري سبوح قدوس يرويان بالضم و الفتح أقيس و الضم أكثر استعمالا و هو من أبنية المبالغة و المراد بهما التنزيه و قال فيه فانطلقنا معانيق أي مسرعين و في القاموس المعناق الفرس الجيد العنق و الجمع معانيق و العنق بالتحريك ضرب من سير الدابة و التشبيه في الإسراع.
و تثنية التكبير يمكن أن يكون اختصارا من الراوي أو يكون الزيادة بوحي آخر كما ورد في تعليم جبرئيل أمير المؤمنين ع أو يكون من النبي ص كزيادة الركعات بالتفويض أو يكون التكبيران الأولان خارجين عن الأذان كما يومي إليه حديث العلل و به يجمع بين الأخبار و الأظهر أن الغرض في هذا الخبر بيان الإقامة و أطلق عليها الأذان مجازا.
و يمكن أن يكون سؤالهم عن البعثة لزيادة الاطمئنان كما في سؤال إبراهيم إذ تصفح وجوه شيعة أخيه في وقت كل صلاة موقوف على العلم بالبعثة و يمكن أن يكون قولهم و إنا لنتصفح إخبارا عما أمروا به أن يفعلوا بعد ذلك و يؤيده عدم وجوب الصلاة قبل ذلك كما هو الظاهر و إن أمكن أن يكون هذا في معراج تحقق بعد وجوب الصلاة لكنه بعيد عن سياق الخبر.
و يحتمل أيضا أن يكونوا عرفوه ص و عرفوا وصيه و شيعة وصيه بأنهم يكونون كذلك و لذا كانوا يتصفحون وجوه شيعته في أوقات الصلوات ليعرفوا هل وجبت عليهم صلاة أم لا فلا ينافي عدم علمهم بالبعثة و فيه أيضا بعد.
و يحتمل أن يكون التصفح كناية عن رواية أسمائهم في رق بيت المعمور كما سيأتي أو عن رؤية أشباحهم و أمثلتهم حول العرش كما يومي إليه قولهم و هم نور حول العرش و قريب منه ما ذكره بعض الأفاضل أن علمهم به و بأخيه و شيعته و أحوالهم في عالم فوق عالم الحس و هو العالم الذي أخذ عليهم فيه الميثاق و العلم فيه لا يتغير و هذا لا ينافي جهلهم ببعثه في عالم الحس الذي يتغير العلم فيه.
أقول هذا موقوف على مقدمات مباينة لطريقة العقل.
قوله مرحبا بالأول أي خلقا و رتبة و مرحبا بالآخر أي ظهورا و بعثه و مرحبا بالحاشر أي بمن يتصل زمان أمته بالحشر و مرحبا بالناشر أي بمن ينشر قبل الخلق و إليه الجمع و الحساب و قد مر شرح الكل في مواضعها و الرق بالفتح و يكسر جلد رقيق يكتب فيه و الصحيفة البيضاء و دوي الريح و الطائر و النحل صوتها.
صوتين مقرونين أن نسمع صوتين و في الكافي صوتان مقرونان معروفان و كونهما مقرونين لأن الصلاة مستلزمة للفلاح و سبب له و يحتمل أن تكون الفقرتان اللتان بعدهما مفسرتين لهما و الغرض بيان اشتراط قبول الصلاة و صحتها بولايتهما.
و يحتمل أن يكون إشارة إلى ما ورد في بعض الأخبار من تفسير الصلاة و العبادات بهم أي الصلاة رسول الله ص و الفلاح أمير المؤمنين صلوات الله عليه و هما متحدان من نور واحد مقرونان قولا و فعلا و بما فسر في هذا الخبر يظهر سر تلك الأخبار و معناها و الضمير في قوله لشيعته راجع إلى الرسول أو إلى علي صلوات الله عليهما و الأخير أظهر و ترك حي على خير العمل الظاهر أنه من الإمام ع أو من الرواة تقية و يحتمل أن يكون قرر بعد ذلك كما مر و يؤيده عدم ذكر بقية فصول الأذان.
و أطناب السماء لعله كناية عن الأطباق و الجوانب قال الجزري فيه ما بين طنبي المدينة أحوج مني إليها أي ما بين طرفيها و الطنب أحد أطناب الخيمة فاستعارة للطرف و الناحية انتهى و في الكافي أطباق السماء و هو أظهر.
ثم إنه يحتمل أن يكون خرق الأطباق و الحجب من تحته أو من فوقه أو منهما معا و أيضا يحتمل أن يكون هذا في السماء الرابعة أو بعد عروجه إلى السابعة و الأخير أوفق بما بعده فعلى الأول إنما خرقت الحجب من تحته لينظر إلى الكعبة و إلى البيت المعمور فلما نظر إليهما وجدهما متحاذيين متطابقين متماثلين و لذا قال و لكل مثل مثال أي كل شيء في الأرض له مثال في السماء فعلى الثاني يحتمل أن تكون الصلاة تحت العرش محاذيا للبيت المعمور أو في البيت المعمور بعد النزول و على التقديرين استقبال الحجر مجاز أي استقبل ما يحاذيه أو ما يشاكله و يشبهه.
قوله و أنت الحرام أي المحترم المكرم و لعله إشارة إلى أن حرمة البيت إنما هي لحرمتك كما ورد في غيره و يدل على استحباب أخذ ماء الوضوء
أولا باليمنى و في الكافي صار الوضوء باليمنى فيمكن أن يفهم منه استحباب الإدارة.
قوله تعالى بعدد حجبي الظاهر أن المراد بالحجب هنا غير السماوات كما يظهر من سائر الأخبار و أن ثلاثة منها ملتصقة ثم تفصل بينها بحار النور ثم اثنان منها ملتصقان فلذا استحب التوالي بين ثلاث من التكبيرات ثم الفصل بالدعاء ثم بين اثنتين ثم الفصل بالدعاء ثم يأتي باثنتين متصلتين فكل شروع في التكبير ابتداء افتتاح و في الكافي هكذا و الحجب متطابقة بينهن بحار النور و ذلك النور الذي أنزل الله على محمد ص فمن أجل ذلك صار الافتتاح ثلاث مرات لافتتاح الحجب ثلاث مرات فصار التكبير سبعا و الافتتاح ثلاثا.
و حمل الوالد العلامة الافتتاح ثلاثا على تكبيرة الإحرام التي هي افتتاح القراءة و تكبير افتتاح الركوع و تكبير افتتاح السجود و لعل ما ذكرناه أظهر.
و قوله شكرا يحتمل أن يكون كلام الإمام ع أي قال النبي ص على وجه الشكر الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و الظاهر أنه من تتمة التحميد و يؤيد الأول أنه ورد تحميد المأموم في هذا المقام بدون هذه التتمة و يؤيد الثاني أنه ص أضمر شكرا عند قوله الحمد لله رب العالمين أولا و يدل على استحباب التحميد في هذا المقام للإمام و المنفرد أيضا و لعله خص بعد ذلك للمأموم.
قوله تعالى قطعت ذكري لعله لما كانت سورة الفاتحة بالوحي و انقطع الوحي بتمامها و حمد الله من قبل نفسه قال الله تعالى لما قطعت القرآن بالحمد فاستأنف البسملة فالمراد بالذكر القرآن و قوله ع كما أنزلت يدل على تغيير في سورة التوحيد
و في الكافي هكذا ثم أوحى الله عز و جل إليه اقرأ يا محمد نسبة ربك تبارك و تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ثم أمسك عنه الوحي فقال رسول الله ص الله الواحد الأحد
الصمد فأوحى الله إليه لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ كذلك الله ربنا كذلك الله ربنا.
قوله تعالى فانظر إلى عرشي أي بالقلب أو بمؤخر العين أو ارفع رأسك في تلك الحالة فانظر إليه.
و في الكافي فلما قال ذلك أوحى الله إليه اركع لربك يا محمد فركع فأوحى الله إليه و هو راكع قل سبحان ربي العظيم و بحمده ففعل ذلك ثلاثا ثم أوحى الله إليه ارفع رأسك يا محمد ففعل رسول الله ص فقام منتصبا فأوحى الله عز و جل إليه أن اسجد لربك يا محمد فخر رسول الله ساجدا فأوحى الله إليه قل سبحان ربي الأعلى و بحمده ففعل ص ذلك ثلاثا ثم أوحى الله إليه استو جالسا يا محمد ففعل فلما رفع رأسه عن سجوده و استوى جالسا نظر إلى عظمة تجلت له فخر ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمر به فسبح أيضا ثلاثا فأوحى الله إليه انتصب قائما ففعل فلم ير ما كان رأى من العظمة فمن أجل ذلك صارت الصلاة ركعة و سجدتين.
قوله و علو ما رأيت أي استراحة من شدة و دهشة عرضت لي بسببه أو طلبا لهذا الأمر العالي و إعادة النظر إليه فيكون منصوبا بنزع الخافض.
و قوله تعالى فإنها نسبتك أي مبينة شرفك و كرامتك و كرامة أهل بيتك أو مشتملة على نسبتك و نسبتهم إلى الناس و جهة احتياج الناس إليك و إليهم فإن نزول الملائكة و الروح بجميع الأمور التي يحتاج الناس إليها إذا كان إليه و إليهم فبهذا الجهة هم محتاجون إليك و إليهم.
قوله تعالى إني أنا السلام و التحية لعل التحية معطوفة على السلام تفسيرا و تأكيدا و قوله و الرحمة مبتدأ أي أنت المراد بالرحمة و ذريتك بالبركات أو المراد أن كلا منهم رحمة و بركة و يحتمل أن يكون قوله و التحية مبتدأ و على التقادير حاصل المعنى سلام الله و تحيته أو رحمته و شفاعته محمد و أهل بيته صلوات الله عليهم و دعاؤهم و هدايتهم و إعانتهم عليكم أي لكم.
قوله تعالى تجاه القبلة أي من غير التفات إلى اليسار أو إلى اليمين أيضا كثيرا بأن يحتمل ما فعله ص على الالتفات القليل و يؤيده قوله ع أن لا ألتفت يسارا و ما قيل من أنه رأى الملائكة و النبيين تجاه القبلة فسلم عليهم لأنهم المقربون ليسوا من أصحاب اليمين و لا من أصحاب الشمال فلا يخفى ما فيه لأن الظاهر أنهم كانوا مؤتمين به ص.
قوله تعالى صار التسبيح في السجود في الكافي كان التكبير في السجود شكرا فلعل المعنى أنه ص لما كان هوته إلى السجود لمشاهدة عظمة تجلت له كبر قبل سجوده شكرا لتلك النعمة كما قال تعالى وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 3851 أي على ما هدى و ما هنا أظهر كما لا يخفى.
قوله ع عند الزوال لعل المعنى أن هذه الصلاة التي فرضت و علمها الله نبيه في السماء أنها فرضت أو وقعت أولا في الأرض عند الزوال فلا يلزم أن يكون إيقاعها في السماء عند الزوال مع أنه يحتمل أن يكون النبي ص في ذلك الوقت محاذيا لموضع يكون في الأرض وقت الزوال لكنه بعيد إذ الظاهر من الخبر أنها وقعت في موضع كان محاذيا لمكة و لما كان الظاهر من الأخبار تعدد المعراج فيمكن حمل هذا الخبر على معراج وقع في اليوم و بهذا الوجه يمكن التوفيق بين أكثر الأخبار المختلفة الواردة في كيفية المعراج.
ثم إنه يظهر من هذا الخبر أن الصلاة لما كانت معراج المؤمن فكما أن النبي ص نفض عن ذيله الأطهر علائق الدنيا الدنية و توجه إلى عرش القرب و الوصال و مكالمة الكبير المتعال و كلما خرق حجابا من الحجب الجسمانية كبر الرب تعالى و كشف بسببه حجابا من الحجب العقلانية حتى وصل إلى عرش العظمة و الجلال و دخل مجلس الأنس و الوصال فبعد رفع الحجب المعنوية بينه و بين مولاه كلمه و ناجاه فاستحق لأن يتجلى له نور من أنوار الجبروت فركع و خضع لذلك النور فاستحق أن يتجلى عليه نور أعلى منه فرفع رأسه و شاهده و خر
ساجدا لعظمته.
ثم بعد طي تلك المقامات و الوصول إلى درجة الشهود و الاتصال بالرب الودود رفع له الأستار من البين و قربه إلى مقام قاب قوسين فأكرمه بأن يقرن اسمه باسمه في الشهادتين ثم حباه بالصلاة عليه و على أهل بيته المصطفين فلما لم يكن بعد الوصول إلا السلام أكرمه بهذا الإنعام أو أمره بأن يسلم على مقربي جنابه الذين فازوا قبله بمثل هذا المقام تشريفا له بإنعامه و تأليفا بين مقربي جنابه أو أنه لما أذنه بالرجوع عن مقام لي مع الله الذي لا يرحمه فيه سواه و لم يخطر بباله غير مولاه التفت إليهم فسلم عليهم كما يومي إليه هذا الخبر فكذا ينبغي للمؤمن إذا أراد أن يتوجه إلى جنابه تعالى بعد تشبثه بالعلائق الدنية و توغله في العلائق الدنيوية أن يدفع عنه الأنجاس الظاهرة و الباطنة و يتحلى بما يستر عورته الجسمانية و الروحانية و يتعطر بروائح الأخلاق الحسنة و يتطهر من دنس الذنوب و الأخلاق الذميمة و يخرج من بيته الأصنام و الكلاب و الصور و الخمور الصورية و عن قلبه صور الأغيار و كلب النفس الأمارة و سكر الملك و المال و العزة و أصنام حب الذهب و الفضة و الأموال و الأولاد و النساء و سائر الشهوات الدنيوية.
ثم يتذكر بالأذان و الإقامة ما نسيه بسبب الاشتغال بالشبهات و الأعمال من عظمة الله و جلاله و لطفه و قهره و فضل الصلاة و سائر العبادات مرة بعد أخرى و يتذكر أمور الآخرة و أهوالها و سعاداتها و شقاواتها عند الاستنجاء و الوضوء و الغسل و أدعيتها إذا علم أسرارها ثم يتوجه إلى المساجد التي هي بيوت الله في الأرض و يخطر بباله عظمة صاحب البيت و جلاله إذا وصل إلى أبوابها فلا يكون عنده أقل عظمة من أبواب الملوك الظاهرة التي إذا وصل إليها دهش و تحير و ارتعد و خضع و استكان.