کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ 13140 مِنْهَا الْأُمَّةُ أَيِ الْوَقْتُ الْمُوَقَّتُ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فِي سُورَةِ يُوسُفَ- وَ قالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ 13141 أَيْ بَعْدَ وَقْتٍ وَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ 13142 أَيْ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَ الْأُمَّةُ هِيَ الْجَمَاعَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ 13143 وَ الْأُمَّةُ الْوَاحِدُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً 13144 وَ الْأُمَّةُ جَمْعُ دَوَابَّ وَ جَمْعُ طُيُورٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ 13145 أَيْ جَمَاعَاتٌ يَأْكُلُونَ وَ يَشْرَبُونَ وَ يَتَنَاسَلُونَ وَ أَمْثَالُ ذَلِكَ وَ سَأَلُوهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَنِ الْخَاصِّ وَ الْعَامِّ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ إِنَّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى آيَاتٍ لَفْظُهَا الْخُصُوصُ وَ الْعُمُومُ وَ مِنْهُ آيَاتٌ لَفْظُهَا لَفْظُ الْخَاصِّ وَ مَعْنَاهُ عَامُّ وَ مِنْ ذَلِكَ لَفْظٌ عَامٌّ يُرِيدُ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى الْعُمُومَ وَ كَذَلِكَ الْخَاصُّ أَيْضاً فَأَمَّا مَا ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَ مَعْنَاهُ الْخُصُوصُ فَقَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ 13146 فَهَذَا اللَّفْظُ يَحْتَمِلُ الْعُمُومَ وَ مَعْنَاهُ الْخُصُوصُ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا فَضَّلَهُمْ عَلَى عَالَمِ أَزْمَانِهِمْ بِأَشْيَاءَ خَصَّهُمْ بِهَا مِثْلُ الْمَنِّ وَ السَّلْوَى وَ الْعُيُونِ الَّتِي فَجَّرَهَا لَهُمْ مِنَ الْحَجَرِ وَ أَشْبَاهِ ذَلِكَ وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ 13147 أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ فَضَّلَهُمْ عَلَى عَالَمِي زَمَانِهِمْ وَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَ أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَ لَها عَرْشٌ عَظِيمٌ 13148 يَعْنِي سُبْحَانَهُ بِلْقِيسَ وَ هِيَ مَعَ هَذَا لَمْ يُؤْتَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِمَّا فَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الرِّجَالَ عَلَى النِّسَاءِ
وَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها 13149 يَعْنِي الرِّيحَ وَ قَدْ تَرَكَتْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً لَمْ تُدَمِّرْهَا وَ مِثْلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ 13150 أَرَادَ سُبْحَانَهُ بَعْضَ النَّاسِ وَ ذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشاً كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُفِيضُ مِنَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَ لَا يَخْرُجُونَ إِلَى عَرَفَاتٍ كَسَائِرِ الْعَرَبِ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَصْحَابُهُ وَ هُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ النَّاسُ عَلَى الْخُصُوصِ وَ ارْجِعُوا عَنْ سُنَّتِهِمْ وَ قَوْلِهِ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ 13151 يَعْنِي بِالنَّاسِ هَاهُنَا الْيَهُودَ فَقَطْ وَ قَوْلِهِ تَعَالَى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ 13152 وَ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً 13153 نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ وَ إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَ قَوْلِهِ تَعَالَى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ 13154 نَزَلَتْ فِي حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَ هُوَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَلَفْظُ الْآيَةِ عَامٌّ وَ مَعْنَاهَا خَاصٌّ وَ إِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فِي النَّاسِ وَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ 13155 نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيِّ وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا رَجَعَ مِنْ غَزَاةِ أُحُدٍ وَ قَدْ قُتِلَ عَمُّهُ حَمْزَةُ وَ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ قُتِلَ وَ جُرِحَ مَنْ جُرِحَ وَ انْهَزَمَ مَنِ انْهَزَمَ وَ لَمْ يَنَلْهُ الْقَتْلُ وَ الْجَرْحُ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص أَنِ اخْرُجْ فِي وَقْتِكَ هُنَا لِطَلَبِ قُرَيْشٍ وَ لَا تُخْرِجْ مَعَكَ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَّا كُلَّ مَنْ كَانَتْ بِهِ جِرَاحَةٌ فَأَعْلِمْهُمْ
بِذَلِكَ فَخَرَجُوا مَعَهُ عَلَى مَا كَانَ بِهِمْ مِنَ الْجِرَاحِ حَتَّى نَزَلُوا مَنْزِلًا يُقَالُ لَهُ حَمْرَاءُ الْأَسَدِ وَ كَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ جَدَّتِ السَّيْرَ فَرَقاً فَلَمَّا بَلَغَهُمْ خُرُوجُ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي طَلَبِهِمْ خَافُوا فَاسْتَقْبَلَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَهُ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ يَا نُعَيْمُ هَلْ لَكَ أَنْ أَضْمَنَ لَكَ عَشْرَ قَلَائِصَ وَ تَجْعَلَ طَرِيقَكَ عَلَى حَمْرَاءِ الْأَسَدِ فَتُخْبِرَ مُحَمَّداً أَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَدَدٌ كَثِيرٌ مِنْ حُلَفَائِنَا مِنَ الْعَرَبِ كِنَانَةَ وَ عَشِيرَتِهِمْ وَ الْأَحَابِيشِ وَ تُهَوِّلَ عَلَيْهِمْ مَا اسْتَطَعْتَ فَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَنَّا فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَ قَصَدَ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ ص بِذَلِكَ وَ أَنَّ قُرَيْشاً يُصْبِحُونَ بِجَمْعِهِمُ الَّذِي لَا قِوَامَ لَكُمْ بِهِ فَاقْبَلُوا نَصِيحَتِي وَ ارْجِعُوا فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ص حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ اعْلَمْ أَنَّا لَا نُبَالِي بِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى رَسُولِهِ- الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَ اتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ- الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ وَ إِنَّمَا كَانَ الْقَائِلُ لَهُمْ نُعَيمَ بْنَ مَسْعُودٍ فَسَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِاسْمِ جَمِيعِ النَّاسِ وَ هَكَذَا كُلُّ مَا جَاءَ تَنْزِيلُهُ بِلَفْظِ الْعُمُومِ وَ مَعْنَاهُ الْخُصُوصُ وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ 13156 وَ أَمَّا مَا لَفْظُهُ خُصُوصٌ وَ مَعْنَاهُ عُمُومٌ فَقَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً 13157 فَنَزَلَ لَفْظُ الْآيَةِ خُصُوصاً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ هُوَ جَارٍ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ عَامّاً لِكُلِّ الْعِبَادِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ وَ مِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ
وَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ 13158 نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي نِسَاءٍ كُنَّ بِمَكَّةَ مَعْرُوفَاتٍ بِالزِّنَا مِنْهُنَّ سَارَةُ وَ حَنْتَمَةُ وَ رَبَابُ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى نِكَاحَهُنَّ فَالْآيَةُ جَارِيَةٌ فِي كُلِّ مَنْ كَانَ مِنَ النِّسَاءِ مِثْلَهُنَّ وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا 13159 وَ مَعْنَاهُ جَمِيعُ الْمَلَائِكَةِ وَ أَمَّا مَا لَفْظُهُ مَاضٍ وَ مَعْنَاهُ مُسْتَقْبَلٌ فَمِنْهُ ذِكْرُهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَخْبَارَ الْقِيَامَةِ وَ الْبَعْثِ وَ النُّشُورِ وَ الْحِسَابِ فَلَفْظُ الْخَبَرِ مَا قَدْ كَانَ وَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ سَيَكُونُ قَوْلُهُ وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ إِلَى قَوْلِهِ وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً 13160 فَلَفْظُهُ مَاضٍ وَ مَعْنَاهُ مُسْتَقْبَلٌ وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً 13161 وَ أَمْثَالُ هَذَا كَثِيرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَمَّا مَا نَزَلَ بِلَفْظِ الْعُمُومِ وَ لَا يُرَادُ بِهِ غَيْرُهُ فَقَوْلُهُ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ 13162 وَ قَوْلُهُ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى 13163 وَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ 13164 وَ قَوْلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ قَوْلُهُ كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً 13165 أَيْ عَلَى مَذْهَبٍ وَاحِدٍ وَ ذَلِكَ كَانَ مِنْ قَبْلِ نُوحٍ ع وَ لَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ اخْتَلَفُوا ثُمَّ بَعَثَ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ وَ أَمَّا مَا حُرِّفَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَوْلُهُ- كُنْتُمْ خَيْرَ أَئِمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَحُرِّفَتْ إِلَى خَيْرَ أُمَّةٍ وَ مِنْهُمُ الزُّنَاةُ وَ اللَّاطَةُ وَ السُّرَّاقُ وَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ وَ الظَّلَمَةُ وَ شُرَّابُ الْخَمْرِ وَ الْمُضَيِّعُونَ لِفَرَائِضِ
اللَّهِ تَعَالَى وَ الْعَادِلُونَ عَنْ حُدُودِهِ أَ فَتَرَى اللَّهَ تَعَالَى مَدَحَ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي سُورَةِ النَّحْلِ- أَنْ تَكُونَ أَئِمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أَئِمَّةٍ فَجَعَلُوهَا أُمَّةٌ 13166 وَ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ يُوسُفَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يُعْصَرُونَ أَيْ يُمْطَرُونَ فَحَرَّفُوهُ وَ قَالُوا يَعْصِرُونَ 13167 وَ ظَنُّوا بِذَلِكَ الْخَمْرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً 13168 وَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَتِ الْجِنُّ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ فَحَرَّفُوهَا بِأَنْ قَالُوا فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ 13169 وَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ هُودٍ ع أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ ص وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَصِيُّهُ- إِمَاماً وَ رَحْمَةً وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ 13170 فَحَرَّفُوا وَ قَالُوا أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَ رَحْمَةً فَقَدَّمُوا حَرْفاً عَلَى حَرْفٍ فَذَهَبَ مَعْنَى الْآيَةِ وَ قَالَ سُبْحَانَهُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ 13171 لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ لِآلِ مُحَمَّدٍ فَحَذَفُوا آلَ مُحَمَّدٍ 13172 وَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَ كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أَئِمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً 13173 وَ مَعْنَى وَسَطاً بَيْنَ الرَّسُولِ وَ بَيْنَ النَّاسِ فَحَرَّفُوهَا وَ جَعَلُوهَا أُمَّةً وَ مِثْلُهُ فِي سُورَةِ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَ يَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابِيّاً 13174 فَحَرَّفُوهَا وَ قَالُوا تُراباً وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ
يُكْثِرُ مِنْ مُخَاطَبَتِي بِأَبِي تُرَابٍ وَ مِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ: وَ أَمَّا الْآيَةُ الَّتِي نِصْفُهَا مَنْسُوخٌ وَ نِصْفُهَا مَتْرُوكٌ بِحَالِهِ لَمْ يُنْسَخْ وَ مَا جَاءَ مِنَ الرُّخْصَةِ بَعْدَ الْعَزِيمَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى- وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَ لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَ لَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَ لا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَ لَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكُمْ 13175 وَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَنْكِحُونَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى وَ يُنْكِحُونَهُمْ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ نَهْياً أَنْ يَنْكِحَ الْمُسْلِمُ مِنَ الْمُشْرِكِ أَوْ يُنْكِحُونَهُ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ مَا نَسَخَ هَذِهِ الْآيَةَ فَقَالَ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ 13176 فَأَطْلَقَ عَزَّ وَ جَلَّ مُنَاكَحَتَهُنَّ بَعْدَ أَنْ كَانَ نَهَى وَ تَرَكَ قَوْلَهُ وَ لا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا عَلَى حَالِهِ لَمْ يَنْسَخْهُ فَأَمَّا الرُّخْصَةُ الَّتِي هِيَ الْإِطْلَاقُ بَعْدَ النَّهْيِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ الْوُضُوءَ عَلَى عِبَادِهِ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ وَ كَذَا الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَقَالَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً 13177 فَالْفَرِيضَةُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ عِنْدَ وُجُودِهِ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَ الرُّخْصَةُ فِيهِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ مِنَ الصَّعِيدِ الطَّيِّبِ وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ 13178 فَالْفَرْضُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ الْفَرِيضَةَ عَلَى الْأَرْضِ بِرُكُوعٍ وَ سُجُودٍ تَامٍّ ثُمَّ رَخَّصَ لِلْخَائِفِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً 13179