کتابخانه روایات شیعه
يُوسُفَ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَوْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسٍ الرُّحْبِيِّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى بَابِ الْقَصْرِ حَتَّى أَلْجَأَتْهُ الشَّمْسُ إِلَى حَائِطِ الْقَصْرِ، فَوَثَبَ لِيَدْخُلَ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ فَتَعَلَّقَ بِثَوْبِهِ، وَ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَدِّثْنِي حَدِيثاً جَامِعاً يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ قَالَ: أَ وَ لَمْ يَكُنْ فِيَّ حَدِيثٌ كَثِيرُ قَالَ: بَلَى، وَ لَكِنْ حَدِّثْنِي حَدِيثاً يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ.
قَالَ: حَدَّثَنِي خَلِيلِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَنِّي أَرِدُ أَنَا وَ شِيعَتِي الْحَوْضَ رِوَاءً مَرْوِيِّينَ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ، وَ يَرِدُ عَدُوُّنَا ظِمَاءً مُظْمَئِينَ مُسْوَدَّةً وُجُوهُهُمْ، خُذْهَا إِلَيْكَ قَصِيرَةً مِنْ طَوِيلَةٍ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ، وَ لَكَ مَا اكْتَسَبْتَ، أَرْسِلْنِي يَا أَخَا هَمْدَانَ، ثُمَّ دَخَلَ الْقَصْرَ.
180- 34- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّعْفَرَانِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ، عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَنِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ يَوْماً: ادْعُوا غَنِيّاً وَ بَاهِلَةَ وَ حَيّاً آخَرَ، وَ قَدْ سَمَّاهَا، فَلْيَأْخُذُوا أَعْطِيَاتِهِمْ، فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ، وَ أَنَا شَاهِدٌ فِي مَنْزِلِي عِنْدَ الْحَوْضِ وَ عِنْدَ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ أَنَّهُمْ أَعْدَاءٌ لِي فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، لَآخُذَنَّ غَنِيّاً أَخْذَةً تَضْرِطُ بِأَهْلِهِ 170 ، وَ لَئِنْ ثَبَتَتْ قَدَمَايَ لَأَرُدَّنَّ قَبَائِلَ إِلَى قَبَائِلَ وَ قَبَائِلَ إِلَى قَبَائِلَ، وَ لَأُبَهْرِجَنَ 171 سِتِّينَ قَبِيلَةً مَا لَهَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ.
181- 35- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ الدَّقَّاقُ إِجَازَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى
الْأَوْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُخَوَّلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ قَطَرَتْ عَيْنَاهُ فِينَا قَطْرَةً أَوْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فِينَا دَمْعَةً إِلَّا بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ حُقُباً.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْأَوْدِيُّ: فَرَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي مُخَوَّلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْكَ، أَنَّكَ قُلْتَ: مَا مِنْ عَبْدٍ قَطَرَتْ عَيْنَاهُ فِينَا قَطْرَةً، أَوْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فِينَا دَمْعَةً إِلَّا بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ حُقُباً. قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: سَقَطَ الْإِسْنَادُ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ.
182- 36- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَصِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبَابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَاتَ يَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ: أَلَا إِنَّهُ قَدْ دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ مِنْ قَبْلِكُمْ، وَ هُوَ الْحَسَدُ، لَيْسَ بِحَالِقِ الشَّعَرِ لَكِنَّهُ حَالِقُ الدِّينِ، وَ يُنْجِي مِنْهُ أَنْ يَكُفَّ الْإِنْسَانُ يَدَهُ، وَ يَخْزُنَ لِسَانَهُ، وَ لَا يَكُونَ ذَا غَمْزٍ عَلَى أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ.
183- 37- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْجِعَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ الْكِنَانِيِّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ طُولُ الْأَمَلِ وَ اتِّبَاعُ الْهَوَى، فَأَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ، وَ أَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، أَلَا وَ إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَوَلَّتْ مُدَبَّرَةً، وَ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ مُقْبِلَةً، وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ، وَ لَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَ لَا حِسَابَ، وَ الْآخِرَةَ حِسَابٌ وَ لَا عَمَلَ.
184- 38- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الطَّيِّبِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ لَكُمْ أَنْ يُعَلِّمَ جَاهِلَكُمْ، وَ أَنْ يُثَبِّتَ قَائِمَكُمْ، وَ أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّكُمْ، وَ أَنْ يَجْعَلَكُمْ
نُجَدَاءَ جُوَدَاءَ رُحَمَاءَ، وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا صَلَّى وَ صَفَّ قَدَمَيْهِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ، وَ لَقِيَ اللَّهَ بِبُغْضِكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، دَخَلَ النَّارَ 172 .
185- 39- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْجِعَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زِيَادٍ مِنْ كِتَابَةٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الْحَسَنِ الْجَرْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): إِنَّ جَبْرَئِيلَ نَزَلَ عَلَيَّ وَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقُومَ بِتَفْضِيلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ خَطِيباً عَلَى أَصْحَابِكَ لِيُبَلِّغُوا مَنْ بَعْدَهُمْ ذَلِكَ عَنْكَ، وَ يَأْمُرُ جَمِيعَ الْمَلَائِكَةِ أَنْ تَسْمَعَ مَا تَذْكُرُهُ، وَ اللَّهُ يُوحِي إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ أَنَّ مَنْ خَالَفَكَ فِي أَمْرِهِ دَخَلَ النَّارَ، وَ مَنْ أَطَاعَكَ فَلَهُ الْجَنَّةُ.
فَأَمَرَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مُنَادِياً فَنَادَى بِ الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَ خَرَجَ حَتَّى رَقِيَ الْمِنْبَرَ، وَ كَانَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ .
ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا الْبَشِيرُ، وَ أَنَا النَّذِيرُ، وَ أَنَا النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ، إِنِّي مُبَلِّغُكُمْ عَنِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) فِي أَمْرِ رَجُلٍ لَحْمُهُ مِنْ لَحْمِي، وَ دَمُهُ مِنْ دَمِي، وَ هُوَ عَيْبَةُ الْعِلْمِ، وَ هُوَ الَّذِي انْتَخَبَهُ اللَّهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ اصْطَفَاهُ وَ هَدَاهُ وَ تَوَلَّاهُ، وَ خَلَقَنِي وَ إِيَّاهُ، وَ فَضَّلَنِي بِالرِّسَالَةِ، وَ فَضَّلَهُ بِالتَّبْلِيغِ عَنِّي، وَ جَعَلَنِي مَدِينَةَ الْعِلْمِ وَ جَعَلَهُ الْبَابَ، وَ جَعَلَهُ خَازِنَ الْعِلْمِ وَ الْمُقْتَبَسَ مِنْهُ الْأَحْكَامُ، وَ خَصَّهُ بِالْوَصِيَّةِ، وَ أَبَانَ أَمْرَهُ، وَ خَوَّفَ مِنْ عَدَاوَتِهِ، وَ أَزْلَفَ مَنْ وَالاهُ، وَ غَفَرَ لِشِيعَتِهِ، وَ أَمَرَ النَّاسَ جَمِيعاً بِطَاعَتِهِ. وَ إِنَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) يَقُولُ: مَنْ عَادَاهُ عَادَانِي، وَ مَنْ وَالاهُ وَالانِي، وَ مَنْ نَاصَبَهُ نَاصَبَنِي، وَ مَنْ خَالَفَهُ خَالَفَنِي، وَ مَنْ عَصَاهُ عَصَانِي، وَ مَنْ آذَاهُ آذَانِي، وَ مَنْ أَبْغَضَهُ أَبْغَضَنِي، وَ مَنْ أَحَبَّهُ أَحَبَّنِي، وَ مَنْ أَرْدَاهُ أَرْدَانِي، وَ مَنْ كَادَهُ كَادَنِي، وَ مَنْ نَصَرَهُ نَصَرَنِي.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ وَ أَطِيعُوهُ، فَإِنِّي أُخَوِّفُكُمْ عِقَابَ اللَّهِ «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً» 173 ، «وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ» 174 .
ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، هَذَا مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ، وَ الْمُجَاهِدُ لِلْكَافِرِينَ. اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ بَلَّغْتُ، وَ هُمْ عِبَادُكَ وَ أَنْتَ الْقَادِرُ عَلَى صَلَاحِهِمْ فَأَصْلِحْهُمْ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَ لَكُمْ.
ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ تَبْلِيغِكَ خَيْراً، قَدْ بَلَّغْتَ رِسَالاتِ رَبِّكَ، وَ نَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ، وَ أَرْضَيْتَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ أَرْغَمْتَ الْكَافِرِينَ، يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ مُبْتَلًى وَ مُبْتَلًى بِهِ، يَا مُحَمَّدُ، قُلْ فِي كُلِّ أَوْقَاتِكَ" الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ".
186- 40- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ السِّجِسْتَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، قَالَ: لَمَّا سَيَّرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنَ عَبَّاسٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ) إِلَى الطَّائِفِ، كَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ (رَحِمَهُ اللَّهُ): أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنْ ابْنَ الْجَاهِلِيَّةِ سَيَّرَكَ إِلَى الطَّائِفِ، فَرَفَعَ اللَّهُ (جَلَّ اسْمُهُ) بِذَلِكَ لَكَ ذِكْراً، وَ أَعْظَمَ لَكَ أَجْراً، وَ حَطَّ بِهِ عَنْكَ وِزْراً، يَا ابْنَ عَمِّ، إِنَّمَا يُبْتَلَى الصَّالِحُونَ، وَ إِنَّمَا تُهْدَى الْكَرَامَةُ لِلْأَبْرَارِ، وَ لَوْ لَمْ تُؤْجَرْ إِلَّا فِيمَا تُحِبُّ إِذَنْ قَلَّ أَجْرُكَ، قَالَ اللَّهُ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى): «وَ عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» 175 وَ هَذَا لَسْتُ أَشُكُّ أَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ عِنْدَ بَارِئِكَ، عَزَمَ
اللَّهُ لَكَ عَلَى الصَّبْرِ فِي الْبَلْوَى، وَ الشُّكْرِ فِي النَّعْمَاءِ، إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَجَابَ عَنْهُ، فَقَالَ:" أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُكَ تَعْزِيَنِي فِيهِ عَلَى تَسْيِيرِي، وَ تَسْأَلُ رَبَّكَ جَلَّ اسْمُهُ أَنْ يَرْفَعَ بِهِ ذِكْرِي، وَ هُوَ (تَعَالَى) قَادِرٌ عَلَى تَضْعِيفِ الْأَجْرِ، وَ الْعَائِدَةِ بِالْفَضْلِ، وَ الزِّيَادَةِ مِنَ الْإِحْسَانِ، وَ مَا أُحِبُّ أَنَّ الَّذِي رَكِبَ مِنِّي ابْنُ الزُّبَيْرِ كَانَ رَكِبَهُ مِنِّي أَعْدَاءُ خَلْقِ اللَّهِ لِي احْتِسَاباً لِذَلِكَ فِي حَسَنَاتِي، وَ لِمَا أَرْجُو أَنْ أَنَالَ بِهِ رِضْوَانَ رَبِّي، يَا أَخِي، الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ، وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَظَلَّتْ، فَاعْمَلْ صَالِحاً، جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكَ مِمَّنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ، وَ يَعْمَلُ لِرِضْوَانِهِ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ، إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".
187- 41- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُظَفَّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ أَبُو عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ السَّكُونِيِّ، عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: اعْمَلْ بِفَرَائِضِ اللَّهِ تَكُنْ مِنْ أَتْقَى النَّاسِ، وَ ارْضَ بِقِسْمِ اللَّهِ تَكُنْ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَ كُفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَكُنْ أَوْرَعَ النَّاسِ، وَ أَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُؤْمِناً، وَ أَحْسِنْ مُصَاحَبَةَ مَنْ صَاحَبَكَ تَكُنْ مُسْلِماً.
تم المجلس الرابع، و يتلوه المجلس الخامس من الأمالي، للشيخ السعيد الفقيه أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي رضي الله عنه بحمد الله تعالى و حسن توفيقه، و الصلاة على النبي و آله الطاهرين
[5] المجلس الخامس
فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
188- 1- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْبَارِيُّ الْكَاتِبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَخْطُبُ النَّاسُ بَعْدَ الْبَيْعَةِ لَهُ بِالْأَمْرِ، فَقَالَ: نَحْنُ حِزْبُ اللَّهِ الْغَالِبُونَ، وَ عِتْرَةُ رَسُولِهِ الْأَقْرَبُونَ، وَ أَهْلُ بَيْتِهِ الطَّيِّبُونَ الطَّاهِرُونَ، وَ أَحَدُ الثَّقَلَيْنِ اللَّذَيْنِ خَلَّفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي أُمَّتِهِ، وَ الثَّانِي كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ تَفْصِيلُ كُلِّ شَيْءٍ، لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ ، فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْنَا فِي تَفْسِيرِهِ، لَا نَتَظَنَّى تَأْوِيلَهُ بَلْ نَتَيَقَّنُ حَقَائِقَهُ، فَأَطِيعُونَا فَإِنَّ طَاعَتَنَا مَفْرُوضَةٌ إِذْ كَانَتْ بِطَاعَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) وَ رَسُولِهِ مَقْرُونَةً، قَالَ (عَزَّ وَ جَلَّ):
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ» 176 ، «وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ
لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ» 177 وَ أُحَذِّرُكُمُ الْإِصْغَاءَ لِهُتَافِ الشَّيْطَانِ، فَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ، فَتَكُونُوا كَأَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ: «لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ» 178 فَتُلْقَوْنَ إِلَى الرِّمَاحِ وَزَراً وَ إِلَى السُّيُوفِ جَزَراً وَ لِلْعَمَدِ حِطَماً وَ لِلسِّهَامِ غَرَضاً ثُمَ «لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً» 179 .
189- 2- أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: مَا كَانَ عَبْدٌ لِيَحْبِسَ نَفْسَهُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ.
190- 3- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيلٍ الْعَنَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْقَرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْعَبَّاسِ، قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَفَاقَ إِفَاقَةً وَ نَحْنُ نَبْكِي، فَقَالَ: مَا الَّذِي يُبْكِيْكُمْ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَبْكِي لِغَيْرِ خَصْلَةٍ، نَبْكِي لِفِرَاقِكَ إِيَّانَا، وَ لِانْقِطَاعِ خَبَرِ السَّمَاءِ عَنَّا، وَ نَبْكِي الْأُمَّةَ مِنْ بَعْدِكَ. فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَمَا إِنَّكُمْ الْمَقْهُورُونَ وَ الْمُسْتَضْعَفُونَ مِنْ بَعْدِي.