کتابخانه روایات شیعه
وَ بَخِلْتَ، فَوَضَعْتَهَا تَحْتَ ذَيْلِكَ، وَ أَرْخَيْتَ عَلَيْهَا ذَيْلَكَ حَتَّى انْصَرَفَ عَنْكَ.
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: كَذَبْتَ يَا مُحَمَّدُ، مَا مِنْ هَذَا قَلِيلٌ وَ لَا كَثِيرٌ، وَ لَا أَكَلْتُ مِنْ دَجَاجَةٍ وَ لَا ادَّخَرْتُ مِنْهَا شَيْئاً، فَمَا الَّذِي فَعَلْتُهُ بَعْدَ أَكْلِيَ الَّذِي زَعَمْتَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: كَانَ عِنْدَكَ ثَلَاثُمِائَةِ دِينَارٍ لَكَ، وَ عَشَرَةُ آلَافِ دِينَارٍ وَدَائِعَ النَّاسِ عِنْدَكَ: الْمِائَةُ، وَ الْمِائَتَانِ وَ الْخَمْسُمِائَةِ، وَ السَّبْعُمِائَةِ، وَ الْأَلْفُ، وَ نَحْوُ ذَلِكَ إِلَى تَمَامِ عَشَرَةِ آلَافٍ، مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي صُرَّةٍ، وَ كُنْتَ قَدْ عَزَمْتَ عَلَى أَنْ تَخْتَانَهُمْ 2244 وَ قَدْ كُنْتَ جَحَدْتَهُمْ وَ مَنَعْتَهُمْ، وَ الْيَوْمَ لَمَّا أَكَلْتَ مِنْ هَذِهِ الدَّجَاجَةِ أَكَلْتَ زَوْرَهَا 2245 وَ ادَّخَرْتَ الْبَاقِيَ، وَ دَفَنْتَ هَذَا الْمَالَ أَجْمَعَ- مَسْرُوراً فَرِحاً بِاخْتِيَانِكَ عِبَادَ اللَّهِ، وَاثِقاً بِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَكَ، وَ تَدْبِيرُ اللَّهِ فِي ذَلِكَ خِلَافُ تَدْبِيرِكَ.
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَ هَذَا أَيْضاً يَا مُحَمَّدُ، فَمَا أَصَبْتُ مِنْهُ قَلِيلًا وَ لَا كَثِيراً، مَا دَفَنْتُ شَيْئاً، وَ لَقَدْ سُرِقَتْ 2246 تِلْكَ الْعَشَرَةُ آلَافِ دِينَارٍ- الْوَدَائِعُ الَّتِي كَانَتْ عِنْدِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا أَبَا جَهْلٍ مَا هَذَا مِنْ تِلْقَائِي فَتُكَذِّبَنِي، وَ إِنَّمَا هَذَا جَبْرَئِيلُ الرُّوحُ الْأَمِينُ يُخْبِرُنِي بِهِ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ عَلَيْهِ تَصْحِيحُ شَهَادَتِهِ وَ تَحْقِيقُ مَقَالَتِهِ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: هَلُمَ 2247 يَا جَبْرَئِيلُ بِالدَّجَاجَةِ الَّتِي أَكَلَ مِنْهَا.
فَإِذَا الدَّجَاجَةُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: أَ تَعْرِفُهَا يَا أَبَا جَهْلٍ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: مَا أَعْرِفُهَا وَ مَا أُخْبِرْتُ عَنْ شَيْءٍ، وَ مِثْلُ هَذِهِ الدَّجَاجَةِ الْمَأْكُولِ بَعْضُهَا فِي الدُّنْيَا كَثِيرٌ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا أَيَّتُهَا الدَّجَاجَةُ- إِنَّ أَبَا جَهْلٍ قَدْ كَذَّبَ مُحَمَّداً عَلَى جَبْرَئِيلَ، وَ كَذَّبَ جَبْرَئِيلَ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَاشْهَدِي لِمُحَمَّدٍ بِالتَّصْدِيقِ، وَ عَلَى أَبِي جَهْلٍ بِالتَّكْذِيبِ، فَنَطَقَتْ
وَ قَالَتْ: أَشْهَدُ يَا مُحَمَّدُ 2248 أَنَّكَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ سَيِّدُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ الْمُعَانِدُ- الْجَاحِدُ لِلْحَقِّ الَّذِي يَعْلَمُهُ، أَكَلَ مِنِّي هَذَا الْجَانِبَ، وَ ادَّخَرَ الْبَاقِيَ وَ قَدْ أَخْبَرْتَهُ بِذَلِكَ، وَ أَحْضَرْتَنِيهِ فَكَذَّبَ بِهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ لَعْنَةُ اللَّاعِنِينَ- فَإِنَّهُ مَعَ كُفْرِهِ بَخِيْلٌ، اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ أَخُوهُ فَوَضَعَنِي تَحْتَ ذَيْلِهِ- إِشْفَاقاً مِنْ أَنْ يُصِيبَ مِنِّي أَخُوهُ، فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصْدَقُ الصَّادِقِينَ- مِنَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَ أَبُو جَهْلٍ الْكَذَّابُ الْمُفْتَرِي اللَّعِينُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: [أَ مَا] كَفَاكَ مَا شَاهَدْتَ! 2249 آمِنْ لِتَكُونَ آمِناً مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ. قَالَ أَبُو جَهْلٍ: إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا تَخْيِيلٌ وَ إِيهَامٌ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: فَهَلْ تَفْرُقُ بَيْنَ مُشَاهَدَتِكَ لِهَذَا- وَ سَمَاعِكَ لِكَلَامِهَا، وَ بَيْنَ مُشَاهَدَتِكَ لِنَفْسِكَ- وَ لِسَائِرِ قُرَيْشٍ وَ الْعَرَبِ وَ سَمَاعِكَ لِكَلَامِهِمْ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَا.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَمَا: يُدْرِيكَ- أَنَّ جَمِيعَ مَا تُشَاهِدُ وَ تُحِسُّ بِحَوَاسِّكَ تَخْيِيلٌ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: مَا هُوَ تَخْيِيلٌ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: وَ لَا هَذَا تَخْيِيلٌ، وَ إِلَّا فَكَيْفَ تُصَحِّحُ- أَنَّكَ تَرَى فِي الْعَالَمِ شَيْئاً أَوْثَقَ مِنْهُ 2250 [قَالَ:] ثُمَّ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَدَهُ عَلَى الْمَوْضِعِ- الْمَأْكُولِ مِنَ الدَّجَاجَةِ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهَا، فَعَادَ اللَّحْمُ عَلَيْهِ أَوْفَرَ مَا كَانَ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا أَبَا جَهْلٍ أَ رَأَيْتَ هَذِهِ الْآيَةَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ [قَدْ] تَوَهَّمْتُ شَيْئاً، وَ لَا أُوقِنُهُ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا جَبْرَئِيلُ فَأْتِنَا بِالْأَمْوَالِ الَّتِي دَفَنَهَا هَذَا الْمُعَانِدُ لِلْحَقِّ- لَعَلَّهُ يُؤْمِنُ. فَإِذَا هُوَ بِالصُّرُرِ بَيْنَ يَدَيْهِ كُلِّهَا [فِي كُلِّ صُرَّةٍ] مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَهُ- إِلَى تَمَامِ عَشَرَةِ آلَافِ دِينَارٍ وَ ثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ 2251
فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَبُو جَهْلٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ- صُرَّةً مِنْهَا- فَقَالَ: ائْتُونِي بِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ. فَأُتِيَ بِهِ وَ هُوَ صَاحِبُهَا- فَقَالَ: ص هَاكَهَا يَا فُلَانُ [هَذَا] مَا قَدِ اخْتَانَكَ فِيهِ أَبُو جَهْلٍ.
فَرَدَّ عَلَيْهِ مَالَهُ، وَ دَعَا بِآخَرَ، ثُمَّ بِآخَرَ حَتَّى رَدَّ الْعَشَرَةَ آلَافٍ كُلَّهَا عَلَى أَرْبَابِهَا، وَ فُضِحَ عِنْدَهُمْ أَبُو جَهْلٍ، وَ بَقِيَتِ الثَّلَاثُمِائَةِ دِينَارٍ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ص.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: الْآنَ آمِنْ لِتَأْخُذَ الثَّلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ، وَ يُبَارِكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا حَتَّى تَصِيرَ أَيْسَرَ قُرَيْشٍ. فَقَالَ: لَا أُومِنُ، وَ لَكِنْ آخُذُهَا وَ هِيَ مَالِي، فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَأْخُذَهَا صَاحَ النَّبِيُّ ص بِالَّدَجَاجَةِ: دُونَكَ أَبَا جَهْلٍ، فَكُفِّيهِ عَنِ الدَّنَانِيرِ، وَ خُذِيهِ.
فَوَثَبَتِ الدَّجَاجَةُ عَلَى أَبِي جَهْلٍ، فَنَاوَلَتْهُ بِمَخَالِبِهَا وَ رَفَعَتْهُ فِي الْهَوَاءِ، وَ طَارَتْ بِهِ إِلَى سَطْحٍ لِبَيْتِهِ فَوَضَعَتْهُ عَلَيْهِ، وَ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص تِلْكَ الدَّنَانِيرَ- إِلَى بَعْضِ فُقَرَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمْ:
مَعَاشِرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ هَذِهِ آيَةٌ أَظْهَرَهَا رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ لِأَبِي جَهْلٍ، فَعَانَدَ، وَ هَذَا الطَّيْرُ الَّذِي حَيِيَ يَصِيرُ مِنْ طُيُورِ الْجَنَّةِ الطَّيَّارَةِ 2252 عَلَيْكُمْ فِيهَا، فَإِنَّ فِيهَا طُيُوراً كَالْبَخَاتِيِ 2253 عَلَيْهَا مِنْ [جَمِيعِ] أَنْوَاعِ الْمَوَاشِي 2254 تَطِيرُ بَيْنَ سَمَاءِ الْجَنَّةِ وَ أَرْضِهَا، فَإِذَا تَمَنَّى مُؤْمِنٌ مُحِبٌّ لِلنَّبِيِّ وَ آلِهِ الْأَكْلَ [مِنْ شَيْءٍ] مِنْهَا، وَقَعَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَتَنَاثَرَ رِيشُهُ وَ انْسَمَطَ 2255 وَ انْشَوَى وَ انْطَبَخَ، فَأَكَلَ مِنْ جَانِبٍ مِنْهُ [قَدِيداً 2256 وَ مِنْ جَانِبٍ مِنْهُ] مَشْوِيّاً بِلَا نَارٍ
فَإِذَا قَضَى شَهْوَتَهُ وَ نَهَمَتْهُ- وَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، عَادَتْ كَمَا كَانَتْ، فَطَارَتْ فِي الْهَوَاءِ، وَ فَخَرَتْ عَلَى سَائِرِ طُيُورِ الْجَنَّةِ، تَقُولُ:
«مَنْ مِثْلِي وَ قَدْ أَكَلَ مِنِّي وَلِيُّ اللَّهِ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ..
» 2257
[مدح زيد بن حارثة و ابنه:]
293 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص «مَعَاشِرَ النَّاسِ أَحِبُّوا مَوَالِيَنَا مَعَ حُبِّكُمْ لِآلِنَا 2258 هَذَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَ ابْنُهُ أُسَامَةُ مِنْ خَوَاصِّ مَوَالِينَا فَأَحِبُّوهُمَا، فَوَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِيّاً لَيَنْفَعُكُمْ حُبُّهُمَا». قَالُوا: وَ كَيْفَ يَنْفَعُنَا حُبُّهُمَا قَالَ: إِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلِيّاً ع بِخَلْقٍ عَظِيمٍ مِنْ مُحِبِّيهِمَا أَكْثَرَ مِنْ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ بِعَدَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَيَقُولَانِ: يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ- هَؤُلَاءِ أَحَبُّونَا بِحُبِّ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ بِحُبِّكَ. فَيَكْتُبُ لَهُمْ عَلِيٌّ ع جَوَازاً عَلَى الصِّرَاطِ، فَيَعْبُرُونَ عَلَيْهِ وَ يَرِدُونَ الْجَنَّةَ سَالِمِينَ.
وَ ذَلِكَ أَنَّ أَحَداً لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ سَائِرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص إِلَّا بِجَوَازٍ مِنْ عَلِيٍّ ع فَإِنْ أَرَدْتُمُ الْجَوَازَ عَلَى الصِّرَاطِ سَالِمِينَ، وَ دُخُولَ الْجِنَانِ غَانِمِينَ، فَأَحِبُّوا بَعْدَ حُبِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ مَوَالِيَهُ، ثُمَّ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ يُعَظِّمَ مُحَمَّدٌ [وَ عَلِيٌ] 2259 عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَنَازِلَكُمْ فَأَحِبُّوا شِيعَةَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ، وَ جِدُّوا فِي قَضَاءِ حَوَائِجِ 2260 إِخْوَانِكُمُ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ
تَعَالَى إِذَا أَدْخَلَكُمُ الْجَنَّةَ مَعَاشِرَ شِيعَتِنَا وَ مُحِبِّينَا 2261 نَادَى مُنَادِيهِ فِي تِلْكَ الْجِنَانِ:
قَدْ دَخَلْتُمْ يَا عِبَادِيَ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، فَتَقَاسَمُوهَا عَلَى قَدْرِ حُبِّكُمْ لِشِيعَةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ ع، وَ قَضَائِكُمْ لِحُقُوقِ إِخْوَانِكُمُ الْمُؤْمِنِينَ.
فَأَيُّهُمْ كَانَ لِلشِّيعَةِ أَشَدَّ حُبّاً، وَ لِحُقُوقِ إِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَحْسَنَ قَضَاءً- كَانَتْ دَرَجَاتُهُ فِي الْجِنَانِ أَعْلَى 2262 حَتَّى إِنَّ فِيهِمْ مَنْ يَكُونُ أَرْفَعَ مِنَ الْآخَرِ- بِمَسِيرَةِ مِائَةِ أَلْفِ 2263 سَنَةٍ تَرَابِيعَ 2264 قُصُورٍ وَ جِنَانٍ. 2265 .
294 قَالَ الْإِمَامُ ع: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا وَبَّخَ [هَؤُلَاءِ] الْيَهُودَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ص وَ قَطَعَ مَعَاذِيرَهُمْ، وَ أَقَامَ عَلَيْهِمُ الْحُجَجَ الْوَاضِحَةَ- بِأَنَّ مُحَمَّداً ص سَيِّدُ النَّبِيِّينَ 2266 وَ خَيْرُ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ، وَ أَنَّ عَلِيّاً سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ، وَ خَيْرُ مَنْ يَخْلُفُهُ بَعْدَهُ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَ أَنَّ الطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِ هُمُ الْقُوَّامُ بِدِينِ اللَّهِ- وَ الْأَئِمَّةُ لِعِبَادِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ انْقَطَعَتْ مَعَاذِيرُهُمْ- وَ هُمْ لَا يُمْكِنُهُمْ إِيرَادُ حُجَّةٍ وَ لَا شُبْهَةٍ، فَجَاءُوا 2267 إِلَى أَنْ كَابَرُوا، فَقَالُوا:
لَا نَدْرِي مَا تَقُولُ، وَ لَكِنَّا نَقُولُ إِنَّ الْجَنَّةَ خَالِصَةٌ لَنَا- مِنْ دُونِكَ يَا مُحَمَّدُ وَ دُونِ عَلِيٍّ وَ دُونِ أَهْلِ دِينِكَ وَ أُمَّتِكَ 2268 وَ إِنَّا بِكُمْ مُبْتَلَوْنَ [وَ] مُمْتَحَنُونَ، وَ نَحْنُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الْمُخْلَصُونَ وَ عِبَادُهُ 2269 الْخَيِّرُونَ، وَ مُسْتَجَابٌ دُعَاؤُنَا، غَيْرُ مَرْدُودٍ عَلَيْنَا بِشَيْءٍ مِنْ سُؤَالِنَا رَبَّنَا.
فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ ص: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْيَهُودِ:
إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ الْجَنَّةُ وَ نَعِيمُهَا خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ الْأَئِمَّةِ، وَ سَائِرِ الْأَصْحَابِ وَ مُؤْمِنِي الْأُمَّةِ، وَ أَنَّكُمْ بِمُحَمَّدٍ وَ ذُرِّيَّتِهِ مُمْتَحَنُونَ، وَ أَنَّ دُعَاءَكُمْ مُسْتَجَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ لِلْكَاذِبِينَ مِنْكُمْ وَ مِنْ مُخَالِفِيكُمْ، فَإِنَّ مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ ذَوِيهِمَا يَقُولُونَ: «إِنَّهُمْ هُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ دُونِ النَّاسِ- الَّذِينَ يُخَالِفُونَهُمْ فِي دِينِهِمْ، وَ هُمُ الْمُجَابُ دُعَاؤُهُمْ» فَإِنْ كُنْتُمْ مَعَاشِرَ الْيَهُودِ كَمَا تَدْعُونَ، فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ لِلْكَاذِبِينَ 2270 مِنْكُمْ وَ مِنْ مُخَالِفِيكُمْ.
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بِأَنَّكُمْ أَنْتُمُ الْمُحِقُّونَ، الْمُجَابُ دُعَاؤُكُمْ عَلَى مُخَالِفِيكُمْ، فَقُولُوا:
«اللَّهُمَّ أَمِتِ الْكَاذِبَ مِنَّا وَ مِنْ مُخَالِفِينَا» لِيَسْتَرِيحَ مِنْهُ الصَّادِقُونَ، وَ لِتَزْدَادَ حُجَّتُكُمْ وُضُوحاً بَعْدَ أَنْ قَدْ صَحَّتْ وَ وَجَبَتْ.
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص بَعْدَ مَا عَرَضَ هَذَا عَلَيْهِمْ: لَا يَقُولُهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا غُصَّ بِرِيقِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ. وَ كَانَتِ الْيَهُودُ عُلَمَاءَ 2271 بِأَنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً ص وَ عَلِيّاً ع وَ مُصَدِّقِيهِمَا هُمُ الصَّادِقُونَ، فَلَمْ يَجْسُرُوا أَنْ يَدْعُوا بِذَلِكَ- لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ إِنْ دَعَوْا فَهُمُ الْمَيِّتُونَ.
فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ يَعْنِي الْيَهُودَ لَنْ يَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ- مِنْ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ، وَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَ نَبِيِّهِ وَ صَفِيِّهِ، وَ بِعَلِيٍّ أَخِي نَبِيِّهِ وَ وَصِيِّهِ 2272 وَ بِالطَّاهِرِينَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُنْتَجَبِينَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ الْيَهُودِ إِنَّهُمْ لَا يَجْسُرُونَ 2273 أَنْ يَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ لِلْكَاذِبِ، لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ، وَ لِذَلِكَ آمُرُكَ أَنْ تُبْهِرَهُمْ بِحُجَّتِكَ وَ تَأْمُرَهُمْ أَنْ يَدْعُوا عَلَى الْكَاذِبِ، لِيَمْتَنِعُوا مِنَ الدُّعَاءِ، وَ يَتَبَيَّنَ لِلضُّعَفَاءِ أَنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ.
ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَ لَتَجِدَنَّهُمْ يَعْنِي تَجِدَ هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَ ذَلِكَ لِيَأْسِهِمْ مِنْ نَعِيمِ الْآخِرَةِ- لِانْهِمَاكِهِمْ فِي كُفْرِهِمُ- الَّذِي يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُمْ مَعَهُ- فِي شَيْءٍ مِنْ خَيْرَاتِ الْجَنَّةِ.
وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا قَالَ [تَعَالَى]: 2274 هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَ أَحْرَصُ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا عَلَى حَيَاةٍ- يَعْنِي الْمَجُوسَ لِأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ النَّعِيمَ إِلَّا فِي الدُّنْيَا، وَ لَا يَأْمَلُونَ 2275 خَيْراً فِي الْآخِرَةِ، فَلِذَلِكَ هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ حِرْصاً عَلَى حَيَاةٍ.
ثُمَّ وَصَفَ الْيَهُودَ فَقَالَ: يَوَدُّ يَتَمَنَّى أَحَدُهُمْ- لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ ما هُوَ التَّعْمِيرُ أَلْفَ سَنَةٍ بِمُزَحْزِحِهِ بِمُبَاعِدِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ [تَعْمِيرُهُ] وَ إِنَّمَا قَالَ: