کتابخانه روایات شیعه
و استدل الشافعي على أنها هي الغداة بقوله وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ بمعنى و قوموا فيها لله قانتين و هذا في جميع الصلوات عندنا. و القنوت جهرا في كل صلاة
وَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ ع كَانَ يُصَلِّي الْهَاجِرَةَ وَ كَانَتْ أَثْقَلَ الصَّلَوَاتِ عَلَى أَصْحَابِهِ فَلَا يَكُونُ وَرَاءَهُ إِلَّا الصَّفُّ وَ الصَّفَّانِ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُحْرِقَ عَلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ بُيُوتَهُمْ فَنَزَلَ قَوْلُهُ حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ 357 .
فصل
و قوله إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ 358 . لا خلاف بين الأمة أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين ع حين تصدق بخاتمه و هو راكع روى ذلك المغربي عن أبي بكر الرازي و الطبري و الرماني و مجاهد و السدي و قالوا المعني بالآية هو الذي آتى الزكاة في حال الركوع و هو قول أهل البيت ع 359 . و أجمعت الأمة على أنه لم يؤت الزكاة في الركوع غير أمير المؤمنين ع 360 . و في هذه الآية دلالة على أن العمل القليل لا يفسد الصلاة. و قيل في قوله وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ 361 هو وضع الجبهة و الأنف في السجود على الأرض.
فصل
و قوله تعالى وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي 362 قال قوم معناه متى ذكرت أن عليك صلاة كنت في وقتها فأقمتها أو فات وقتها فاقضها سواء فاتت عمدا أو نسيانا. و قيل معناه أقم أيها المكلف الصلاة لتذكرني فيها بالتسبيح و التعظيم و إني أذكرك 363 بالمدح و الثواب. و قال تعالى فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ 364 أي تركوها و قيل أي أخروها عن مواقيتها و هو الذي رواه أصحابنا. و قال فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ 365 و هذا تهديد لمن يؤخرها عن وقتها لأنه تعالى قال عَنْ صَلاتِهِمْ و لم يقل ساهون فيها و إنما ذم من وقع منه السهو مع أنه ليس من فعل العبد بل هو من فعل الله لأن الذم توجه في الحقيقة على التعرض للسهو بدخوله فيها على وجه الرياء و قلبه مشغول بغيرها لا يرى لها منزلة تقتضي صرف الهمة إليها.
وَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمَّارٍ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِهِ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ أَ هِيَ وَسْوَسَةُ الشَّيْطَانِ قَالَ لَا كُلُّ أَحَدٍ يُصِيبُهُ هَذَا وَ لَكِنْ أَنْ يَغْفُلَهَا وَ يَدَعَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا 366 .
وَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ زَيْدٍ الشَّحَّامِ سَأَلْتُهُ أَيْضاً عَنْ قَوْلِهِ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ قَالَ هُوَ التَّرْكُ لَهَا وَ التَّوَانِي عَنْهَا 367 .
وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: هُوَ التَّصْنِيعُ لَهَا 368 .
" وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُمُ الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوْقَاتِهَا.
و قيل يريد المنافقين الذين لا يرجون لها ثوابا إن صلوا و لا يخافون عليها عقابا إن تركوا فهم عنها غافلون حتى يذهب وقتها فإذا كانوا مع المؤمنين صلوها رياء و إذا لم يكونوا معهم لم يصلوا و هو قوله الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ . و قيل ساهون عنها لا يبالون صلوا أو لم يصلوا. و عن أبي العالية هم الذين لا يصلونها لمواقيتها و لا يتمون ركوعها و لا سجودها هم الذين إذا سجدوا قالوا برءوسهم هكذا و هكذا ملتفتين.
" وَ قَالَ أَنَسٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَالَ عَنْ صَلاتِهِمْ وَ لَمْ يَقُلْ فِي صَلَاتِهِمْ.
أراد بذلك أن السهو الذي يقع للإنسان في صلاته من غير عزم لا يعاقب عليه.
فصل
و قوله تعالى فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ 369 . خاطب محمدا ص و المراد به هو و جميع المكلفين أي إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله لأن بعد القراءة لا تكون الاستعاذة إلا عند من لا يعتد بخلافه. و قيل هو التقديم و التأخير و هذا ضعيف لأن ذلك لا يجوز مع ارتفاع اللبس و الشبهة. و الاستعاذة عند التلاوة مستحبة إلا عند أهل الظاهر فإنهم قالوا فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ أمر و هو على الإيجاب و لو لا الرواية عن أهل البيت أنها مستحبة و على صحتها إجماع الطائفة لقلنا بوجوبها. و التعوذ في الصلاة مستحب في أول ركعة دون ما عداها و تكراره في كل
ركعة يحتاج إلى دليل و لا دليل. و يسر في التعوذ في جميع الصلوات و يجب الجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في الحمد و في كل سورة بعدها في كل صلاة يجب الجهر فيها و تجب قراءته لأنه آية من كل سورة و الدليل عليه إجماعنا الذي تقدم أنه حجة فإن كانت الصلاة مما لا يجهر فيها استحب الجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فيها. و اختلف فيه أيضا فقيل إنه مقصور على الركعتين الأوليين من الظهر و العصر و الأظهر أنه على العموم في جميع المواضع التي كانت فيها من الصلوات. و قالوا في قوله وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ 370 أي اقرأ أيها المخاطب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في أول كل سورة.
فصل
قال الله تعالى وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ إلى قوله بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ 371 . تدل هذه الآية أن من قرأ بغير العربية معنى القرآن بأي لغة كانت في الصلاة كانت صلاته باطلة لأن ما قرأه لم يكن قرآنا. و إن وضع لفظا عربيا موضع لفظ من القرآن يكون معناهما واحدا فكمثله فإنه تعالى وصف اللسان بصفتين أ لا ترى أنه تعالى أخبر أنه أنزل القرآن بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ و قال تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا 372 فأخبر أنه أنزله عربيا. فمن قال إذا كان بغير العربي فهو قرآن فقد ترك الآية و قال تعالى وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ 373 و عند أبي حنيفة أرسل الله رسوله بكل لسان.
و إذا ثبت أنه بغير العربية لا يكون قرآنا سقط قولهم و ثبت أنها لا تجزي. على أن من يحسن الحمد لا يجوز أن يقرأ غيرها
لِقَوْلِهِ ع كُلُّ صَلَاةٍ لَيْسَ فِيهَا فَاتِحَةٌ فَهِيَ خِدَاجٌ 374 .
فإن لم يحسن الحمد وجب عليه أن يتعلمها فإن ضاق عليه الوقت و أحسن غيرها قرأ ما يحسن فإن لم يحسن إلا بعض سورة قرأه فإن لم يحسن شيئا أصلا ذكر الله و كبره و لا يقرأ معنى القرآن بغير العربية.
فصل
و قوله تعالى وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها 375 . يدل على أنه يجوز للمصلي أن يدعو لدينه و دنياه و لإخوانه لأنه قال فَادْعُوهُ و لم يستثن حال الصلاة و ظاهره في عرف الشرع الاستغراق و العموم فلا مانع. و إذا سلم عليه و هو في الصلاة رد عليه مثله يقول سلام عليكم و لا يقول و عليكم السلام فإنه يقطع الصلاة. و يمكن أن يكون الوجه في ذلك أن لفظة سَلامٌ عَلَيْكُمْ من ألفاظ القرآن يجوز للمصلي أن يتلفظ بها تاليا للقرآن و ناويا لرد السلام إذ لا تنافي بين الأمرين قال الله تعالى وَ إِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها 376 . قال الحسن و جماعة من متقدمي المفسرين إن السلام تطوع و الرد فرض لقوله فَحَيُّوا و الأمر شرعا على الوجوب فإذا أطلق الأمر و لم يقيده بحال دون حال فالمصلي إذا سلم عليه و هو في الصلاة فليرد عليه مثل ذلك.
و سمعت بعض مشايخي مذاكرة أنه مخصوص بالنوافل و الأظهر أنه على العموم.
وَ مِنْ شُجُونِ الْحَدِيثِ 377 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص دَعَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يُجِبْهُ فَوَبَّخَهُ وَ قَالَ أَ لَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ 378 .
فصل
و قوله تعالى الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ 379 أي يصلون على قدر إمكانهم في صحتهم و سقمهم و هو المروي في أخبارنا 380 لأن الصلاة يلزم التكليف ما دام عقله ثابتا فإن لم يتمكن من الصلاة لا قائما و لا قاعدا و لا مضطجعا فليصل موميا يبدأ بالصلاة بالتكبير و يقرأ فإذا أراد الركوع غمض عينيه فإذا رفع رأسه فتحهما و إذا أراد السجود غمضهما و إذا رفع رأسه فتحهما و إذا أراد السجود الثاني غمضهما و إذا رفع رأسه فتحهما و على هذا صلاته. و قوله فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ 381 إن كان صلى ركعة مستلقيا هكذا ثم قوي على أن يصلي مضطجعا أو كان صلى مضطجعا و قدر أن يصلي قاعدا أو كان يصلي قاعدا فقوي أن يصلي قائما رجع إليه. و كذا على عكسه إن صلى ركعة قائما فضعف عن القيام صلى الباقي قاعدا.
و عن ابن مسعود نزلت هذه الآية في صلاة المريض لقوله وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ . و العريان إذا كان بحيث لا يراه أحد صلى قائما و إذا كان بحيث لا يأمن أن يراه أحد صلى جالسا للآية و لقوله ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ 382 .
" وَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يُعْذَرْ أَحَدٌ فِي تَرْكِهِ لِلصَّلَاةِ إِلَّا مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ.
و هذا يدل على عظم حال الصلاة.
فصل