کتابخانه روایات شیعه
[الإهداء]
بسمه تعالى شأنه
إلى بضعة رسول اللّه الأعظم- صلّى اللّه عليه و آله و سلم-.
إلى سليلة النبوّة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة؛ امّ الأئمة و أولياء الأمّة.
إلى عقيلة أمير المؤمنين؛ عليّ بن أبي طالب- عليه و على أبنائه الكرام البررة أفضل ما صلّى و سلّم الاله على أحد من أوليائه.
إلى فاطمة الزهراء؛ سيدة نساء العالمين- سلام اللّه عليها- أقدّم هذه البضاعة المزجاة، عسى أن تحظى منها بالقبول- إن شاء اللّه- فتجعلنا من السعداء في الدارين- آمين يا ربّ العالمين.
عبيدها المقرّ بالرّق- حسين 11/ آذر/ 1369- 13/ جمادى الأولى/ 1411 (يوم استشهادها- صلوات اللّه عليها-)
مقدّمة المحقّق
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه ربّ العالمين، و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد و آله الطاهرين، سيّما بقيّة اللّه في الأرضين، و لعنة اللّه على أعدائهم أجمعين.
1- استقلّ العقل السليم لأجل دوام الدّين و نفي التحريف عنه و قوام الأمّة و طرد الانحراف عنها، بنصب الخليفة و جعل الوصيّ و كونه معصوما من الذّنوب في العلم و العمل. و لو لا تلك العصمة لكان الوصيّ أو الخليفة ظالما، لقوله- تعالى-:
«وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ». (البقرة/ 229)
و قد قال- سبحانه-: «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ». (البقرة/ 124)
إذا فالمستفاد من الآية، أنّ الإمامة عهد من اللّه، يخبر نبيّه عمّن عهد اللّه إليه كما يخبر عن سائر أوامر اللّه و أحكامه كما تقوله مدرسة أهل البيت- عليهم السّلام-.
لقد قال اللّه- تبارك و تعالى- في حقّ رسوله: «وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى». (النجم/ 3- 4)
و في حقّ أهل البيت: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» (الأحزاب/ 33)
روى عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب، قال:
لمّا نظر رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- إلى الرحمة هابطة، قال: «ادعوا لي، ادعوا لي» فقالت صفيّة: من يا رسول اللّه؟ قال: «أهل بيتي عليّا و فاطمة و الحسن و الحسين». فجيء بهم فألقى عليهم النبيّ- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- كساءه ثمّ رفع يديه ثمّ قال: «اللّهم هؤلاء آلي فصلّ على محمّد و آل محمّد» و أنزل اللّه
- عزّ و جلّ- «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» 1 .
و في رواية اخرى، قالت أمّ سلمة: قلت: يا رسول اللّه أ لست من أهل البيت؟
قال: «إنّك إلى خير، إنّك من أزواج النبيّ» 2 . فظهر أنّ اللّه- تعالى- عصم النبيّ و أهل بيته- عليهم السّلام- من الرّجس و طهّرهم تطهيرا.
2- و رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- عيّن خليفته و وصيّه من بعده و ذلك في أوّل يوم دعا الأقربين إليه للإسلام بعد نزول قوله- تعالى-، «وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ». (الشعراء/ 214)
كما رواه الطبريّ و غيره عن عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-، قال: لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- «وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» دعاني رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- فقال لي:
يا علي انّ اللّه أمرني أن أنذر عشيرتي الاقربين فضقت بذلك ذرعا، و عرفت أنّي متى بادأتهم بهذا الامر أرى ما أكره فصمت عليه حتّى جاءني جبرئيل فقال يا محمّد إن لا تفعل ما تؤمر به يعذبك ربّك، فاصنع لنا صاعا من طعام، و اجعل عليه رجل شاة، و املأ لنا عسا من لبن، ثمّ اجمع لي بني عبد المطلب حتّى أكلمهم و أبلغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به، ثمّ دعوتهم له و هم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه، فيهم أعمامه أبو طالب، و حمزة، و العباس، و أبو لهب، فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلمّا وضعته تناول رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- حذية (اي قطعة) من اللحم فشقها باسنانه، ثمّ القاها في نواحي الصحفة، ثمّ قال: خذوا بسم اللّه، فأكل القوم حتّى ما لهم بشيء من حاجة، و ما أرى الا موضع أيديهم، و أيم اللّه الذي نفس عليّ بيده ان كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم، ثمّ قال: اسق القوم فجئتهم بذاك العس فشربوا منه
حتّى رووا منه جميعا، و أيم اللّه ان كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله، فلمّا اراد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- ان يكلمهم بدره أبو لهب الى الكلام فقال: لشد ما سحركم صاحبكم، فتفرق القوم و لم يكلمهم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- فقال:
الغد يا عليّ إن هذا الرجل سبقني الى ما قد سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن اكلمهم، فعدّ لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثمّ اجمعهم الي، قال: ففعلت ثمّ جمعتهم، ثمّ دعاني بالطعام فقرّبته لهم، ففعل كما فعل بالأمس فاكلوا حتّى ما لهم بشيء حاجة، ثمّ قال: اسقهم فجئتهم بذاك العس فشربوا حتّى رووا منه جميعا، ثمّ تكلم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- فقال: يا بني عبد المطلب اني و اللّه ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به، انّي قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة، و قد أمرني اللّه تعالى ان ادعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الامر على ان يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعا و قلت- و انّي لأحدثهم سنا، و أرمصهم عينا، و أعظمهم بطنا، و أحمشهم ساقا- أنا يا نبي اللّه أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثمّ قال: انّ هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا، قال: فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب قد أمرك ان تسمع لابنك و تطيع 3 .
إنّ أمر الإمامة بعد الرّسول- صلّى اللّه عليه و آله- كان من الأمور الهامّة الّتي كان رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- يفكّر فيها، و يهتمّ بها من بداية تبليغه- كما تقدّم آنفا- إلى قبيل مماته.
روى ابن عبّاس و قال: