کتابخانه روایات شیعه
[المقدمة بقلم الإمام رضا الصدر]
حياة المؤلّف
بقلم الإمام رضا الصدر هو الإمام جمال الدين أبو منصور، الحسن بن يوسف بن عليّ بن محمّد ابن المطهّر، الحلّي مولدا و مسكنا حسبما ذكر ذلك في كتابه: خلاصة الأقوال في معرفة الرّجال.
مولده:
لقد نقل والده تاريخ ولادته فقال:
ولد ولدي المبارك أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر، ليلة الجمعة في الثلث الأخير من ليل 27 رمضان من سنة 648 ه.
اسمه و كنيته و لقبه:
قد تبيّن من تصريحه و تصريح والده باسمه، أنّه الحسن، و أنّ كنيته أبو منصور.
و لكنّه لم يشتهر بهذه الكنية. بل اشتهر بكنية أخرى هي ابن المطهّر نسبة إلى جدّه الأعلى و له عدّة ألقاب.
أشهرها العلّامة و هو الذي خصّ به حتّى أصبح علما له، فلا يتبادر إلى الذهن غيره في إطلاق الفقهاء، و لقّب أيضا بالفاضل.
و أمّا عند المتكلّمين و المؤرخين فأشهر ألقابه جمال الدين، و يميّز عن غيره بالإضافة إلى كنيته المشتهرة- ابن المطهّر- و لقب أيضا في المصادر الإماميّة ب: آية اللّه.
والده:
هو الشيخ الإمام سديد الدين، يوسف بن المطهّر.
كان من كبار العلماء و أعاظم الأعلام، و كان فقيها محقّقا مدرّسا عظيم الشأن، ينقل ولده العلّامة أقواله في كتبه.
و حينما حاصر الشّاه المغولي، هولاكو خان مدينة بغداد و طال الحصار و انتشر خبره في البلاد، و سمع أهل الحلّة بذلك، هرب أكثرهم إلى البطائح و لم يبق فيها إلّا القليل. فكان الشيخ سديد الدين من الباقين. فأرسل الخان المغولي دستورا و طلب حضور كبراء البلد عنده، و خاف الجماعة من الذهاب إليه من جهة عدم معرفتهم بما ينتهي إليه الحال. فقال الشيخ سديد الدين لمبعوثي الملك المغولي و هما: تكلة، و علاء الدين: إن جئت وحدي كفى؟ قالا: نعم ...
فذهب معهما إلى لقاء الشاه، و كان ذلك قبل فتح بغداد. فسأله الشاه:
كيف قدمت على الحضور عندي قبل أن تعلم ما يؤول إليه الأمر؟
و كيف تأمن إذا صالحني صاحبكم و رجعت؟.
فأجاب الشيخ:
إنّما أقدمت على ذلك لما رويناه عن إمامنا عليّ بن أبي طالب في خطبته الزّوراء قال عليه السلام:
الزوراء، و ما أدراك ما الزوراء! أرض ذات أثل. يشيّد فيها البنيان، و يكثر فيها السّكان و يكون فيها مهازم و خزّان، يتخذها ولد العباس موطنا،
و لزخرفهم مسكنا، تكون لهم دار لهو و لعب، و يكون بها الجور الجائر و الخوف المخيف، و الأئمة الفجرة و الأمراء الفسقة و الوزراء الخونة، تخدمهم أبناء فارس و الروم لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه، و لا يتناهون عن منكر إذا أنكروه، يكتفي منهم الرّجال بالرّجال، و النّساء بالنّساء فعند ذلك الغمّ العميم و البكاء الطويل و الويل و العويل لأهل الزوراء من سطوات الترك. و هم قوم صغار الحدق، وجوههم كالمجان المطرّقة لباسهم الحديد، جرد مرد، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدأ ملكهم جهوري الصوت، قويّ الصولة، عالي الهمّة، لا يمرّ بمدينة إلّا فتحها، و لا ترفع عليه راية إلّا نكّسها، الويل لمن ناواه. فلا يزال كذلك حتّى يظفر ...
ثمّ قال له الشيخ:
و قد وجدنا تلك الصفات فيكم. رجوناك فقصدناك ..
فأصدر الشاه مرسوما باسم الشيخ. يطيّب فيه قلوب أهل الحلّة و أطرافها ...
و بفضل هذا الشيخ الكبير و عبقريّته كانت سلامة الحلّة و الكوفة و المشهدين من سطوة المغول و فتكهم ..
هذه نبذة يسيرة عن حياة والد المؤلّف. يعلم منها مكانته الاجتماعية و الدينية و مواهبه الفكرية و العقليّة.
و أمّا مكانته العلمية فقد حدّثنا بها ولده في إجازته الكبيرة لآل زهرة قال:
حضر الحلّة، الشيخ الأعظم، الخواجة نصير الدين محمّد بن الحسن الطوسيّ قدّس اللّه روحه فاجتمع عنده فقهاء الحلّة فأشار إلى الفقيه نجم الدين جعفر بن سعيد و قال:
من هو أعلم الجماعة؟.
فقال: كلهم فاضلون، إن كان واحد منهم مبرّزا في فنّ كان الآخر مبرّزا في فن آخر.
فقال: من أعلمهم بالأصولين؟. أصول العقائد و هو علم الكلام، و أصول الفقه.
فأشار إلى والدي سديد الدين يوسف بن المطهّر، و إلى الفقيه مفيد الدين محمّد بن جهم. فقال: هذان أعلم الجماعة بعلم الكلام و أصول الفقه ...
و شهادة مثل الفقيه، المحقّق الحلّي في حقّ ذينك العلمين لها قيمتها لا سيّما إذا علمنا أنّ الحلّة كانت يومئذ تزخر بالعلماء الأفذاذ و تعجّ بأكثر من خمسمائة مجتهد في ما قيل.
أمه:
هي من أسرة ترجع إلى هذيل في انتسابها. تلك هي أسرة بني سعيد.
و لعلّ أول من لمع نجمه من تلك الأسرة، هو المحقق الحلي، ثمّ الشيخ نجيب الدين أبو زكريا يحيى بن سعيد الحلي صاحب الجامع و كان من أكابر فقهاء عصره.
و قد صاهر المحقّق الشيخ سديد الدين بن المطهّر على شقيقته فأولدها شيخنا جمال الدين.
أخوه:
هو الشيخ رضيّ الدين علي ابن الشيخ سديد الدين. و كان فقيها عالما فاضلا و هو أكبر من أخيه بثلاث عشرة سنة.