کتابخانه روایات شیعه
علل الشرائع
الجزء الأول
[مقدمة المحقق]
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
(حياة المؤلّف «رحمه اللّه»)
ولادته و أقوال العلماء فيه:
الشيخ الأجل و رئيس المحدثين أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه الصدوق القمّيّ «رحمه اللّه، ولد بقم حدود سنة 306 هج بدعاء الإمام الثاني عشر محمّد بن الحسن الحجة المنتظر صاحب الزمان عليه السلام و لم ير في القميين من يضاهيه في سمو مكانته و رفيع مقامه العلمى.
و بنو بابويه من بيوتات القميين الذين ذاع صيتهم بالعلم و الفضيلة (و من قرأ تاريخ الحواضر العلمية في القرنين الثالث و الرابع الهجرى يجد لحاضرة «قم» من بلاد ايران المشهورة الذكر الجميل حيث زهت أرجاؤها بأفذاذ مصلحين، و زخرت بعباقرة مرشدين أدّوا رسالاتهم على وجهها و خدموا مبدئهم بأمانة و إخلاص فاستحقوا بذلك كل تعظيم و تبجيل، فخلدهم التاريخ بإكبار، و حفظ آثارهم بكل فخر جميل).
و قد ذكر الامام الحجة المجلسيّ الأول محمّد تقى «رحمه اللّه» فى شرحه:
(لمن لا يحضره الفقيه) بالفارسية ما تعريبه (ان في زمان عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه المتوفّى سنة 329 هج (و هو والد الصدوق المترجم له) كان في «قم» من المحدثين مائتا ألف رجل 1 .
و كان أبو الحسن عليّ بن الحسين- والد الصدوق- وجه الشيعة و فقيههم و مرموقا لدى عامة أهل «قم» و إليه يرجعون في الأحكام الشرعية مع كثرة من في (قم) من الأعلام، توفّي سنة 329 هج و هي السنة التي تناثرت فيها النجوم و دفن بقم، له كتب كثيرة، منها كتاب (الرسالة) الى ابنه أبى جعفر
(المترجم له) محمّد بن على الصدوق «رحمه اللّه»، و هو الذي ينقل عنه كثيرا في كتابه (من لا يحضره الفقيه) كما صرّح بذلك في المقدّمة فارجع إليها.
و قد ترجم عليّ بن الحسين (هذا) في جميع المعاجم الرجالية، و قد كتب اليه الإمام الحادي عشر أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليه السلام كتابا جليلا يوصيه به، جاء فيه ما هذا نصه: 2
بسم اللّه الرحمن الرحيم: الحمد للّه ربّ العالمين، و العاقبة للمتقين، و الجنة للموحدين، و النار للملحدين، و لا عدوان إلّا على الظالمين، و لا إله إلّا اللّه أحسن الخالقين، و الصلاة على خير خلقه محمّد و عترته الطاهرين.
أما بعد: أوصيك يا شيخي و معتمدى و فقيهى أبا الحسن عليّ بن الحسين القمّيّ- وفقك اللّه لمرضاته، و جعل من صلبك أولادا صالحين برحمته- بتقوى اللّه و اقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، فانه لا تقبل الصلاة من مانعى الزكاة، و أوصيك بمغفرة الذنب، و كظم الغيظ، و صلة الرحم، و مواساة الاخوان، و السعى في حوائجهم في العسر و اليسر، و الحلم عند الجهل، و التفقه في الدين، و التثبت في الأمور، و التعاهد للقرآن، و حسن الخلق، و الأمر بالمعروف، و النهى عن المنكر، قال اللّه تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) و اجتناب الفواحش كلها، و عليك بصلاة الليل فان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أوصى عليّا عليه السلام فقال يا على عليك بصلاة الليل ثلاث مرّات و من استخف بصلاة الليل فليس منّا، فاعمل بوصيتي و أمر شيعتى حتّى يعملوا عليه، و عليك بالصبر و انتظار الفرج، فان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: أفضل أعمال امتى انتظار الفرج و لا يزال شيعتنا في حزن حتّى يظهر ولدى الذي بشر به النبيّ صلّى اللّه عليه و آله انه يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا، فاصبر يا شيخي و أمر جميع
شيعتى بالصبر (ف إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) ، و السلام عليك و على جميع شيعتنا و رحمة اللّه و بركاته و حسبنا اللّه و نعم الوكيل نعم المولى و نعم النصير).