کتابخانه روایات شیعه
فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَ بَرَزَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ قَائِلًا
أَ بَعْدَ عَمَّارٍ وَ بَعْدَ هَاشِمٍ
وَ ابْنِ بُدَيْلٍ صَاحِبِ الْمَلَاحِمِ
تَرْجُو الْبَقَاءَ مِنْ بَعْدُ يَا ابْنَ حَاتِمٍ
فَمَا زَالَ يُقَاتِلُ حَتَّى فُقِئَتْ عَيْنُهُ. وَ بَرَزَ الْأَشْتَرُ مُرْتَجِزاً
سِيرُوا إِلَى اللَّهِ وَ لَا تَعُوجُوا
دِينٌ قَوِيمٌ وَ سَبِيلٌ مَنْهَجٌ
وَ قَتَلَ جُنْدَبَ بْنَ زُهَيْرٍ فَلَمْ يَزَالُوا يُقَاتِلُونَ حَتَّى دَخَلَ وَقْعَةُ الْخَمِيسِ وَ هِيَ لَيْلَةُ الْهَرِيرِ وَ كَانَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ ع يَضْرِبُونَ الطُّبُولَ مِنْ أَرْبَعِ جَوَانِبِ عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ وَ يَقُولُونَ عَلِيٌّ الْمَنْصُورُ وَ هُوَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ وَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِلَيْكَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ إِلَيْكَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ رُفِعَتِ الْأَيْدِي وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ وَ طُلِبَتِ الْحَوَائِجُ وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ اللَّهُمَ افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ وَ يُنْشِدُ
اللَّيْلُ دَاجٍ وَ الْكِبَاشُ تَنْتَطِحُ
نِطَاحَ أُسْدٍ مَا أَرَاهَا تَصْطَلِحُ
مِنْهَا قِيَامٌ وَ فَرِيقٌ مُنْبَطِحٌ 1768
فَمَنْ نَجَا بِرَأْسِهِ فَقَدْ رَبِحَ
وَ كَانَ يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَ يَدْخُلُ فِي غُمَارِهِمْ وَ يَقُولُ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْحَرَمِ وَ الذُّرِّيَّةِ فَكَانُوا يُقَاتِلُونَ أَصْحَابَهُمْ بِالْجَهْلِ فَلَمَّا أَصْبَحَ كَانَ قَتْلَى عَسْكَرِهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ رَجُلٍ وَ قَتْلَى عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ اثْنَيْنِ وَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ رَجُلٍ فَصَاحُوا يَا مُعَاوِيَةُ هَلَكَتِ الْعَرَبُ فَاسْتَغَاثَ هُوَ بِعَمْرٍو فَأَمَرَهُ بِرَفْعِ الْمَصَاحِفِ.
قَالَ قَتَادَةُ قَتْلَى يَوْمِ صِفِّينَ سِتُّونَ أَلْفاً وَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ سَبْعُونَ أَلْفاً وَ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي أَنْسَابِ الْأَشْرَافِ وَ صَنَعُوا عَلَى كُلِّ قَتِيلٍ قَصَبَةً ثُمَّ عَدُّوا الْقَصَبَ.
فصل في الحكمين و الخوارج
رُوِيَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ أَنَّهُ كَانَ أَبُو مُوسَى وَ عَمْرٌو.
وَ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِأَسَانِيدِهِ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ اخْتَلَفُوا فَلَمْ يَزَلِ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ حَتَّى بَعَثُوا حَكَمَيْنِ ضَالَّيْنِ ضَلَّ مَنِ اتَّبَعَهُمَا وَ لَا تَنْفَكُّ أُمُورُكُمْ
تَخْتَلِفُ حَتَّى تَبْعَثُوا حَكَمَيْنِ يَضِلَّانِ وَ يَضِلُّ مَنْ تَبِعَهُمَا فَقُلْتُ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَكُونَ أَحَدَهُمَا قَالَ فَخَلَعَ قَمِيصَهُ فَقَالَ بَرَّأَنِيَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا بَرَّأَنِي مِنْ قَمِيصِي وَ لَمَّا جَرَى لَيْلَةُ الْهَرِيرِ صَاحُوا يَا مُعَاوِيَةُ هَلَكَتِ الْعَرَبُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ يَا عَمْرُو نَفِرُّ أَوْ نَسْتَأْمِنُ قَالَ نَرْفَعُ الْمَصَاحِفَ عَلَى الرِّمَاحِ وَ نَقْرَأُ أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فَإِنْ قَبِلُوا حُكْمَ الْقُرْآنِ رَفَعْنَا الْحَرْبَ وَ رَافَعْنَا بِهِمْ إِلَى أَجَلٍ وَ إِنْ أَبَى بَعْضُهُمْ إِلَّا الْقِتَالَ فَلَلْنَا شَوْكَتَهُمْ وَ تَقَعُ بَيْنَهُمْ الْفُرْقَةُ وَ آمُرُ بِالنِّدَاءِ فَلَسْنَا وَ لَسْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ لَا الْمُجْمِعِينَ عَلَى الرِّدَّةِ فَإِنْ تَقْبَلُوهَا فَفِيهَا الْبَقَاءُ لِلْفِرْقَتَيْنِ وَ لِلْبَلْدَةِ وَ إِنْ تَدْفَعُوهَا فَفِيهَا الْفَنَاءُ وَ كُلُّ بَلَاءٍ إِلَى مُدَّةٍ.
فَقَالَ عَوْفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
رَمَيْنَاهُمْ حَتَّى أَزَلْنَا صُفُوفَهُمْ
فَلَمْ يَرَ إِلَّا بَوْجَهً وَ كَئَابِيَا 1769
وَ حَتَّى اسْتَغَاثُوا بِالْمَصَاحِفِ وَ الْقَنَا
بِهَا وَقَفَاتٌ يَخْتَطِفْنَ الْمُحَامِيَا -
الْجُمَّانِيُّ الْعَلَوِيُ
هَبَلَتْ أُمُّ قُرَيْشٍ حِينَ تَدْعُونَ الْهَبَلَ
حِينَ نَاطُوا بِكِتَابِ اللَّهِ أَطْرَافَ الْأَسَلِ 1770 -
فَقَالَ مِسْعَرُ بْنُ فَدَكِيٍّ وَ زَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ الطَّائِيُّ وَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ أَجِبِ الْقَوْمَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَيْحَكُمْ وَ اللَّهِ إِنَّهُمْ مَا رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ إِلَّا خَدِيعَةً وَ مَكِيدَةً حِينَ عَلَوْتُمُوهُمْ.
وَ قَالَ خَالِدُ بْنُ مَعْمَرٍ السَّدُوسِيُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَحَبُّ الْأُمُورِ إِلَيْنَا مَا كُفِينَا مَئُونَتَهُ وَ أَنْشَدَ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ الْبَجَلِيُ
وَ إِنْ حَكَمُوا بِالْعَدْلِ كَانَتْ سَلَامَةً
وَ إِلَّا أَثَرْنَاهَا بِيَوْمٍ قَمَاطِرِ 1771
فَقَصَدَ إِلَيْهِ عِشْرُونَ أَلْفَ رَجُلٍ يَقُولُونَ يَا عَلِيُّ أَجِبْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ إِذَا دُعِيتَ وَ إِلَّا دَفَعْنَاكَ بِرُمَّتِكَ إِلَى الْقَوْمِ أَوْ نَفْعَلُ بِكَ مَا فَعَلْنَا بِعُثْمَانَ فَقَالَ فَاحْفَظُوا عَنِّي مَقَالَتِي فَإِنِّي آمُرُكُمْ بِالْقِتَالِ فَإِنْ تَعْصُونِي فَافْعَلُوا مَا بَدَا لَكُمْ قَالُوا فَابْعَثْ إِلَى الْأَشْتَرِ لِيَأْتِيَنَّكَ
فَبَعَثَ يَزِيدَ بْنَ هَانِي السَّبِيعِيَّ يَدْعُوهُ فَقَالَ الْأَشْتَرُ إِنِّي قَدْ رَجَوْتُ أَنْ يَفْتَحَ اللَّهُ لَا تُعَجِّلْنِي وَ شَدَّدَ فِي الْقِتَالِ فَقَالُوا حَرَّضْتَهُ فِي الْحَرْبِ فَابْعَثْ إِلَيْهِ بِعَزِيمَتِكَ لِيَأْتِيَكَ وَ إِلَّا وَ اللَّهِ اعْتَزَلْنَاكَ قَالَ يَا يَزِيدُ عُدْ إِلَيْهِ وَ قُلْ لَهُ أَقْبِلْ إِلَيْنَا فَإِنَّ الْفِتْنَةَ قَدْ وَقَعَتْ فَأَقْبَلَ الْأَشْتَرُ يَقُولُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ يَا أَهْلَ الذُّلِّ وَ الْوَهْنِ أَ حِينَ عَلَوْتُمُ الْقَوْمَ وَ عَلِمُوا أَنَّكُمْ لَهُمْ قَاهِرُونَ رَفَعُوا لَكُمُ الْمَصَاحِفَ خَدِيعَةً وَ مَكْراً فَقَالُوا قَاتَلْنَاهُمْ فِي اللَّهِ فَقَالَ أَمْهِلُونِي سَاعَةً وَ أَحْسَسْتُ بِالْفَتْحِ وَ أَيْقَنْتُ بِالظَّفَرِ قَالُوا لَا قَالَ أَمْهِلُونِي عَدْوَةَ فَرَسِي قَالُوا إِنَّا لَسْنَا نُطِيعُكَ وَ لَا لِصَاحِبِكَ وَ نَحْنُ نَرَى الْمَصَاحِفَ عَلَى رُءُوسِ الرِّمَاحِ نُدْعَى إِلَيْهَا فَقَالَ خُدِعْتُمْ وَ اللَّهِ فَانْخَدَعْتُمْ وَ دُعِيتُمْ إِلَى وَضْعِ الْحَرْبِ فَأَجَبْتُمْ فَقَامَ جَمَاعَةٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَجَبْتَ الْقَوْمَ أَجَبْنَا وَ إِنْ أَبَيْتَ أَبَيْنَا فَقَالَ ع نَحْنُ أَحَقُّ مَنْ أَجَابَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ وَ عَمْراً وَ ابْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَ ابْنَ أَبِي سَرْحٍ وَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ لَيْسُوا بِأَصْحَابِ دِينٍ وَ قُرْآنٍ أَنَا أَعْرَفُ بِهِمْ مِنْكُمْ قَدْ صَحِبْتُهُمْ أَطْفَالًا وَ رِجَالًا فِي كَلَامٍ لَهُ. فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ فَإِنَّا قَدِ اخْتَرْنَا عَمْراً فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ مِسْعَرُ بْنُ فَدَكِيٍّ وَ زَيْدٌ الطَّائِيُّ نَحْنُ اخْتَرْنَا أَبَا مُوسَى فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَإِنَّكُمْ قَدْ عَصَيْتُمُونِي فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَلَا تَعْصُونِي الْآنَ فَقَالُوا إِنَّهُ قَدْ كَانَ يُحَذِّرُنَا مِمَّا قَدْ وَقَعْنَا فِيهِ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّهُ لَيْسَ بِثِقَةٍ قَدْ فَارَقَنِي وَ قَدْ خَذَلَ النَّاسَ ثُمَّ هَرَبَ مِنِّي حَتَّى أَمَّنْتُهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَ لَكِنْ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ أُوَلِّيهِ ذَلِكَ قَالُوا وَ اللَّهِ مَا نُبَالِي أَنْتَ كُنْتَ أَمِ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ فَالْأَشْتَرُ قَالَ الْأَشْعَثُ وَ هَلْ سَعَّرَ الْحَرْبَ غَيْرُ الْأَشْتَرِ وَ هَلْ نَحْنُ إِلَّا فِي حُكْمِ الْأَشْتَرِ.
قَالَ الْأَعْمَشُ حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى عَلِيّاً ع يَوْمَ صِفِّينَ يُصَفِّقُ بِيَدَيْهِ وَ يَقُولُ يَا عَجَباً أُعْصَى وَ يُطَاعُ مُعَاوِيَةُ وَ قَالَ قَدْ أَبَيْتُمْ إِلَّا أَبَا مُوسَى قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ صَنِيعِهِم وَ قَالَ الْأَحْنَفُ إِذَا اخْتَرْتُمْ أَبَا مُوسَى فَارْقُبُوا ظَهْرَهُ فَقَالَ خُزَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ الْأَسَدِيُ
لَوْ كَانَ لِلْقَوْمِ رَأْيٌ يَرْشُدُونَ بِهِ
أَهْلُ الْعِرَاقِ رَمَوْكُمُ بِابْنِ عَبَّاسٍ
لَكِنْ رَمَوْكُمْ بِشَيْخٍ مِنْ ذَوِي يَمَنٍ
لَمْ يَدْرِ مَا ضَرَبَ أَسْدَاسٌ وَ أَخْمَاسٌ -
فَلَمَّا اجْتَمَعُوا كَانَ كَاتِبُ عَلِيٍّ ع عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ وَ كَاتِبُ مُعَاوِيَةَ عُمَيْرَ بْنَ عَبَّادٍ الْكَلْبِيَّ فَكَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ عَمْرٌو اكْتُبُوا اسْمَهُ وَ اسْمَ أَبِيهِ هُوَ أَمِيرُكُمْ فَأَمَّا أَمِيرُنَا فَلَا فَقَالَ الْأَحْنَفُ لَا تَمْحُ اسْمَ إِمَارَةِ الْمُؤْمِنِينَ امْحُ تَرْحَهُ مِنَ اللَّهِ- فَقَالَ عَلِيٌّ ع اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةٌ بِسُنَّةٍ وَ مِثْلٌ بِمِثْلٍ وَ إِنِّي لَكَاتِبٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ.
رَوَى أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ أَنَّ النَّبِيَّ ص أَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ هَذَا كِتَابٌ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ فَافْتَحْهُ بِمَا نَعْرِفُهُ وَ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ فَأَمَرَ بِمَحْوِ ذَلِكَ وَ كَتَبَ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ أَهْلُ مَكَّةَ فَقَالَ سُهَيْلٌ لَوْ أَجَبْتُكَ إِلَى هَذَا لَأَقْرَرْتُ لَكَ بِالنُّبُوَّةِ فَقَالَ امْحُهَا يَا عَلِيُّ فَجَعَلَ يَتَلَكَّأُ 1772 وَ يَأْبَى فَمَحَاهَا النَّبِيُّ ص وَ كَتَبَ هَذَا مَا اصْطَلَحَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ أَهْلُ مَكَّةَ يَقُولُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ .
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ لِعَلِيٍّ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهَا تُعْطَاهَا وَ أَنْتَ مُضْطَهَدٌ 1773 .
الْمَاوَرْدِيُّ فِي أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ أَنَّهُ قَالَ: سَتُسَامُ مِثْلَهَا يَوْمَ الْحَكَمَيْنِ 1774 - وَ فِي رِوَايَةِ سَتُدْعَى إِلَى مِثْلِهَا فَتُجِيبُ وَ أَنْتَ عَلَى مَضَضٍ 1775 وَ فِي رِوَايَةِ إِنَّ لَكَ يَوْماً يَا عَلِيُّ بِمِثْلِ هَذَا أَنَا أَكْتُبُهَا لِلْآبَاءِ وَ أَنْتَ تَكْتُبُهَا لِلْأَبْنَاءِ
سَيُدْعَى إِلَى مِثْلِهَا صِنْوُهُ
لَهُ قَالَ وَ الْأَمْرُ مُسْتَجْمِعٌ
وَ بَيْنَ الرِّضَا وَ بَيْنَ ابْنِ هِنْدٍ
كَيَوْمِ الْحُدَيْبِيَةِ الْمُسْرِعِ
سُهَيْلٌ مَحَا ثُمَّ اسْمَ الرَّسُولِ
كَاسِمِ الْأَمِيرِ مَحَا الْمُبْدِعُ
فَفِي دُومَةِ الْجَنْدَلِ الِاقْتِدَاءُ
بِيَوْمِ السَّقِيفَةِ إِذْ شَنَّعُوا -
فَقَالَ عَمْرٌو يَا سُبْحَانَ اللَّهِ تُشَبِّهُ بِالْكُفَّارِ وَ نَحْنُ مُؤْمِنُونَ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا ابْنَ النَّابِغَةِ أَ وَ لَمْ تَكُنْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلِيّاً وَ لِلْمُؤْمِنِينَ عَدُوّاً أَ وَ لَمْ تَكُنْ فِي الضَّلَالَةِ رَأْساً وَ فِي الْإِسْلَامِ ذَنَباً فِي كَلَامٍ لَهُ فَكَتَبُوا أَنْ يَحْكُمُوا بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَ يَنْصَرِفُوا وَ الْمُدَّةُ سَنَةٌ
وَاحِدَةٌ كَامِلَةٌ وَ يَكُونُ مُجْتَمَعُ الْحَكَمَيْنِ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ. الصَّاحِبُ
وَ دَعَا إِلَى التَّحْكِيمِ لَمَّا عَضَّهُ حَدُّ الرِّمَاحِ
فَمَضَى أَبُو مُوسَى وَ عَمْرٌو جَالِبُ الشَّرِّ الْبَرَاحِ
بَابَانِ قَدْ فُتِحَا إِلَى شَرٍّ يَدُومُ عَلَى انْفِتَاحٍ -
فَلَمَّا اجْتَمَعَا قَالَ عَمْرٌو يَا أَبَا مُوسَى أَنْتَ أَوْلَى أَنْ تُسَمِّيَ رَجُلًا يَلِي أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَسَمِّ لِي فَإِنِّي أَقْدَرُ أَنْ أُبَايِعُكَ مِنْكَ عَلَى أَنْ تُبَايِعَنِي قَالَ أَبُو مُوسَى أُسَمِّي لَكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فِيمَنِ اعْتَزَلَهُ فَقَالَ عَمْرٌو فَإِنِّي أُسَمِّي لَكَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَ فِي رِوَايَةٍ قَالَ عَمْرٌو إِنَّهُمَا ظَالِمَانِ وَ إِنَّ عَلِيّاً آوَى قَتَلَةَ عُثْمَانَ وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ خَاذَلَهُ فَنَخْلَعُهُمَا وَ نُبَايِعُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لِزَهَادَتِهِ وَ اعْتِزَالِهِ عَنِ الْحَرْبِ فَقَالَ أَبُو مُوسَى نِعْمَ مَا رَأَيْتَ قَالَ فَإِنِّي قَدْ خَلَعْتُ مُعَاوِيَةَ فَاخْلَعْ عَلِيّاً إِنْ شِئْتَ وَ إِنْ شِئْتَ فَاخْلَعْهُ غَداً فَإِنَّهُ يَوْمُ الْإِثْنَيْنِ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَا خَرَجَا إِلَى النَّاسِ فَقَالا قَدِ اتَّفَقْنَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى لِعَمْرٍو تَقَدَّمْ وَ اخْلَعْ صَاحِبَكَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَقَالَ عَمْرٌو سُبْحَانَ اللَّهِ أَتَقَدَّمُ عَلَيْكَ وَ أَنْتَ فِي مَوْضِعِكَ وَ سِنِّكَ وَ فَضْلُكَ مُقَدَّمٌ فِي الْإِسْلَامِ وَ الْهِجْرَةِ وَ وَفْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص إِلَى الْيَمَنِ وَ صَاحِبِ مَقَاسِمٍ أَبِي بَكْرٍ وَ عَامِلِ عُمَرَ وَ حَاكِمِ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَتَقَدَّمْ أَنْتَ فَقَدَّمَهُ فَقَالَ أَبُو مُوسَى إِنَّا وَ اللَّهِ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ اجْتَهَدْنَا رَأَيْنَا لَمْ نَرَ أَصْلَحَ لِلْأُمَّةِ مِنْ خَلْعِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ وَ قَدْ خَلَعْتُ عَلِيّاً وَ مُعَاوِيَةَ كَخَلْعِ خَاتَمِي هَذَا فَقَالَ عَمْرٌو وَ لَكِنِّي خَلَعْتُ صَاحِبَهُ عَلِيّاً كَمَا خَلَعَ وَ أَثْبَتُّ مُعَاوِيَةَ كَخَاتَمِي هَذَا وَ جَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ. فَقَالَ كُوفِيٌ
لَعَمْرُكَ مَا أَلْقَى يَدُ الدَّهْرِ خَالِعاً
عَلَيْكَ بِقَوْلِ الْأَشْعَرِيِّ وَ لَا عَمْرٍو
فَكَتَبَ عَمْرٌو إِلَى مُعَاوِيَةَ
أَتَتْكَ الْخِلَافَةُ مِنْ خِدْرِهَا
هَنِيئاً مَرِيئاً تُقِرُّ الْعُيُونَا -
الْعَوْنِيُ
فَأَعْمَلُوا الْحِيلَةَ فِي التَّحْكِيمِ
بِمَكْرِ شَيْطَانِهِمِ الرَّجِيمِ
فَفِي الرُّعَاةِ حَكَّمُوا الرَّعِيَّا
فَأَصْبَحَ الْقَوْمُ عَلَى تَخَالُفٍ
إِذْ شَكَتِ الْأَرْمَاحُ فِي الْمَصَاحِفِ
وَ أَخَذَ الِانْحِدَارَ وَ الرُّقِيَّا
فَجَاءَ أَهْلُ الشَّامِ بِابْنِ الْعَاصِ
فَاحْتَالَ فِيهَا حِيلَةَ الْقَنَّاصِ 1776
غَرَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّا
قَامَ أَبُو مُوسَى فُوَيْقَ الْمِنْبَرِ
فَقَالَ إِنِّي خَالِعٌ لِحَيْدَرٍ
كَمَا اخْتَلَعْتُ خَاتَمِي مِنْ خِنْصِرِي
يَا عَمْرُو قُمْ أَنْتَ اخْلَعِ الشَّامِيَّا
فَقَالَ عَمْرٌو أَيُّهَا النَّاسُ اشْهَدُوا
جَمْعاً فَإِنِّي لِابْنِ هِنْدٍ أَعْقِدُ
فَاسْتَشْهَدُوهُ مَذْهَباً عُمَرِيّاً .
وَ لَمَّا عَزَلَ مُعَاوِيَةُ عَمْراً مِنْ مِصْرَ كَتَبَ إِلَيْهِ
مُعَاوِيَةَ الْخَيْرِ لَا تَنْسَنِي
وَ عَنْ مَذْهَبِ الْحَقِّ لَا تَعْدِلِ
أَ تَنْسَى مُحَاوَرَةَ الْأَشْعَرِيِ
وَ نَحْنُ عَلَى دُومَةِ الْجَنْدَلِ
أَلِينُ فَيُطْمَعُ فِي غِرَّتِي
وَ قَدْ غَابَ فَصُلِّيَ فِي الْمَقْتَلِ
أُلْعِقُهُ عَسَلًا بَارِداً
وَ أَمْزِجُهُ بِجَنَى الْحَنْظَلِ
وَ رَقَّيْتُكَ الْمِنْبَرَ الْمُشْمَخِرَّ
بِلَا حَدِّ سَيْفٍ وَ لَا مِنْصَلٍ
وَ نَزَعْتُهَا مِنْهُمْ بِالْخِدَاعِ
كَخَلْعِ النِّعَالِ مِنَ الْأَرْجُلِ
وَ ثَبَّتُّهَا فِيكَ لَمَّا يَئِسْتَ
كَمِثْلِ الْخَوَاتِيمِ فِي الْأَنْمُلِ
فَلَمَّا مَلَكْتَ وَ مَاتَ الْهُمَامُ
وَ أَلْقَتْ عَصَاهَا يَدُ الْأَفْضَلِ
مَنَحْتُ سِوَايَ بِمِثْلِ الْجِبَالِ
وَ نَوَّلْتَنِي حَبَّةَ الْخَرْدَلِ
فَإِنْ تَكُ فِيهَا بَلَغْتَ الْمُنَى
فَفِي عُنُقِي يُعَلَّقُ الْجُلْجُلُ
وَ مَا دَمُّ عُثْمَانَ مُنْجٍ لَنَا
مِنَ اللَّهِ وَ الْحَسَبِ الْأَطْوَلِ
وَ إِنَّ عَلِيّاً غَداً خَصْمُنَا
وَ يَعْتَزُّ بِاللَّهِ وَ الْمُرْسَلِ
يُسَايِلُنَا عَنْ أُمُورٍ جَرَتْ
وَ نَحْنُ عَنِ الْحَقِّ فِي مَعْزِلٍ
.
14. 1- تَفْسِيرِ الْقُشَيْرِيِّ وَ إِبَانَةِ الْعُكْبَرِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ هَلْ
نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الْآيَةَ فَقَالَ ع إِنَّهُمْ أَهْلُ حَرُورَاءَ ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً فِي قِتَالِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلَا يُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ وَ اتَّخَذُوا آيَاتِ الْقُرْآنِ وَ رُسُلِي يَعْنِي مُحَمَّداً هُزُواً وَ اسْتَهْزَءُوا بِقَوْلِهِ أَلَا مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ وَ أَنْزَلَ فِي أَصْحَابِهِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الْآيَةَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ الْجَمَلِ.
تَفْسِيرِ الْفَلَكِيِّ أَبُو أُمَامَةَ قَالَ النَّبِيُّ ص فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ الْآيَةَ هُمُ الْخَوَارِجُ.
الْبُخَارِيُّ وَ مُسْلِمٌ وَ الطَّبَرِيُّ وَ الثَّعْلَبِيُّ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّ ذَا الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيَ 1777 قَالَ لِلنَّبِيِّ اعْدِلْ بِالسَّوِيَّةِ فَقَالَ وَيْحَكَ إِنْ أَنَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ وَجَّنَتْ 1778 وَ خَسِرَتْ فَمَنْ يَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ ائْذَنْ لِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَاباً وَ ذَكَرَ وَصْفَهُ فَنَزَلَ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ .