کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
بنوك السابقون إلى المعالي
إذا ما أعظم الناس الخطارا 3305
كأنهم نجوم حول بدر
تكمل إذ تكمل فاستدارا 3306
ملوك ينزلون بكل ثغر
إذا ما الهام يوم الروع طارا 3307
رزان في الخطوب ترى عليهم
من الشيخ الشمائل و النجارا 3308
نجوم يهتدى بهم إذا ما
أخو الغمرات في الظلماء حارا 3309 .
قال أبو الفرج و هذا الشعر من قصيدة لكعب يمدح بها المهلب و يذكر الخوارج 3310 و منها
سلوا أهل الأباطح من قريش
عن المجد المؤثل أين صارا 3311
لقوم الأزد في الغمرات أمضى
و أوفى ذمة و أعز جارا 3312
هم قادوا الجياد على وجاها
من الأمصار يقذفن المهارا 3313
إلى كرمان يحملن المنايا
بكل ثنية يوقدن نارا 3314
شوازب ما أصبنا الثار حتى
رددناها مكلمة مرارا 3315
غداة تركن مصرع عبد رب
نثرن عليه من رهج غبارا 3316
و يوم الزحف بالأهواز ظلنا
نروي منهم الأسل الحرارا 3317
فقرت أعين كانت حزينا
قليلا نومها إلا غرارا 3318
و لو لا الشيخ بالمصرين ينفي
عدوهم لقد نزلوا الديارا 3319
و لكن قارع الأبطال حتى
أصابوا الأمن و احتلوا القرارا 3320
إذا وهنوا و حل بهم عظيم
يدق العظم كان لهم جبارا
و مبهمة يحيد الناس عنها
تشب الموت شد لها إزارا
شهاب تنجلي الظلماء عنه
يرى في كل مظلمة منارا 3321
براك الله حين براك بحرا
و فجر منك أنهارا غزارا .
الأبيات المتقدمة.
قال أبو الفرج و حدثني 3322 محمد بن خلف وكيع بإسناد ذكره أن الحجاج لما كتب إلى المهلب يأمره بمناجزة الخوارج حينئذ و يستبطئه و يضعفه و يعجزه من تأخيره أمرهم و مطاولته لهم قال المهلب لرسوله قل له إنما البلاء أن يكون الأمر لمن يملكه لا لمن يعرفه فإن كنت نصبتني لحرب هؤلاء القوم على أن أدبرها كما أرى فإذا أمكنتني فرصة انتهزتها و إن لم تمكني توقفت فأنا أدبر ذلك بما يصلحه و إن أردت أن أعمل برأيك و أنا حاضر و أنت غائب فإن كان صوابا فلك و إن كان خطأ فعلي فابعث من رأيت مكاني و كتب من فوره بذلك إلى عبد الملك فكتب عبد الملك إلى الحجاج لا تعارض المهلب فيما يراه و لا تعجله و دعه يدبر أمره.
قال و قام كعب الأشقري إلى المهلب فأنشده بحضرة رسول الحجاج
إن ابن يوسف غره من أمركم
خفض المقام بجانب الأمصار 3323
لو شهد الصفين حيث تلاقيا
ضاقت عليه رحيبة الأقطار
من أرض سابور الجنود و خيلنا
مثل القداح بريتها بشفار
من كل صنديد يرى بلبانه
وقع الظبات مع القنا الخطار 3324
لرأى معاودة الرباع غنيمة
أزمان كان محالف الإقتار
فدع الحروب لشيبها و شبابها
و عليك كل غريرة معطار 3325 .
فبلغت أبياته الحجاج فكتب إلى المهلب يأمره بإشخاص كعب الأشقري إليه فأعلم [المهلب] 3326 كعبا بذلك و أوفده إلى عبد الملك من ليلته و كتب إليه يستوهبه منه فقدم كعب على عبد الملك برسالة المهلب فاستنطقه فأعجبه و أوفده إلى الحجاج و كتب إليه يقسم عليه أن يصفح و يعفو عما بلغه من شعره فلما دخل قال إيه يا كعب
لرأي معاودة الرباع غنيمة .
فقال أيها الأمير و الله لوددت في بعض ما شاهدته من تلك الحروب و ما أوردناه المهلب 3327 من خطرها أن أنجو منها و أكون حجاما أو حائكا قال أولى لك لو لا قسم أمير المؤمنين ما نفعك ما تقول الحق بصاحبك و رده إلى المهلب 3328 .
قال أبو العباس و كان 3329 كتاب المهلب إلى الحجاج الذي بشره فيه بالظفر و النصر [بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ] 3330 الحمد لله الكافي بالإسلام فقد ما سواه الحاكم بألا ينقطع المزيد من فضله حتى ينقطع الشكر من عباده أما بعد
فقد كان من أمرنا ما قد بلغك و كنا نحن و عدونا على حالين مختلفين يسرنا منهم أكثر مما يسوءنا و يسوءهم منا أكثر مما يسرهم على اشتداد شوكتهم فقد كان علا أمرهم حتى ارتاعت له الفتاة و نوم به الرضيع فانتهزت الفرصة منهم في وقت إمكانها و أدنيت السواد من 3331 السواد حتى تعارفت الوجوه فلم نزل كذلك حتى بلغ الكتاب أجله فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ .
فكتب إليه الحجاج أما بعد فقد فعل الله بالمسلمين خيرا و أراحهم من بأس الجلاد و ثقل الجهاد و لقد كنت أعلم بما قبلك ف الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فإذا ورد عليك كتابي فأقسم في المجاهدين فيئهم و نفل 3332 الناس على قدر بلائهم و فضل من رأيت تفضيله و إن كانت بقيت من القوم بقية فخلف خيلا تقوم بإزائهم و استعمل على كرمان من رأيت و ول الخيل شهما من ولدك و لا ترخص لأحد في اللحاق بمنزلة دون أن تقدم بهم علي و عجل القدوم إن شاء الله.
فولى المهلب يزيد ابنه كرمان و قال له يا بني إنك اليوم لست كما كنت إنما لك من كرمان ما فضل عن الحجاج و لن تحتمل إلا على ما احتمل عليه أبوك فأحسن إلى من تبعك و إن أنكرت من إنسان شيئا فوجه إلي و تفضل على قومك [إن شاء الله] 3333 .
ثم قدم المهلب على الحجاج فأجلسه إلى جانبه و أظهر بره و إكرامه و قال يا أهل العراق أنتم عبيد قن للمهلب ثم قال أنت و الله كما لقيط 3334
فقلدوا أمركم لله دركم
رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا 3335
لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه
هم يكاد حشاه يقصم الضلعا 3336
لا مترفا إن رخاء العيش ساعده
و لا إذا عض مكروه به خشعا 3337
ما زال يحلب هذا الدهر أشطره
يكون متبعا طورا و متبعا 3338
حتى استمرت على شرر مريرته
مستحكم الرأي لا قحما و لا ضرعا 3339 .
و روى أنه قام إليه رجل فقال أصلح الله الأمير و الله لكأني أسمع الساعة قطريا و هو يقول لأصحابه المهلب و الله كما قال لقيط الأيادي ثم أنشد هذا الشعر فسر الحجاج حتى امتلأ سرورا فقال المهلب أما و الله ما كنا أشد من عدونا و لا أحد و لكن دمغ الحق الباطل و قهرت الجماعة الفتنة وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 3340 و كان ما كرهناه من المطاولة خيرا لنا مما أحببناه من المعاجلة.
فقال الحجاج صدقت اذكر لي القوم الذين أبلوا و صف لي بلاءهم [فأمر الناس فكتبوا ذلك إلى الحجاج فقال لهم المهلب ما ذخر الله لكم خير لكم من عاجل الدنيا إن شاء الله] 3341 فذكرهم 3342 المهلب على مراتبهم في البلاء و تفاضلهم في الغناء و قدم بنيه المغيرة و يزيد و مدركا و حبيبا و قبيصة و المفضل و عبد الملك و محمدا و قال و الله لو واحد يقدمهم في البلاء لقدمته عليهم و لو لا أن أظلمهم لآخرتهم فقال الحجاج صدقت و ما أنت أعلم بهم مني و إن حضرت و غبت إنهم لسيوف من سيوف الله ثم ذكر معن بن المغيرة و الرقاد و أشباههما.
فقال الحجاج من الرقاد 3343 فدخل رجل طويل أجنأ 3344 فقال المهلب هذا فارس العرب فقال الرقاد للحجاج أيها الأمير إني كنت أقاتل مع غير المهلب فكنت كبعض الناس فلما صرت مع من يلزمني الصبر و يجعلني أسوة نفسه و ولده و يجازيني على البلاء صرت أنا و أصحابي فرسانا.
فأمر الحجاج بتفضيل قوم على قوم على قدر بلائهم و زاد ولد المهلب ألفين ألفين و فعل بالرقاد و بجماعة شبيها بذلك.
و قال يزيد بن حبناء من الأزارقة
دعي اللوم إن العيش ليس بدائم
و لا تعجلي باللوم يا أم عاصم 3345
فإن عجلت منك الملامة فاسمعي
مقالة معني بحقك عالم
و لا تعذلينا في الهدية إنما