کتابخانه روایات شیعه
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
الجزء السادس
تتمة الخطب و الأوامر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و الصلاة و السلام على خير خلقه محمد و آله الطاهرين
66 و من كلام له ع في معنى الأنصار
قَالُوا: لَمَّا انْتَهَتْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنْبَاءُ السَّقِيفَةِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ ع مَا قَالَتِ الْأَنْصَارُ قَالُوا قَالَتْ مِنَّا أَمِيرٌ وَ مِنْكُمْ أَمِيرٌ قَالَ ع فَهَلَّا احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَصَّى بِأَنْ يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ وَ يُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ قَالُوا وَ مَا فِي هَذَا مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ ع لَوْ كَانَ الْإِمَامَةُ [الْإِمَارَةُ] فِيهِمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ ثُمَّ قَالَ ع فَمَا ذَا 4560 قَالَتْ قُرَيْشٌ قَالُوا احْتَجَّتْ بِأَنَّهَا شَجَرَةُ الرَّسُولِ ص فَقَالَ ع
احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وَ أَضَاعُوا الثَّمَرَةَ.
قد ذكرنا فيما تقدم طرفا من أخبار السقيفة فأما هذا الخبر الوارد في الوصية بالأنصار فهو خبر صحيح
أخرجه الشيخان محمد بن إسماعيل البخاري و مسلم بن الحجاج القشيري في مسنديهما عن أنس بن مالك قال مر أبو بكر و العباس رضي الله تعالى عنهما بمجلس من الأنصار في مرض رسول الله ص و هم يبكون فقالا ما يبكيكم قالوا ذكرنا محاسن رسول الله ص فدخلا على النبي ص و أخبراه بذلك فخرج ص و قد عصب على رأسه حاشية برده 4561 فصعد المنبر و لم يصعده بعد ذلك اليوم فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي و عيبتي و قد قضوا الذي عليهم و بقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم و تجاوزوا عن مسيئهم 4562 .
فأما كيفية الاحتجاج على الأنصار فقد ذكرها علي ع و هي أنه لو كان ص ممن يجعل الإمامة فيهم لأوصى إليهم و لم يوص بهم.
و إلى هذا نظر عمرو بن سعيد بن العاص و هو المسمى بالأشدق فإن أباه لما مات خلفه غلاما فدخل إلى معاوية فقال إلى من أوصى بك أبوك فقال إن أبي أوصى إلي و لم يوص بي فاستحسن معاوية منه ذلك فقال إن هذا الغلام لأشدق فسمي الأشدق 4563 . فأما قول أمير المؤمنين احتجوا بالشجرة و أضاعوا الثمرة فكلام قد تكرر منه
ع أمثاله
نحو قوله إذا احتج عليهم المهاجرون بالقرب من رسول الله ص كانت الحجة لنا على المهاجرين بذلك قائمة فإن فلجت حجتهم كانت لنا دونهم و إلا فالأنصار على دعوتهم.
و نحو هذا المعنى قول العباس لأبي بكر و أما قولك نحن شجرة رسول الله ص فإنكم جيرانها و نحن أغصانها
يوم السقيفة
و نحن نذكر خبر السقيفة 4564
روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة قال أخبرني أحمد بن إسحاق قال حدثنا أحمد بن سيار قال حدثنا سعيد بن كثير بن عفير الأنصاري أن النبي ص لما قبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة فقالوا إن رسول الله ص قد قبض فقال سعد بن عبادة لابنه قيس أو لبعض بنيه إني لا أستطيع أن أسمع الناس كلامي لمرضي و لكن تلق مني قولي فأسمعهم فكان سعد يتكلم و يستمع ابنه و يرفع به صوته ليسمع قومه فكان من قوله بعد حمد الله و الثناء عليه أن قال إن لكم سابقة إلى الدين و فضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب أن رسول الله ص لبث في قومه بضع عشرة سنة يدعوهم إلى عبادة الرحمن و خلع الأوثان فما آمن به من قومه إلا قليل و الله ما كانوا يقدرون أن يمنعوا رسول الله
و لا يعزوا دينه و لا يدفعوا عنه عداه حتى أراد الله بكم خير الفضيلة و ساق إليكم الكرامة و خصكم بدينه و رزقكم الإيمان به و برسوله و الإعزاز لدينه و الجهاد لأعدائه فكنتم أشد الناس على من تخلف عنه منكم و أثقله على عدوه من غيركم حتى استقاموا لأمر الله طوعا و كرها و أعطى البعيد المقادة صاغرا داخرا 4565 حتى أنجز الله لنبيكم الوعد و دانت لأسيافكم العرب ثم توفاه الله تعالى و هو عنكم راض و بكم قرير عين فشدوا يديكم بهذا الأمر فإنكم أحق الناس و أولاهم به.
فأجابوا جميعا أن وفقت في الرأي و أصبت في القول و لن نعدو ما أمرت نوليك هذا الأمر فأنت لنا مقنع و لصالح المؤمنين رضا.
ثم إنهم ترادوا الكلام بينهم فقالوا إن أبت مهاجرة قريش فقالوا نحن المهاجرون و أصحاب رسول الله ص الأولون و نحن عشيرته و أولياؤه فعلام تنازعوننا هذا الأمر من بعده فقالت طائفة منهم إذا نقول منا أمير و منكم أمير لن نرضى بدون هذا منهم أبدا لنا في الإيواء و النصرة ما لهم في الهجرة و لنا في كتاب الله ما لهم فليسوا يعدون شيئا إلا و نعد مثله و ليس من رأينا الاستئثار عليهم فمنا أمير و منهم أمير.
فقال سعد بن عبادة هذا أول الوهن.