کتابخانه روایات شیعه
الجزء الأول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[أبواب أحكام شهر رمضان]
الباب الأول فيما نذكره من فوائد شهر رمضان
و فيه فصول
فصل في تعظيم شهر رمضان
الملائكة يستبشرون و تهنئ بعضها بعضا لما يعطي الله هذه الأمة إذا أفطروا.
وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الطَّبَرِيُّ فِي كِتَابِ بِشَارَةِ الْمُصْطَفَى لِشِيعَةِ الْمُرْتَضَى بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ السَّيِّدِ الشَّهِيدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص خَطَبَنَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ وَ أَيَّامُهُ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ وَ لَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي وَ سَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ وَ هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اللَّهِ وَ جُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ اللَّهِ أَنْفَاسُكُمْ فِيهِ تَسْبِيحٌ وَ نَوْمُكُمْ فِيهِ عِبَادَةٌ وَ عَمَلُكُمْ فِيهِ مَقْبُولٌ وَ دُعَاؤُكُمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ فَاسْأَلُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ وَ قُلُوبٍ طَاهِرَةٍ أَنْ يُوَفِّقَكُمْ الله لِصِيَامِهِ وَ تِلَاوَةِ كِتَابِهِ فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ اذْكُرُوا بِجُوعِكُمْ وَ عَطَشِكُمْ فِيهِ جُوعَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ عَطَشِهِ وَ تَصَدَّقُوا عَلَى فَقُرَائِكُمْ وَ مَسَاكِينِكُمْ وَ وَقِّرُوا كِبَارَكُمْ وَ ارْحَمُوا صِغَارَكُمْ وَ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَ احْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ غُضُّوا عَمَّا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَيْهِ أَبْصَارَكُمْ وَ عَمَّا لَا يَحِلُّ الِاسْتِمَاعُ إِلَيْهِ أَسْمَاعَكُمْ وَ تَحَنَّنُوا عَلَى أَيْتَامِ النَّاسِ يُتَحَنَّنْ عَلَى أَيْتَامِكُمْ وَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ ارْفَعُوا إِلَيْهِ أَيْدِيَكُمْ بِالدُّعَاءِ فِي أَوْقَاتِ صَلَوَاتِكُمْ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ السَّاعَاتِ يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهَا بِالرَّحْمَةِ إِلَى عِبَادِهِ وَ يُجِيبُهُمْ إِذَا نَاجَوْهُ وَ يُلَبِّيهِمْ إِذَا نَادَوْهُ وَ يَسْتَجِيبُ لَهُمْ إِذَا دَعَوْهُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَنْفُسَكُمْ مَرْهُونَةٌ بِأَعْمَالِكُمْ فَفُكُّوهَا بِاسْتِغْفَارِكُمْ وَ ظُهُورُكُمْ ثَقِيلَةٌ مِنْ أَوْزَارِكُمْ فَخَفِّفُوا عَنْهَا بِطُولِ سُجُودِكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَقْسَمَ بِعِزَّتِهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ الْمُصَلِّينَ وَ السَّاجِدِينَ وَ أَنْ لَا يُرَوِّعَهُمْ بِالنَّارِ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ فَطَّرَ مِنْكُمْ صَائِماً مُؤْمِناً فِي هَذَا الشَّهْرِ كَانَ لَهُ
بِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَ مَغْفِرَةٌ لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ لَيْسَ كُلُّنَا نَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ ع اتَّقُوا النَّارَ وَ لَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ اتَّقُوا النَّارَ وَ لَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ حَسَّنَ مِنْكُمْ فِي هَذَا الشَّهْرِ خُلُقَهُ كَانَ لَهُ جَوَازٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَ مَنْ خَفَّفَ مِنْكُمْ فِي هَذَا الشَّهْرِ عَمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ خَفَّفَ اللَّهُ عَلَيْهِ حِسَابَهُ وَ مَنْ كَفَّ فِيهِ شَرَّهُ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُ غَضَبَهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَ مَنْ أَكْرَمَ فِيهِ يَتِيماً أَكْرَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَ مَنْ وَصَلَ فِيهِ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَ مَنْ قَطَعَ فِيهِ رَحِمَهُ قَطَعَ اللَّهُ عَنْهُ رَحْمَتَهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَ مَنْ تَطَوَّعَ فِيهِ بِصَلَاةٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ وَ مَنْ أَدَّى فِيهِ فَرْضاً كَانَ لَهُ ثَوَابُ مَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِي مَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ وَ مَنْ أَكْثَرَ فِيهِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيَّ ثَقَّلَ اللَّهُ مِيزَانَهُ يَوْمَ تَخِفُّ الْمَوَازِينُ وَ مَنْ تَلَا فِيهِ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَبْوَابَ الْجِنَانِ فِي هَذَا الشَّهْرِ مُفَتَّحَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُغَلِّقَهَا عَلَيْكُمْ وَ أَبْوَابَ النِّيرَانِ مُغَلَّقَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُفَتِّحَهَا عَلَيْكُمْ وَ الشَّيَاطِينَ مَغْلُولَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَلَّا يُسَلِّطَهَا عَلَيْكُمْ [عَنْكُمْ] قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص فَقُمْتُ وَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ بَكَى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ يَا عَلِيُّ لِمَا يُسْتَحَلُّ مِنْكَ فِي هَذَا الشَّهْرِ كَأَنِّي بِكَ وَ أَنْتَ تُصَلِّي لِرَبِّكَ وَ قَدِ انْبَعَثَ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ شَقِيقُ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ فَيَضْرِبُكَ ضَرْبَةً عَلَى قَرْنِكَ تَخْضِبُ مِنْهَا [بِهَا] لِحْيَتُكَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ ذَلِكَ فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِي فَقَالَ ع فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِكَ ثُمَّ قَالَ يَا عَلِيُّ مَنْ قَتَلَكَ فَقَدْ قَتَلَنِي وَ مَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِي وَ مَنْ سَبَّكَ فَقَدْ سَبَّنِي لِأَنَّكَ مِنِّي كَنَفْسِي رُوحُكَ مِنْ رُوحِي وَ طِينَتُكَ مِنْ طِينَتِي إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَنِي وَ إِيَّاكَ وَ اصْطَفَانِي وَ إِيَّاكَ وَ اخْتَارَنِي لِلنُّبُوَّةِ وَ اخْتَارَكَ لِلْإِمَامَةِ فَمَنْ أَنْكَرَ إِمَامَتَكَ فَقَدْ أَنْكَرَ نُبُوَّتِي يَا عَلِيُّ أَنْتَ وَصِيِّي وَ أَبُو وُلْدِي وَ زَوْجُ ابْنَتِي وَ خَلِيفَتِي عَلَى أُمَّتِي فِي حَيَاتِي وَ بَعْدَ مَوْتِي أَمْرُكَ أَمْرِي وَ نَهْيُكَ نَهْيِي أُقْسِمُ بِالَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ وَ جَعَلَنِي خَيْرَ الْبَرِيَّةِ إِنَّكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَ أَمِينُهُ عَلَى سِرِّهِ وَ خَلِيفَتُهُ فِي عِبَادِهِ.
وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ النَّهْدِيُّ الْحِمْيَرِيُّ فِي الْكِتَابِ الْمُشْتَهَرِ الْمَأْثُورِ مِنَ الْعَمَلِ فِي الشُّهُورِ مِنْ عَمَلِ شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعَالِبِيُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْقَزْوِينِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي [حَدَّثَنَا] حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ النَّخَّاسُ عَنْ زَكَرِيَّا الْمُؤْمِنِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُتْبَةَ [عَنْبَسَةَ] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ غَفَرَ اللَّهُ لِمَنْ شَاءَ مِنَ الْخَلْقِ فَإِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي تَلِيهَا ضَاعَفَهُمْ فَإِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي تَلِيهَا ضَاعَفَ كُلَّ مَا أَعْتَقَ حَتَّى آخِرَ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ تُضَاعَفُ مِثْلَ مَا أَعْتَقَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ.
وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَيْضاً عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمُشَارُ إِلَيْهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَنْهُمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ إِلَى قَابِلٍ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَرَفَةَ.
فصل في تعظيم التلفظ بشهر رمضان
رَأَيْتُ وَ رُوِّيتُ فِي [مِنْ] كِتَابِ الْجَعْفَرِيَّاتِ وَ هِيَ أَلْفُ حَدِيثٍ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ عَظِيمِ الشَّأْنِ إِلَى مَوْلَانَا مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع عَنْ مَوْلَانَا جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَوْلَانَا مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مَوْلَانَا عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مَوْلَانَا الْحُسَيْنِ عَنْ مَوْلَانَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ص قَالَ: لَا تَقُولُوا رَمَضَانُ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا رَمَضَانُ فَمَنْ قَالَهُ فَلْيَتَصَدَّقْ وَ لْيَصُمْ كَفَّارَةً لِقَوْلِهِ وَ لَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى شَهْرُ رَمَضانَ .
و هذا الحديث وقف فيه الإسناد في الأصل عن مولانا علي ص و قد روينا في غير هذا أن كلما روي عن مولانا علي فهو عن رسول الله ص.
فصل فيما نذكره من علل التشريف بتكليف الصيام
اعلم أن أصل علة التكليف أنه تشريف لعباده من يستحق العبادة لأنه جل جلاله أهل لها فهذه العلة الأصلية في التكاليف الإلهية و أما تعيين وجه اختيار الله جل جلاله من العبد أن تكون خدمته له بجنس من الطاعات و على وجه متعين في بعض الأوقات فهذا طريقة عن العالم بالغائبات على لسان رسله ع و على لسان ملائكته و من شاء من خاصته عليهم أفضل الصلوات فمما [فما] رويناه في علة التشريف بالصيام بطرق كثيرة في عدة أحاديث.
مِنْهَا مَا رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِنَا إِلَى جَدِّي أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الشَّيْخَيْنِ الْمُعْتَمَدَيْنِ عَلِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيِّ فِي كِتَابِهِ كِتَابِ عِلَلِ الشَّرِيعَةِ وَ إِلَى الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَابَوَيْهِ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الْفَقِيهُ فَقَالا جَمِيعاً بِإِسْنَادِهِمَا إِلَى هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ عِلَّةِ الصِّيَامِ فَقَالَ إِنَّمَا فَرَضَ اللَّهُ الصِّيَامَ لِيَسْتَوِيَ [ليسوي] بِهِ الْغَنِيُّ وَ الْفَقِيرُ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْغَنِيَّ لَمْ يَكُنْ لِيَجِدَ مَسَّ الْجُوعِ فَيَرْحَمَ الْفَقِيرَ لِأَنَّ الْغَنِيَّ كُلَّمَا أَرَادَ شَيْئاً قَدَرَ عَلَيْهِ فَأَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ خَلْقِهِ وَ أَنْ يُذِيقَ الْغَنِيَّ مَسَّ الْجُوعِ وَ الْأَلَمِ لِيَرِقَّ عَلَى الضَّعِيفِ وَ يَرْحَمَ الْجَائِعَ.
وَ مِنْ ذَلِكَ بِالْإِسْنَادِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ بَابَوَيْهِ أَيْضاً فِيمَا رَوَاهُ عَنْ مَوْلَانَا الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ص قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَسَأَلَهُ أَعْلَمُهُمْ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ أَنْ قَالَ لِأَيِّ شَيْءٍ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الصَّوْمَ عَلَى أُمَّتِكَ بِالنَّهَارِ ثَلَاثِينَ يَوْماً وَ فَرَضَ عَلَى الْأُمَمِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ آدَمَ ع لَمَّا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ بَقِيَ فِي بَطْنِهِ ثَلَاثِينَ يَوْماً فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ الْجُوعَ وَ الْعَطَشَ وَ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ بِاللَّيْلِ تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِمْ وَ كَذَلِكَ كَانَ عَلَى آدَمَ فَفَرَضَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَى أُمَّتِي ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ قَالَ الْيَهُودِيُّ صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ فَمَا جَزَاءُ مَنْ صَامَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ ص مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ احْتِسَاباً إِلَّا أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ سَبْعَ خِصَالٍ أُولَاهَا يَذُوبُ [لَا يَدُومُ] الْحَرَامُ فِي جَسَدِهِ وَ الثَّانِيَةُ لَا يَبْعُدُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَ الثَّالِثَةُ يَكُونُ قَدْ كَفَّرَ خَطِيئَةَ أَبِيهِ آدَمَ وَ الرَّابِعَةُ يُهَوِّنُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَ الْخَامِسَةُ أَمَانٌ [أَمَاناً] مِنَ الْجُوعِ وَ الْعَطَشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ السَّادِسَةُ يُعْطِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ وَ السَّابِعَةُ يُطْعِمُهُ اللَّهُ مِنْ طَيِّبَاتِ الْجَنَّةِ قَالَ الْيَهُودِيُّ صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ.
الباب الثاني فيما نذكره من الرواية أن أول السنة شهر رمضان و اختلاف القول في الكمال و النقصان
فَمِمَّا رَوَيْنَاهُ فِي ذَلِكَ بِعِدَّةِ أَسَانِيدَ إِلَى مَوْلَانَا الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا سَلِمَ شَهْرُ رَمَضَانَ سَلِمَتِ السَّنَةُ وَ قَالَ رَأْسُ السَّنَةِ شَهْرُ رَمَضَانَ.
وَ رَوَيْنَا بِإِسْنَادِنَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ مِنْ كِتَابِ الْكَافِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ الشُّهُورَ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فَغُرَّةُ الشُّهُورِ شَهْرُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَ قَلْبُ شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَ نُزِّلَ الْقُرْآنُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَاسْتَقْبِلِ الشَّهْرَ بِالْقُرْآنِ.
: و رويناه أيضا عن أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه.
وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِنَا إِلَى عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: شَهْرُ رَمَضَانَ رَأْسُ السَّنَةِ.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا سَلِمَ شَهْرُ رَمَضَانَ سَلِمَتِ السَّنَةُ.
و ذكر الطبري في تاريخه أن فرض صوم شهر رمضان نزل به القرآن في السنة الأولى من هجرة النبي ص في شعبانها و اعلم أنني وجدت الروايات مختلفات في هل أول السنة محرم أو شهر رمضان لكنني رأيت عمل من أدركته من علماء أصحابنا المعتبرين
و كثيرا من تصانيف علمائهم الماضين أن أول السنة شهر رمضان على التعيين و لعل شهر الصيام أول العام في عبادات الإسلام و المحرم أول السنة في غير ذلك من التواريخ و مهام الأنام و ربما كان له احتمال في الإمكان لأن الله جل جلاله عظم شهر رمضان فقال جل جلاله شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَ الْفُرْقانِ فلسان حال هذا التعظيم كالشاهد لشهر رمضان بالتقديم و لأنه لم يجر لشهر من شهور السنة ذكر باسمه في القرآن و تعظيم أمره إلا لهذا شهر الصيام و هذا الاختصاص بذكره كأنه ينبه و الله أعلم على تقديم أمره و لأنه إذا كان أول السنة شهر الصيام و فيه ما قد اختص به من العبادات التي ليست في غيره من الشهور و الأيام و كان [فكان] الإنسان قد استقبل أول السنة بذلك الاستعداد و الاجتهاد فيرجى أن يكون باقي السنة جاريا على السداد و المراد و ظاهر دلائل المعقول و كثير من المنقول أن ابتداءات الدخول في الأعمال هي أوقات التأهب و الاستظهار لأوساطها و لأواخرها على كل حال و لأن فيه ليلة القدر التي يكتب فيها مقدار الآجال و إطلاق الآمال و ذلك منبه على أن شهر الصيام هو أول السنة فكأنه فتح العبادة في أول دخولها أن يطلبوا طول آجالهم و بلوغ آمالهم ليدركوا آخرها و يحمدوا مواردها و مصادرها.
وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ وَ ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي كِتَابَيْهِمَا وَ اللَّفْظُ لِابْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ هِيَ أَوَّلُ السَّنَةِ وَ هِيَ آخِرُهَا.