کتابخانه روایات شیعه
عَنْ نُصْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص لِإِصْلَاحِ أَمْوَالِنَا وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ مَعْنَاهُ إِنْ تَخَلَّفْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَقَمْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ أَلْقَيْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَهَلَكْتُمْ وَ ذَلِكَ رَدٌّ عَلَيْنَا فِيمَا قُلْنَا وَ عَزَمْنَا عَلَيْهِ مِنَ الْإِقَامَةِ وَ تَحْرِيصٌ لَنَا عَلَى الْغَزْوِ وَ مَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَجُلٍ حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ وَ يُحَرِّصُ أَصْحَابَهُ أَنْ يَفْعَلُوا كَفِعْلِهِ أَوْ يَطْلُبُ الشَّهَادَةَ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ رَجَاءً لِثَوَابِ الْآخِرَةِ.
أقول و قد نبهناك على ذلك في خطبة هذا الكتاب و سيأتي ما يكشف عن هذه الأسباب.
قَالَ رُوَاةُ حَدِيثِ الْحُسَيْنِ ع مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَ مَرْوَانَ فَلَمَّا
كَانَ الْغَدَاةُ تَوَجَّهَ الْحُسَيْنُ ع إِلَى مَكَّةَ لِثَلَاثٍ مَضَيْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتِّينَ فَأَقَامَ بِهَا بَاقِيَ شَعْبَانَ وَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَ شَوَّالٍ وَ ذِي قَعْدَةٍ قَالَ وَ جَاءَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زُبَيْرٍ فَأَشَارَا إِلَيْهِ بِالْإِمْسَاكِ فَقَالَ لَهُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَدْ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ وَ أَنَا مَاضٍ فِيهِ قَالَ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ هُوَ يَقُولُ وَا حُسَيْنَاهْ.
ثُمَّ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِصُلْحِ أَهْلِ الضَّلَالِ وَ حَذَّرَهُ مِنَ الْقَتْلِ وَ الْقِتَالِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ مِنْ هَوَانِ الدُّنْيَا عَلَى اللَّهِ أَنَّ رَأْسَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا أُهْدِيَ إِلَى بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا يَقْتُلُونَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ
الشَّمْسِ سَبْعِينَ نَبِيّاً ثُمَّ يَجْلِسُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ يَبِيعُونَ وَ يَشْتَرُونَ كَأَنْ لَمْ يَصْنَعُوا شَيْئاً فَلَمْ يُعَجِّلِ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بَلْ أَمْهَلَهُمْ وَ أَخَذَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْذَ عَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ اتَّقِ اللَّهَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ لَا تَدَعَنَّ نُصْرَتِي.
قَالَ وَ سَمِعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِوُصُولِ الْحُسَيْنِ ع إِلَى مَكَّةَ وَ امْتِنَاعِهِ مِنَ الْبَيْعَةِ لِيَزِيدَ فَأَجْمَعُوا فِي مَنْزِلِ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ الْخُزَاعِيِّ فَلَمَّا تَكَامَلُوا قَامَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ فِيهِمْ خَطِيباً وَ قَالَ فِي آخِرِ خُطْبَتِهِ يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ إِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ بِأَنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ هَلَكَ وَ صَارَ إِلَى رَبِّهِ وَ قَدِمَ عَلَى عَمَلِهِ وَ قَدْ قَعَدَ فِي مَوْضِعِهِ ابْنُهُ يَزِيدُ وَ هَذَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع قَدْ خَالَفَهُ وَ صَارَ إِلَى مَكَّةَ هَارِباً مِنْ طَوَاغِيتِ آلِ أَبِي سُفْيَانَ وَ أَنْتُمْ
شِيعَتُهُ وَ شِيعَةُ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ وَ قَدِ احْتَاجَ إِلَى نُصْرَتِكُمُ الْيَوْمَ فَإِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ نَاصِرُوهُ وَ مُجَاهِدُو عَدُوِّهِ فَاكْتُبُوا إِلَيْهِ وَ إِنْ خِفْتُمُ الْوَهْنَ وَ الْفَشَلَ فَلَا تَغُرُّوا الرَّجُلَ مِنْ نَفْسِهِ.
قَالَ فَكَتَبُوا إِلَيْهِ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ الْخُزَاعِيِّ وَ الْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ وَ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ وَ حَبِيبِ بْنِ مُظَاهِرٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَائِلٍ وَ شِيعَتِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَصَمَ عَدُوَّكَ وَ عَدُوَّ أَبِيكَ مِنْ قَبْلُ الْجَبَّارَ الْعَنِيدَ الْغَشُومَ الظَّلُومَ الَّذِي ابْتَزَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَمْرَهَا وَ غَصَبَهَا فَيْئَهَا وَ تَأَمَّرَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ رِضًى مِنْهَا ثُمَّ قَتَلَ خِيَارَهَا وَ اسْتَبْقَى شِرَارَهَا وَ جَعَلَ مَالَ اللَّهِ دُولَةً بَيْنَ جَبَابِرَتِهَا وَ
عُتَاتِهَا فَبُعْداً لَهُ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ ثُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْنَا إِمَامٌ غَيْرُكَ فَأَقْبِلْ لَعَلَّ اللَّهَ يَجْمَعُنَا بِكَ عَلَى الْحَقِّ وَ النُّعْمَانُ بْنُ الْبَشِيرِ فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ وَ لَسْنَا نُجْمَعُ مَعَهُ فِي جُمُعَةٍ وَ لَا جَمَاعَةٍ وَ لَا نَخْرُجُ مَعَهُ فِي عِيدٍ وَ لَوْ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكَ أَقْبَلْتَ أَخْرَجْنَاهُ حَتَّى يَلْحَقَ بِالشَّامِ وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ عَلَى أَبِيكَ مِنْ قَبْلِكَ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
ثُمَّ سَرَّحُوا الْكِتَابَ وَ لَبِثُوا يَوْمَيْنِ وَ أَنْفَذُوا جَمَاعَةً مَعَهُمْ نَحْوُ مِائَةٍ وَ
خَمْسِينَ كِتَابَةً مِنَ الرَّجُلِ وَ الِاثْنَيْنِ وَ الثَّلَاثَةِ وَ الْأَرْبَعَةِ يَسْأَلُونَهُ الْقَدُومَ عَلَيْهِمْ وَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ يَتَأَنَّى وَ لَا يُجِيبُهُمْ فَوَرَدَ عَلَيْهِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سِتُّمِائَةِ كِتَابٍ وَ تَوَاتَرَتِ الْكُتُبُ حَتَّى اجْتَمَعَ عِنْدَهُ فِي نُوَبٍ مُتَفَرِّقَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ كِتَابٍ.
قَالَ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ ع بَعْدَ ذَلِكَ هَانِي بْنُ هَانِي السَّبِيعِيُّ وَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَنَفِيُّ بِهَذَا الْكِتَابِ وَ هُوَ آخِرُ مَا وَرَدَ عَلَى الْحُسَيْنِ ع مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ.
وَ فِيهِ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع مِنْ شِيعَتِهِ وَ شِيعَةِ أَبِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع:
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ النَّاسَ يَنْتَظِرُونَكَ لَا رَأْيَ لَهُمْ غَيْرُكَ فَالْعَجَلَ الْعَجَلَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَدِ اخْضَرَّ الْجَنَابُ وَ أَيْنَعَتِ الثِّمَارُ وَ أَعْشَبَتِ الْأَرْضُ وَ أَوْرَقَتِ الْأَشْجَارُ فَاقْدَمْ عَلَيْنَا إِذَا شِئْتَ فَإِنَّمَا تَقْدِمُ
عَلَى جُنْدٍ مُجَنَّدَةٍ لَكَ وَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ عَلَى أَبِيكَ مِنْ قَبْلِكَ.