کتابخانه روایات شیعه
قُلْتَ: قَدْرَ طَرَفِ إِبْرَةٍ لَمْ آذَنْ لَكَ، وَ الَّذِي نَفْسِي 56 بِيَدِهِ مَا أَنَا أَخْرَجْتُكُمْ وَ لَا أَدْخَلْتُهُمْ، وَ لَكِنَّ اللَّهَ أَدْخَلَهُمْ وَ أَخْرَجَكُمْ. ثُمَّ قَالَ ص:
لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ* أَنْ يَبِيتَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ جُنُباً إِلَّا مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ الْمُنْتَجَبُونَ مِنْ آلِهِمُ، الطَّيِّبُونَ مِنْ أَوْلَادِهِمْ.
قَالَ ع: فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَقَدْ رَضُوا وَ سَلَّمُوا، وَ أَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَاغْتَاظُوا لِذَلِكَ وَ أَنِفُوا، وَ مَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ يَقُولُونَ [فِيمَا بَيْنَهُمْ]: أَ لَا تَرَوْنَ مُحَمَّداً لَا يَزَالُ يَخُصُّ بِالْفَضَائِلِ ابْنَ عَمِّهِ لِيُخْرِجَنَا مِنْهَا صُفْراً وَ اللَّهِ لَئِنْ أَنْفَذْنَا لَهُ فِي حَيَاتِهِ لَنَأْبَيَنَ 57 عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ! وَ جَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ يُصْغِي إِلَى مَقَالَتِهِمْ، وَ يَغْضَبُ تَارَةً، وَ يَسْكُنُ أُخْرَى وَ يَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ مُحَمَّداً ص لَمُتَأَلِّهٌ، فَإِيَّاكُمْ وَ مُكَاشَفَتَهُ، فَإِنَّ مَنْ كَاشَفَ الْمُتَأَلِّهَ انْقَلَبَ خَاسِئاً حَسِيراً، وَ يُنَغَّصُ عَلَيْهِ عَيْشُهُ وَ إِنَّ الْفَطِنَ اللَّبِيبَ مَنْ تَجَرَّعَ عَلَى الْغُصَّةِ لِيَنْتَهِزَ الْفُرْصَةَ.
فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ [عَلَيْهِمْ] رَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ- يُقَالُ لَهُ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَقَالَ لَهُمْ:
يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ أَ بِاللَّهِ تُكَذِّبُونَ، وَ عَلَى رَسُولِهِ تَطْعَنُونَ وَ دِينِهِ 58 تَكِيدُونَ وَ اللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص بِكُمْ.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَ الْجَمَاعَةُ: وَ اللَّهِ لَئِنْ أَخْبَرْتَهُ بِنَا لَنُكَذِّبَنَّكَ، وَ لَنَحْلِفَنَّ [لَهُ] فَإِنَّهُ إِذًا يُصَدِّقُنَا، ثُمَّ وَ اللَّهِ لَنُقِيمَنَّ عَلَيْكَ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْكَ عِنْدَهُ- بِمَا يُوجِبُ قَتْلَكَ أَوْ قَطْعَكَ أَوْ حَدَّكَ.
[قَالَ ع:] فَأَتَى زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ ص فَأَسَرَّ إِلَيْهِ- مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَ أَصْحَابِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
(وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ) 59 الْمُجَاهِرِينَ 60 لَكَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَا دَعَوْتَهُمْ إِلَيْهِ- مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَ الْمُوَالاةِ لَكَ وَ لِأَوْلِيَائِكَ وَ الْمُعَادَاةِ لِأَعْدَائِكَ.
(وَ الْمُنافِقِينَ) الَّذِينَ يُطِيعُونَكَ فِي الظَّاهِرِ، وَ يُخَالِفُونَكَ فِي الْبَاطِنِ (وَ دَعْ أَذاهُمْ) بِمَا يَكُونُ مِنْهُمْ- مِنَ الْقَوْلِ السَّيِّئِ فِيكَ وَ فِي ذَوِيكَ (وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) فِي إِتْمَامِ أَمْرِكَ وَ إِقَامَةِ حُجَّتِكَ.
فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الظَّاهِرُ [بِالْحُجَّةِ] وَ إِنْ غُلِبَ فِي الدُّنْيَا، لِأَنَّ الْعَاقِبَةَ لَهُ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُؤْمِنِينَ فِي كَدْحِهِمْ فِي الدُّنْيَا- إِنَّمَا هُوَ الْوُصُولُ إِلَى نَعِيمِ الْأَبَدِ فِي الْجَنَّةِ، وَ ذَلِكَ حَاصِلٌ لَكَ وَ لِآلِكَ وَ لِأَصْحَابِكَ وَ شِيعَتِهِمْ 61 .
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى مَا بَلَغَهُ عَنْهُمْ، وَ أَمَرَ زَيْداً 62 فَقَالَ [لَهُ]:
إِنْ أَرَدْتَ أَنْ لَا يُصِيبَكَ 63 شَرُّهُمْ وَ لَا يَنَالَكَ مَكْرُهُمْ- فَقُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» فَإِنَّ اللَّهَ يُعِيذُكَ مِنْ 64 شَرِّهِمْ، فَإِنَّهُمْ شَيَاطِينُ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ يُؤْمِنَكَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْغَرَقِ وَ الْحَرَقِ وَ السَّرَقِ 65 فَقُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ:
«بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ- لَا يَصْرِفُ السُّوءَ إِلَّا اللَّهُ «بِسْمِ اللَّهِ» مَا شَاءَ اللَّهُ لَا يَسُوقُ الْخَيْرَ إِلَّا اللَّهُ «بِسْمِ اللَّهِ» مَا شَاءَ اللَّهُ، مَا يَكُونُ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، «بِسْمِ اللَّهِ» مَا شَاءَ اللَّهُ- لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ «بِسْمِ اللَّهِ» مَا شَاءَ اللَّهُ [وَ] صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ».
فَإِنَّ مَنْ قَالَهَا ثَلَاثاً إِذَا أَصْبَحَ- أَمِنَ مِنَ الْحَرَقِ وَ الْغَرَقِ وَ السَّرَقِ حَتَّى يُمْسِيَ.
وَ مَنْ قَالَهَا ثَلَاثاً إِذَا أَمْسَى- أَمِنَ مِنَ الْحَرَقِ وَ الْغَرَقِ وَ السَّرَقِ حَتَّى يُصْبِحَ
وَ إِنَّ الْخَضِرَ وَ إِلْيَاسَ ع يَلْتَقِيَانِ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ، فَإِذَا تَفَرَّقَا تَفَرَّقَا عَنْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ.
وَ إِنَّ ذَلِكَ شِعَارُ شِيعَتِي 66 ، وَ بِهِ يَمْتَازُ أَعْدَائِي مِنْ أَوْلِيَائِي يَوْمَ خُرُوجِ قَائِمِهِمْ ص.
قَالَ الْبَاقِرُ ع: لَمَّا أُمِرَ الْعَبَّاسُ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ، وَ أُذِنَ لِعَلِيٍّ ع فِي تَرْكِ بَابِهِ جَاءَ الْعَبَّاسُ وَ غَيْرُهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ص فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ عَلِيٍّ يَدْخُلُ وَ يَخْرُجُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ فَسَلِّمُوا لَهُ تَعَالَى حُكْمَهُ، هَذَا جَبْرَئِيلُ جَاءَنِي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ.
ثُمَّ أَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ جَبْرَئِيلَ يُخْبِرُنِي عَنِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ- أَنَّ عَلِيّاً لَمْ يُفَارِقْكَ فِي وَحْدَتِكَ، وَ آنَسَكَ فِي وَحْشَتِكَ، فَلَا تُفَارِقْهُ فِي مَسْجِدِكَ لَوْ رَأَيْتَ عَلِيّاً وَ هُوَ يَتَضَوَّرُ 67 عَلَى فِرَاشِ مُحَمَّدٍ ص وَاقِياً رُوحَهُ بِرُوحِهِ، مُتَعَرِّضاً لِأَعْدَائِهِ، مُسْتَسْلِماً لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ شَرَّ قَتْلَةٍ- لَعَلِمْتَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مِنْ مُحَمَّدٍ الْكَرَامَةَ وَ التَّفْضِيلَ، وَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى التَّعْظِيمَ وَ التَّبْجِيلَ إِنَّ عَلِيّاً قَدِ انْفَرَدَ عَنِ الْخَلْقِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَلَى فِرَاشِ مُحَمَّدٍ وَ وِقَايَةِ رُوحِهِ بِرُوحِهِ فَأَفْرَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى دُونَهُمْ بِسُلُوكِهِ فِي مَسْجِدِهِ لَوْ رَأَيْتَ عَلِيّاً يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ وَ عَظِيمَ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ شَرِيفَ مَحَلِّهِ عِنْدَ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَ عَظِيمَ شَأْنِهِ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ لَاسْتَقْلَلْتَ مَا تَرَاهُ لَهُ هَاهُنَا.
إِيَّاكَ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَنْ تَجِدَ 68 لَهُ فِي قَلْبِكَ مَكْرُوهاً- فَتَصِيرَ كَأَخِيكَ أَبِي لَهَبٍ فَإِنَّكُمَا شَقِيقَانِ.
يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ لَوْ أَبْغَضَ عَلِيّاً أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ- لَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِبُغْضِهِ، وَ لَوْ أَحَبَّهُ الْكُفَّارُ أَجْمَعُونَ لَأَثَابَهُمُ اللَّهُ- عَنْ مَحَبَّتِهِ بِالْخَاتِمَةِ 69 الْمَحْمُودَةِ- بِأَنْ يُوَفِّقَهُمْ لِلْإِيمَانِ
ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ.
يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ شَأْنَ عَلِيٍّ عَظِيمٌ، إِنَّ حَالَ عَلِيٍّ جَلِيلٌ، إِنَّ وَزْنَ عَلِيٍّ ثَقِيلٌ [وَ] مَا وُضِعَ حُبُّ عَلِيٍّ فِي مِيزَانِ أَحَدٍ إِلَّا رَجَحَ عَلَى سَيِّئَاتِهِ، وَ لَا وُضِعَ بُغْضُهُ فِي مِيزَانِ أَحَدٍ إِلَّا رَجَحَ عَلَى حَسَنَاتِهِ.
فَقَالَ الْعَبَّاسُ: قَدْ سَلَّمْتُ وَ رَضِيتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا عَمِّ انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ. فَنَظَرَ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ: مَا ذَا تَرَى يَا عَبَّاسُ فَقَالَ: أَرَى شَمْساً طَالِعَةً نَقِيَّةً مِنْ سَمَاءٍ صَافِيَةٍ جَلِيَّةٍ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ حُسْنَ تَسْلِيمِكَ لِمَا وَهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِعَلِيٍّ [مِنَ] الْفَضِيلَةِ- أَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْسِ فِي [هَذِهِ] السَّمَاءِ، وَ عِظَمُ بَرَكَةِ هَذَا التَّسْلِيمِ عَلَيْكَ أَعْظَمُ وَ أَكْثَرُ 70 مِنْ عِظَمِ بَرَكَةِ هَذِهِ الشَّمْسِ عَلَى النَّبَاتِ وَ الْحُبُوبِ وَ الثِّمَارِ- حَيْثُ تُنْضِجُهَا وَ تُنْمِيهَا وَ [تُرَبِّيهَا]، وَ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ صَافَاكَ بِتَسْلِيمِكَ لِعَلِيٍّ قَبِيلَةٌ 71 مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ أَكْثَرَ عَدَداً مِنْ قَطْرِ الْمَطَرِ- وَ وَرَقِ الشَّجَرِ وَ رَمْلِ عَالِجٍ، وَ عَدَدِ شُعُورِ الْحَيَوَانَاتِ وَ أَصْنَافِ النَّبَاتَاتِ، وَ عَدَدِ خُطَى بَنِي آدَمَ وَ أَنْفَاسِهِمْ وَ أَلْفَاظِهِمْ وَ أَلْحَاظِهِمْ- كُلٌّ يَقُولُونَ:
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْعَبَّاسِ عَمِّ نَبِيِّكَ فِي تَسْلِيمِهِ لِنَبِيِّكَ فَضْلَ أَخِيهِ عَلِيٍّ.
فَاحْمَدِ اللَّهَ وَ اشْكُرْهُ، فَلَقَدْ عَظُمَ رِبْحُكَ، وَ جَلَّتْ رُتْبَتُكَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 72 .
[سورة الحمد]
قوله عز و جل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
5 [قَالَ الْإِمَامُ ع ] «اللَّهُ» هُوَ الَّذِي يَتَأَلَّهُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْحَوَائِجِ وَ الشَّدَائِدِ- كُلُّ مَخْلُوقٍ [وَ] عِنْدَ انْقِطَاعِ الرَّجَاءِ مِنْ كُلِّ مَنْ دُونَهُ- وَ تُقْطَعُ 73 الْأَسْبَابُ مِنْ جَمِيعِ مَنْ سِوَاهُ- فَيَقُولُ:
بِسْمِ اللَّهِ [الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ] أَيْ أَسْتَعِينُ عَلَى أُمُورِي كُلِّهَا بِاللَّهِ- الَّذِي لَا تَحِقُّ الْعِبَادَةُ
إِلَّا لَهُ، الْمُغِيثِ إِذَا اسْتُغِيثَ، وَ الْمُجِيبِ إِذَا دُعِيَ.
6 قَالَ الْإِمَامُ ع وَ هُوَ مَا قَالَ رَجُلٌ لِلصَّادِقِ ع:
يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى اللَّهِ مَا هُوَ فَقَدْ أَكْثَرَ الْمُجَادِلُونَ عَلَيَّ وَ حَيَّرُونِي.
فَقَالَ [لَهُ] 74 : يَا عَبْدَ اللَّهِ هَلْ رَكِبْتَ سَفِينَةً قَطُّ قَالَ: بَلَى.
فَقَالَ: هَلْ كُسِرَتْ بِكَ- حَيْثُ لَا سَفِينَةَ تُنْجِيكَ وَ لَا سِبَاحَةَ تُغْنِيكَ 75 قَالَ: بَلَى.
قَالَ: فَهَلْ تَعَلَّقَ قَلْبُكَ هُنَالِكَ- أَنَّ شَيْئاً مِنَ الْأَشْيَاءِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُخَلِّصَكَ مِنْ وَرْطَتِكَ قَالَ: بَلَى.
قَالَ الصَّادِقُ ع: فَذَلِكَ الشَّيْءُ هُوَ اللَّهُ- الْقَادِرُ عَلَى الْإِنْجَاءِ حِينَ لَا مُنْجِيَ، وَ عَلَى الْإِغَاثَةِ حِينَ لَا مُغِيثَ 76 .
[الافتتاح بالتسمية عند كل فعل]
7 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع وَ لَرُبَّمَا تُرِكَ فِي افْتِتَاحِ أَمْرِ بَعْضِ شِيعَتِنَا « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فَيَمْتَحِنُهُ اللَّهُ بِمَكْرُوهٍ، لِيُنَبِّهَهُ عَلَى شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَ يَمْحُوَ 77 عَنْهُ وَصْمَةَ تَقْصِيرِهِ- عِنْدَ تَرْكِهِ قَوْلَ: بِسْمِ اللَّهِ [الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ] .
لَقَدْ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ بَيْنَ يَدَيْهِ كُرْسِيٌّ فَأَمَرَهُ بِالْجُلُوسِ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، فَمَالَ بِهِ حَتَّى سَقَطَ عَلَى رَأْسِهِ، فَأَوْضَحَ عَنْ عَظْمِ رَأْسِهِ وَ سَالَ الدَّمُ
فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِمَاءٍ، فَغَسَلَ عَنْهُ ذَلِكَ الدَّمَ.
ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي فَدَنَا مِنْهُ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مُوضِحَتِهِ- وَ قَدْ كَانَ يَجِدُ مِنْ أَلَمِهَا مَا لَا صَبْرَ [لَهُ] مَعَهُ- وَ مَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَ تَفَلَ فِيهَا [فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ فَعَلَ ذَلِكَ] حَتَّى انْدَمَلَ وَ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ قَطُّ- ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: يَا عَبْدَ اللَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ تَمْحِيصَ ذُنُوبِ شِيعَتِنَا فِي الدُّنْيَا بِمِحَنِهِمْ 78 لِتَسْلَمَ [لَهُمْ] 79 طَاعَاتُهُمْ وَ يَسْتَحِقُّوا عَلَيْهَا ثَوَابَهَا.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! [وَ] إِنَّا لَا نُجَازَى بِذُنُوبِنَا إِلَّا فِي الدُّنْيَا قَالَ: نَعَمْ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص: الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَ جَنَّةُ الْكَافِرِ يُطَهِّرُ شِيعَتَنَا مِنْ ذُنُوبِهِمْ فِي الدُّنْيَا- بِمَا يَبْتَلِيهِمْ [بِهِ] مِنَ الْمِحَنِ، وَ بِمَا يَغْفِرُهُ لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ- وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) 80 حَتَّى إِذَا وَرَدُوا الْقِيَامَةَ، تَوَفَّرَتْ عَلَيْهِمْ طَاعَاتُهُمْ وَ عِبَادَاتُهُمْ 81 .
وَ إِنَّ أَعْدَاءَ مُحَمَّدٍ وَ أَعْدَاءَنَا 82 يُجَازِيهِمْ عَلَى طَاعَةٍ تَكُونُ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا- وَ إِنْ كَانَ لَا وَزْنَ لَهَا لِأَنَّهُ لَا إِخْلَاصَ مَعَهَا- حَتَّى إِذَا وَافَوُا الْقِيَامَةَ، حُمِلَتْ عَلَيْهِمْ ذُنُوبُهُمْ وَ بُغْضُهُمْ لِمُحَمَّدٍ ص وَ آلِهِ وَ خِيَارِ أَصْحَابِهِ، فَقُذِفُوا لِذَلِكَ فِي النَّارِ.
وَ لَقَدْ سَمِعْتُ مُحَمَّداً ص يَقُولُ: إِنَّهُ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا مُطِيعٌ [لِلَّهِ مُؤْمِنٌ] وَ الْآخَرُ كَافِرٌ بِهِ مُجَاهِرٌ بِعَدَاوَةِ أَوْلِيَائِهِ وَ مُوَالاةِ أَعْدَائِهِ، وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُلْكٌ عَظِيمٌ فِي قَطْرٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَمَرِضَ الْكَافِرُ فَاشْتَهَى سَمَكَةً فِي غَيْرِ أَوَانِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ الصِّنْفُ مِنَ السَّمَكِ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي اللُّجَجِ حَيْثُ لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ، فَآيَسَتْهُ الْأَطِبَّاءُ مِنْ نَفْسِهِ وَ قَالُوا [لَهُ]: اسْتَخْلِفْ عَلَى مُلْكِكَ مَنْ يَقُومُ بِهِ، فَلَسْتَ 83 بِأَخْلَدَ مِنْ أَصْحَابِ 84
الْقُبُورِ، فَإِنَّ شِفَاءَكَ فِي هَذِهِ السَّمَكَةِ الَّتِي اشْتَهَيْتَهَا، وَ لَا سَبِيلَ إِلَيْهَا.
فَبَعَثَ اللَّهُ مَلَكاً وَ أَمَرَهُ أَنْ يُزْعِجَ [الْبَحْرَ بِ] تِلْكَ السَّمَكَةِ- إِلَى حَيْثُ يُسَهَّلُ أَخْذُهَا فَأُخِذَتْ لَهُ [تِلْكَ السَّمَكَةُ] 85 فَأَكَلَهَا، فَبَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ، وَ بَقِيَ فِي مُلْكِهِ 86 سِنِينَ بَعْدَهَا.
ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الْمُؤْمِنَ مَرِضَ فِي وَقْتٍ- كَانَ جِنْسُ ذَلِكَ السَّمَكِ بِعَيْنِهِ- لَا يُفَارِقُ الشُّطُوطَ الَّتِي يُسَهَّلُ أَخْذُهُ مِنْهَا، مِثْلَ عِلَّةِ الْكَافِرِ، وَ اشْتَهَى تِلْكَ السَّمَكَةَ، وَ وَصَفَهَا لَهُ الْأَطِبَّاءُ.
فَقَالُوا: طِبْ نَفْساً، فَهَذَا أَوَانُهَا تُؤْخَذُ لَكَ فَتَأْكُلُ مِنْهَا، وَ تَبْرَأُ.
فَبَعَثَ اللَّهُ ذَلِكَ الْمَلَكَ- وَ أَمَرَهُ أَنْ يُزْعِجَ جِنْسَ تِلْكَ السَّمَكَةِ [كُلَّهُ] مِنَ الشُّطُوطِ إِلَى اللُّجَجِ- لِئَلَّا يُقْدَرَ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذَ 87 حَتَّى مَاتَ الْمُؤْمِنُ مِنْ شَهْوَتِهِ، لِعَدَمِ دَوَائِهِ.
فَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ- وَ أَهْلُ ذَلِكَ الْبَلَدِ [فِي الْأَرْضِ] حَتَّى كَادُوا يُفْتَنُونَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَهَّلَ عَلَى الْكَافِرِ مَا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، وَ عَسَّرَ عَلَى الْمُؤْمِنِ مَا كَانَ السَّبِيلُ إِلَيْهِ سَهْلًا.
فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ- وَ إِلَى نَبِيِّ ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي الْأَرْضِ: أَنِّي أَنَا اللَّهُ الْكَرِيمُ الْمُتَفَضِّلُ الْقَادِرُ، لَا يَضُرُّنِي مَا أُعْطِي، وَ لَا يَنْفَعُنِي مَا أَمْنَعُ، وَ لَا أَظْلِمُ أَحَداً مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، فَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّمَا سَهَّلْتُ لَهُ أَخْذَ السَّمَكَةِ فِي غَيْرِ أَوَانِهَا، لِيَكُونَ جَزَاءً عَلَى حَسَنَةٍ كَانَ عَمِلَهَا، إِذْ كَانَ حَقّاً عَلَيَّ أَنْ لَا أُبْطِلَ لِأَحَدٍ 88 حَسَنَةً- حَتَّى يَرِدَ الْقِيَامَةَ وَ لَا حَسَنَةَ فِي صَحِيفَتِهِ، وَ يَدْخُلَ النَّارَ بِكُفْرِهِ.
وَ مَنَعْتُ الْعَابِدَ تِلْكَ السَّمَكَةَ بِعَيْنِهَا، لِخَطِيئَةٍ كَانَتْ مِنْهُ أَرَدْتُ تَمْحِيصَهَا عَنْهُ- بِمَنْعِ تِلْكَ الشَّهْوَةِ، [وَ] إِعْدَامِ ذَلِكَ الدَّوَاءِ، لِيَأْتِيَنَّ وَ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ، فَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ.