کتابخانه روایات شیعه
إِلَّا لَهُ، الْمُغِيثِ إِذَا اسْتُغِيثَ، وَ الْمُجِيبِ إِذَا دُعِيَ.
6 قَالَ الْإِمَامُ ع وَ هُوَ مَا قَالَ رَجُلٌ لِلصَّادِقِ ع:
يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى اللَّهِ مَا هُوَ فَقَدْ أَكْثَرَ الْمُجَادِلُونَ عَلَيَّ وَ حَيَّرُونِي.
فَقَالَ [لَهُ] 74 : يَا عَبْدَ اللَّهِ هَلْ رَكِبْتَ سَفِينَةً قَطُّ قَالَ: بَلَى.
فَقَالَ: هَلْ كُسِرَتْ بِكَ- حَيْثُ لَا سَفِينَةَ تُنْجِيكَ وَ لَا سِبَاحَةَ تُغْنِيكَ 75 قَالَ: بَلَى.
قَالَ: فَهَلْ تَعَلَّقَ قَلْبُكَ هُنَالِكَ- أَنَّ شَيْئاً مِنَ الْأَشْيَاءِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُخَلِّصَكَ مِنْ وَرْطَتِكَ قَالَ: بَلَى.
قَالَ الصَّادِقُ ع: فَذَلِكَ الشَّيْءُ هُوَ اللَّهُ- الْقَادِرُ عَلَى الْإِنْجَاءِ حِينَ لَا مُنْجِيَ، وَ عَلَى الْإِغَاثَةِ حِينَ لَا مُغِيثَ 76 .
[الافتتاح بالتسمية عند كل فعل]
7 وَ قَالَ الصَّادِقُ ع وَ لَرُبَّمَا تُرِكَ فِي افْتِتَاحِ أَمْرِ بَعْضِ شِيعَتِنَا « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فَيَمْتَحِنُهُ اللَّهُ بِمَكْرُوهٍ، لِيُنَبِّهَهُ عَلَى شُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَ يَمْحُوَ 77 عَنْهُ وَصْمَةَ تَقْصِيرِهِ- عِنْدَ تَرْكِهِ قَوْلَ: بِسْمِ اللَّهِ [الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ] .
لَقَدْ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ بَيْنَ يَدَيْهِ كُرْسِيٌّ فَأَمَرَهُ بِالْجُلُوسِ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، فَمَالَ بِهِ حَتَّى سَقَطَ عَلَى رَأْسِهِ، فَأَوْضَحَ عَنْ عَظْمِ رَأْسِهِ وَ سَالَ الدَّمُ
فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِمَاءٍ، فَغَسَلَ عَنْهُ ذَلِكَ الدَّمَ.
ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي فَدَنَا مِنْهُ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مُوضِحَتِهِ- وَ قَدْ كَانَ يَجِدُ مِنْ أَلَمِهَا مَا لَا صَبْرَ [لَهُ] مَعَهُ- وَ مَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَ تَفَلَ فِيهَا [فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ فَعَلَ ذَلِكَ] حَتَّى انْدَمَلَ وَ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ قَطُّ- ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: يَا عَبْدَ اللَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ تَمْحِيصَ ذُنُوبِ شِيعَتِنَا فِي الدُّنْيَا بِمِحَنِهِمْ 78 لِتَسْلَمَ [لَهُمْ] 79 طَاعَاتُهُمْ وَ يَسْتَحِقُّوا عَلَيْهَا ثَوَابَهَا.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! [وَ] إِنَّا لَا نُجَازَى بِذُنُوبِنَا إِلَّا فِي الدُّنْيَا قَالَ: نَعَمْ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص: الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَ جَنَّةُ الْكَافِرِ يُطَهِّرُ شِيعَتَنَا مِنْ ذُنُوبِهِمْ فِي الدُّنْيَا- بِمَا يَبْتَلِيهِمْ [بِهِ] مِنَ الْمِحَنِ، وَ بِمَا يَغْفِرُهُ لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ- وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) 80 حَتَّى إِذَا وَرَدُوا الْقِيَامَةَ، تَوَفَّرَتْ عَلَيْهِمْ طَاعَاتُهُمْ وَ عِبَادَاتُهُمْ 81 .
وَ إِنَّ أَعْدَاءَ مُحَمَّدٍ وَ أَعْدَاءَنَا 82 يُجَازِيهِمْ عَلَى طَاعَةٍ تَكُونُ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا- وَ إِنْ كَانَ لَا وَزْنَ لَهَا لِأَنَّهُ لَا إِخْلَاصَ مَعَهَا- حَتَّى إِذَا وَافَوُا الْقِيَامَةَ، حُمِلَتْ عَلَيْهِمْ ذُنُوبُهُمْ وَ بُغْضُهُمْ لِمُحَمَّدٍ ص وَ آلِهِ وَ خِيَارِ أَصْحَابِهِ، فَقُذِفُوا لِذَلِكَ فِي النَّارِ.
وَ لَقَدْ سَمِعْتُ مُحَمَّداً ص يَقُولُ: إِنَّهُ كَانَ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا مُطِيعٌ [لِلَّهِ مُؤْمِنٌ] وَ الْآخَرُ كَافِرٌ بِهِ مُجَاهِرٌ بِعَدَاوَةِ أَوْلِيَائِهِ وَ مُوَالاةِ أَعْدَائِهِ، وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُلْكٌ عَظِيمٌ فِي قَطْرٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَمَرِضَ الْكَافِرُ فَاشْتَهَى سَمَكَةً فِي غَيْرِ أَوَانِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ الصِّنْفُ مِنَ السَّمَكِ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي اللُّجَجِ حَيْثُ لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ، فَآيَسَتْهُ الْأَطِبَّاءُ مِنْ نَفْسِهِ وَ قَالُوا [لَهُ]: اسْتَخْلِفْ عَلَى مُلْكِكَ مَنْ يَقُومُ بِهِ، فَلَسْتَ 83 بِأَخْلَدَ مِنْ أَصْحَابِ 84
الْقُبُورِ، فَإِنَّ شِفَاءَكَ فِي هَذِهِ السَّمَكَةِ الَّتِي اشْتَهَيْتَهَا، وَ لَا سَبِيلَ إِلَيْهَا.
فَبَعَثَ اللَّهُ مَلَكاً وَ أَمَرَهُ أَنْ يُزْعِجَ [الْبَحْرَ بِ] تِلْكَ السَّمَكَةِ- إِلَى حَيْثُ يُسَهَّلُ أَخْذُهَا فَأُخِذَتْ لَهُ [تِلْكَ السَّمَكَةُ] 85 فَأَكَلَهَا، فَبَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ، وَ بَقِيَ فِي مُلْكِهِ 86 سِنِينَ بَعْدَهَا.
ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الْمُؤْمِنَ مَرِضَ فِي وَقْتٍ- كَانَ جِنْسُ ذَلِكَ السَّمَكِ بِعَيْنِهِ- لَا يُفَارِقُ الشُّطُوطَ الَّتِي يُسَهَّلُ أَخْذُهُ مِنْهَا، مِثْلَ عِلَّةِ الْكَافِرِ، وَ اشْتَهَى تِلْكَ السَّمَكَةَ، وَ وَصَفَهَا لَهُ الْأَطِبَّاءُ.
فَقَالُوا: طِبْ نَفْساً، فَهَذَا أَوَانُهَا تُؤْخَذُ لَكَ فَتَأْكُلُ مِنْهَا، وَ تَبْرَأُ.
فَبَعَثَ اللَّهُ ذَلِكَ الْمَلَكَ- وَ أَمَرَهُ أَنْ يُزْعِجَ جِنْسَ تِلْكَ السَّمَكَةِ [كُلَّهُ] مِنَ الشُّطُوطِ إِلَى اللُّجَجِ- لِئَلَّا يُقْدَرَ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذَ 87 حَتَّى مَاتَ الْمُؤْمِنُ مِنْ شَهْوَتِهِ، لِعَدَمِ دَوَائِهِ.
فَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ- وَ أَهْلُ ذَلِكَ الْبَلَدِ [فِي الْأَرْضِ] حَتَّى كَادُوا يُفْتَنُونَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَهَّلَ عَلَى الْكَافِرِ مَا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، وَ عَسَّرَ عَلَى الْمُؤْمِنِ مَا كَانَ السَّبِيلُ إِلَيْهِ سَهْلًا.
فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ- وَ إِلَى نَبِيِّ ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي الْأَرْضِ: أَنِّي أَنَا اللَّهُ الْكَرِيمُ الْمُتَفَضِّلُ الْقَادِرُ، لَا يَضُرُّنِي مَا أُعْطِي، وَ لَا يَنْفَعُنِي مَا أَمْنَعُ، وَ لَا أَظْلِمُ أَحَداً مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، فَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّمَا سَهَّلْتُ لَهُ أَخْذَ السَّمَكَةِ فِي غَيْرِ أَوَانِهَا، لِيَكُونَ جَزَاءً عَلَى حَسَنَةٍ كَانَ عَمِلَهَا، إِذْ كَانَ حَقّاً عَلَيَّ أَنْ لَا أُبْطِلَ لِأَحَدٍ 88 حَسَنَةً- حَتَّى يَرِدَ الْقِيَامَةَ وَ لَا حَسَنَةَ فِي صَحِيفَتِهِ، وَ يَدْخُلَ النَّارَ بِكُفْرِهِ.
وَ مَنَعْتُ الْعَابِدَ تِلْكَ السَّمَكَةَ بِعَيْنِهَا، لِخَطِيئَةٍ كَانَتْ مِنْهُ أَرَدْتُ تَمْحِيصَهَا عَنْهُ- بِمَنْعِ تِلْكَ الشَّهْوَةِ، [وَ] إِعْدَامِ ذَلِكَ الدَّوَاءِ، لِيَأْتِيَنَّ وَ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ، فَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَفَدْتَنِي وَ عَلَّمْتَنِي، فَإِنْ رَأَيْتَ 89 أَنْ
تُعَرِّفَنِي ذَنْبِيَ الَّذِي امْتُحِنْتُ بِهِ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ، حَتَّى لَا أَعُودَ إِلَى مِثْلِهِ.
قَالَ: تَرْكُكَ حِينَ جَلَسْتَ أَنْ تَقُولَ: « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فَجَعَلَ 90 اللَّهُ ذَلِكَ لِسَهْوِكَ عَمَّا نُدِبْتَ إِلَيْهِ- تَمْحِيصاً بِمَا أَصَابَكَ.
أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص حَدَّثَنِي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُذْكَرْ «بِسْمِ اللَّهِ» 91 فِيهِ فَهُوَ أَبْتَرُ. فَقُلْتُ: بَلَى بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي لَا أَتْرُكُهَا بَعْدَهَا.
قَالَ: إِذاً تُحْصَنُ 92 بِذَلِكَ وَ تَسْعَدُ.
ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَفْسِيرُ « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ أَوْ يَعْمَلَ عَمَلًا [وَ] يَقُولُ: [بِسْمِ اللَّهِ أَيْ: بِهَذَا الِاسْمِ أَعْمَلُ هَذَا الْعَمَلَ.
فَكُلُّ أَمْرٍ 93 يَعْمَلُهُ- يَبْدَأُ فِيهِ بِ] 94 « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فَإِنَّهُ يُبَارَكُ لَهُ فِيهِ..
95
8 قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ ع دَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ [عَلِيِّ بْنِ] 96 مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ع وَ هُوَ كَئِيبٌ حَزِينٌ فَقَالَ لَهُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع: مَا بَالُكَ مَهْمُوماً مَغْمُوماً قَالَ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هُمُومٌ وَ غُمُومٌ تَتَوَالَى عَلَيَّ- لِمَا امْتُحِنْتُ [بِهِ] مِنْ جِهَةِ حُسَّادِ (نِعْمَتِي، وَ الطَّامِعِينَ) 97 فِيَّ، وَ مِمَّنْ أَرْجُوهُ وَ مِمَّنْ قَدْ أَحْسَنْتُ إِلَيْهِ فَيَخْلُفُ ظَنِّي.
فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ [زَيْنُ الْعَابِدِينَ] ع: احْفَظْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ تَمْلِكْ بِهِ إِخْوَانَكَ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْهِمْ بِمَا يَبْدُرُ مِنْ كَلَامِي.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ- إِيَّاكَ وَ أَنْ تُعْجَبَ مِنْ نَفْسِكَ بِذَلِكَ وَ إِيَّاكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِمَا يَسْبِقُ إِلَى الْقُلُوبِ إِنْكَارُهُ، وَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ اعْتِذَارُهُ، فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ تُسْمِعُهُ 98 نُكْراً أَمْكَنَكَ أَنْ تُوَسِّعَهُ عُذْراً.
ثُمَّ قَالَ: يَا زُهْرِيُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَقْلُهُ مِنْ أَكْمَلِ مَا فِيهِ، كَانَ هَلَاكُهُ مِنْ أَيْسَرِ مَا فِيهِ.
ثُمَّ قَالَ: يَا زُهْرِيُّ وَ مَا عَلَيْكَ أَنْ 99 تَجْعَلَ الْمُسْلِمِينَ [مِنْكَ] بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ بَيْتِكَ فَتَجْعَلَ كَبِيرَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ وَالِدِكَ، وَ تَجْعَلَ صَغِيرَهُمْ [مِنْكَ] بِمَنْزِلَةِ وَلَدِكَ، وَ تَجْعَلَ تِرْبَكَ 100 مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَخِيكَ، فَأَيَّ هَؤُلَاءِ تُحِبُّ أَنْ تَظْلِمَ وَ أَيُّ هَؤُلَاءِ تُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ عَلَيْهِ وَ أَيُّ هَؤُلَاءِ تُحِبُّ أَنْ تَهْتِكَ سِتْرَهُ.
وَ إِنْ عَرَضَ لَكَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ- بِأَنَّ لَكَ فَضْلًا عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ- فَانْظُرْ إِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْكَ فَقُلْ: قَدْ سَبَقَنِي بِالْإِيمَانِ وَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَ إِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْكَ، فَقُلْ: قَدْ سَبَقْتُهُ بِالْمَعَاصِي وَ الذُّنُوبِ فَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَ إِنْ كَانَ تِرْبُكَ فَقُلْ: أَنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ ذَنْبِي، وَ فِي شَكٍّ مِنْ أَمْرِهِ، فَمَا لِي أَدَعُ يَقِينِي لِشَكِّي 101 وَ إِنْ رَأَيْتَ الْمُسْلِمِينَ يُعَظِّمُونَكَ وَ يُوَقِّرُونَكَ وَ يُبَجِّلُونَكَ- فَقُلْ: هَذَا فَضْلٌ أَحْدَثُوهُ 102 وَ إِنْ رَأَيْتَ مِنْهُمْ (جَفَاءً وَ انْقِبَاضاً عَنْكَ- فَقُلْ: هَذَا الَّذِي) 103 أَحْدَثْتُهُ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ، سَهَّلَ اللَّهُ عَلَيْكَ عَيْشَكَ، وَ كَثُرَ أَصْدِقَاؤُكَ، وَ قَلَّ أَعْدَاؤُكَ، وَ فَرِحْتَ بِمَا يَكُونُ مِنْ بِرِّهِمْ، وَ لَمْ تَأْسَفْ عَلَى مَا يَكُونُ مِنْ جَفَائِهِمْ.
وَ اعْلَمْ: أَنَّ أَكْرَمَ النَّاسِ عَلَى النَّاسِ- مَنْ كَانَ خَيْرُهُ عَلَيْهِمْ فَائِضاً، وَ كَانَ عَنْهُمْ مُسْتَغْنِياً مُتَعَفِّفاً، وَ أَكْرَمُ النَّاسِ بَعْدَهُ عَلَيْهِمْ مَنْ كَانَ عَنْهُمْ مُتَعَفِّفاً، وَ إِنْ كَانَ إِلَيْهِمْ مُحْتَاجاً، فَإِنَّمَا أَهْلُ الدُّنْيَا (يَعْشَقُونَ الْأَمْوَالَ) 104 ، فَمَنْ لَمْ يُزَاحِمْهُمْ فِيمَا يَعْشَقُونَهُ كَرُمَ عَلَيْهِمْ، وَ مَنْ لَمْ يُزَاحِمْهُمْ فِيهَا وَ مَكَّنَهُمْ مِنْهَا أَوْ مِنْ بَعْضِهَا- كَانَ أَعَزَّ [عَلَيْهِمْ] وَ أَكْرَمَ. 105 .
9 قَالَ ع ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ:
يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَا مَعْنَى «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّ رَجُلًا قَامَ إِلَيْهِ- فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنْ بِسْمِ «اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» مَا مَعْنَاهُ فَقَالَ ع: إِنَّ قَوْلَكَ: «اللَّهِ» أَعْظَمُ الْأَسْمَاءِ 106 مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى- وَ هُوَ الِاسْمُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَسَمَّى بِهِ غَيْرُ اللَّهِ، وَ لَمْ يَتَسَمَّ بِهِ مَخْلُوقٌ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: فَمَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: «اللَّهِ» فَقَالَ ع: هُوَ الَّذِي يَتَأَلَّهُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْحَوَائِجِ 107 وَ الشَّدَائِدِ- كُلُّ مَخْلُوقٍ، عِنْدَ انْقِطَاعِ الرَّجَاءِ مِنْ جَمِيعِ مَنْ دُونَهُ، وَ تَقَطُّعِ الْأَسْبَابِ مِنْ كُلِّ مَنْ سِوَاهُ وَ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مُتَرَئِّسٍ 108 فِي هَذِهِ الدُّنْيَا أَوْ مُتَعَظِّمٍ فِيهَا، وَ إِنْ عَظُمَ غَنَاؤُهُ وَ طُغْيَانُهُ وَ 109 كَثُرَتْ حَوَائِجُ مَنْ دُونَهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُمْ سَيَحْتَاجُونَ حَوَائِجَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا هَذَا الْمُتَعَاظِمُ.
وَ كَذَلِكَ هَذَا الْمُتَعَاظِمُ يَحْتَاجُ حَوَائِجَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا- فَيَنْقَطِعُ إِلَى اللَّهِ عِنْدَ ضَرُورَتِهِ وَ فَاقَتِهِ، حَتَّى إِذَا كُفِيَ هَمَّهُ، عَادَ إِلَى شِرْكِهِ. أَ مَا تَسْمَعُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ:
صادِقِينَ- بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ- وَ تَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ» 110 فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ: أَيُّهَا الْفُقَرَاءُ إِلَى رَحْمَتِي- إِنِّي قَدْ أَلْزَمْتُكُمُ الْحَاجَةَ إِلَيَّ فِي كُلِّ حَالٍ، وَ ذِلَّةَ الْعُبُودِيَّةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، فَإِلَيَّ فَافْزَعُوا فِي كُلِّ أَمْرٍ تَأْخُذُونَ بِهِ وَ تَرْجُونَ تَمَامَهُ، وَ بُلُوغَ غَايَتِهِ، فَإِنِّي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أُعْطِيَكُمْ لَمْ يَقْدِرْ غَيْرِي عَلَى مَنْعِكُمْ وَ إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَمْنَعَكُمْ لَمْ يَقْدِرْ غَيْرِي عَلَى إِعْطَائِكُمْ [فَأَنَا أَحَقُّ مَنْ سُئِلَ، وَ أَوْلَى مَنْ تُضُرِّعَ إِلَيْهِ] فَقُولُوا عِنْدَ افْتِتَاحِ كُلِّ أَمْرٍ عَظِيمٍ أَوْ صَغِيرٍ:
« بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » أَيْ أَسْتَعِينُ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ بِاللَّهِ الَّذِي لَا تَحِقُّ الْعِبَادَةُ لِغَيْرِهِ، الْمُغِيثِ إِذَا اسْتُغِيثَ، [وَ] الْمُجِيبِ إِذَا دُعِيَ «الرَّحْمَنِ» الَّذِي يَرْحَمُ بِبَسْطِ 111 الرِّزْقِ عَلَيْنَا «الرَّحِيمِ» بِنَا فِي أَدْيَانِنَا وَ دُنْيَانَا وَ آخِرَتِنَا: خَفَّفَ اللَّهُ عَلَيْنَا الدِّينَ، وَ جَعَلَهُ سَهْلًا خَفِيفاً، وَ هُوَ يَرْحَمُنَا بِتَمْيِيزِنَا مِنْ أَعْدَائِهِ.