کتابخانه روایات شیعه
اللَّهِ، وَ أَنَّ أَعْدَاءَهُ أَعْدَاءُ اللَّهِ، وَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُشَارِكِينَ لَكَ فِيمَا كَلَّفْتُكَ، الْمُسَاعِدِينَ لَكَ عَلَى مَا بِهِ أَمَرْتُكَ- خَيْرُ 921 أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ص وَ صَفْوَةُ شِيعَةِ عَلِيٍّ ع.
[الْأَمْرُ بِالْمُوَاسَاةِ مَعَ الْإِخْوَانِ:]
1 وَ آمُرُكَ أَنْ تُوَاسِيَ 922 إِخْوَانَكَ [الْمُؤْمِنِينَ] الْمُطَابِقِينَ لَكَ عَلَى تَصْدِيقِ مُحَمَّدٍ ص وَ تَصْدِيقِي وَ الِانْقِيَادِ لَهُ وَ لِي، مِمَّا 923 رَزَقَكَ اللَّهُ وَ فَضَّلَكَ عَلَى مَنْ فَضَّلَكَ بِهِ مِنْهُمْ، تَسُدُّ فَاقَتَهُمْ، وَ تَجْبُرُ كَسْرَهُمْ وَ خَلَّتَهُمْ، وَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي دَرَجَتِكَ فِي 924 الْإِيمَانِ- سَاوَيْتَهُ 925 فِي مَالِكَ بِنَفْسِكَ، وَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فَاضِلًا عَلَيْكَ فِي دِينِكَ، آثَرْتَهُ بِمَالِكَ عَلَى نَفْسِكَ حَتَّى يَعْلَمَ اللَّهُ مِنْكَ أَنَّ دِينَهُ آثَرُ عِنْدَكَ مِنْ مَالِكَ، وَ أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ أَكْرَمُ عَلَيْكَ مِنْ أَهْلِكَ وَ عِيَالِكَ.
وَ آمُرُكَ أَنْ تَصُونَ دِينَكَ وَ عِلْمَنَا الَّذِي أَوْدَعْنَاكَ- وَ أَسْرَارَنَا الَّتِي حَمَلْنَاكَ، فَلَا تُبْدِ عُلُومَنَا لِمَنْ يُقَابِلُهَا بِالْعِنَادِ، وَ يُقَابِلُكَ مِنْ أَجْلِهَا بِالشَّتْمِ وَ اللَّعْنِ- وَ التَّنَاوُلِ مِنَ الْعِرْضِ وَ الْبَدَنِ 926 وَ لَا تُفْشِ سِرَّنَا إِلَى مَنْ يُشَنِّعُ عَلَيْنَا- عِنْدَ الْجَاهِلِينَ بِأَحْوَالِنَا، وَ يَعْرِضُ 927 أَوْلِيَاءَنَا لِنَوَادِرِ 928 الْجُهَّالِ.
[الْأَمْرُ بِالتَّقِيَّةِ:]
1 وَ آمُرُكَ أَنْ تَسْتَعْمِلَ التَّقِيَّةَ فِي دِينِكَ- فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ- إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً 929 .
وَ قَدْ أَذِنْتُ لَكَ فِي تَفْضِيلِ أَعْدَائِنَا عَلَيْنَا- إِنْ أَلْجَأَكَ الْخَوْفُ إِلَيْهِ [وَ] فِي إِظْهَارِ الْبَرَاءَةِ مِنَّا إِنْ حَمَلَكَ الْوَجَلُ عَلَيْهِ [وَ] فِي تَرْكِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ- إِذَا خَشِيتَ عَلَى حُشَاشَتِكَ 930 الْآفَاتِ وَ الْعَاهَاتِ، فَإِنَّ تَفْضِيلَكَ أَعْدَاءَنَا عَلَيْنَا عِنْدَ خَوْفِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ وَ لَا يَضُرُّنَا، وَ إِنَّ إِظْهَارَكَ بَرَاءَتَكَ مِنَّا عِنْدَ تَقِيَّتِكَ- لَا يَقْدَحُ فِينَا وَ لَا يَنْقُصُنَا، وَ لَئِنْ تَتَبَرَّأْ مِنَّا سَاعَةً بِلِسَانِكَ وَ أَنْتَ مُوَالٍ لَنَا 931 بِجَنَانِكَ- لِتُبْقِيَ عَلَى نَفْسِكَ رُوحَهَا الَّتِي بِهَا قِوَامُكَ وَ مَالَكَ 932 الَّذِي بِهِ قِوَامُهَا، 933 وَ جَاهَهَا الَّذِي بِهِ تَمَاسُكُهَا، وَ تَصُونَ مَنْ عُرِفَ بِكَ وَ عَرَفْتَ بِهِ مِنْ أَوْلِيَائِنَا وَ إِخْوَانِنَا وَ أَخَوَاتِنَا- مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ بِشُهُورٍ وَ سِنِينَ إِلَى أَنْ تَنْفَرِجَ تِلْكَ الْكُرْبَةُ وَ تَزُولَ [بِهِ] تِلْكَ الْغُمَّةُ 934 فَإِنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ تَتَعَرَّضَ لِلْهَلَاكِ، وَ تَنْقَطِعَ بِهِ عَنْ عَمَلٍ فِي الدِّينِ وَ صَلَاحِ إِخْوَانِكَ الْمُؤْمِنِينَ.
وَ إِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ أَنْ تَتْرُكَ التَّقِيَّةَ الَّتِي أَمَرْتُكَ بِهَا، فَإِنَّكَ شَائِطٌ بِدَمِكَ وَ دِمَاءِ إِخْوَانِكَ مُعَرِّضٌ لِنِعْمَتِكَ وَ نِعْمَتِهِمْ لِلزَّوَالِ، مُذِلٌّ لَهُمْ 935 فِي أَيْدِي أَعْدَاءِ دِينِ اللَّهِ، وَ قَدْ أَمَرَكَ اللَّهُ بِإِعْزَازِهِمْ 936 فَإِنَّكَ إِنْ خَالَفْتَ وَصِيَّتِي- كَانَ ضَرَرُكَ عَلَى نَفْسِكَ وَ إِخْوَانِكَ- أَشَدَّ مِنْ ضَرَرِ النَّاصِبِ لَنَا الْكَافِرِ بِنَا 937 .
[حَدِيثُ تَكَلُّمِ الذِّرَاعِ الْمَسْمُومَةِ مَعَ النَّبِيِّ ص:]
85 وَ أَمَّا كَلَامُ الذِّرَاعِ الْمَسْمُومَةِ- فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا رَجَعَ مِنْ خَيْبَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ أَظْهَرَتِ الْإِيمَانَ، وَ مَعَهَا ذِرَاعٌ مَسْمُومَةٌ مَشْوِيَّةٌ فَوَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: مَا هَذِهِ! قَالَتْ لَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ هَمَّنِي أَمْرُكَ فِي خُرُوجِكَ إِلَى خَيْبَرَ، فَإِنِّي عَلِمْتُهُمْ رِجَالًا جَلْداً، وَ هَذَا حَمَلٌ كَانَ لِي رَبَّيْتُهُ أَعُدُّهُ كَالْوَلَدِ لِي، وَ عَلِمْتُ أَنَّ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْكَ الشِّوَاءُ، وَ أَحَبَّ الشِّوَاءِ إِلَيْكَ الذِّرَاعُ، فَنَذَرْتُ لِلَّهِ لَئِنْ [سَلَّمَكَ اللَّهُ مِنْهُمْ لَأَذْبَحَنَّهُ- وَ لَأُطْعِمَنَّكَ مِنْ شِوَاءِ ذِرَاعِهِ، وَ الْآنَ فَقَدْ] سَلَّمَكَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَ أَظْفَرَكَ بِهِمْ، فَجِئْتُ بِهَذَا لِأَفِيَ بِنَذْرِي. وَ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ 938 وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص:
ايتُوا بِخُبْزٍ. فَأُتِيَ بِهِ فَمَدَّ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ يَدَهُ- وَ أَخَذَ مِنْهُ لُقْمَةً فَوَضَعَهَا فِي فِيهِ.
فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع: يَا بَرَاءُ لَا تَتَقَدَّمْ [عَلَى] رَسُولِ اللَّهِ ص.
فَقَالَ لَهُ الْبَرَاءُ وَ كَانَ أَعْرَابِيّاً-: يَا عَلِيُّ كَأَنَّكَ تُبَخِّلُ رَسُولَ اللَّهِ ص! فَقَالَ عَلِيٌّ ع: مَا أُبَخِّلُ رَسُولَ اللَّهِ ص، وَ لَكِنِّي أُبَجِّلُهُ وَ أُوَقِّرُهُ، لَيْسَ لِي وَ لَا لَكَ وَ لَا لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ- أَنْ يَتَقَدَّمَ رَسُولَ اللَّهِ ص بِقَوْلٍ، وَ لَا فِعْلٍ، وَ لَا أَكْلٍ وَ لَا شُرْبٍ.
فَقَالَ الْبَرَاءُ: مَا أُبَخِّلُ رَسُولَ اللَّهِ ص.
فَقَالَ عَلِيٌّ ع: مَا لِذَلِكَ قُلْتُ، وَ لَكِنْ هَذَا جَاءَتْ بِهِ هَذِهِ وَ كَانَتْ يَهُودِيَّةً، وَ لَسْنَا نَعْرِفُ حَالَهَا، فَإِذَا أَكَلْتَهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَهُوَ الضَّامِنُ لِسَلَامَتِكَ مِنْهُ، وَ إِذَا أَكَلْتَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وُكِلْتَ 939 إِلَى نَفْسِكَ.
يَقُولُ عَلِيٌّ ع هَذَا وَ الْبَرَاءُ يَلُوكُ اللُّقْمَةَ- إِذْ أَنْطَقَ اللَّهُ الذِّرَاعَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَأْكُلْنِي فَإِنِّي مَسْمُومَةٌ- وَ سَقَطَ الْبَرَاءُ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، وَ لَمْ يُرْفَعْ إِلَّا مَيِّتاً.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: ايتُونِي بِالْمَرْأَةِ. فَأُتِيَ بِهَا، فَقَالَ لَهَا: مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ فَقَالَتْ: وَتَرْتَنِي وَتْراً عَظِيماً: قَتَلْتَ أَبِي وَ عَمِّي وَ أَخِي وَ زَوْجِي وَ ابْنِي- فَفَعَلْتُ هَذَا وَ قُلْتُ: إِنْ كَانَ مَلِكاً فَسَأَنْتَقِمُ مِنْهُ، وَ إِنْ كَانَ نَبِيّاً كَمَا يَقُولُ، وَ قَدْ وُعِدَ فَتْحَ مَكَّةَ وَ النَّصْرَ 940 وَ الظَّفَرَ، فَسَيَمْنَعُهُ 941 اللَّهُ وَ يَحْفَظُهُ مِنْهُ وَ لَنْ يَضُرَّهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ لَقَدْ صَدَقْتِ. ثُمَّ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص: لَا يَضُرُّكِ مَوْتُ الْبَرَاءِ فَإِنَّمَا امْتَحَنَهُ اللَّهُ لِتَقَدُّمِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ لَوْ كَانَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ أَكَلَ مِنْهُ لَكُفِيَ شَرَّهُ وَ سَمَّهُ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: ادْعُ لِي فُلَاناً [وَ فُلَاناً] وَ ذَكَرَ قَوْماً مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِهِ- مِنْهُمْ سَلْمَانُ وَ الْمِقْدَادُ وَ عَمَّارٌ وَ صُهَيْبٌ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ بِلَالٌ وَ قَوْمٌ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ تَمَامُ عَشَرَةٍ وَ عَلِيٌّ ع حَاضِرٌ مَعَهُمْ.
فَقَالَ ص: اقْعُدُوا وَ تَحَلَّقُوا عَلَيْهِ. فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَدَهُ عَلَى الذِّرَاعِ الْمَسْمُومَةِ وَ نَفَثَ عَلَيْهِ، وَ قَالَ: «
[ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* ]
بِسْمِ اللَّهِ الشَّافِي، بِسْمِ اللَّهِ الْكَافِي، بِسْمِ اللَّهِ الْمُعَافِي، بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ، وَ لَا دَاءٌ- فِي الْأَرْضِ، وَ لَا فِي السَّمَاءِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ*» .
ثُمَّ قَالَ ص: كُلُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ. فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص، وَ أَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَ
شَرِبُوا عَلَيْهِ الْمَاءَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُبِسَتْ.
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي جِيءَ 942 بِهَا- فَقَالَ ص: أَ لَيْسَ هَؤُلَاءِ أَكَلُوا [ذَلِكِ] السَّمَّ بِحَضْرَتِكِ فَكَيْفَ رَأَيْتِ دَفْعَ اللَّهِ عَنْ نَبِيِّهِ وَ صَحَابَتِهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتُ إِلَى الْآنَ فِي نُبُوَّتِكَ شَاكَّةً، وَ الْآنَ فَقَدْ أَيْقَنْتُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَقّاً، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّكَ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ [حَقّاً] وَ حَسُنَ إِسْلَامُهَا 943 .
86 قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع: وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا حُمِلَتْ إِلَيْهِ جِنَازَةُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ ذَهَبَ فِي حَاجَةِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى قُبَا.
فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ لَا تُصَلِّي عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَنِي أَنْ أُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ- إِلَى أَنْ يَحْضُرَ [هُ] عَلِيٌّ، فَيَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ مِمَّا كَلَّمَهُ بِهِ بِحَضْرَةِ 944 رَسُولِ اللَّهِ لِيَجْعَلَ اللَّهُ مَوْتَهُ بِهَذَا السَّمِّ كَفَّارَةً لَهُ. فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ حَضَرَ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ شَاهَدَ الْكَلَامَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الْبَرَاءُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ مَزْحاً مَازَحَ بِهِ عَلِيّاً ع لَمْ يَكُنْ مِنْهُ جِدّاً فَيُؤَاخِذَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ جِدّاً- لَأَحْبَطَ اللَّهُ تَعَالَى أَعْمَالَهُ كُلَّهَا، وَ لَوْ كَانَ تَصَدَّقَ بِمِلْءِ مَا بَيْنَ الثَّرَى إِلَى الْعَرْشِ ذَهَباً وَ فِضَّةً، وَ لَكِنَّهُ كَانَ مَزْحاً، وَ هُوَ فِي حِلٍّ مِنْ 945 ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُرِيدُ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ- أَنَّ عَلِيّاً وَاجِدٌ 946 عَلَيْهِ، فَيُجَدِّدَ بِحَضْرَتِكُمْ إِحْلَالَهُ 947 وَ يَسْتَغْفِرَ لَهُ- لِيَزِيدَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ قُرْبَةً وَ رِفْعَةً فِي جِنَانِهِ 948 .
فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ حَضَرَ عَلِيٌّ ع، فَوَقَفَ قُبَالَةَ الْجِنَازَةِ وَ قَالَ:
رَحِمَكَ اللَّهُ يَا بَرَاءُ فَلَقَدْ كُنْتَ صَوَّاماً [قَوَّاماً] وَ لَقَدْ مِتَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنَ الْمَوْتَى يَسْتَغْنِي عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ لَاسْتَغْنَى صَاحِبُكُمْ هَذَا بِدُعَاءِ عَلِيٍّ ع [لَهُ] 949 ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَ دُفِنَ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ وَ قَعَدَ فِي الْعَزَاءِ قَالَ: أَنْتُمْ يَا أَوْلِيَاءَ الْبَرَاءِ 950 بِالتَّهْنِئَةِ أَوْلَى مِنْكُمْ بِالتَّعْزِيَةِ لِأَنَّ صَاحِبَكُمْ عُقِدَ لَهُ فِي الْحُجُبِ قِبَابٌ- مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَ بِالْحُجُبِ كُلِّهَا إِلَى الْكُرْسِيِّ إِلَى سَاقِ الْعَرْشِ لِرُوحِهِ الَّتِي عُرِجَ بِهَا فِيهَا، ثُمَّ ذَهَبَ بِهَا إِلَى رَوْضِ 951 الْجِنَانِ، وَ تَلَقَّاهَا كُلُّ مَنْ كَانَ [فِيهَا] 952 مِنْ خُزَّانِهَا، وَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ 953 كُلُّ مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ حُورِ حِسَانِهَا.
وَ قَالُوا بِأَجْمَعِهِمْ لَهُ 954 طُوبَاكَ [طُوبَاكَ] يَا رُوحَ الْبَرَاءِ، انْتَظَرَ عَلَيْكَ 955 رَسُولُ اللَّهِ ص عَلِيّاً ع حَتَّى تَرَحَّمَ عَلَيْكَ عَلِيٌّ وَ اسْتَغْفَرَ لَكَ، أَمَا إِنَّ حَمَلَةَ (عَرْشِ رَبِّنَا حَدَّثُونَا) 956 عَنْ رَبِّنَا أَنَّهُ قَالَ: يَا عَبْدِيَ الْمَيِّتَ فِي سَبِيلِي، وَ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ 957 مِنَ الذُّنُوبِ بِعَدَدِ الْحَصَى وَ الثَّرَى، وَ قَطْرِ الْمَطَرِ وَ وَرَقِ الشَّجَرِ، وَ عَدَدِ شُعُورِ الْحَيَوَانَاتِ- وَ لَحَظَاتِهِمْ وَ أَنْفَاسِهِمْ وَ حَرَكَاتِهِمْ وَ سَكَنَاتِهِمْ، لَكَانَتْ مَغْفُورَةً بِدُعَاءِ عَلِيٍّ لَكَ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: فَتَعَرَّضُوا يَا عِبَادَ اللَّهِ لِدُعَاءِ عَلِيٍّ لَكُمْ، وَ لَا تَتَعَرَّضُوا لِدُعَاءِ عَلِيٍّ ع عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ مَنْ دَعَا عَلَيْهِ أَهْلَكَهُ اللَّهُ، وَ لَوْ كَانَتْ حَسَنَاتُهُ عَدَدَ مَا خَلَقَ اللَّهُ كَمَا أَنَّ مَنْ دَعَا لَهُ أَسْعَدَهُ [اللَّهُ] وَ لَوْ كَانَتْ سَيِّئَاتُهُ [بِعَدَدِ] عَدَدَ مَا خَلَقَ اللَّهُ 958 .
[كَلَامُ الذِّئْبِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص:]
87 وَ أَمَّا كَلَامُ الذِّئْبِ لَهُ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ جَالِساً ذَاتَ يَوْمٍ- إِذْ جَاءَهُ رَاعٍ تَرْتَعِدُ فَرَائِصُهُ قَدِ اسْتَفْزَعَهُ الْعَجَبُ، فَلَمَّا رَآهُ [رَسُولُ اللَّهِ ص] مِنْ بَعِيدٍ قَالَ لِأَصْحَابِهِ:
إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا شَأْناً عَجِيباً. فَلَمَّا وَقَفَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص: حَدِّثْنَا بِمَا أَزْعَجَكَ.
قَالَ الرَّاعِي: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْرٌ عَجِيبٌ! كُنْتُ فِي غَنَمِي إِذْ جَاءَ 959 ذِئْبٌ فَحَمَلَ حَمَلًا فَرَمَيْتُهُ بِمِقْلَاعِي فَانْتَزَعْتُهُ مِنْهُ.
ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، 960 فَتَنَاوَلَ مِنْهُ حَمَلًا- فَرَمَيْتُهُ بِمِقْلَاعِي فَانْتَزَعْتُهُ مِنْهُ [ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ فَتَنَاوَلَ حَمَلًا- فَرَمَيْتُهُ، بِمِقْلَاعِي فَانْتَزَعْتُهُ] 961 [ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَتَنَاوَلَ حَمَلًا- فَرَمَيْتُهُ بِمِقْلَاعِي فَانْتَزَعْتُهُ مِنْهُ] ثُمَّ جَاءَ الْخَامِسَةَ هُوَ وَ أُنْثَاهُ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَ 962 حَمَلًا- فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ فَأَقْعَى عَلَى ذَنَبِهِ وَ قَالَ.
أَ مَا تَسْتَحْيِي [أَنْ] تَحُولَ بَيْنِي وَ بَيْنَ رِزْقٍ- قَدْ قَسَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِي. أَ فَمَا أَحْتَاجُ أَنَا إِلَى غِذَاءٍ أَتَغَذَّى بِهِ فَقُلْتُ: مَا أَعْجَبَ هَذَا! ذِئْبٌ أَعْجَمُ يُكَلِّمُنِي [بِكَلَامِ] كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ.