کتابخانه روایات شیعه
الْكَلَامِ الَّذِي فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ! فَلَمَّا قَضَى الْخُطْبَةَ وَ الصَّلَاةَ قَالُوا: مَا قَوْلُكَ فِي خُطْبَتِكَ يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ فَقَالَ: اعْلَمُوا أَنِّي- وَ أَنَا أَخْطُبُ- رَمَيْتُ بِبَصَرِي نَحْوَ النَّاحِيَةِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا إِخْوَانُكُمْ- إِلَى غَزْوِ الْكَافِرِينَ بِنَهَاوَنْدَ، وَ عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَفَتَحَ اللَّهُ لِيَ الْأَسْتَارَ وَ الْحُجُبَ، وَ قَوَّى بَصَرِي حَتَّى رَأَيْتُهُمْ- وَ قَدِ اصْطَفُّوا بَيْنَ يَدَيْ جَبَلٍ هُنَاكَ، وَ قَدْ جَاءَ بَعْضُ الْكُفَّارِ لِيَدُورُوا خَلْفَ سَارِيَةَ، 2743 وَ سَائِرِ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيُحِيطُوا بِهِمْ فَيَقْتُلُوهُمْ، فَقُلْتُ «يَا سَارِيَةُ، الْجَبَلَ» لِيَلْتَجِئَ إِلَيْهِ- فَيَمْنَعَهُمْ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يُحِيطُوا بِهِ ثُمَّ يُقَاتِلُوا، وَ مَنَعَ اللَّهُ إِخْوَانَكُمُ الْمُؤْمِنِينَ أَكْتَافَ الْكَافِرِينَ 2744 وَ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِلَادَهُمْ، فَاحْفَظْ هَذَا الْوَقْتَ فَسَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْخَبَرَ بِذَلِكَ.
وَ كَانَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَ نَهَاوَنْدَ 2745 مَسِيرَةُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ يَوْماً.
قَالَ الْبَاقِرُ ع: فَإِذَا كَانَ هَذَا لِعُمَرَ فَكَيْفَ لَا يَكُونُ مِثْلُ هَذَا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ لَكِنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يُنْصِفُونَ، بَلْ يُكَابِرُونَ.
ثُمَّ عَادَ الْبَاقِرُ ع إِلَى حَدِيثِهِ. عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع قَالَ: فَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى يَرْفَعُ الْبِقَاعَ- الَّتِي عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ ص وَ يَسِيرُ فِيهَا، لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع حَتَّى يُشَاهِدَهُمْ عَلَى أَحْوَالِهِمْ.
قَالَ عَلِيٌّ ع: وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ كُلَّمَا أَرَادَ غَزْوَةً- وَرَّى بِغَيْرِهَا إِلَّا غَزَاةَ
تَبُوكَ، فَإِنَّهُ عَرَّفَهُمْ أَنَّهُ يُرِيدُهَا! وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَزَوَّدُوا لَهَا 2746 فَتَزَوَّدُوا لَهَا دَقِيقاً يَخْتَبِزُونَهُ فِي طَرِيقِهِمْ، وَ لَحْماً مَالِحاً وَ عَسَلًا وَ تَمْراً، وَ كَانَ زَادُهُمْ كَثِيراً، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ حَثَّهُمْ عَلَى التَّزَوُّدِ- لِبُعْدِ الشُّقَّةِ 2747 وَ صُعُوبَةِ الْمَفَاوِزِ، وَ قِلَّةِ مَا بِهَا مِنَ الْخَيْرَاتِ.
فَسَارُوا أَيَّاماً، وَ عَتَقَ طَعَامُهُمْ، وَ ضَاقَتْ مِنْ بَقَايَاهُ صُدُورُهُمْ، فَأَحَبُّوا طَعَاماً طَرِيّاً فَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ سَئِمْنَا هَذَا الَّذِي مَعَنَا مِنَ الطَّعَامِ، فَقَدْ عَتَقَ وَ صَارَ يَابِساً 2748 وَ كَانَ يُرِيحُ 2749 وَ لَا صَبْرَ لَنَا عَلَيْهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: «وَ مَا مَعَكُمْ» قَالُوا: خُبْزٌ وَ لَحْمٌ قَدِيدٌ مَالِحٌ وَ عَسَلٌ وَ تَمْرٌ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: فَأَنْتُمُ الْآنَ كَقَوْمِ مُوسَى لَمَّا قَالُوا لَهُ لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ ، فَمَا الَّذِي تُرِيدُونَ قَالُوا: نُرِيدُ لَحْماً طَرِيّاً قَدِيداً، وَ لَحْماً مَشْوِيّاً مِنْ لُحُومِ الطَّيْرِ، وَ مِنَ الْحَلْوَاءِ الْمَعْمُولِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: وَ لَكِنَّكُمْ تُخَالِفُونَ فِي هَذِهِ الْوَاحِدَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا الْبَقْلَ وَ الْقِثَّاءَ- وَ الْفُومَ وَ الْعَدَسَ وَ الْبَصَلَ، فَاسْتَبْدَلُوا الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ، وَ أَنْتُمْ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ بِالَّذِي هُوَ دُونَهُ، وَ سَوْفَ أَسْأَلُهُ لَكُمْ رَبِّي.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فِينَا مَنْ يَطْلُبُ مِثْلَ مَا طَلَبُوا مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها وَ فُومِها
وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: فَسَوْفَ يُعْطِيكُمُ اللَّهُ ذَلِكَ- بِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ، فَآمِنُوا بِهِ وَ صَدِّقُوهُ.
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا عِبَادَ اللَّهِ- إِنَّ قَوْمَ عِيسَى لَمَّا سَأَلُوا عِيسَى أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ- قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ- فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً- لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ 2750 فَأَنْزَلَهَا عَلَيْهِمْ، فَمَنْ كَفَرَ بَعْدُ مِنْهُمْ مَسَخَهُ اللَّهُ إِمَّا خِنْزِيراً، وَ إِمَّا قِرْداً وَ إِمَّا دُبّاً وَ إِمَّا هِرّاً، وَ إِمَّا عَلَى صُورَةِ بَعْضٍ مِنَ الطُّيُورِ- وَ الدَّوَابِّ الَّتِي فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ حَتَّى مُسِخُوا عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ نَوْعٍ مِنَ الْمَسْخِ.
فَإِنَّ مُحَمَّداً رَسُولَ اللَّهِ لَا يَسْتَنْزِلُ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمُوهُ مِنَ السَّمَاءِ- حَتَّى يَحِلَّ بِكَافِرِكُمْ مَا حَلَّ بِكُفَّارِ قَوْمِ عِيسَى ع، وَ إِنَّ مُحَمَّداً أَرْأَفُ بِكُمْ مِنْ أَنْ يُعَرِّضَكُمْ لِذَلِكَ 2751 .
ثُمَّ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى طَائِرٍ فِي الْهَوَاءِ- فَقَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: قُلْ لِهَذَا الطَّائِرِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص يَأْمُرُكَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ. فَقَالَهَا فَوَقَعَ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا أَيُّهَا الطَّائِرُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَكْبُرَ، وَ تَزْدَادَ عِظَماً.
فَكَبُرَ، فَازْدَادَ عِظَماً حَتَّى صَارَ كَالتَّلِّ الْعَظِيمِ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِأَصْحَابِهِ: أَحِيطُوا بِهِ. فَأَحَاطُوا بِهِ، وَ كَانَ عِظَمُ ذَلِكَ
الطَّائِرِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُمْ فَوْقَ عَشْرَةِ آلَافٍ اصْطَفُّوا حَوْلَهُ فَاسْتَدَارَ صَفُّهُمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا أَيُّهَا الطَّائِرُ- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُفَارِقَكَ أَجْنِحَتُكَ وَ زَغَبُكَ وَ رِيشُكَ. فَفَارَقَهُ ذَلِكَ أَجْمَعُ، وَ بَقِيَ الطَّائِرُ لَحْماً عَلَى عَظْمٍ، وَ جِلْدُهُ فَوْقَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ يُفَارِقَكَ- أَيُّهَا الطَّائِرُ- عِظَامُ بَدَنِكَ وَ رِجْلَيْكَ وَ مِنْقَارُكَ. فَفَارَقَهُ ذَلِكَ أَجْمَعُ، وَ صَارَ حَوْلَ الطَّائِرِ، وَ الْقَوْمُ حَوْلَ ذَلِكَ أَجْمَعَ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُ هَذِهِ الْعِظَامَ- أَنْ تَعُودَ 2752 قِثَّاءً فَعَادَتْ كَمَا قَالَ- ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُ هَذِهِ الْأَجْنِحَةَ- وَ الزَّغَبَ وَ الرِّيشَ أَنْ تَعُودَ بَقْلًا وَ بَصَلًا وَ فُوماً وَ أَنْوَاعَ الْبُقُولِ. فَعَادَتْ كَمَا قَالَ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا عِبَادَ اللَّهِ- ضَعُوا الْآنَ أَيْدِيَكُمْ عَلَيْهَا، فَمَزِّقُوا مِنْهَا بِأَيْدِيكُمْ، وَ قَطِّعُوا مِنْهَا بِسَكَاكِينِكُمْ فَكُلُوهُ. فَفَعَلُوا.
فَقَالَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ وَ هُوَ يَأْكُلُ: إِنَّ مُحَمَّداً يَزْعُمُ [أَنَ] فِي الْجَنَّةِ طُيُوراً يَأْكُلُ مِنْهَا الْجِنَانِيُّ مِنْ جَانِبٍ لَهُ قَدِيداً، وَ مِنْ جَانِبٍ [لَهُ] مَشْوِيّاً، فَهَلَّا أَرَانَا نَظِيرَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا! فَأَوْصَلَ اللَّهُ عِلْمَ ذَلِكَ إِلَى قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ:
عِبَادَ اللَّهِ لِيَأْخُذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لُقْمَتَهُ وَ لْيَقُلْ: « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ» وَ لْيَضَعْ لُقْمَتَهُ فِي فِيهِ، فَإِنَّهُ يَجِدُ طَعْمَ مَا يَشَاءُ قَدِيداً، وَ إِنْ شَاءَ مَشْوِيّاً، وَ إِنْ شَاءَ مَرَقاً طَبِيخاً، وَ إِنْ شَاءَ سَائِرَ مَا شَاءَ مِنْ أَلْوَانِ الطَّبِيخِ، أَوْ مَا شَاءَ مِنْ أَلْوَانِ الْحَلْوَاءِ.
فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَوَجَدُوا الْأَمْرَ- كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَتَّى شَبِعُوا.
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَبِعْنَا، وَ نَحْتَاجُ إِلَى مَاءٍ نَشْرَبُهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: أَ وَ لَا تُرِيدُونَ اللَّبَنَ أَ وَ لَا تُرِيدُونَ سَائِرَ الْأَشْرِبَةِ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فِينَا مَنْ يُرِيدُ ذَلِكَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: لِيَأْخُذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لُقْمَةً مِنْهَا، فَيَضَعُهَا فِي فِيهِ وَ لْيَقُلْ:
« بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ» فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ فِي فِيهِ مَا يُرِيدُ، إِنْ أَرَادَ مَاءً أَوْ لَبَناً أَوْ شَرَاباً مِنَ الْأَشْرِبَةِ.
فَفَعَلُوا، فَوَجَدُوا الْأَمْرَ عَلَى مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ- أَيُّهَا الطَّائِرُ- أَنْ تَعُودَ كَمَا كُنْتَ، وَ يَأْمُرُ هَذِهِ الْأَجْنِحَةَ وَ الْمِنْقَارَ- وَ الرِّيشَ وَ الزَّغَبَ الَّتِي قَدِ اسْتَحَالَتْ إِلَى الْبَقْلِ- وَ الْقِثَّاءِ وَ الْبَصَلِ وَ الْفُومِ- أَنْ تَعُودَ جَنَاحاً وَ رِيشاً وَ عَظْماً- كَمَا كَانَتْ عَلَى قَدْرِ قَالَبِهَا 2753 . فَانْقَلَبَتْ وَ عَادَتْ أَجْنِحَةً وَ رِيشاً وَ زَغَباً وَ عِظَاماً، ثُمَّ تَرَكَّبَتْ عَلَى قَدْرِ الطَّائِرِ كَمَا كَانَتْ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: أَيُّهَا الطَّائِرُ- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ الرُّوحَ الَّتِي كَانَتْ فِيكَ فَخَرَجَتْ أَنْ تَعُودَ إِلَيْكَ. فَعَادَتْ رَوْحُهَا فِي جَسَدِهَا.
ثُمَّ قَالَ ص: أَيُّهَا الطَّائِرُ- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقُومَ فَتَطِيرَ كَمَا كُنْتَ تَطِيرُ.
فَقَامَ فَطَارَ فِي الْهَوَاءِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ هُنَاكَ مِنْ ذَلِكَ الْبَقْلِ وَ الْقِثَّاءِ- وَ الْبَصَلِ وَ الْفُومِ شَيْءٌ 2754 .
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ [الطَّاهِرِينَ الْأَخْيَارِ.].
[خاتمة]
[تم الجزء الأول من تفسير الإمام الحسن بن علي 2755 بن محمد- بن علي بن
موسى بن جعفر بن محمد- بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين.
و قد وفقني الله لإتمام هذا الجزء من تفسير الإمام عليه و على ابنه و آبائه الطيبين السلام، مما وجدنا مرتبا من أول الحمد إلى هذه الآية من سورة البقرة.
و يتلوه شيء آخر من هذا التفسير- مما وجد مفقودا مطلع الآية، ساقطا من الآية المزبورة إليها- بقدر ثلث جزء من الأجزاء الثلاثين للقرآن تقريبا.
و نرجو الله أن يرزقنا الوصول إلى تمام هذا التفسير- الجليل العظيم الكبير المتضمن لمعارف الأعراف- الذين لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتهم- الحاوي لعلومهم و أسرارهم و إشاراتهم و تلويحاتهم- بحسب مراتبهم و مقاماتهم- من إمامتهم و بشريتهم إلى حقائقهم.
و نسأل الله بحقهم الواجب على ربهم- أن يدخلنا في جملة العارفين بهم و بحقهم، و في زمرة المرحومين بشفاعتهم- إنه أرحم الراحمين و أكرم الأكرمين.
و قد وفقني الله سبحانه لكتابة هذا الجزء- و إتمامه في عشرين من شهر ذي الحجة الحرام- من شهور سنة 1314] 2756 .
[ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ شيء آخر من هذا التفسير، من هذه السورة، مما وجد مفقودا مطلع الآية.
332 ثُمَّ قَالَ: 2757 يَا أَمَةُ- إِنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ حَقٌ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ- فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَأَكْثِرِي 2758 الطَّوَافَ، فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ 2759 لِصَنِيعِهِ بِحُسْنِ جَزَائِهِ، عَلِيمٌ بِنِيَّتِهِ، وَ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ يُعَظِّمُ ثَوَابَهُ، وَ يُكْرِمُ مَآبَهُ.
يَا أَمَةُ! هَذَا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ شَرَّفَنِي- بِبُنُوَّةِ 2760 عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع، فَاشْكُرِي نِعَمَ اللَّهِ الْجَلِيلَةَ عَلَيْكِ، فَإِنَّ مَنْ شَكَرَ النِّعَمَ اسْتَحَقَّ مَزِيدَهَا، كَمَا أَنَّ مَنْ كَفَرَهَا اسْتَحَقَّ حِرْمَانَهَا.