کتابخانه روایات شیعه
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا مُحَمَّدُ قُلْ لَهُمْ: وَ أَيَّ شَيْءٍ أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ هُوَ عَزِيزٌ 2980 حَكِيمٌ كَرِيمٌ، ارْتَضَى عِبَاداً مِنْ عِبَادِهِ، وَ اخْتَصَّهُمْ بِكَرَامَاتٍ لِمَا عَلِمَ مِنْ حُسْنِ طَاعَاتِهِمْ، وَ انْقِيَادِهِمْ لِأَمْرِهِ فَفَوَّضَ إِلَيْهِمْ أُمُورَ عِبَادِهِ، وَ جَعَلَ إِلَيْهِمْ سِيَاسَةَ خَلْقِهِ بِالتَّدْبِيرِ الْحَكِيمِ الَّذِي وَفَّقَهُمْ لَهُ.
أَ وَ لَا تَرَوْنَ مُلُوكَ الْأَرْضِ إِذَا ارْتَضَى أَحَدُهُمْ- خِدْمَةَ بَعْضِ عَبِيدِهِ، وَ وَثِقَ بِحُسْنِ اضْطِلَاعهِ 2981 بِمَا يَنْدُبُ لَهُ 2982 مِنْ أُمُورِ مَمَالِكِهِ، جَعَلَ مَا وَرَاءِ بَابِهِ إِلَيْهِ، وَ اعْتَمَدَ فِي سِيَاسَةِ جُيُوشِهِ وَ رَعَايَاهُ عَلَيْهِ.
كَذَلِكَ مُحَمَّدٌ فِي التَّدْبِيرِ الَّذِي رَفَعَهُ لَهُ رَبُّهُ، وَ عَلِيٌّ مِنْ بَعْدِهِ الَّذِي جَعَلَهُ وَصِيَّهُ وَ خَلِيفَتَهُ فِي أَهْلِهِ وَ قَاضِيَ دَيْنِهِ، وَ مُنْجِزَ عِدَاتِهِ، وَ الْمُؤَازِرَ لِأَوْلِيَائِهِ، وَ الْمُنَاصِبَ 2983 لِأَعْدَائِهِ فَلَمْ يَقْنَعُوا بِذَلِكَ، وَ لَمْ يُسْلِمُوا وَ قَالُوا:
لَيْسَ الَّذِي يُسْنِدْهُ إِلَى ابْنِ أَبِي طَالِبٍ ع بِأَمْرٍ صَغِيرٍ، إِنَّمَا هُوَ دِمَاءُ الْخَلْقِ، وَ نِسَاؤُهُمْ، وَ أَوْلَادُهُمْ، وَ أَمْوَالُهُمْ، وَ حُقُوقُهُمْ [وَ أَنْسَابُهُمْ] وَ دُنْيَاهُمْ وَ آخِرَتُهُمْ، فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ تَلِيقُ بِجَلَالَةِ هَذِهِ الْوَلَايَةِ.
[احْتِجَاجَاتُ رَسُولِ اللَّهِ ص لِوَلَايَةِ عَلِيٍّ ع:]
368 فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص : أَ مَا كَفَاكُمْ نُورُ عَلِيٍّ الْمُشْرِقُ فِي الظُّلُمَاتِ الَّذِي رَأَيْتُمُوهُ لَيْلَةَ خُرُوجِهِ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مَنْزِلِهِ أَ مَا كَفَاكُمْ أَنَّ عَلِيّاً جَازَ وَ الْحِيطَانُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَفُتِحَتْ لَهُ وَ طُرِّقَتْ، 2984 ثُمَّ عَادَتْ
وَ الْتَأَمَتْ أَ مَا كَفَاكُمْ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ أَنَّ عَلِيّاً لَمَّا أَقَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ رَأَيْتُمْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ مُفَتَّحَةً، وَ الْمَلَائِكَةَ مِنْهَا مُطَّلِعِينَ تُنَادِيكُمْ: هَذَا وَلِيُّ اللَّهِ فَاتَّبِعُوهُ، وَ إِلَّا حَلَّ بِكُمْ عَذَابُ اللَّهِ فَاحْذَرُوهُ أَ مَا كَفَاكُمْ رُؤْيَتُكُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع وَ هُوَ يَمْشِي وَ الْجِبَالُ تَسِيرُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِئَلَّا يَحْتَاجَ إِلَى الِانْحِرَافِ عَنْهَا، فَلَمَّا جَازَ رَجَعَتِ الْجِبَالُ إِلَى أَمَاكِنِهَا ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ زِدْهُمْ آيَاتٍ، فَإِنَّهَا عَلَيْكَ سَهْلَاتٌ يَسِيرَاتٌ- لِتَزِيدَ حُجَّتُكَ عَلَيْهِمْ تَأْكِيداً.
قَالَ: فَرَجَعَ الْقَوْمُ إِلَى بُيُوتِهِمْ، فَأَرَادُوا دُخُولَهَا فَاعْتَقَلَتْهُمُ الْأَرْضُ وَ مَنَعَتْهُمْ، وَ نَادَتْهُمْ:
حَرَامٌ عَلَيْكُمْ دُخُولُهَا- حَتَّى تُؤْمِنُوا بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ ع. قَالُوا: آمَنَّا. وَ دَخَلُوا.
ثُمَّ ذَهَبُوا يَنْزِعُونَ ثِيَابَهُمْ لِيَلْبَسُوا غَيْرَهَا، فَثَقُلَتْ عَلَيْهِمْ، وَ لَمْ يُقِلُّوهَا 2985 وَ نَادَتْهُمْ:
حَرَامٌ عَلَيْكُمْ سُهُولَةُ نَزْعِنَا- حَتَّى تُقِرُّوا بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ ع. فَأَقَرُّوا، وَ نَزَعُوهَا.
ثُمَّ ذَهَبُوا يَلْبَسُونَ ثِيَابَ اللَّيْلِ، فَثَقُلَتْ عَلَيْهِمْ وَ نَادَتْهُمْ: حَرَامٌ عَلَيْكُمْ لُبْسُنَا- حَتَّى تَعْتَرِفُوا بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ ع. فَاعْتَرَفُوا.
ثُمَّ ذَهَبُوا يَأْكُلُونَ، فَثَقُلَتْ عَلَيْهِمُ اللُّقْمَةُ، وَ مَا لَمْ يَثْقُلْ مِنْهَا اسْتَحْجَرَ فِي أَفْوَاهِهِمْ، وَ نَادَتْهُمْ: حَرَامٌ عَلَيْكُمْ أَكْلُنَا- حَتَّى تَعْتَرِفُوا بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ ع فَاعْتَرَفُوا.
ثُمَّ ذَهَبُوا يَبُولُونَ وَ يَتَغَوَّطُونَ، فَتَعَذَّبُوا وَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ، وَ نَادَتْهُمْ بُطُونُهُمْ وَ مَذَاكِيرُهُمْ:
حَرَامٌ عَلَيْكُمُ السَّلَامَةُ مِنَّا- حَتَّى تَعْتَرِفُوا بِوَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع.
فَاعْتَرَفُوا ثُمَّ ضَجَرَ بَعْضُهُمْ وَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ- فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ- أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ فَإِنَّ عَذَابَ الِاصْطِلَامِ الْعَامِّ إِذَا نَزَلَ، نَزَلَ بَعْدَ خُرُوجِ النَّبِيِّ ص مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ 2986 يُظْهِرُونَ التَّوْبَةَ وَ الْإِنَابَةَ، فَإِنَّ مِنْ حُكْمِهِ فِي الدُّنْيَا أَنْ يَأْمُرَكَ بِقَبُولِ الظَّاهِرِ، وَ تَرْكِ التَّفْتِيشِ عَنِ الْبَاطِنِ، لِأَنَّ الدُّنْيَا دَارُ إِمْهَالٍ وَ إِنْظَارٍ، وَ الْآخِرَةَ دَارُ الْجَزَاءِ بِلَا تَعَبُّدٍ.
قَالَ: وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ فِيهِمْ مَنْ يَسْتَغْفِرُ- لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَوْ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ سَيُؤْمِنُ- أَوْ أَنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ نَسْلِهِ ذُرِّيَّةٌ طَيِّبَةٌ- يَجُودُ رَبُّكَ عَلَى أُولَئِكَ بِالْإِيمَانِ وَ ثَوَابِهِ، وَ لَا يَقْتَطِعُهُمْ بِاخْتِرَامِ 2987 آبَائِهِمُ الْكُفَّارِ، وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَأَهْلَكَهُمْ.
فَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ص: كَذَلِكَ اقْتَرَحَ النَّاصِبُونَ آيَاتٍ فِي عَلِيٍّ ع حَتَّى اقْتَرَحُوا مَا لَا يَجُوزُ فِي حُكْمِ [اللَّهِ]، جَهْلًا بِأَحْكَامِ اللَّهِ، وَ اقْتِرَاحاً لِلْأَبَاطِيلِ عَلَى اللَّهِ 2988 .
سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ أَوْ ضَعِيفاً 211، 282- اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ آيَةً تَفْسِيرُهَا مَفْقُودٌ 2989 .
رَزَقَنَا اللَّهُ تَمَامَهُ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ- صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ [إِلَى يَوْمِ الدِّينِ]
[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ] شَيْءٌ آخَرُ مِنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ- مِنَ الْإِمَامِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ وَ ابْنِهِ الْقَائِمِ ع الْمُنْتَظَرِ الْمَهْدِيِّ السَّلَامُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ 2990
369 قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ قَالَ ضَعِيفاً فِي بَدَنِهِ- لَا يَقْدِرُ أَنْ يُمِلَّ، 2991 أَوْ ضَعِيفاً فِي فَهْمِهِ وَ عِلْمِهِ- لَا يَقْدِرُ أَنْ يُمِلَّ وَ يُمَيِّزَ الْأَلْفَاظَ- الَّتِي هِيَ عَدْلٌ عَلَيْهِ وَ لَهُ مِنَ الْأَلْفَاظِ- الَّتِي هِيَ جَوْرٌ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى حَمِيمِهِ.
أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ يَعْنِي بِأَنْ يَكُونَ مَشْغُولًا فِي مَرَمَّةٍ 2992 لِمَعَاشٍ، أَوْ تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ، فَإِنَّ تِلْكَ [هِيَ] الْأَشْغَالُ- الَّتِي لَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ أَنْ يَشْرَعَ فِي غَيْرِهَا.
قَالَ: فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ يَعْنِي النَّائِبَ عَنْهُ، وَ الْقَيِّمَ بِأَمْرِهِ بِالْعَدْلِ، بِأَنْ لَا يَحِيفَ عَلَى الْمَكْتُوبِ لَهُ، وَ لَا عَلَى الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ 2993 .
[فِي إِعَانَةِ الضَّعِيفِ:]
370 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَعَانَ ضَعِيفاً فِي بَدَنِهِ عَلَى أَمْرِهِ، أَعَانَهُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَمْرِهِ، وَ نَصَبَ لَهُ فِي الْقِيَامَةِ مَلَائِكَةً- يُعِينُونَهُ عَلَى قَطْعِ تِلْكَ الْأَهْوَالِ- وَ عُبُورِ تِلْكَ الْخَنَادِقِ مِنَ النَّارِ، حَتَّى لَا يُصِيبَهُ مِنْ دُخَانِهَا وَ لَا سُمُومِهَا، وَ عَلَى عُبُورِ الصِّرَاطِ إِلَى الْجَنَّةِ سَالِماً آمِناً.
وَ مَنْ أَعَانَ ضَعِيفاً فِي فَهْمِهِ وَ مَعْرِفَتِهِ- فَلَقَّنَهُ حُجَّتَهُ عَلَى خَصْمٍ أَلَدَّ 2994 طُلَّابِ الْبَاطِلِ، أَعَانَهُ اللَّهُ عِنْدَ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ- عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ- وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ الْإِقْرَارِ بِمَا يَتَّصِلُ بِهِمَا، وَ الِاعْتِقَادِ لَهُ حَتَّى يَكُونَ خُرُوجُهُ مِنَ الدُّنْيَا- وَ رُجُوعُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَفْضَلِ أَعْمَالِهِ، وَ أَجَلِّ أَحْوَالِهِ فَيَجِيءُ 2995 عِنْدَ ذَلِكَ بِرَوْحٍ وَ رَيْحَانٍ، وَ يُبَشَّرُ بِأَنَّ رَبَّهُ عَنْهُ رَاضٍ، وَ عَلَيْهِ غَيْرُ غَضْبَانَ.
وَ مَنْ أَعَانَ مَشْغُولًا بِمَصَالِحِ دُنْيَاهُ أَوْ دِينِهِ عَلَى أَمْرِهِ- حَتَّى لَا يَنْتَشِرَ 2996 عَلَيْهِ أَعَانَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَوْمَ تَزَاحُمِ الْأَشْغَالِ وَ انْتِشَارِ الْأَحْوَالِ، يَوْمَ قِيَامِهِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ، فَيُمَيِّزُهُ مِنَ الْأَشْرَارِ وَ يَجْعَلُهُ مِنَ الْأَخْيَارِ 2997 .
[فِي أَنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَسْكَتُهُمْ عَنْهُ:]
371 [قَالَ: ] وَ لَقَدْ مَرَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَلَى قَوْمٍ- مِنْ أَخْلَاطِ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ فِيهِمْ مُهَاجِرِيٌّ وَ لَا أَنْصَارِيٌّ، وَ هُمْ قُعُودٌ فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ، إِذَا هُمْ يَخُوضُونَ فِي أَمْرِ الْقَدَرِ وَ غَيْرِهِ- مِمَّا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، قَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ
وَ اشْتَدَّ فِيهِ مَحْكُهُمْ 2998 وَ جِدَالُهُمْ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَسَلَّمَ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ وَ أَوْسَعُوا وَ قَامُوا إِلَيْهِ- يَسْأَلُونَهُ الْقُعُودَ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَحْفِلْ بِهِمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ- وَ نَادَاهُمْ-:
يَا مَعْشَرَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِمْ وَ لَا يَرِدُ عَلَيْهِمْ، أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عِبَاداً- قَدْ أَسْكَتَتْهُمْ 2999 خَشْيَتُهُ مِنْ غَيْرِ عِيٍّ وَ لَا بَكَمٍ، وَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْفُصَحَاءُ الْعُقَلَاءُ الْأَلِبَّاءُ 3000 الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ وَ أَيَّامِهِ 3001 .
وَ لَكِنَّهُمْ إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ انْكَسَرَتْ أَلْسِنَتُهُمْ، وَ انْقَطَعَتْ أَفْئِدَتُهُمْ، وَ طَاشَتْ عُقُولُهُمْ، وَ هَامَتْ حُلُومُهُمْ، إِعْزَازاً لِلَّهِ وَ إِعْظَاماً وَ إِجْلَالًا لَهُ.
فَإِذَا أَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ- اسْتَبَقُوا إِلَى اللَّهِ بِالْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ، يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ الظَّالِمِينَ وَ الْخَاطِئِينَ، وَ أَنَّهُمْ بِرَاءٌ مِنَ الْمُقَصِّرِينَ وَ الْمُفْرِطِينَ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يَرْضَوْنَ لِلَّهِ بِالْقَلِيلِ وَ لَا يَسْتَكْثِرُونَ لِلَّهِ الْكَثِيرَ، وَ لَا يُدِلُّونَ 3002 عَلَيْهِ بِالْأَعْمَالِ- فَهُمْ مَتَى مَا رَأَيْتَهُمْ مَهْمُومُونَ 3003 مُرَوَّعُونَ، خَائِفُونَ مُشْفِقُونَ، وَجِلُونَ.
فَأَيْنَ أَنْتُمْ مِنْهُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُبْتَدِعِينَ- أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَسْكَتُهُمْ عَنْهُ وَ إِنْ أَجْهَلَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَنْطَقُهُمْ فِيهِ.
[وَجْهُ تَسْمِيَةِ شَعْبَانَ:]
1، 14 يَا مَعْشَرَ الْمُبْتَدِعِينَ هَذَا يَوْمُ غُرَّةِ شَعْبَانَ الْكَرِيمِ- سَمَّاهُ رَبُّنَا شَعْبَانَ لِتَشَعُّبِ الْخَيْرَاتِ فِيهِ، قَدْ فَتَحَ رَبُّكُمْ فِيهِ أَبْوَابَ جِنَانِهِ، وَ عَرَضَ عَلَيْكُمْ قُصُورَهَا وَ خَيْرَاتِهَا بِأَرْخَصِ
الْأَثْمَانِ، وَ أَسْهَلِ الْأُمُورِ فَأَبَيْتُمُوهَا 3004 وَ عَرَضَ لَكُمْ إِبْلِيسُ اللَّعِينُ بِشُعَبِ شُرُورِهِ وَ بَلَايَاهُ فَأَنْتُمْ دَائِباً 3005 تَنْهَمِكُونَ فِي الْغَيِّ وَ الطُّغْيَانِ، وَ تَتَمَسَّكُونَ بِشُعَبِ إِبْلِيسَ، وَ تَحِيدُونَ عَنْ شُعَبِ الْخَيْرِ الْمَفْتُوحِ لَكُمْ أَبْوَابُهُ.
هَذِهِ غُرَّةُ شَعْبَانَ، وَ شُعَبُ خَيْرَاتِهِ الصَّلَاةُ، وَ الصَّوْمُ، وَ الزَّكَاةُ، وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَ الْقَرَابَاتِ وَ الْجِيرَانِ، وَ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَ الصَّدَقَةُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِينِ، تَتَكَلَّفُونَ مَا قَدْ وُضِعَ عَنْكُمْ، وَ مَا قَدْ نُهِيتُمْ عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ مِنْ كَشْفِ سَرَائِرِ اللَّهِ- الَّتِي مَنْ فَتَّشَ عَنْهَا كَانَ مِنَ الْهَالِكِينَ.
أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ وَقَفْتُمْ عَلَى مَا قَدْ أَعَدَّهُ رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ- لِلْمُطِيعِينَ مِنْ عِبَادِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ، لَقَصَرْتُمْ 3006 عَمَّا أَنْتُمْ فِيهِ، وَ شَرَعْتُمْ فِيمَا أُمِرْتُمْ بِهِ- قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَا الَّذِي أَعَدَّ اللَّهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ لِلْمُطِيعِينَ لَهُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: لَا أُحَدِّثُكُمْ إِلَّا بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص:
لَقَدْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ص جَيْشاً ذَاتَ يَوْمٍ- إِلَى قَوْمٍ مِنْ أَشِدَّاءِ الْكُفَّارِ، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ خَبَرُهُمْ، وَ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِهِمْ. وَ قَالَ: لَيْتَ [لَنَا] مَنْ يَتَعَرَّفُ أَخْبَارَهُمْ، وَ يَأْتِينَا بِأَنْبَائِهِمْ.
بَيْنَا هُوَ قَائِلٌ هَذَا، إِذْ جَاءَهُ الْبَشِيرُ بِأَنَّهُمْ قَدْ ظَفِرُوا بِأَعْدَائِهِمْ- وَ اسْتَوْلَوْا [عَلَيْهِمْ] وَ صَيَّرُوهُمْ بَيْنَ قَتِيلٍ وَ جَرِيحٍ وَ أَسِيرٍ، وَ انْتَهَبُوا أَمْوَالَهُمْ، وَ سَبَوْا ذَرَارِيَّهُمْ وَ عِيَالَهُمْ.