کتابخانه روایات شیعه
أمر الله نبيه بسؤال الكتابيين قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ 1173 و لأنه لو لم يدخل لفهم بعضهم أنه لا يصلح للإمامة و أدى ذلك إلى عدم تنفيذه لأحكام الله سبحانه و قد صالح النبي ص سهيل بن عمر و محا اسم النبوة من الكتاب و شرط عليه رد من أسلم إليه و ليس في ذلك دخول النبي ص في ضلال فسقط ما ذكرتم في الشورى من الاستدلال.
و قد أسند أخطب خوارزم برجاله إلى أبي الطفيل قال كنت على الباب وقت الشورى فارتفعت الأصوات فسمعت عليا يقول بايع الناس أبا بكر و أنا و الله أحق منه فأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا ثم بايع أبو بكر لعمر و أنا و الله أولى بالأمر منه فأطعت مخافة أن يرجع الناس كفرا ثم تريدون أن تبايعوا لعثمان فإذا لا أطيع ثم شرع في المناشدة بخصال اعترفوا بها و ذكر نحو ذلك ابن مردويه و هو من ثقاتهم .
و ذكر ابن الراوندي من أعيانهم في منهاج البراعة أن عليا قال أدخل معهم أن عمر روى أن النبي ص قال لا تجتمع النبوة و الإمامة في بيت و الآن فقد استصلحني لها فأدخل ليظهر أنه كذب نفسه.
فأين الرضا بالشورى مع هذه الأمور المشهورة
فصل [في أن إمامة علي ع إنما ثبتت بالبيعة]
قالوا في إمامة علي لم يكن لها سبب سوى البيعة و الإجماع فيها بل من الناس من أباها و منهم من سكت عنها و منهم من أتاها و قد كانت عائشة في الحج فلما قدمت و علمت قتل عثمان طلبت من علي قتل قتلته و هم عشرون ألفا فأبى ذلك فخرجت إلى البصرة ساخطة عليه قائلة ما باله يستولي على رقابنا لا أدخل المدينة و لعلي فيها سلطان.
و خرج معها طلحة و الزبير و معظم الصحابة و كانت المحاربة فقتل طلحة و كف يده عن الزبير
لقول النبي ص بشروا قاتل ابن صفية بالنار.
فصرف زبير الرمح عن ترقوة علي لما رآه لا يمد يده إليه فقال له أ نسيت قول النبي ص ستحاربه و أنت ظالم له فحطم رمحه فولى فتبعوه و قتلوه و انكسر العسكر و أمر علي بستر عائشة ثم اجتمع معها و تباكيا و ندما على ما كان منهما.
قالوا ثم بعث علي إلى معاوية يعزله عن الشام فدفع كتابه إلى عمرو بن العاص فقال اجعل لي مصر حتى أكفيك همه ففعل قال اكتب إليه من ارتضاك حتى يصل عزلك إلي ثم امتد الشر حتى كان حرب صفين و قتل سبعون ألفا من المسلمين من أصحاب علي خمسة و عشرون و من أصحاب معاوية خمسة و أربعون ثم جرى التحكيم فاتفق عمرو و الأشعري على خلعهما و نصب عبد الله بن عباس 1174 .
فلما عزلهما الأشعري أثبتها عمرو في معاوية فقال ما على هذا كان الاتفاق أنت كالحمار تحمل أسفارا فقال عمرو و أنت كالكلب إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ثم افترق الفيلقان فشاق عليا الخوارج من أصحابه و كان حرب النهروان و كان منهم ابن ملجم فقتل عليا بمسجد الكوفة و دفن علي فيه بين قصر الإمارة و القبلة.
قلنا نمنع من عدم سبب آخر غير البيعة لأن الأمة لما افترقت ثلاث و سبعين للحديث المشهور خرج منها أربع النصيرية و الناكثون و القاسطون و المارقون و الباقون ادعوا النص و أنكروا الاختيار و قد أسلفنا ذلك في الآيات و الأخبار.
و قد قال إمام الحرمين الإجماع على إمامة علي لا حاجة له و إنما هاجت الفتن لأمور أخر قلت هي التهمة بقتل عثمان المسبب عن الشورى التي لم تكن برضا علي فكان حرب الجمل و صفين عنها و الخوارج مسبب عن المسبب عنها.
و قال المتكلمون منهم الإمامة استقرت لعلي بالإجماع لانعقاده زمان الشورى على أنها له أو لعثمان فتعينت له بعد عثمان ذكر ذلك نظام الدين الشافعي في شرحه للطوالع.
و قد اعترفوا بسخط عائشة على علي في زمان إمامته المجمع عليها فلينظر العاقل في إيمان من هذا فعلها و لو فعل ذلك أحد غيرها بخليفة غيره لسارعوا إلى تكفيره مع أن النبي ص لم يقل في حق غير علي
حربك حربي.
و حرب النبي كفر بالإجماع و قد أسلفنا طرفا من حرب صفين في بدع معاوية و سيأتي منه جانب آخر قريب إن شاء الله و يأتي أيضا حرب الجمل في فصل مفرد و أما الخوارج فقد ظهرت فيهم علامة المروق من الدين بقتل ذي الثدية كما أخبر به سيد المرسلين أمير المؤمنين فليس في ذلك كله طعن في الإجماع بل عارضوا الدين بالإجماع.
و ما ذكر من دفن علي في موضع قتله فزور إذ قد أخبر الصادق ع و أولاده به و أولاد كل شخص أعرف بقبره و مذهب الإمامية مشهور بتحريم الدفن في المساجد فلا عبرة بما افتراه المعاند.
و قال الغزالي ذهب الناس إلى أن عليا دفن على النجف و أنهم حملوه على الناقة فسارت حتى انتهت إلى موضع قبره فبركت و لم تنهض فدفنوه فيه.
و قال أبو بكر الشيرازي في كتابه عن الحسن البصري إنه ع قال لولديه إذا أنا مت ستجدان عند رأسي حنوطا من الجنة و ثلاثة أكفان من إستبرقها.
فوجدوا عند رأسه طبقا من ذهب عليه خمس خامات فلما جهزوه حملوه على بعير فبرك عند قبره و كان قد أعلمهم بذلك فو الله ما علم أحد من حفرة فألحد فيه و أظلت الناس غمامة بيضاء و طير أبيض حتى فزعوا.
و أخرج الشيخ في تهذيب الأحكام عن الصادق ع أنه أوصى ولديه بحمل مؤخر السرير و قال تكفيان مقدمه و تنتهيان إلى قبر محفور و اللبن موضوع فألحداني و أشرجا اللبن علي.
و في دلائل البطائني كان في مقدم سريره جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل و
زمرة من الملائكة يسمع منهم التقديس
و في حديث آخر مسندا إلى الحسين ع أنه أوصاهما بإخفاء أمره و أن يستخرجا من الزاوية اليمنى لوحا و يكفناه فيما يجدان فإذا غسلاه وضعاه على اللوح فإذا رأيا مقدم سريره يشال شالا بمؤخره و أن الحسن يصلي عليه ثم الحسين ففعلا ما رسم فوجدا اللوح مكتوبا عليه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هذا ما ادخره النبي نوح لعلي بن أبي طالب و أصابا الكفن في دهليز الدار و فيه حنوط قد أضاء نوره على نور النهار و في حديث آخر عن أم كلثوم نحو ذلك .
و في حديث آخر عن الحسين لما قضينا صلاة العشاء إذا قد شيل بمقدم السرير فلم نزل نتبعه إلى الغري فوجدنا قبرا على ما وصف و نحن نسمع حفيف أجنحة كثيرة و جلبة و ضجة فوضعناه و نضدنا عليه.
و عن الصادق ع لما نضدوا عليه أخذت اللبنة من عند رأسه و إذا ليس في القبر أحد و هاتف يقول إن أمير المؤمنين كان عبدا صالحا فألحقه الله بنبيه و كذلك يفعل بالأوصياء حتى لو مات نبي بالمشرق و وصيه بالمغرب لألحق به.
و في خبر أن إسماعيل بن عيسى العباسي سنة ثلاثة و مائتين أنفذ غلاما له في جماعة و قال احفروا هذا القبر الذي افتتن به الناس و يقولون إنه علي فحفر خمسة أذرع فبلغوا أرضا صعبة فجاء الغلام و ضرب فيها ثم صاح و استغاث فأخرجوه فإذا على يده دم إلى ترقوته فحملوه إلى مولاه و لم يزل لحمه ينتثر من عضده و سائر شقه الأيمن حتى مات و تاب مولاه و تبرأ و ركب ليلا إلى علي بن مصعب بن جابر و سأله أن يعمل على علي صندوقا.
و قال أبو جعفر الطوسي حدثني محمد بن همام الكوفي عن أبي الحسن بن الحجاج قال رأينا هذا الصندوق قبل أن يبني عليه الحسن بن زيد الحائط.
و في الأمالي خرج بعض الخلفاء يتصيد في ناحية الغريين فأرسل الكلاب فلجأت الظباء إلى أكمة فرجعت عنها فهبطت منها فرجعت إليها فسأل شيخا من بني أسد فقال إن فيها قبر علي بن أبي طالب جعله الله حرما لا يأوي إليه شيء إلا
أمن قال بل قبره في جامع الكوفة قال ابن الجوزي لو علمت الرافضة قبر من هذا لرجموه فإنه قبر مغيرة ابن شعبة فأخفى الله قبر علي و ظهر للرافضة غيره لعلمه أنهم ينقلون موتاهم إليه فمنعهم من الاتصال به.
قلنا هذا النقل عن ابن الجوزي غير صحيح لأنه قال في كتاب تاريخه أن أبا الغنائم من عباد أهل السنة و محدثيهم قال مات بالكوفة ثلاثمائة صحابي ليس قبر أحد منهم بمعروف إلا قبر أمير المؤمنين ع و هو هذا الذي تزوره الناس الآن.
جاء الصادق و الباقر فزاراه و قد كان أرضا حتى جاء محمد بن زيد الداعي صاحب الديلم فأظهره.
السر في إنكاره أن لا ينقل المخالف إليه ميتا لا يتصل به فقطعوا أفلاذ أكباده و شردوا أولاده من أجل هذا طرد الله عن جيرته أرواح أضداده قالوا جعلتم في صندوقه معيديا كلم بعض السلاطين فرده رافضيا فكسر العاقولي الصندوق و أخرجه قلنا لو كان ذلك حقا لورخ المخالف اسم ذلك السلطان و عين ما وقع فيه من الأزمان لينتهز به الفرصة لكسر أهل الإيمان و لو فرض وقوع ذلك من خدام الإمام لم يضر المذهب كما لم يضر الإسلام فسقة بني شيبة سدنة البيت الحرام و قد تشيع السلطان خدابنده و كان من كمال إيمانه و عقله أن كتب الثلاثة على أسفل نعله و ليس هذا بأعجب من إنكارهم إبراء قبر الحسين ع ذوي العاهات محتجين بأن الشفاء يضاد فعل الله قلنا هذا رد لصريح القرآن في عيسى و باقي معاجز الأنبياء.
قالوا هي هناك قلنا فكذا هنا و يلزم على قولهم إبطال الرقيات و تحريم صناعة الأطباء على أنه قد أسند ابن الجوزي في المجلد الرابع من المنتظم إلى جعفر الجلودي أنه كان به جرب فمسحه بقبر الحسين ع و نام فانتبه و ليس به شيء منه.
تذنيب
عابنا المخالف بما نفعل في العزاء اقتداء بسيد الأنبياء
فقد أخرج في المصابيح و جامع الأصول و غيرهما قول أم سلمة رأيت البارحة رسول الله ص و على رأسه و لحيته التراب و هو يبكي قلت ما لك قال شهدت قتل الحسين.
فقلبنا عليهم ذلك و قلنا أنتم خالفتم رسول الله ص في المصاب و تشاهرتم بالاكتحال و الخضاب اقتداء بمن خضب بدمائه بنانه و أجرى بالفرح و الشماتة بنانه و لسانه.
شعر
فتوارث الهمج الخضاب فمن
كفر تولد ذلك الكفر
نبكي فتضحكهم مصائبكم
و سرورهم بمصائبكم نكر
تالله ما سر النبي و لا
لوصيه بسرورهم سر [وا ]
قال الثعلبي في تفسيره قال السدي لما قتل الحسين بكت عليه السماء و بكاؤها حمرتها و حكى ابن سيرين أن الحمرة لم تر قبل قتل الحسين و عن سليم القاضي مطرنا دما أيام قتله
فصل [في احتجاجهم بقوله تعالى لتكونوا شهداء على الناس 1175 ]
قالوا عدل الله الأمة بقوله لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ و قد شهدت لأبي بكر بلا نص قلنا قد سلف في هذا الحديث الرابع من حديث الحوض و غيره و نريد هنا أن نخص هذه الآية بعض الأمة فلنا أن نخص بعض الآخر فلا حجة و البعض هم الأئمة و قد دل صاحب الناسخ و المنسوخ أنها كانت و كذلك جعلناكم أئمة فحرفت إلى أمة إذ كيف تكون خير أمة و فيها أنواع المعصيات و ترك الطاعات.
قالوا إنما كفرتم بسب السلف قلنا منع إمامكم الرازي في كتابه نهاية العقول من الكفر بذلك و قد قرأ الكوفيون كنتم غير أمة و روي ذلك عن الصادق ع.
قالوا في الآية تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فتبطل الآية لو كانت خلافة الثلاثة من المنكر قلنا الظاهر من كُنْتُمْ تدل على الماضي فلا تستعمل في الآتي عند من يقول بدليل الخطاب.
إن قالوا تَأْمُرُونَ تدل على الآتي قلنا جاء الآتي بمعنى المضي فلا يتمحض اللفظ للآتي بل هو أعم و لا دلالة لعام على أن الأمة تقال على البعض إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً 1176 فيجب الحمل هنا على البعض لعدم اتصاف الكل بالخير و البعض من ثبتت عصمته دون غيره على أن الأمر بالمعروف قد يصير ناهيا عنه بتجديد الفسق و بالعكس فلو لم يكن البعض هو المعصوم لزم كون المأمور به منهيا بغير نسخ و العدالة التي وصف الله بها الأمة ليست عامة لفسق البعض فهي موجبة جزئية و نقيضها لا شيء من الأمة بعدل و الإمام في زمان إمامته ليس من الأمة فلا ينقض به.
أو نقول السلب الكلي كاذب فيصدق نقيضه و هو الإيجاب الجزئي و يلزم المطلوب من سلب العدالة عن المجموع.
و أيضا فشهادة الأمة على من سلف و إلا لكانت شهادة على نفسها.
قالوا
قال ع كونوا مع السواد الأعظم.
قلنا ممنوع الصحة و معها ممنوع العموم و إلا لوجب الكون مع الكفار و لأن رواته إن كانوا من السواد الأعظم لزم إثبات الشيء بنفسه و إن كانوا من غيرهم فكيف تقبل روايتهم.
قالوا لا تجتمع أمتي على خطإ قلنا و أين الاجتماع مع افتراقها إلى اثنتين و سبعين فرقة فما نراها اجتمعت إلا على الاختلاف و التساب فليس بخطإ.