کتابخانه روایات شیعه
و متى آل الحال إلى النسخ فليشمر له فإن الله يعينه و لا يضيع به حظه من العلم و لا يفوت الحظ إلا بالكسل و من ضبط وقته حصل مطلبه و قد تقدم 1063 جملة صالحة في ذلك.
الخامسة 1064
[5-] يستحب إعارة الكتب لمن لا ضرر عليه فيها
ممن لا ضرر منه بها استحبابا مؤكدا لما فيه من الإعانة على العلم و المعاضدة على الخير و المساعدة على البر و التقوى مع ما في مطلق العارية من الفضل و الأجر و قد قال بعض السلف بركة العلم إعارة الكتب 1065 و قال آخر من بخل بالعلم ابتلي بإحدى ثلاث أن ينساه أو يموت فلا ينتفع به أو تذهب كتبه 1066 و ينبغي للمستعير أن يشكر للمعير ذلك لإحسانه و يجزيه خيرا.
السادسة
[6-] إذا استعار كتابا وجب عليه حفظه
من التلف و التعيب و أن لا يلط به و لا يطل مقامه عنده بل يرده إذا قضى حاجته و لا يحبسه إذا استغنى عنه لئلا يفوت الانتفاع به على صاحبه و لئلا يكسل عن تحصيل الفائدة منه و لئلا يمنع صاحبه من إعارة غيره إياه 1067 . و أما إذا طلبه المالك حرم عليه حبسه و يصير ضامنا له و قد جاء في ذم الإبطاء برد الكتب عن السلف أشياء كثيرة نظما و نثرا 1068 و بسبب حبسها و التقصير في حفظها امتنع غير واحد من إعارتها.
السابعة 1069
[7-] لا يجوز أن يصلح كتاب غيره
المستعار أو المستأجر بغير إذن صاحبه و لا يحشيه و لا يكتب شيئا في بياض فواتحه و خواتمه إلا إذا علم رضا مالكه و هو كما يكتبه المحدث على جزء سمعه 1070 و لا يسوده و لا يعيره غيره و لا يودعه لغير ضرورة حيث يجوز شرعا و لا ينسخ منه بغير إذن صاحبه فإن النسخ انتفاع زائد على الانتفاع بالمطالعة و أشق. فإن كان الكتاب وقفا على من ينتفع به غير معين فلا بأس بالنسخ منه لمن يجوز له إمساكه و الانتفاع به مع الاحتياط و لا بأس بإصلاحه ممن هو أهل لذلك من الناظر فيه أو من يأذن له بل قد يجب فإن لم يكن له ناظر خاص فالنظر فيه إلى الحاكم الشرعي. و إذا نسخ منه بإذن صاحبه أو ناظره فلا يكتب منه و القرطاس في بطنه و لا يضع المحبرة عليه و لا يمر بالقلم الممدود 1071 فوق الكتابة. و بالجملة فيجب حفظه من كل ما يعد عرفا تقصيرا و هو أمر زائد على حفظ الإنسان كتابه فقد يجوز فيه ما لا يجوز في المستعار خصوصا المتهاون بحفظ الكتب فإن كثيرا من الناس يمتهن كتابه في الغاية بسبب الطبع البارد و هذا الأمر لا يسوغ في المستعار بوجه.
الثامنة 1072
[8-] إذا نسخ من الكتاب أو طالعه فلا يضعه على الأرض مفروشا منشورا
بل يجعله بين كتابين مثلا أو كرسي على الوجه المعروف 1073 لئلا يسرع تقطيع حبكه و ورقه و جلده.
التاسعة 1074
[9-] إذا وضع الكتب مصفوفة فلتكن على كرسي أو تحتها خشب أو رف
و نحو ذلك و الأولى أن يكون بينها و بين الأرض خلو و لا يضعها على الأرض كي لا تتندى أو تبلى. و إذا وضعها على خشب أو نحوه جعل فوقها و تحتها ما يمنع من تأكل جلودها به و كذلك يجعل بينها و بين ما يصادمها أو يسندها من حائط أو غيره. و يراعي الأدب في وضع الكتب باعتبار علومها و شرفها و شرف مصنفها فيضع الأشرف أعلى الكل ثم يراعي التدريج فإن كان فيها المصحف الكريم جعله أعلى الكل و الأولى أن يكون في خريطة ذات عروة في مسمار أو وتد في حائط طاهر نظيف في صدر المجلس ثم كتب الحديث الصرف ثم تفسير القرآن ثم تفسير الحديث ثم أصول الدين ثم أصول الفقه ثم الفقه ثم العربية. و لا يضع ذات القطع الكبير فوق ذوات الصغير لئلا يكثر تساقطها و لا يكثر وضع الردة 1075 في أثنائه لئلا يسرع تكسرها. و ينبغي أن يكتب اسم الكتاب عليه في جانب آخر الصفحات من أسفل 1076 و فائدته معرفة الكتاب و تيسر إخراجه من بين الكتب.
العاشرة 1077
[10-] أن لا يجعل الكتاب خزانة للكراريس أو غيرها
و لا مخدة و لا مروحة و لا مكنسا 1078 و لا مسندا [و لا مستندا] و لا متكئا و لا مقتلة للبراغيث و غيرها لا سيما في الورق و لا يطوي حاشية الورقة أو زاويتها و لا يعلم بعود أو بشيء جاف بل بورقة لطيفة و نحوها و إذا ظفر فلا يكبس ظفره قويا.
الحادية عشرة 1079
[11-] إذا استعار كتابا ينبغي له أن يتفقده عند أخذه و رده
و إذا اشترى كتابا تعهد أوله و آخره و وسطه و ترتيب أبوابه و كراريسه و تصفح أوراقه و اعتبر صحته و مما يغلب على ظنه صحته إذا ضاق الزمان عن تفتيشه أن يرى إلحاقا أو إصلاحا فإنه من شواهد الصحة حتى قال بعضهم لا يضيء الكتاب حتى يظلم 1080 يريد إصلاحه بالضرب و الكشط و الإلحاق و نحوها.
الثانية عشرة 1081
[12-] إذا نسخ شيئا من كتب العلم الشرعية فينبغي أن يكون على طهارة
مستقبلا طاهر البدن و الثياب و الحبر و الورق و يبتدئ الكتاب بكتابة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و الحمد لله و الصلاة على رسوله و آله و إن لم يكن المصنف قد كتبها لكن إن لم تكن من كلام المصنف أشعر بذلك بأن يقول بعد ذلك قال المصنف أو الشيخ و نحو ذلك. و كذلك يختم الكتاب بالحمدلة و الصلاة و السلام بعد ما يكتب آخر الجزء الفلاني و يتلوه كذا و كذا إن لم يكن كمل الكتاب و يكتب إذا كمل تم الكتاب الفلاني أو الجزء الفلاني و بتمامه تم الكتاب و نحو ذلك ففيه فوائد كثيرة. و كلما كتب اسم الله تعالى أتبعه بالتعظيم مثل تعالى أو سبحانه أو عز و جل أو تقدس و نحو ذلك و يتلفظ بذلك أيضا و كلما كتب اسم النبي ص كتب بعده الصلاة عليه و على آله و السلام و يصلي و يسلم هو بلسانه أيضا. و لا يختصر الصلاة في الكتاب و لا يسأم من تكريرها و لو وقعت في السطر مرارا كما يفعل بعض المحرومين المتخلفين من كتابة صلعم أو صلم أو صم أو صلسم أو صله فإن ذلك كله خلاف الأولى و المنصوص بل قال بعض
العلماء إن أول من كتب صلعم قطعت يده 1082 . و أقل ما في الإخلال بإكمالها تفويت الثواب العظيم عليها
فَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ ص أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ 1083 .
و إذا مر بذكر أحد من الصحابة سيما الأكابر كتب رضي الله عنه أو رضوان الله عليه أو بذكر أحد من السلف الأعلام كتب رحمه الله أو تغمده الله برحمته و نحو ذلك و قد جرت العادة باختصاص الصلاة و السلام بالأنبياء و ينبغي أن يجعل للأئمة عليهم السلام السلام و إن جاز خلاف ذلك كله بل يجوز الصلاة على كل مؤمن كما دل عليه القرآن و الحديث 1084 .
و كتابة ما ذكر من الثناء و نحوه هو دعاء ينشئه لا كلام يرويه فلا يتقيد فيه بالرواية و لا بإثبات المصنف بل يكتبه و إن سقط من الأصل المنقول أو المسموع منه. و إذا وجد شيئا من ذلك قد جاءت به الرواية أو مذكورا في التصنيف كانت العناية بإثباته و ضبطه أكثر هذا هو الراجح و مختار الأكثر و ذهب بعض العلماء 1085 إلى إسقاط ذلك كله من الكتابة مع النطق بذلك و ينبغي أن يذكر السلام على النبي مع الصلاة عملا بظاهر الآية 1086 و لو اقتصر على الصلاة لم يكن به بأس.
الثالثة عشرة
[13-] لا يهتم المشتغل بالعلم بالمبالغة في حسن الخط
و إنما يهتم بصحته و تصحيحه و يجتنب التعليق جدا و هو خَلْطُ الحروف التي ينبغي تفريقها و المشق و هو سرعة الكتابة مع بعثرة الحروف و قال بعضهم وزن الخط وزن القراءة أجود القراءة أبينها و أجود الخط أبينه 1087 . و ينبغي أن يجتنب الكتابة الدقيقة لأنه لا ينتفع بها أو لا يكمل الانتفاع بها لمن ضعف نظره و ربما ضعف نظر الكاتب نفسه بعد ذلك فلا ينتفع بها قال بعض السلف 1088 لكاتب و قد رآه يكتب خطا دقيقا لا تفعل فإنه يخونك أَحْوَجَ
ما تكون إليه. و قال بعضهم اكتب ما ينفعك وقت احتياجك إليه و لا تكتب ما لا تنتفع به وقت الحاجة أي وقت الكبر و ضعف البصر 1089 . و هذا كله في غير مُسْوَدَّاتِ المصنفين فإن تَأَنِّيَهُمْ في الكتابة يُفَوِّتُ كثيرا من أغراضهم التي هي أهم من تجويد الكتابة فمن ثم نراها غالبا عسرة القراءة مشتبكة الحروف و الكلمات لسرعة الكتابة و اشتغال الفكر بأمر آخر.
الرابعة عشرة 1090 قالوا
[14-] لا ينبغي أن يكون القلم صلبا جدا
فيمنع سرعة الجري أو رخوا فيسرع إليه الحفا قال بعضهم 1091 إذا أردت أن تجود خطك فأطل جلفتك و أسمنها و حرف قطتك و أيمنها و ليكن السكين حادة جدا لبراية الأقلام و كشط الورق خاصة لا تستعمل في غير ذلك و ليكن ما يقط 1092 عليه القلم صلبا و يحمدون في ذلك القصب الفارسي 1093 اليابس جدا و الآبنوس 1094 الصلب الصقيل.
الخامسة عشرة
[15-] ينبغي أن لا يقرمط الحروف
و يأتي بها مشتبهة بغيرها بل يعطي كل حرف حقه و كل كلمة حقها و يراعي من الآداب الواردة في ذلك