کتابخانه روایات شیعه
و كتابة ما ذكر من الثناء و نحوه هو دعاء ينشئه لا كلام يرويه فلا يتقيد فيه بالرواية و لا بإثبات المصنف بل يكتبه و إن سقط من الأصل المنقول أو المسموع منه. و إذا وجد شيئا من ذلك قد جاءت به الرواية أو مذكورا في التصنيف كانت العناية بإثباته و ضبطه أكثر هذا هو الراجح و مختار الأكثر و ذهب بعض العلماء 1085 إلى إسقاط ذلك كله من الكتابة مع النطق بذلك و ينبغي أن يذكر السلام على النبي مع الصلاة عملا بظاهر الآية 1086 و لو اقتصر على الصلاة لم يكن به بأس.
الثالثة عشرة
[13-] لا يهتم المشتغل بالعلم بالمبالغة في حسن الخط
و إنما يهتم بصحته و تصحيحه و يجتنب التعليق جدا و هو خَلْطُ الحروف التي ينبغي تفريقها و المشق و هو سرعة الكتابة مع بعثرة الحروف و قال بعضهم وزن الخط وزن القراءة أجود القراءة أبينها و أجود الخط أبينه 1087 . و ينبغي أن يجتنب الكتابة الدقيقة لأنه لا ينتفع بها أو لا يكمل الانتفاع بها لمن ضعف نظره و ربما ضعف نظر الكاتب نفسه بعد ذلك فلا ينتفع بها قال بعض السلف 1088 لكاتب و قد رآه يكتب خطا دقيقا لا تفعل فإنه يخونك أَحْوَجَ
ما تكون إليه. و قال بعضهم اكتب ما ينفعك وقت احتياجك إليه و لا تكتب ما لا تنتفع به وقت الحاجة أي وقت الكبر و ضعف البصر 1089 . و هذا كله في غير مُسْوَدَّاتِ المصنفين فإن تَأَنِّيَهُمْ في الكتابة يُفَوِّتُ كثيرا من أغراضهم التي هي أهم من تجويد الكتابة فمن ثم نراها غالبا عسرة القراءة مشتبكة الحروف و الكلمات لسرعة الكتابة و اشتغال الفكر بأمر آخر.
الرابعة عشرة 1090 قالوا
[14-] لا ينبغي أن يكون القلم صلبا جدا
فيمنع سرعة الجري أو رخوا فيسرع إليه الحفا قال بعضهم 1091 إذا أردت أن تجود خطك فأطل جلفتك و أسمنها و حرف قطتك و أيمنها و ليكن السكين حادة جدا لبراية الأقلام و كشط الورق خاصة لا تستعمل في غير ذلك و ليكن ما يقط 1092 عليه القلم صلبا و يحمدون في ذلك القصب الفارسي 1093 اليابس جدا و الآبنوس 1094 الصلب الصقيل.
الخامسة عشرة
[15-] ينبغي أن لا يقرمط الحروف
و يأتي بها مشتبهة بغيرها بل يعطي كل حرف حقه و كل كلمة حقها و يراعي من الآداب الواردة في ذلك
مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ كُتَّابِهِ
أَلِقِ 1095 الدَّوَاةَ وَ حَرِّفِ الْقَلَمَ 1096 وَ انْصِبِ الْبَاءَ وَ فَرِّقِ السِّينَ وَ لَا تُعَوِّرِ الْمِيمَ وَ حَسِّنِ اللَّهَ وَ مُدَّ الرَّحْمَنَ وَ جَوِّدِ الرَّحِيمَ وَ ضَعْ قَلَمَكَ عَلَى أُذُنِكَ الْيُسْرَى فَإِنَّهُ أَذْكَرُ لَكَ 1097 .
وَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا كَتَبْتَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- فَبَيِّنِ السِّينَ فِيهِ 1098 .
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا تَمُدَّ الْبَاءَ إِلَى الْمِيمِ حَتَّى تَرْفَعَ السِّينَ 1099 .
وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا كَتَبَ أَحَدُكُمْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- فَلْيَمُدَّ الرَّحْمَنَ 1100 .
وَ عَنْهُ أَيْضاً
مَنْ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- فَجَوَّدَهُ تَعْظِيماً لِلَّهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ 1101 .
وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَنَّهُ قَالَ: تَنَوَّقَ رَجُلٌ فِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- فَغُفِرَ لَهُ 1102 .
وَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا كَتَبَ أَحَدُكُمْ كِتَاباً فَلْيُتَرِّبْهُ فَإِنَّهُ أَنْجَحُ 1103 .
السادسة عشرة 1104
[16-] كرهوا في الكتابة فصل مضاف اسم الله تعالى منه
كعبد الله أو رسول الله ص فلا يكتب عبد أو رسول في آخر سطر و الله مع ما بعده أول سطر آخر لقبح الصورة و هذه الكراهة للتنزيه. و يلتحق بذلك أسماء النبي ص و أسماء الصحابة رضي الله عنهم و نحوها الموهم لخلل كقوله
سَابُّ النَّبِيِّ ص كَافِرٌ.
فلا يكتب ساب مثلا في آخر سطر و ما بعده في أول آخر. بل و لا اختصاص للكراهة بالفصل بين المتضايفين فغيرهما مما يستقبح فيه الفصل كذلك و كذلك كرهوا جعل بعض الكلمة في آخر سطر و بعضها في أول آخر.
السابعة عشرة 1105
[17-] عليه مقابلة كتابه بأصل صحيح موثوق به
و أولاه ما كان مع مصنفه ثم ما كان مع غيره من أصل بخط المصنف ثم بأصل قوبل معه إذا كان عليه خطه ثم ما قوبل به مع غيره مما هو صحيح مجرب 1106 لأن الغرض المطلوب أن يكون كتابه مطابقا لأصل المصنف 1107 . و بالجملة فمقابلة الكتاب الذي يرام النفع منه على أي وجه كان مما يفيد الصحة متعينة فينبغي مزيد الاهتمام بها. و قد قال بعض السلف 1108 لابنه كتبت قال نعم قال عرضت كتابك قال لا قال لم تكتب و عن الأخفش 1109 قال إذا نسخ الكتاب و لم يعارض ثم نسخ و لم يعارض خرج أعجميا 1110 . و قد سبقه إليه الخليل بن أحمد رحمه الله فقال إذا نسخ الكتاب ثلاث مرات و لم يعارض تحول بالفارسية 1111 إلا أن الأخفش اقتصر على مرتين.
الثامنة عشرة
[18-] إذا صحح الكتاب بالمقابلة فينبغي أن يضبط مواضع الحاجة
فيعجم المعجم و يشكل المشكل و يضبط المشتبه و يتفقد مواضع التصحيف أما ما يفهم بلا نقط و شكل فلا ينبغي الاعتناء بنقطه و شكله لأنه اشتغال بما غيره أولى منه و تعب بلا فائدة و ربما يحصل للكتاب به إظلام و لكن ينتفع به المبتدئ و كثير من الناس 1112 .
وَ رَوَى جَمِيلُ بْنُ دَرَّاجٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَعْرِبُوا حَدِيثَنَا فَإِنَّا قَوْمٌ فُصَحَاءُ 1113 .
و من مهمات الضبط ما يقع بسببه اختلاف المعنى كحديث
ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ 1114 .
و كذلك ضبط الملتبس من الأسماء إذ هي سماعية و إن احتاج إلى ضبطه في الحاشية قبالته فعل لأنه أبعد من الالتباس سيما عند