کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)

خطبة الكتاب‏ المقدمة في بيان ما يشترك فيه الأنبياء ع و في عددهم و بيان أولي العزم منهم و الفرق بين النبي و الإمام و جملة من أحوالهم‏ خاتمة في بيان عصمة الأنبياء و تأويل ما يوهم خلافه‏ الباب الأول في قصص آدم و حواء و أولادهما الفصل الأول في فضلهما و العلة في تسميتهما و بدو خلقهما و سؤال الملائكة في ذلك‏ الفصل الثاني في سجود الملائكة و له معناه و أنها أية جنة كانت و معنى تعليمه الأسماء الفصل الثالث في أن ذنبه كان ترك الأولى و كيفية قبول توبته و الكلمات التي تلقاها من ربه و كيفية نزوله من الجنة و حزنه عليها الفصل الرابع في تزويج آدم و حواء و كيفية ابتداء النسل و قصة قابيل و هابيل و بقية أحوال آدم ع‏ الباب الثاني في قصص إدريس ع‏ الباب الثالث في قصص نوح النبي ع و فيه فصلان‏ الفصل الأول في مدة عمره و وفاته و علل تسميته و نقش خاتمه و مكارم أخلاقه‏ الفصل الثاني في بعثته إلى قومه و قصة الطوفان‏ الباب الرابع في قصص هود النبي ع و قومه و عاد الباب الخامس في قصص نبي الله صالح ص‏ الباب السادس في قصص إبراهيم ع‏ الفصل الأول في علة تسميته و فضائله و سننه و نقش خاتمه‏ الفصل الثاني في بيان ولادته ع و كسر الأصنام و حال أبيه و ما جرى له مع فرعون‏ الفصل الثالث في إراءته ملكوت السماوات و الأرض و سؤاله إحياء الموتى و جملة من حكمه و مناقبه ع و فيه وفاته ع‏ الفصل الرابع في أحوال أولاده و أزواجه ص و بناء البيت الحرام‏ الفصل الخامس في قصة الذبح و تعيين المذبوح‏ الباب السابع في قصص لوط ع و قومه‏ الباب الثامن في قصص ذي القرنين ع‏ الباب التاسع في قصص يعقوب و يوسف ع‏ خاتمة في تأويل قوله تعالى‏ [البحث في السجدة ليوسف‏] الباب العاشر في قصص أيوب ع‏ الباب الحادي عشر في قصص شعيب ع‏ الباب الثاني عشر في قصص موسى و هارون‏ الفصل الأول فيما يشتركان فيه من علل التسمية و الفضائل‏ الفصل الثاني في أحوال موسى ع من حين ولادته إلى نبوته‏ الفصل الثالث في معنى قوله تعالى‏ و قولِ مُوسَى‏ و تسميةِ الجبلِ طور سيناء الفصل الرابع في بعثه موسى و هارون إلى فرعون و تفصيل الأحوال إلى وقت غرق فرعون و قومه‏ الفصل الخامس في أحوال مؤمن آل فرعون و امرأة فرعون و خروج موسى ع و قومه من البحر و حال ابتلائهم بالتقية الفصل السادس في نزول التوراة و سؤال الرؤية و عبادة العجل و ما يتعلق بها الفصل السابع في قصة قارون و ذبح البقرة و ما يتعلق بها الفصل الثامن في لقاء موسى ع للخضر و سائر أحوال الخضر ع‏ الفصل التاسع في مناجاة موسى و ما جرى بينه و بين إبليس و في وفاة موسى و هارون و موضع قبرهما و ما يتبع ذلك من النوادر الفصل العاشر في قصة بلعم بن باعوراء و أحوال إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد و أنه غير إسماعيل بن إبراهيم و قصة إلياس و إليا و اليسع و قصص ذي الكفل ع‏ [قصة إسماعيل صادق الوعد ع‏] و أما قصة إلياس و إليا و اليسع ع‏ و أما قصص ذي الكفل ع‏ باب فيه قصص لقمان و حكمه ع و قصة أشموئيل و طالوت و جالوت و تابوت السكينة [قصص لقمان‏] قِصَّةُ أُشْمُوئِيلَ وَ طَالُوتَ وَ جَالُوتَ‏ باب قصص داود ع‏ الفصل الأول في عمره و وفاته و فضائله و ما آتاه الله تعالى‏ و أما قصته ع مع أوريا الفصل الثاني فيما أوحى إليه و ما صدر عنه من الحكم‏ الفصل الثالث في قصة أصحاب السبت‏ باب فيه قصص سليمان ع‏ الفصل الأول في فضله و مكارم أخلاقه و جمل من أحواله‏ الفصل الثاني في معنى قول سُلَيْمَانَ‏ ... و في قصة مروره بوادي النمل و في قوله تعالى‏ و أما مروره ع بوادي النمل‏ و أما حكاية الخيل‏ الفصل الثالث في قصته مع بلقيس و فيه نفش الغنم و وفاته ع‏ باب في قصة قوم سبأ و أهل الثرثار و قصة أصحاب الرس و حنظلة و قصة شعيا و حبقوق‏ [قصة أصحاب الرس و حنظلة النبي‏] [قصة شعيا و حبقوق‏] باب فيه قصص زكريا و يحيى ع‏ باب في قصص عيسى و أمه ع‏ الفصل الأول في ولادة مريم و بعض أحوالها الفصل الثاني في ولادة عيسى ع و في معجزاته و نقش خاتمه و طرف مما يلائم ذلك‏ الفصل الثالث فيما جرى بينه و بين إبليس و في حواريه و أصحابه و في مواعظه و حكمه ع‏ الفصل الرابع في تفسير ما يقوله الناقوس و في رفعه ع إلى السماء باب في قصص أرميا و دانيال و عزير و بخت‏نصر باب في قصص يونس ع و فيه أحوال أبيه متى‏ باب في قصة أصحاب الكهف و الرقيم‏ باب في قصة أصحاب الأخدود و قصة جرجيس و قصة خالد بن سنان العبسي‏ باب ما ورد بلفظ نبي من الأنبياء و فيه ذكر نبي المجوس‏ خاتمة الكتاب في نوادر أخبار بني إسرائيل و أحوال بعض الملوك‏

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)


صفحه قبل

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 25

أقول جاء في الرواية أن الله سبحانه أمر ملك الموت على الحتم و يدل على أن أمره تعالى لمن تقدمه ليس على سبيل الحتم‏

وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْبَاقِرِ ع عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ص قَالَ‏ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقاً بِيَدِهِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ الْجِنِّ وَ النَّاسِ فِي الْأَرْضِ سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ فَكَشَفَ عَنْ أَطْبَاقِ السَّمَاوَاتِ وَ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ انْظُرُوا إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ خَلْقِي مِنَ الْجِنِّ وَ النَّاسِ فَلَمَّا رَأَوْا مَا يَعْمَلُونَ فِيهَا مِنَ الْمَعَاصِي عَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا رَبَّنَا أَنْتَ الْعَزِيزُ الْقَادِرُ وَ هَذَا خَلْقُكَ الضُّعَفَاءُ يَعِيشُونَ بِرِزْقِكَ وَ يَعْصُونَكَ وَ لَا تَنْتَقِمُ لِنَفْسِكَ فَلَمَّا سَمِعَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ‏ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً يَكُونُ حَجَّةً فِي أَرْضِي فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ سُبْحَانَكَ‏ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها كَمَا أَفْسَدَتْ بَنُو الْجَانِّ فَاجْعَلْ ذَلِكَ الْخَلِيفَةَ مِنَّا فَإِنَّا لَا نَعْصِيكَ وَ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ‏ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ‏ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ‏ أُرِيدُ أَنْ أَخْلُقَ خَلْقاً بِيَدِي وَ أَجْعَلَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ أَنْبِيَاءَ وَ عِبَاداً صَالِحِينَ وَ أَئِمَّةً مَهْدِيِّينَ أَجْعَلَهُمْ خُلَفَاءَ عَلَى خَلْقِي فِي أَرْضِي وَ أُطَهِّرَ أَرْضِي مِنَ النَّاسِ وَ أَنْقُلَ مَرَدَةَ الْجِنِّ الْعُصَاةَ عَلَى خَلْقِي وَ أِسْكِنَهُمْ فِي الْهَوَاءِ وَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَ أَجْعَلَ بَيْنَ الْجِنِّ وَ بَيْنَ خَلْقِي حِجَاباً فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبَّنَا افْعَلْ مَا شِئْتَ فَبَاعَدَهُمُ اللَّهُ مِنَ الْعَرْشِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ فَلَاذُوا بِالْعَرْشِ وَ أَشَارُوا بِالْأَصَابِعِ فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَيْهِمْ وَ نَزَلَتِ الرَّحْمَةُ فَوَضَعَ لَهُمْ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فَقَالَ طُوفُوا بِهِ وَ دَعُوا الْعَرْشَ فَطَافُوا بِهِ وَ هُوَ الْبَيْتُ الَّذِي يَدْخُلُهُ الْجِنُّ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَداً فَوَضَعَ اللَّهُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ تَوْبَةً لِأَهْلِ السَّمَاءِ وَ وَضَعَ الْكَعْبَةَ تَوْبَةً لِأَهْلِ الْأَرْضِ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ قَبَضَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ طِينَةَ آدَمَ وَ أَجْرَى فِيهَا الطَّبَائِعَ الْأَرْبَعَ الرِّيحَ وَ الدَّمَ وَ الْمِرَّةَ وَ الْبَلْغَمَ فَلَزِمَهُ مِنْ نَاحِيَةِ الرِّيحِ حُبُّ النِّسَاءِ وَ طُولُ الْأَمَلِ وَ الْحِرْصِ وَ لَزِمَهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَلْغَمِ حُبُّ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَ الْبِرُّ وَ الْحِلْمُ وَ الرِّفْقُ وَ لَزِمَهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَرَّةِ الْغَضَبُ وَ السَّفَهُ وَ الشَّيْطَنَةُ وَ التَّجَبُّرُ وَ التَّمَرُّدُ وَ الْعَجَلَةُ وَ لَزِمَهُ مِنْ نَاحِيَةِ الدَّمِ حُبُّ النِّسَاءِ وَ اللَّذَّاتِ وَ رُكُوبُ الْمَحَارِمِ وَ الشَّهَوَاتِ‏

أقول قيل المراد بالريح السوداء و بالمرة الصفراء أو بالعكس أو المراد بالريح الروح و المرة الصفراء و السوداء معا إذ يطلق عليهما و تكرار حب النساء لمدخليتهما معا

وَ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ‏ كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ آدَمَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ هَبَطَ بِهِ مَعَهُ فِي الْجَنَّةِ

وَ عَنْهُ ص‏ أَهْلُ الْجَنَّةِ لَيْسَتْ لَهُمْ كُنًى إِلَّا آدَمُ ع فَإِنَّهُ يُكَنَّى بِأَبِي مُحَمَّدٍ تَوْقِيراً وَ تَعْظِيماً

وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ آدَمَ ع مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَ أُمٍّ وَ عِيسَى ع مِنْ غَيْرِ أَبٍ لِيُعْلِمَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَ أُمٍّ وَ مِنْ غَيْرِ

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 26

أَبٍ كَمَا هُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِنْهُمَا وَ فِي قَوْلِهِ‏ خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ‏ قَالَ لَمَّا أَجْرَى اللَّهُ الرُّوحَ فِي آدَمَ مِنْ قَدَمَيْهِ فَبَلَغَتْ إِلَى رُكْبَتَيْهِ أَرَادَ أَنْ يَقُومُ فَلَمْ يَقْدِرْ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ‏ خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ‏ وَ قَالَ سُمِّيَتِ الْمَرْأَةُ امْرَأَةً لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الْمَرْءِ يَعْنِي خُلِقَتْ مِنْ آدَمَ ع وَ سُمِّيَ النِّسَاءُ نِسَاءَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِآدَمَ أُنْسٌ غَيْرُ حَوَّاءَ

وَ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْحَسَنِيِّ قَالَ‏ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع أَسْأَلُهُ عَنْ عِلَّةِ الْغَائِطِ وَ نَتْنِهِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ آدَمَ ع وَ كَانَ جَسَدُهُ طَيِّباً وَ بَقِيَ أَرْبَعِينَ سَنَةً مُلْقًى تَمُرُّ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَتَقُولُ لِأَمْرِ مَا خَلَقْتَ وَ كَانَ إِبْلِيسُ يَدْخُلُ فِي فِيهِ وَ يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ فَلِذَلِكَ صَارَ مَا فِي جَوْفِ آدَمَ مُنْتِناً خَبِيثاً غَيْرَ طَيِّبٍ‏

وَ عَنْ أَحَدِهِمَا ع‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا أَرَادَ خَلْقَ آدَمَ ع قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فَقَالَ مَلَكَانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ فَوَقَعَتِ الْحُجُبُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَ بَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَانَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى نُورُهُ ظَاهِراً لِلْمَلَائِكَةِ فَلَمَّا وَقَعَتِ الْحُجُبُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُمَا عَلِمَا أَنَّهُ سَخِطَ مِنْ قَوْلِهِمَا فَقَالا لِلْمَلَائِكَةِ مَا حِيلَتُنَا وَ مَا وَجْهُ تَوْبَتِنَا فَقَالُوا مَا نَعْرِفُ لَكُمَا مِنَ التَّوْبَةِ إِلَّا أَنْ تَلُوذَا بِالْعَرْشِ فَلَاذَا بِالْعَرْشِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُمَا وَ رَفَعَتِ الْحُجُبَ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُمَا وَ أَحَبَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْ يُعْبَدَ بِتِلْكَ الْعِبَادَةِ فَخَلَقَ اللَّهُ الْبَيْتَ فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ عَلَى الْعِبَادِ الطَّوَافَ حَوْلَهُ وَ خَلَقَ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فِي السَّمَاءِ

أقول المراد من نوره تعالى الأنوار المخلوقة في عرشه أو أنوار الأئمة ص أو أنوار معرفته و فيضه فتكون حجبا معنوية

وَ فِي عِلَلِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الرِّضَا ع‏ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا اسْتَغْفَرُوا مِنْ قَوْلِهِمْ‏ أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ عَلِمُوا أَنَّهُمْ أَذْنَبُوا فَنَدِمُوا وَ لَاذُوا بِالْعَرْشِ وَ اسْتَغْفَرُوا فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ يُتَعَبَّدَ بِمِثْلِ تِلْكَ الْعِبَادَةِ فَوَضَعَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ بَيْتاً بِحِذَاءِ الْعَرْشِ يُسَمَّى الضُّرَاحَ ثُمَّ وَضَعَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بَيْتاً يُسَمَّى الْمَعْمُورَ بِحِذَاءِ الضُّرَاحِ ثُمَّ وَضَعَ الْبَيْتَ بِحِذَاءِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ ع فَطَافَ بِهِ فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ جَرَى ذَلِكَ فِي وُلْدِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

وَ رُوِيَ‏ أَنَّهُ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع لِمَ صَارَ الطَّوَافُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فَرَدُّوا عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ قَالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ كَانَ لَا يَحْجُبُهُمْ عَنْ نُورِهِ فَحَجَبَهُمْ عَنْ نُورِهِ سَبْعَةَ آلَافِ عَامٍ فَلَاذُوا بِالْعَرْشِ سَبْعَةَ آلَافِ فَتَابَ عَلَيْهِمْ وَ جَعَلَ لَهُمُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَ وَضَعَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ تَحْتَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فَصَارَ الطَّوَافُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ وَاجِباً عَلَى الْعِبَادِ لِكُلِّ أَلْفِ سَنَةٍ شَوْطاً وَاحِداً

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 27

: وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ كَانَ الصُّرَدُ دَلِيلَ آدَمَ ع مِنْ بِلَادِ سَرَانْدِيبَ إِلَى جُدَّةَ شَهْراً وَ هُوَ أَوَّلُ طَائِرٍ صَامَ لِلَّهِ تَعَالَى‏

وَ سَأَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع النَّبِيَّ ص كَيْفَ صَارَتِ الْأَشْجَارُ بَعْضُهَا تَحْمِلُ وَ بَعْضُهَا لَا تَحْمِلُ فَقَالَ كُلَّمَا سَبَّحَ آدَمَ تَسْبِيحاً صَارَتْ لَهُ فِي الدُّنْيَا شَجَرَةً مَعَ حَمْلٍ وَ كُلَّمَا سَبَّحَتْ حَوَّاءُ تَسْبِيحَةً صَارَتْ لَهَا فِي الدُّنْيَا شَجَرَةً مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ‏

: وَ سُئِلَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ الشَّعِيرَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَمَرَ آدَمَ ع أَنِ ازْرَعْ مِمَّا اخْتَزَنْتَ لِنَفْسِكَ وَ جَاءَ جَبْرَئِيلُ بِقَبْضَةٍ مِنَ الْحِنْطَةِ فَقَبَضَ آدَمِ ع عَلَى قَبْضَةٍ وَ قَبَضَتْ حَوَّاءُ عَلَى قَبْضَةٍ فَقَالَ آدَمُ لِحَوَّاءَ لَا تَزْرَعِي أَنْتِ فَلَمْ تَقْبَلْ قَوْلَ [أَمْرِ] آدَمَ وَ كُلُّ مَا زَرَعَ آدَمُ ع جَاءَ حِنْطَةً وَ كُلُّ مَا زَرَعَتْ حَوَّاءُ جَاءَ شَعِيراً

وَ رَوَى الثِّقَةُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ‏ وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى‏ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً قَالَ عَهِدَ إِلَيْهِ فِي مُحَمَّدٍ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ ص فَتَرَكَ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ فِيهِمْ أَنَّهُمْ هَكَذَا وَ إِنَّمَا سُمُّوا أُولُو الْعَزْمِ لِأَنَّهُ عَهِدَ إِلَيْهِمْ فِي مُحَمَّدٍ وَ أَوْصِيَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ الْقَائِمِ ع وَ سِيرَتِهِ فَأَجْمَعَ عَزْمُهُمْ أَنْ كَذَلِكَ وَ الْإِقْرَارِ بِهِ‏

وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع‏ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏ وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ ع مِنَ الْمَاءِ الْعَذْبِ وَ خَلَقَ زَوْجَتَهُ مِنْ سِنْخِهِ فَيَرَاهَا مِنْ أَسْفَلِ أَضْلَاعِهِ فَجَرَى بِذَلِكَ الضِّلْعُ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ ثُمَّ زَوَّجَهَا إِيَّاهُ فَجَرَى بِسَبَبِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا صِهْرٌ فَذَلِكَ قَوْلُهُ‏ نَسَباً وَ صِهْراً فَالنَّسَبُ مَا كَانَ مِنْ نَسَبِ الرِّجَالِ وَ الصِّهْرُ مَا كَانَ مِنْ سَبَبِ النِّسَاءِ

وَ قَالَ‏ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنَ الطِّينِ وَ خَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ آدَمَ فَهِمَّةُ الرِّجَالِ الْأَرْضُ وَ هِمَّةُ النِّسَاءِ فِي الرِّجَالِ‏

وَ قَالَ ع‏ لَمَّا بَكَى آدَمُ ص عَلَى الْجَنَّةِ كَانَ رَأْسُهُ فِي بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ وَ كَانَ يَتَأَذَّى بِالشَّمْسِ فَحَطَّ مِنْ قَامَتِهِ‏

وَ قَالَ‏ إِنَّ آدَمَ لَمَّا أُهْبِطَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ أَكَلَ مِنَ الطَّعَامِ وَجَدَ فِي بَطْنِهِ ثِقَلًا فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى جَبْرَئِيلَ فَقَالَ يَا آدَمُ فَتَنَحَّ فَنَحَّاهُ فَأَحْدَثَ وَ خَرَجَ مِنْهُ الثِّقَلُ‏

وَ قَالَ ع‏ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ أَلْفَ أَتْيَةٍ عَلَى قَدَمَيْهِ مِنْهَا سَبْعُمِائَةِ حَجَّةٍ وَ ثَلَاثُمِائَةِ عُمْرَةٍ

وَ عَنْهُ ع‏ لَمَّا أَنْ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ أَوْقَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَطَسَ فَأَلْهَمَهُ اللَّهُ أَنْ حَمِدَهُ فَقَالَ اللَّهُ يَا آدَمُ حَمِدْتَنِي فَوَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَوْ لَا عَبْدَانَ أُرِيدُ خَلْقَهُمَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ مَا خَلَقْتُكَ قَالَ يَا رَبِّ بِقَدْرِهِمْ عِنْدَكَ مَا اسْمُهُمَا فَقَالَ تَعَالَى يَا آدَمُ انْظُرْ نَحْوَ الْعَرْشِ فَإِذَا بِسَطْرَيْنِ مِنْ نُورٍ أَوَّلُ السَّطْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ عَلِيٌّ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ وَ

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 28

السَّطْرُ الثَّانِي إِنِّي آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَرْحَمَ مَنْ وَالاهُمَا وَ أُعَذِّبَ مَنْ عَادَاهُمَا

وَ فِي قِصَصِ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ اجْتَمَعَ وُلْدُ آدَمَ فِي بَيْتٍ فَتَشَاجَرُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ خَيْرُ خَلْقِ اللَّهِ أَبُونَا آدَمُ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ هِبَةُ اللَّهِ فَحَكَوْا لَهُ فَرَجَعَ إِلَى آدَمَ ع وَ قَالَ يَا أَبَتِ إِنِّي دَخَلْتُ عَلَى إِخْوَتِي وَ هُمْ يَتَشَاجَرُونَ فِي خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ فَسَأَلُونِي فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي مَا أُخْبِرُهُمْ فَقَالَ آدَمُ يَا بُنَيَّ إِنِّي وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فَنَظَرْتُ إِلَى سَطْرٍ عَلَى وَجْهِ الْعَرْشِ مَكْتُوبٌ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* مُحَمَّدٌ وَ آلُ مُحَمَّدٍ خَيْرٌ مَنْ بَرَأَ اللَّهُ‏

وَ رَوَى الْعَيَّاشِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع مِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَ اللَّهُ حَوَّاءَ فَقَالَ أَيَّ شَيْ‏ءٍ يَقُولُونَ هَذَا الْخَلْقُ قُلْتُ يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا مِنْ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِ آدَمَ فَقَالَ كَذَبُوا كَانَ يُعْجِزُهُ أَنْ يَخْلُقَهَا مِنْ ضِلْعِهِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهَا فَقَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ آبَائِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ طِينٍ فَخَلَطَهَا بِيَمِينِهِ وَ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ فَخَلَقَ مِنْهَا آدَمَ وَ فَضَلَتْ فَضْلَةٌ مِنْ الطِّينِ فَخَلَقَ مِنْهَا حَوَّاءَ

أقول هذا الخبر معمول عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم و ما ورد من أنه خلق من ضلع من أضلاعه و هو الضلع الأيسر القصير محول على التقية أو على التأويل أو بأن يراد أن الطينة التي قررها الله سبحانه لذلك الضلع خلق منها حواء لأنها خلقت منه بعد خلقه فإنه يلزم كما قال ع أن يكون آدم ينكح بعضه بعضا فيقوى بذلك مذهب المجوس في نكاح المحرمات‏

وَ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ‏ سَأَلْتُهُ عَنْ إِبْلِيسَ أَ كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ هَلْ كَانَ يَلِي مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ شَيْئاً قَالَ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَمْ يَكُنْ يَلِي مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ شَيْئاً كانَ مِنَ الْجِنِ‏ وَ كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ وَ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَرَاهُ أَنَّهُ مِنْهَا وَ كَانَ اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا فَلَمَّا أُمِرَ بِالسُّجُودِ كَانَ مِنْهُ الَّذِي كَانَ وَ قَالَ ع لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ كَانَ إِبْلِيسُ يَمُرُّ بِهِ فَيَضْرِبُهُ بِرِجْلِهِ وَ يَقُولُ إِبْلِيسُ لِأَمْرٍ مَّا خُلِقْتَ‏

وَ قَالَ السَّيِّدُ ابْنُ طَاوُسٍ فِي كِتَابِ سَعْدِ السُّعُودِ مِنْ صَحَائِفِ إِدْرِيسَ النَّبِيِّ ع‏ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي صَوَّرَهَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ

يقول علي بن طاوس فأسقط بعض‏

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 29

المسلمين بعض هذا الكلام و قال إن الله خلق آدم على صورته فاعتقد الجسم فاحتاج المسلمون إلى تأويل الحديث. و قال في الصحف ثم جعل طينة آدم جسدا ملقى على طريق الملائكة التي تصعد فيه إلى السماء أربعين سنة ثم ذكر تناسل الجن و فسادهم و هروب إبليس منهم إلى الله و سأله أن يكون مع الملائكة و إجابة سؤاله و ما وقع من الجن حتى أمر الله إبليس أن ينزل مع الملائكة لطرد الجن فنزل و طردهم من الأرض التي أفسدوا فيها إلى آخر كلامه. و اعلم أنهم ذكروا في أخبار الملائكة عن الفساد وجوها منها أنهم قالوا ذلك ظنا لما رأوا من حال الجن الذين كانوا قبل آدم في الأرض و هو المروي عن ابن عباس و في أخبارنا إرشاد إليه. و منها أنهم علموا أنه مركب من الأركان المتخالفة و الأخلاط المتنافية الموجبة للشهوة التي منها الفساد و الغضب منه سفك الدماء. و منها أنهم قالوا ذلك على اليقين لما يروي ابن مسعود و غيره أنه تعالى لما قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قال ربنا و ما يكون الخليفة قال تكون له ذرية يفسدون في الأرض و يتحاسدون و يقتل بعضهم بعضا فعند ذلك قالوا ربنا أَ تَجْعَلُ فِيها إلى آخرها و منها أنه تعالى كان قد أعلم الملائكة أنه إذا كان في الأرض خلق عظيم أفسدوا فيها و سفكوا الدماء. و منها أنه لما كتب القلم في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة فلعلهم طالعوا اللوح فعرفوا ذلك. و منها أن الخليفة إذا كان معناه النائب عن الله في الحكم و القضاء و الاحتياج إنما يكون عند التنازع و اختلال النظام كان الإخبار عن وجود الخليفة إخبارا عن وقوع الفساد و الشر بطريق الالتزام. و منها

أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا خَلَقَ النَّارَ خَافَتِ الْمَلَائِكَةُ خَوْفاً شَدِيداً فَقَالُوا لِمَنْ خَلَقْتَ هَذِهِ النَّارَ قَالَ لِمَنْ عَصَانِي مِنْ خَلْقِي وَ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ خَلْقٌ غَيْرُ الْمَلَائِكَةِ فَلَمَّا قَالَ‏ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً عَرَفُوا أَنَّ الْمَعْصِيَةَ مِنْهُمْ‏

و قد جوز الحشوية صدور الذنب من الملائكة و جعلوا اعتراضهم هذا على الله من أعظم الذنوب و نسبة بني آدم إلى القتل و الفساد من الكبائر لأنه غيبة لهم و لأنهم مدحوا أنفسهم بقولهم‏ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ‏ و هو عجب. و أيضا قولهم‏ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا اعتذار و العذر دليل الذنب. و أيضا قوله‏ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ‏ دل على أنهم كانوا كاذبين فيما قالوه. و الجواب عن هذا كله ظاهر و هو أن ليس غرضهم الاعتراض بل السؤال عما خفي‏

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 30

عليهم من وجه الحكمة و ليس لمن لم يوجد غيبة

وَ فِي كِتَابِ قِصَصِ الرَّاوَنْدِيِّ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ‏ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع كَمْ كَانَ طُولُ آدَمَ ع حِينَ هُبِطَ بِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَ كَمْ كَانَ طُولُ حَوَّاءَ قَالَ وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيٍّ ع أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا أَهْبَطَ آدَمَ وَ زَوْجَتَهُ حَوَّاءَ إِلَى الْأَرْضِ كَانَتْ رِجْلَاهُ عَلَى ثَنِيَّةِ الصَّفَا وَ رَأْسُهُ دُونَ أُفُقِ السَّمَاءِ وَ أَنَّهُ شَكَا إِلَى اللَّهِ مَا يُصِيبُهُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَصَيَّرَ طُولَهُ سَبْعِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهِ وَ جَعَلَ طُولَ حَوَّاءَ خَمْسَةً وَ ثَلَاثِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهَا

وَ فِي الْكَافِي‏ بَعْدَ قَوْلِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى جَبْرَئِيلَ ع أَنَّ آدَمَ قَدْ شَكَا مَا يُصِيبُهُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ فَأَغْمَزَهُ غَمْزَةً وَ صَيَّرَ طُولَهُ سَبْعِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهِ وَ أَغْمَزَ حَوَّاءَ فَصَيَّرَ طُولَهَا خَمْسَةً وَ ثَلَاثِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهَا

أقول هذا الحديث عده المتأخرون من مشكلات الأخبار لوجهين. الأول أن طول القامة كيف يصير سببا للتضرر بحر الشمس مع أن حرارة الشمس إنما تكون بالانعكاس من الأجرام الأرضية و حده أربعة فراسخ في الهواء. الثاني أن كونه ع سبعين ذراعا بذراعه يستلزم عدم استواء خلقته و أنه يتعسر عليه كثير من الأعمال الضرورية و أجيب الأول بوجهين أحدهما أن يكون للشمس حرارة من غير جهة الانعكاس أيضا و تكون قامته ع طويلة جدا بحيث تتجاوز الطبقة الزمهريرية و يتأذى من تلك الحرارة و يؤيده حكاية ابن عناق أنه كان يشوي بعين الشمس. الثاني أنه كان لطول قامته لا يمكنه الاستظلال ببناء و لا شجر و لا جبل فلا يمكنه الاستظلال و لا الجلوس تحت شي‏ء فكان يتأذى من حرارة الشمس لذلك. و أما الجواب عن الثاني فمن وجوه أكثرها فيه من التكلف ما أوجب الإعراض عن ذكره لبعده عن لفظ الحديث و معناه. و أما الوجوه القريبة فمنها ما ذكره بعض الأفاضل من أن استواء الخلقة ليس منحصرا فيما هو معهود الآن فإن الله تعالى قادر على خلق الإنسان على هيئات أخر كل منها فيه استواء الخلقة و ذراع آدم ع يمكن أن يكون قصيرا مع طول العضد و جعله ذا مفاصل أو لينا بحيث يحصل الارتفاق به و الحركة كيف شاء. و منها ما روي عن شيخنا بهاء الدين طاب ثراه من أن في الكلام استخداما بأن يكون المراد بآدم حين إرجاع الضمير إليه آدم ذلك الزمان من أولاده و لا يخفى بعده و عدم جريانه في حواء إلا بتكلف. و منها ما قاله شيخنا المحدث سلمه الله تعالى و هو أن إضافة الذراع إليهما على التوسعة

النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (للجزائري)، ص: 31

و المجاز بأن نسب ذراع صنف آدم إليه و صنف حواء إليها أو يكون الضميران راجعين إلى الرجل و المرأة بقرينة المقام. و منها أن الباء في قوله بذراعه للملابسة أي كما قصر من طوله قصر من ذراعه لتناسب الأعضاء و إنما خص الذراع لأن جميع الأعضاء داخلة في الطول بخلاف الذراع و المراد بالذراع في قوله سبعين ذراعا أما ذراع من كان في زمن آدم أو ما كان في زمن من صدر عنه الخبر. و الأوجه عندي هو الوجه الأول و ذلك لأن استواء الخلقة إنما يكون بالنسبة إلى أغلب أنواع ذلك العصر و الشائع في ذلك العصر

رُوِيَ‏ أَنَّ مُوسَى ع أَرْسَلَ النُّقَبَاءَ الِاثْنَيْ عَشَرَ لِيَأْتُوا لَهُ بِخَبَرِ الْعَمَالِقَةِ حَتَّى يَغْزُوهُمْ فَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ بِلَادِهِمْ رَآهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْعَمَالِقَةِ فَوَضَعَ الِاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فِي طَرَفِ كُمِّهِ وَ حَمَلَهُمْ إِلَى سُلْطَانِهِمْ وَ صَبَّهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ قَالَ هَؤُلَاءِ مِنْ قَوْمِ مُوسَى أَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَضَعَ رِجْلِي عَلَيْهِمْ أَقْتُلُهُمْ فَقَالَ اتْرُكْهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وَ يُخْبِرُونَهُ بِمَا يَرَوْنَ فَطَلَبُوا مِنْهُ زَاداً لِلطَّرِيقِ فَأَعْطَاهُمْ رُمَّانَةً عَلَى ثَوْرٍ نِصْفُهَا خَالٍ مِنَ الْحَبِّ يَضَعُونَهُ فَوْقَ النِّصْفِ الْآخَرِ الَّذِي يَأْكُلُونَ مِنْهُ وَ فِي اللَّيْلِ يَنَامُونَ فِي النِّصْفِ الْخَالِي فَهُوَ فِي اللَّيْلِ مَنَامٌ وَ فِي النَّهَارِ غِطَاءٌ

و كان قوم موسى بالنسبة إليهم غير مستوي الخلقة و كذا العكس. على أن الأخبار الواردة بصفات حور العين و ولدان الجنة و أكثر ما ورد فيها لو وجد في الدنيا لكان بعيدا عن استواء الخلقة

الفصل الثاني في سجود الملائكة و له معناه و أنها أية جنة كانت و معنى تعليمه الأسماء

صفحه بعد