کتابخانه روایات شیعه
الْحَوَارِيُّونَ الْحَوَارِيِّينَ قَالَ أَمَّا عِنْدَ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ سُمُّوا حَوَارِيِّينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَصَّارِينَ يَخْلُصُونَ الثِّيَابَ مِنَ الْوَسَخِ بِالْغَسْلِ وَ هُوَ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْخُبْزِ الْحُوَّارَى وَ أَمَّا عِنْدَنَا فَسُمِّيَ الْحَوَارِيُّونَ حَوَارِيِّينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُخْلِصِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَ مُخَلِّصِينَ لِغَيْرِهِمْ مِنْ أَوْسَاخِ الذُّنُوبِ بِالْوَعْظِ وَ التَّذْكِيرِ قَالَ قُلْتُ لَهُ فَلِمَ سُمِّيَ النَّصَارَى نَصَارَى قَالَ لِأَنَّهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ اسْمُهَا نَاصِرَةٌ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ نَزَلَتْهَا مَرْيَمُ وَ عِيسَى بَعْدَ رُجُوعِهِمَا مِنْ مِصْرَ
وَ عَنْهُ ع سُبَّاقُ الْأُمَمِ ثَلَاثٌ لَمْ يَكْفُرُوا بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ صَاحِبُ يس وَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ فَهُمُ الصِّدِّيقُونَ حَبِيبٌ النَّجَّارُ مُؤْمِنُ آلِ يس وَ حِزْقِيلُ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ص وَ هُوَ أَفْضَلُهُمْ
الْكَافِي قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ ع يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ لِي إِلَيْكُمْ حَاجَةٌ اقْضُوهَا لِي قَالُوا قُضِيَتْ حَاجَتُكَ يَا رُوحَ اللَّهِ فَقَامَ فَغَسَلَ أَقْدَامَهُمْ فَقَالُوا كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا يَا رُوحَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْخِدْمَةِ الْعَالِمُ إِنَّمَا تَوَاضَعْتُ هَكَذَا لِكَيْمَا تَتَوَاضَعُوا بَعْدِي فِي النَّاسِ كَتَوَاضُعِي لَكُمْ ثُمَّ قَالَ عِيسَى ع عَلَيْكُمْ بِالتَّوَاضُعِ تُعْمَرُ الْحِكْمَةُ لَا بِالتَّكَبُّرِ وَ كَذَلِكَ فِي السَّهْلِ يَنْبُتُ الزَّرْعُ لَا بِالْجَبَلِ
وَ فِيهِ أَنَّهُ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَا بَالُ أَصْحَابِ عِيسَى ع كَانُوا يَمْشُونَ عَلَى الْمَاءِ وَ لَيْسَ ذَلِكَ فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ص قَالَ إِنَّ أَصْحَابَ عِيسَى كُفُوا عَنِ الْمَعَاشِ وَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ابْتُلُوا بِالْمَعَاشِ
وَ فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قُلْتُ إِنَّا لَنَرَى الرَّجُلَ لَهُ عِبَادَةٌ وَ اجْتِهَادٌ وَ خُشُوعٌ وَ لَا يَقُولُ بِالْحَقِّ فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ شَيْئاً فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي مَثَلُ أَهْلِ بَيْتٍ كَانُوا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ لَا يَجْتَهِدُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلَّا دَعَا فَأُجِيبَ وَ إِنَّ رَجُلًا مِنْهُمُ اجْتَهَدَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ دَعَا فَلَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ فَأَتَى عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ ع لِيَشْكُوَ إِلَيْهِ مَا هُوَ فِيهِ وَ يَسْأَلَهُ الدُّعَاءَ قَالَ فَتَطَهَّرَ عِيسَى وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ يَا عِيسَى إِنَّ عَبْدِي أَتَانِي مِنْ قِبَلِ الْبَابِ الَّذِي أُوتِيَ مِنْهُ أَنَّهُ دَعَانِي وَ فِي قَلْبِهِ شَكٌّ مِنْكَ فَلَوْ دَعَانِي حَتَّى يَنْقَطِعَ عُنُقُهُ وَ تَنْشُرَ أَنَامِلُهُ مَا اسْتَجَبْتُ لَهُ
قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ عِيسَى ع فَقَالَ تَدْعُو رَبَّكَ وَ أَنْتَ فِي شَكٍّ مِنْ نَبِيِّهِ فَقَالَ يَا رُوحَ اللَّهِ وَ كَلِمَتَهُ قَدْ كَانَ وَ اللَّهِ مَا قُلْتَ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ عَنِّي قَالَ فَدَعَا لَهُ عِيسَى فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ قَبِلَ مِنْهُ وَ صَارَ فِي أَحَدِ أَهْلِ بَيْتِهِ
وَ فِي كِتَابِ بِحَارُ الْأَنْوَارِ أَنَّ عِيسَى ع جَمَعَ بَعْضَ الْحَوَارِيِّينَ فِي بَعْضِ سِيَاحَتِهِ فَمَرُّوا عَلَى بَلَدٍ فَلَمَّا قَرُبُوا مِنْهُ وَجَدُوا كَنْزاً عَلَى الطَّرِيقِ فَقَالَ مَنْ مَعَهُ ائْذَنْ لَنَا يَا رُوحَ اللَّهِ أَنْ نُقِيمَ هَاهُنَا وَ نَحُوزَ هَذَا الْكَنْزَ لِئَلَّا يَضِيعَ فَقَالَ لَهُمْ أَقِيمُوا هَاهُنَا وَ أَنَا أَدْخُلُ الْبَلَدَ وَ لِي كَنْزٌ أَطْلُبُهُ. فَلَمَّا دَخَلَ الْبَلَدَ وَ جَالَ فِيهِ رَأَى دَاراً خَرِبَةً فَدَخَلَهَا فَوَجَدَ فِيهَا عَجُوزاً فَقَالَ لَهَا أَنَا ضَيْفُكِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَ هَلْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ غَيْرُكِ قَالَتْ نَعَمْ لِي ابْنٌ صَغِيرٌ مَاتَ أَبُوهُ وَ بَقِيَ يَتِيماً فِي حَجْرِي وَ هُوَ يَذْهَبُ إِلَى الصَّحَارِي وَ يَجْمَعُ الشَّوْكَ وَ يَبِيعُهُ وَ نَتَعَيَّشُ بِهِ فَلَمَّا جَاءَ وَلَدُهَا قَالَتْ لَهُ بَعَثَ اللَّهً لَنَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ضَيْفاً صَالِحاً تَسْطَعُ مِنْ جَبِينِهِ أَنْوَارُ الْهُدَى وَ الصَّلَاحِ فَاغْتَنِمْ خِدْمَتَهُ وَ صُحْبَتَهُ فَدَخَلَ الِابْنُ عَلَى عِيسَى ع وَ أَكْرَمَهُ. فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ سَأَلَ عِيسَى ع الْغُلَامَ عَنْ حَالِهِ وَ مَعِيشَتِهِ وَ غَيْرِهَا وَ تَفَرَّسَ فِيهِ آثَارَ الْعَقْلِ وَ الِاسْتِعْدَادِ لِلتَّرَقِّي عَلَى مَدَارِجِ الْكَمَالِ لَكِنْ وَجَدَ فِيهِ أَنَّ قَلْبَهُ مَشْغُولٌ بِهَمٍّ عَظِيمٍ فَقَالَ يَا غُلَامُ أَرَى قَلْبَكَ مَشْغُولًا بِهَمٍّ عَظِيمٍ فَأَخْبِرْنِي لَعَلَّهُ يَكُونُ عِنْدِي دَوَاءُ دَائِكَ. فَلَمَّا بَالَغَ عِيسَى ع قَالَ نَعَمْ فِي قَلْبِي هُمْ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَوَائِهِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ أَخْبِرْنِي بِهِ لَعَلَّ اللَّهَ يُلْهِمُنِي مَا يُزِيلُهُ عَنْكَ فَقَالَ الْغُلَامُ إِنِّي كُنْتُ يَوْماً أَحْمِلُ الشَّوْكَ إِلَى الْبَلَدِ فَمَرَرْتُ بِقَصْرِ ابْنَةِ الْمَلِكِ فَنَظَرْتُ إِلَى الْقَصْرِ فَوَقَعَ نَظَرِي عَلَيْهَا فَدَخَلَ حُبُّهَا شِغَافَ قَلْبِي وَ هُوَ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَا أَرَى لِذَلِكَ دَوَاءً إِلَّا الْمَوْتَ فَقَالَ عِيسَى ع إِنْ كُنْتَ تُرِيدُهَا أَنَا أَحْتَالُ حَتَّى تَتَزَوَّجَهَا. فَجَاءَ الْغُلَامُ إِلَى أُمِّهِ وَ أَخْبَرَهَا بِقَوْلِهِ فَقَالَتْ أُمُّهُ يَا وَلَدِي إِنِّي لَا أَظُنُّ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَعِدُ بِشَيْءٍ لَا يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ بِهِ فَاسْمَعْ لَهُ وَ أَطِعْهُ فِي كُلِّ مَا يَقُولُ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ عِيسَى ع لِلْغُلَامِ اذْهَبْ إِلَى بَابِ الْمَلِكِ فَإِذَا أَتَى خَوَاصُّ الْمَلِكِ لِيَدْخُلُوا عَلَيْهِ قُلْ لَهُمْ أَبْلِغُوا الْمَلِكَ عَنِّي أَنِّي جِئْتُهُ خَاطِباً كَرِيمَتَهُ ثُمَّ ائْتِنِي وَ أَخْبِرْنِي بِمَا جَرَى بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الْمَلِكِ.
فَأَتَى الْغُلَامُ بَابَ الْمَلِكِ فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ لِخَاصَّتِهِ ضَحِكُوا وَ تَعَجَّبُوا مِنْ قَوْلِهِ وَ دَخَلُوا عَلَى الْمَلِكِ وَ أَخْبَرُوهُ بِمَا قَالَ الْغُلَامُ مُسْتَهْزِءِينَ بِهِ فَاسْتَحْضَرَهُ الْمَلِكُ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى الْمَلِكِ وَ خَطَبَ ابْنَتَهُ قَالَ الْمَلِكُ مُسْتَهْزِئاً بِهِ لَا أُعْطِيكَ ابْنَتِي إِلَّا أَنْ تَأْتِيَنِي مِنَ اللَّئَالِئِ وَ الْيَوَاقِيتِ وَ الْجَوَاهِرِ كَذَا وَ كَذَا وَ وَصَفَ لَهُ مَا لَا يُوجَدُ فِي خِزَانَةِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا فَقَالَ الْغُلَامُ أَنَا أَذْهَبُ وَ آتِيكَ بِجَوَابِ هَذَا الْكَلَامِ فَرَجَعَ إِلَى عِيسَى ع فَأَخْبَرَهُ بِمَا جَرَى فَذَهَبَ بِهِ عِيسَى ع إِلَى خَرِبَةٍ فِيهَا أَحْجَارٌ وَ مَدَرٌ كِبَارٌ فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى فَصَيَّرَهَا كُلَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا طَلَبَ الْمَلِكُ وَ أَحْسَنَ مِنْهَا فَقَالَ يَا غُلَامُ خُذْ مِنْهَا مَا تُرِيدُ وَ اذْهَبْ بِهِ إِلَى الْمَلِكِ فَلَمَّا أَتَى الْمَلِكَ بِهَا تَحَيَّرَ الْمَلِكُ وَ أَهْلُ مَجْلِسِهِ فِي أَمْرِهِ وَ قَالُوا لَا يَكْفِينَا هَذَا فَرَجَعَ إِلَى عِيسَى ع فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ اذْهَبْ إِلَى الْخَرِبَةِ وَ خُذْ مِنْهَا مَا تُرِيدُ وَ اذْهَبْ بِهَا إِلَيْهِمْ فَلَمَّا رَجَعَ بِأَضْعَافِ مَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا زَادَتْ حَيْرَتُهُمْ وَ قَالَ الْمَلِكُ إِنَّ لِهَذَا شَأْناً غَرِيباً فَخَلَا بِالْغُلَامِ وَ اسْتَخْبَرَهُ عَنِ الْحَالِ فَأَخْبَرَهُ بِكُلِّ مَا جَرَى بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عِيسَى وَ مَا كَانَ مِنْ عِشْقِهِ لِابْنَتِهِ فَعَلِمَ الْمَلِكُ أَنَّ الضَّيْفَ هُوَ عِيسَى ع فَقَالَ قُلْ لِضَيْفِكَ يَأْتِينِي وَ يُزَوِّجُكَ ابْنَتِي فَحَضَرَ عِيسَى ع وَ زَوَّجَهَا مِنْهُ وَ بَعَثَ الْمَلِكُ ثِيَاباً فَاخِرَةً إِلَى الْغُلَامِ فَأَلْبَسَهَا إِيَّاهُ وَ جَمَعَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ ابْنَتِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَلَمَّا أَصْبَحَ طَلَبَ الْغُلَامَ وَ كَلَّمَهُ فَوَجَدَهُ عَاقِلًا فَهِماً فَلَمْ يَكُنْ لِلْمَلَكِ وَلَدٌ غَيْرُ هَذِهِ الِابْنَةِ فَجَعَلَهُ الْمَلِكُ وَلِيَّ عَهْدِهِ وَ وَارِثَ مِلْكِهِ وَ أَمَرَ خَوَاصَّهُ وَ أَعْيَانَ مَمْلَكَتِهِ بِبَيْعَتِهِ وَ طَاعَتِهِ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ مَاتَ الْمَلِكُ فَأَجْلَسُوا الْغُلَامَ عَلَى سَرِيرِ الْمَلِكِ وَ أَطَاعُوهُ وَ سَلَّمُوا إِلَيْهِ خَزَائِنَهُ فَأَتَاهُ عِيسَى ع فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لِيُوَدِّعَهُ فَقَالَ الْغُلَامُ أَيُّهَا الْحَكِيمُ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ حُقُوقاً لَا أَقُومُ بِشُكْرِ وَاحِدٍ مِنْهَا وَ لَكِنْ عَرَضَ فِي قَلْبِي الْبَارِحَةَ أَمْرٌ لَوْ لَمْ تُجِبْنِي عَنْهُ لَمْ أَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ مِمَّا حَصَّلْتَهَا لِي فَقَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ الْغُلَامُ إِنَّكَ قَدَرْتَ عَلَى أَنْ تَنْقُلَنِي مِنْ تِلْكَ الْحَالَةِ الْخَسِيسَةِ إِلَى تِلْكَ الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ فِي يَوْمَيْنِ فَلِمَ لَا تَفْعَلُ هَذَا لِنَفْسِكَ وَ أَرَاكَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَمَّا أَحْفَى فِي السُّؤَالِ قَالَ لَهُ عِيسَى إِنَّ الْعَالِمَ بِاللَّهِ وَ بِدَارِ ثَوَابِهِ وَ كَرَامَتِهِ وَ الْبَصِيرَ بِفِنَاءِ الدُّنْيَا وَ خِسَّتِهَا لَا يَرْغَبُ إِلَى هَذَا الْمُلْكِ الزَّائِلِ وَ إِنَّ لَنَا فِي قُرْبِهِ تَعَالَى وَ مَعْرِفَتِهِ وَ مَحَبَّتِهِ لَذَّاتٍ رُوحَانِيَّةً لَا تُعَدُّ تِلْكَ اللَّذَّاتُ الْفَانِيَةُ عِنْدَهَا شَيْئاً فَلَمَّا أَخْبَرَ بِعُيُوبِ الدُّنْيَا وَ آفَاتِهَا وَ نَعِيمِ الْآخِرَةِ وَ دَرَجَاتِهَا قَالَ الْغُلَامُ فَلِي عَلَيْكَ حُجَّةٌ أُخْرَى لِمَ اخْتَرْتَ لِنَفْسِكَ مَا هُوَ أَوْلَى وَ أَحْرَى وَ أَوْقَعْتَنِي فِي هَذِهِ الْبَلِيَّةِ الْكُبْرَى فَقَالَ عِيسَى ع إِنَّمَا اخْتَرْتُ لَكَ ذَلِكَ لِأَمْتَحِنَكَ فِي عَقْلِكَ وَ ذَكَائِكَ وَ لِيَكُونَ لَكَ الثَّوَابُ فِي تَرْكِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُيَسَّرَةِ لَكَ أَكْثَرَ وَ أَوْفَى وَ تَكُونَ حُجَّةً عَلَى غَيْرِكَ فَتَرَكَ الْغُلَامُ الْمُلْكَ وَ لَبِسَ أَثْوَابَهُ الْبَالِيَةَ وَ تَبِعَ عِيسَى ع فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ
قَالَ فَذَا كَنْزِي الَّذِي كُنْتُ أَظُنُّهُ هَذَا الْبَلَدَ فَوَجَدْتُهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ
الْأَمَالِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى الصَّادِقِ ع قَالَ إِنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ ع تَوَجَّهَ فِي بَعْضِ حَوَائِجِهِ وَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَمَرَّ بِلَبِنَاتٍ ثَلَاثٍ مِنْ ذَهَبٍ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ هَذَا يَقْتُلُ النَّاسَ ثُمَّ مَضَى فَقَالَ أَحَدُهُمْ إِنَّ لِي حَاجَةً قَالَ فَانْصَرَفَ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ إِنَّ لِي حَاجَةً فَانْصَرَفَ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ إِنَّ لِي حَاجَةً فَانْصَرَفَ فَوَافَوْا عِنْدَ الذَّهَبِ ثَلَاثَتُهُمْ فَقَالَ اثْنَانِ لِوَاحِدٍ اشْتَرِ لَنَا طَعَاماً فَذَهَبَ يَشْتَرِي لَهُمَا طَعَاماً فَجَعَلَ فِيهِ سَمّاً لِيَقْتُلَهُمَا كَيْ لَا يُشَارِكَاهُ فِي الذَّهَبِ وَ قَالَ الِاثْنَانِ إِذَا جَاءَ قَتَلْنَاهُ كَيْ لَا يُشَارِكَنَا فَلَمَّا جَاءَ قَامَا إِلَيْهِ فَقَتَلَاهُ ثُمَّ تَغَدَّيَا فَمَاتَا فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ عِيسَى ع وَ هُمْ مَوْتَى حَوْلَهُ فَأَحْيَاهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ثُمَّ قَالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنَّ هَذَا يَقْتُلُ النَّاسَ
التَّوْحِيدِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ لَمَّا وُلِدَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ كَانَ ابْنَ شَهْرَيْنِ فَلَمَّا كَانَ ابْنَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَخَذَتْ وَالِدَتُهُ بِيَدِهِ وَ جَاءَتْ بِهِ إِلَى الْكُتَّابِ وَ أَقْعَدَتْهُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُؤَدِّبِ فَقَالَ لَهُ الْمُؤَدِّبُ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* فَقَالَ عِيسَى ع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* فَقَالَ الْمُؤَدِّبُ قُلْ أَبْجَدْ فَرَفَعَ عِيسَى رَأْسَهُ فَقَالَ وَ هَلْ تَدْرِي مَا أَبْجَدْ فَعَلَاهُ بِالدِّرَّةِ لِيَضْرِبَهُ فَقَالَ يَا مُؤَدِّبُ لَا تَضْرِبْنِي إِنْ كُنْتَ تَدْرِي وَ إِلَّا فَاسْأَلْنِي حَتَّى أُفَسِّرَ لَكَ قَالَ فَسِّرْ لِي فَقَالَ عِيسَى ع أَمَّا الْأَلِفُ فَآلَاءُ اللَّهِ وَ الْبَاءُ بَهْجَةُ اللَّهِ وَ الْجِيمُ جَمَالُ اللَّهِ وَ الدَّالُ دِينُ اللَّهِ هَوَّزْ الْهَاءُ هَوْلُ جَهَنَّمَ وَ الْوَاوُ وَيْلُ أَهْلِ النَّارِ وَ الزَّايُ زَفِيرُ جَهَنَّمَ حُطِّي حُطَّتِ الْخَطَايَا عَنِ الْمُسْتَغْفِرِينَ كَلَمَنْ كَلَامُ اللَّهِ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ سَعْفَصْ صَاعٌ بِصَاعٍ وَ الْجَزَاءُ بِالْجَزَاءِ قَرَشَتْ قَرَشَهُمْ فَحَشَرَهُمْ فَقَالَ الْمُؤَدِّبُ أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ خُذِي بِيَدَيْ ابْنِكَ فَقَدْ عَلِمَ وَ لَا حَاجَةَ لَهُ فِي الْمُؤَدِّبِ
الْأَمَالِي مُسْنَداً إِلَى الصَّادِقِ ع قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ مَرَّ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ ع بِقَبْرٍ يُعَذَّبُ صَاحِبُهُ ثُمَّ مَرَّ بِهِ مِنَ الْقَابِلِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ يُعَذَّبُ فَقَالَ يَا رَبِّ مَرَرْتُ بِهَذَا الْقَبْرِ عَامَ أَوَّلَ فَكَانَ صَاحِبُهُ يُعَذَّبُ ثُمَّ مَرَرْتُ بِهِ الْعَامَ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ يُعَذَّبُ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ يَا رُوحَ اللَّهِ إِنَّهُ أَدْرَكَ وَلَدٌ صَالِحٌ فَأَصْلَحَ طَرِيقاً وَ آوَى يَتِيماً فَغَفَرْتُ لَهُ بِمَا عَمِلَ ابْنُهُ قَالَ فَقَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ ع لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا ع إِذَا قِيلَ فِيكَ مَا فِيكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَنْبٌ ذُكِرْتَهُ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ مِنْهُ وَ إِنَّ فِيكَ مَا لَيْسَ فِيكَ فَاعْلَمْ أَنَّهَا حَسَنَةٌ كُتِبَتْ لَكَ لَمْ تَتْعَبْ فِيهَا وَ فِي مَوَاعِظِ الْمَسِيحِ ع يَا عُلَمَاءَ السَّوْءِ لَيْسَ أَمْرُ اللَّهِ عَلَى مَا تَتَمَنَّوْنَ وَ تَتَخَيَّرُونَ
بَلْ لِلْمَوْتِ تَبْنُونَ الدَّارَ وَ لِلْخَرَابِ تَبْنُونَ وَ تَعْمُرُونَ وَ لِلْوَارِثِ تُمَهِّدُونَ وَ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مُوسَى ع كَانَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ كَاذِبِينَ وَ أَنَا أَقُولُ لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ صَادِقِينَ وَ لَا كَاذِبِينَ وَ لَكِنْ قُولُوا وَ أَنْعَمَ اللَّهُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَيْكُمْ بِالْبَقْلِ الْبَرِّيِّ وَ خُبْزِ الشَّعِيرِ وَ إِيَّاكُمْ وَ خُبْزَ الْبُرِّ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا تَقُومُوا بِشُكْرِهِ
عِلَلِ الشَّرَائِعِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ مَرَّ أَخِي عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ ع بِمَدِينَةٍ وَ فِيهَا رَجُلٌ وَ امْرَأَةٌ صَالِحَيْنِ فَقَالَ وَ مَا شَأْنُكُمَا قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ امْرَأَتِي وَ لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ فَهِيَ صَالِحَةٌ وَ لَكِنِّي أُحِبُّ فِرَاقَهَا قَالَ فَمَا شَأْنُهَا قَالَ هِيَ خَلِقَةُ الْوَجْهِ مِنْ غَيْرِ كِبَرٍ قَالَ لَهَا إِذَا أَكَلْتِ فَإِيَّاكِ أَنْ تَشْبَعِي لِأَنَّ الطَّعَامَ إِذَا تَكَاثَرَ عَلَى الصَّدْرِ فَزَادَ فِي الْقَدْرِ ذَهَبَ بِمَاءِ الْوَجْهِ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ فَعَادَ وَجْهُهَا طَرِيّاً وَ قَالَ ع مَرَّ أَخِي عِيسَى ع بِمَدِينَةٍ وَ إِذَا فِي ثِمَارِهَا الدُّودَةُ فَشَكَوْا إِلَيْهِ مَا بِهِمْ فَقَالَ دَوَاءُ هَذَا مَعَكُمْ وَ لَيْسَ تَعْلَمُونَ أَنْتُمْ قَوْمٌ إِذَا غَرَسْتُمُ الْأَشْجَارَ صَبَبْتُمُ التُّرَابَ ثُمَّ صَبَبْتُمُ الْمَاءَ وَ لَيْسَ هَكَذَا يَجِبُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَصُبُّوا الْمَاءَ فِي أُصُولِ الشَّجَرَةِ ثُمَّ تَصُبُّوا التُّرَابَ لِكَيْلَا يَقَعَ فِيهِ الدُّودُ فَاسْتَأْنَفُوا كَمَا وَصَفَ فَذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَ قَالَ ع مَرَّ أَخِي عِيسَى ع بِمَدِينَةٍ فَإِذَا وُجُوهُهُمْ صُفْرٌ وَ عُيُونُهُمْ زُرْقٌ فَصَاحُوا إِلَيْهِ وَ شَكَوْا مَا بِهِمْ مِنَ الْعِلَلِ فَقَالَ دَوَاؤُهُ مَعَكُمْ أَنْتُمْ إِذَا أَكَلْتُمُ اللَّحْمَ طَبَخْتُمُوهُ غَيْرَ مَغْسُولٍ وَ لَيْسَ يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا بِجَنَابَةٍ فَغَسَلُوا بَعْدَ ذَلِكَ لُحُومَهُمْ فَذَهَبَتْ أَمْرَاضُهُمْ وَ قَالَ ع مَرَّ أَخِي عِيسَى ع بِمَدِينَةٍ وَ إِذَا أَهْلُهَا أَسْنَانُهُمْ مُنْتَثِرَةٌ وَ وُجُوهُهُمْ مُنْتَفِخَةٌ فَشَكَوْا إِلَيْهِ فَقَالَ أَنْتُمْ إِذَا نِمْتُمْ تُطْبِقُونَ أَفْوَاهَكُمْ فَتَغْلِي الرِّيحُ فِي الصُّدُورِ حَتَّى تَبْلُغَ إِلَى الْفَمِ فَلَا يَكُونُ لَهَا مَخْرَجٌ إِلَى أُصُولِ الْأَسْنَانِ فَيُفْسِدُ الْوَجْهَ فَإِذَا نِمْتُمْ فَافْتَحُوا شِفَاهَكُمْ وَ صَيِّرُوهُ لَكُمْ خُلُقاً فَفَعَلُوا فَذَهَبَ عَنْهُمْ ذَلِكَ
قِصَصِ الرَّاوَنْدِيُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ ع قَالَ إِذَا دَاوَيْتُ الْمَرْضَى فَشَفَيْتُهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَ أَبْرَأْتُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَالَجْتُ الْمَوْتَى فَأَحْيَيْتُهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَالَجْتُ الْأَحْمَقَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى إِصْلَاحِهِ فَقِيلَ يَا رُوحَ اللَّهِ وَ مَا الْأَحْمَقُ قَالَ الْمُعْجَبُ بِرَأْيِهِ وَ نَفْسِهِ الَّذِي يَرَى الْفَضْلَ كُلَّهُ لَهُ لَا عَلَيْهِ وَ يُوجِبُ الْحَقَّ كُلَّهُ لِنَفْسِهِ وَ لَا يُوجِبُ عَلَيْهَا فَذَلِكَ الْأَحْمَقُ الَّذِي لَا حِيلَةَ فِي مُدَاوَاتِهِ
وَ رُوِيَ أَنَّ عِيسَى ع مَرَّ مَعَ الْحَوَارِيِّينَ عَلَى جِيفَةٍ فَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ مَا أَنْتَنَ
رِيحَ الْكَلْبِ فَقَالَ ع مَا أَشَدَّ بَيَاضَ أَسْنَانِهِ وَ قِيلَ لَهُ لَوْ اتَّخَذْتَ بَيْتاً فَقَالَ يَكْفِينَا خُلْقَانُ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا
وَ رُوِيَ أَنَّ عِيسَى ع اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْمَطَرُ وَ الرَّعْدُ يَوْماً فَجَعَلَ يَطْلُبُ شَيْئاً يَلْجَأُ إِلَيْهِ فَرُفِعَتْ لَهُ خَيْمَةٌ مِنْ بَعِيدٍ فَأَتَاهَا فَإِذَا فِيهَا امْرَأَةٌ فَحَادَ عَنْهَا فَإِذَا هُوَ بِكَهْفٍ فِي جَبَلٍ فَأَتَاهُ فَإِذَا فِيهِ أَسَدٌ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَ قَالَ إِلَهِي لِكُلِّ شَيْءٍ مَأْوًى وَ لَمْ تَجْعَلْ لِي مَأْوًى فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ مَأْوَاكَ فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِي وَ عِزَّتِي لَأُزَوِّجَنَّكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِائَةَ حُورِيَّةٍ خَلَقْتُهَا بِيَدَيَّ وَ لَأُطْعِمُ فِي عُرْسِكَ أَرْبَعَةَ آلَافِ عَامٍ يَوْمٌ مِنْهَا كَعُمُرِ الدُّنْيَا وَ لآَمُرَنَّ مُنَادِياً يُنَادِي أَيْنَ الزُّهَّادُ فِي الدُّنْيَا احْضُرُوا عُرْسَ الزَّاهِدِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ
وَ رُوِيَ أَنَّ عِيسَى ع كُوشِفَ بِالدُّنْيَا فَرَآهَا فِي صُورَةِ عَجُوزٍ عَتْمَاءَ يَعْنِي مُنْكَسِرَةَ الثَّنَايَا عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةٍ فَقَالَ لَهَا كَمْ تَزَوَّجْتِ فَقَالَتْ لَا أُحْصِيهِمْ قَالَ وَ كُلُّهُمْ مَاتَ عَنْكِ أَوْ كُلُّهُمْ طَلَّقَكِ فَقَالَتْ بَلْ كُلَّهُمْ قَتَلْتُ فَقَالَ عِيسَى ع بُؤْساً لِأَزْوَاجِكِ الْبَاقِينَ كَيْفَ تُهْلِكِينَهُمْ وَاحِداً وَاحِداً وَ لَمْ يَكُونُوا مِنْكِ عَلَى حَذَرٍ
وَ قِيلَ بَيْنَمَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ جَالِسٌ وَ شَيْخٌ يَعْمَلُ بِمِسْحَاةٍ وَ يُثِيرُ الْأَرْضَ فَقَالَ عِيسَى ع اللَّهُمَّ انْزِعْ مِنْهُ الْأَمَلَ فَوَضَعَ الشَّيْخُ الْمِسْحَاةَ وَ اضْطَجَعَ فَلَبِثَ سَاعَةً فَقَالَ عِيسَى ع اللَّهُمَّ ارْدُدْ إِلَيْهِ الْأَمَلَ فَقَامَ يَعْمَلُ بِمِسْحَاتِهِ فَسَأَلَهُ عِيسَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ بَيْنَمَا أَنَا أَعْمَلُ إِذْ قَالَتْ لِي نَفْسِي إِلَى مَتَى تَعْمَلُ وَ أَنْتَ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَأَلْقَيْتُ الْمِسْحَاةَ وَ اضْطَجَعْتُ ثُمَّ قَالَتْ لِي نَفْسِي وَ اللَّهِ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ عَيْشٍ مَا بَقِيتَ فَقُمْتُ إِلَى مِسْحَاتِي
الفصل الرابع في تفسير ما يقوله الناقوس و في رفعه ع إلى السماء
الْأَمَالِي وَ مَعَانِي الْأَخْبَارِ بِالْإِسْنَادِ إِلَى الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ قَالَ بَيْنَمَا كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فِي الْحَيْرَةِ إِذْ نَحْنُ بِدَيْرَانِيٍّ يَضْرِبُ النَّاقُوسَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع يَا حَارِثُ أَ تَدْرِي مَا يَقُولُ النَّاقُوسُ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِهِ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّهُ يَضْرِبُ مَثَلَ الدُّنْيَا وَ خَرَابَهَا وَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَقّاً حَقّاً
صِدْقاً صِدْقاً إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ غَرَّتْنَا وَ شَغَلَتْنَا وَ اسْتَهْوَتْنَا وَ اسْتَقْوَتْنَا يَا ابْنَ الدُّنْيَا مَهْلًا مَهْلًا يَا ابْنَ الدُّنْيَا دَقّاً دَقّاً يَا ابْنَ الدُّنْيَا جَمْعاً جَمْعاً تَفْنَى الدُّنْيَا قَرْناً قَرْناً مَا مِنْ يَوْمٍ يَمْضِي عَنَّا إِلَّا أَوْهَى مِنَّا رُكْناً قَدْ ضَيَّعْنَا دَاراً تَبْقَى وَ اسْتَوْطَنَّا دَاراً تَفْنَى لَسْنَا نَدْرِي مَا فَرَّطْنَا فِيهَا إِلَّا لَوْ قَدْ مِتْنَا فَقَالَ الْحَارِثُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ النَّصَارَى يَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالَ لَوْ عَلِمُوا ذَلِكَ لَمَا اتَّخَذُوا الْمَسِيحَ إِلَهاً مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَذَهَبْتُ إِلَى دَيْرَانِيٍّ فَقُلْتُ لَهُ بِحَقِّ الْمَسِيحِ عَلَيْكَ لَمَّا ضَرَبْتَ بِالنَّاقُوس عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَضْرِبُهَا قَالَ فَأَخَذَ يَضْرِبُ وَ أَنَا أَقُولُ حَرْفاً حَرْفاً حَتَّى بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ إِلَّا لَوْ قَدْ مِتْنَا فَقَالَ بِحَقِّ نَبِيِّكُمْ مَنْ أَخْبَرَكُمْ بِهَذَا قُلْتُ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ مَعِي أَمْسِ قَالَ وَ هَلْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ النَّبِيِّ مِنْ قَرَابَةٍ قُلْتُ هُوَ ابْنُ عَمِّهِ قَالَ بِحَقِّ نَبِيِّكُمْ أَ سَمِعَ هَذَا مِنْ نَبِيِّكُمْ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَالَ لِي وَ اللَّهِ إِنِّي وَجَدْتُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّهُ يَكُونُ فِي آخِرِ الْأَنْبِيَاءِ
إِكْمَالِ الدِّينِ عَنْهُ ص قَالَ لَمَّا مَلَكَ أَسْبَخُ بْنُ أَشْكَانَ وَ مَلَكَ مِائَتَيْنِ وَ سِتّاً وَ سِتِّينَ سَنَةً فَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَ خَمْسِينَ مِنْ مِلْكِهِ بَعَثَ اللَّهُ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ ع وَ اسْتَوْدَعَهُ النُّورَ وَ الْحِكْمَةَ وَ جَمِيعَ عُلُومِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ وَ زَادَهُ الْإِنْجِيلَ وَ بَعَثَهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ فَمَكَثَ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً حَتَّى طَلَبَتْهُ الْيَهُودُ وَ ادَّعَتْ أَنَّهَا قَتَلَتْهُ وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَجْعَلَ لَهُمْ سُلْطَاناً عَلَيْهِ وَ إِنَّمَا شُبِّهَ لَهُمْ ...
الحديث
وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ كَذَلِكَ كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي رُفِعَ فِيهَا عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَ كَذَلِكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع لَمْ يُرْفَعْ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَ كَذَلِكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا الْحُسَيْنُ ص