کتابخانه روایات شیعه
لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (79): لبطريق واضح.
و «الإمام» اسم ما يؤتمّ به. فسمّي به اللّوح، و مطمر البناء، و الطّريق، لأنّهما ما يؤتّم به.
وَ لَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)، يعني: ثمود كذّبوا صالحا.
و من كذّب واحدا من الرّسل، فقد كذّب الجميع.
و يجوز أن يراد بالمرسلين: صالح و من معه من المؤمنين.
و «الحجر» واد بين المدينة و الشّام يسكنونه.
وَ آتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (81)، يعني: آيات الكتاب المنزل على نبيّهم. أو معجزاته، كالنّاقة و سقيها و شربها و درّها. أو ما نصب لهم من الأدلّة.
وَ كانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (82): من الانهدام، و نقب اللّصوص، و تخريب الأعداء لوثاقتها. أو من العذاب لفرط غفلتهم، أو حسبانهم أنّ الجبال تحميمهم منه.
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (84): من بناء البيوت الوثيقة، و استكثار الأموال و العدد.
وَ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ : متلبّسا بالحقّ، لا يلائم استمرار الفساد و دوام الشّرور. فلذلك اقتضت الحكمة إهلاك أمثال هؤلاء، و إزاحة فسادهم من الأرض.
وَ إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ : فينتقم اللّه فيها ممّن كذّبك.
فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85): و لا تعجل بالانتقام منهم، و عاملهم معاملة الصفوح الحليم 20551 .
و قيل 20552 : هو منسوخ بآية السّيف.
و في عيون الأخبار 20553 : عن الرّضا- عليه السّلام- حديث طويل، و فيه قال- عليه السّلام- في قول اللّه- عزّ و جلّ-: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ قال: العفو من غير عتاب. 20554
و في أمالي الصّدوق- رحمه اللّه- 20555 بإسناده: عن الصّادق، جعفر بن محمّد، عن أبيه- عليهما السّلام- قال: قال عليّ بن الحسين زين العابدين- عليه السّلام- مثله.
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ : الّذي خلقك و خلقهم، و بيده أمرك و أمرهم.
الْعَلِيمُ (86): بحالك و حالهم، فهو حقيق بأن تكل ذلك إليه ليحكم بينكم. أو هو الّذي خلقكم و علم الأصلح لكم، و قد علم أنّ الصّفح اليوم أصلح.
و «الخلّاق» يختصّ بالكثير.
وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً : سبع آيات، و هي الفاتحة.
و قيل 20556 : سبع سور، و هي الطّوال، و سابعتها الأنفال و التّوبة فإنّهما في حكم سورة واحدة، و لذلك لم يفصل بينهما بالتّسمية.
و قيل 20557 : التّوبة.
و قيل 20558 : يونس. أو الحواميم السّبع.
و قيل 20559 : سبع صحائف، و هي الأسباع.
مِنَ الْمَثانِي : بيان للسّبع.
و «المثاني» من التّثنية، أو الثّناء، فإنّ كلّ ذلك مثنى تكرّر قراءته أو ألفاظه أو قصصه و مواعظه. أو مثنى عليه بالبلاغة و الإعجاز. أو مثن على اللّه- تعالى- بما هو أهله من صفاته العظمى و أسمائه الحسنى.
و يجوز أن يراد بالمثاني: القرآن، أو كتب اللّه كلّها فيكون من للتّبعيض.
وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87): إن أريد بالسّبع الآيات أو السّور، فمن عطف الكلّ على البعض أو العامّ على الخاصّ. و إن أريد الأسباع، فمن عطف أحد الوصفين على الآخر.
و في تهذيب الأحكام 20560 : محمّد بن عليّ بن محبوب، عن العبّاس، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن السّبع المثاني و القرآن العظيم، هي الفاتحة؟
قال: نعم.
قلت: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية 20561 من السّبع المثاني؟
قال: نعم، هي أفضلهنّ.
و في تفسير العيّاشيّ 20562 : ابن عبد الرّحمن، عمن رفعه قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قول اللّه- عزّ و جلّ-: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ .
قال: هي سورة الحمد، و هي سبع آيات منها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ . و إنّما سمّيت المثاني، لأنّها تثنّى في الرّكعتين.
عن أبي بكر الحضرميّ 20563 ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال: إذا كان لك حاجة، فاقرأ المثاني و سورة [أخرى] 20564 و صلّ ركعتين و ادع اللّه.
قلت: أصلحك اللّه، و ما المثاني؟
قال: فاتحة الكتاب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ .
عن سورة 20565 بن كليب 20566 ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: نحن المثاني الّتي أعطى نبيّنا.
عن يونس بن عبد الرّحمن 20567 ، عمّن [ذكره] 20568 رفعه قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قول اللّه: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ .
قال: إنّ ظاهرها الحمد، و باطنها ولد الولد، و السّابع منها القائم- عليه السّلام-.
قال حسّان 20569 : سألت أبا جعفر- عليه السّلام- عن قول اللّه: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ .
قال: [ (ليس)] 20570 هكذا تنزيلها، إنّما هي: و لقد آتيناك سبعا من المثاني [نحن هم] 20571 و القرآن العظيم ولد الولد.
عن القسم بن عروة 20572 ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قول اللّه:] 20573
وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ.
قال: سبعة أئمّة و القائم.
عن السّديّ 20574 ، عمّن سمع عليّا- عليه السّلام- يقول: سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي فاتحة الكتاب.
عن سماعة 20575 [قال:] 20576 قال أبو الحسن- عليه السّلام-: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ . قال: لم يعط الأنبياء إلّا محمّد- صلّى اللّه عليه و آله-. و هم السّبعة الأئمّة الّذين يدور عليهم الفلك. وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ محمّد- صلّى اللّه عليه و آله-.
عن محمّد بن مسلم 20577 ، عن أحدهما- عليهما السّلام- قال: سألته عن قوله: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ .
قال: فاتحة الكتاب يثنّى فيها القول.
في كتاب الاحتجاج 20578 للطّبرسيّ- رحمه اللّه-: روي عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ- عليهما السّلام- قال: قال عليّ- عليه السّلام- لبعض أحبار اليهود في أثناء كلام طويل، يذكر فيه مناقب النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله-: و زاد اللّه- عزّ ذكره- محمّدا- صلّى اللّه عليه و آله- السّبع الطّوال و فاتحة الكتاب، و هي السّبع المثاني و القرآن العظيم.
و في عيون الأخبار 20579 : عن الرّضا- عليه السّلام- حديث طويل. و في آخره: و قيل لأمير المؤمنين- عليه السّلام-: أخبرنا عن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هي من فاتحة الكتاب؟
فقال: نعم، كان رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- يقرأها و يعدّها آية منها، و يقول: فاتحة الكتاب، و هي السّبع المثاني.
و بإسناده 20580 إلى الحسن بن عليّ: عن أبيه، عن 20581 عليّ بن محمّد، عن أبيه، عن 20582 محمّد بن عليّ، عن أبيه الرّضا، عن آبائه، عن عليّ- عليهم السّلام- أنّه قال: إنّ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ آية من فاتحة الكتاب، و هي سبع آيات تمامها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ . سمعت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- يقول: إنّ اللّه- تعالى- قال لي: يا محمّد وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ . فأفرد الامتنان عليّ بفاتحة الكتاب، و جعلها بإزاء القرآن العظيم.
و في كتاب التّوحيد 20583 ، بإسناده إلى أبي سلام: عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: نحن المثاني الّتي أعطاها اللّه نبيّنا- صلّى اللّه عليه و آله-. و نحن وجه اللّه نتقلّب في الأرض بين أظهركم، عرفنا من عرفنا، و من جهلنا فأمامه اليقين 20584 .
قال الصّدوق- رحمه اللّه-: قوله: «نحن المثاني»، أي: نحن الّذين قرننا النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- بالقرآن و أوصى بالتّمسّك بالقرآن و بنا، فأخبر أمّته أنّا لا نفترق حتّى نرد حوضه.
قيل 20585 : لعلّهم- عليهم السّلام- عدوّا سبعا باعتبار أسمائهم، فإنّها سبعة. و على هذا فيجوز أن يجعل المثاني من الثّناء، و أن يجعل من التّثنية باعتبار تثنيتهم مع القرآن، و أن يجعل كناية عن عددهم الأربعة عشر، بأن يجعل نفسه واحدا منهم بالتّغاير الاعتباريّ بين المعطي و المعطى له.
و في مجمع البيان 20586 : السبع المثاني هي فاتحة الكتاب. و هو قول عليّ- عليه السّلام-. و روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه- عليهما السّلام-.
و في أصول الكافي 20587 : عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السّنديّ، عن جعفر بن بشير، عن سعد الإسكاف قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: أعطيت السّور الطّوال مكان التّوراة، و أعطيت المئين مكان الإنجيل، و أعطيت المثاني مكان الزّبور.
أبو عليّ الأشعريّ 20588 ، عن الحسن بن عليّ بن [عبد اللّه، و حميد بن زياد عن
الخشاب جميعا عن الحسن بن علي بن] 20589 يوسف، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: و من أوتي القرآن، فظنّ أنّ أحدا من النّاس أوتي أفضل ممّا أوتي، فقد عظّم ما حقّر اللّه و حقّر ما عظّم اللّه.
عليّ بن إبراهيم 20590 ، عن أبيه و عليّ بن محمّد القاسانيّ جميعا، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهريّ، عن عليّ بن الحسين- عليهما السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: من أعطاه اللّه القرآن، فرأى أنّ رجلا اعطي أفضل ممّا اعطي، فقد صغّر عظيما و عظّم صغيرا.
و الحديثان طويلان أخذت منهما موضع الحاجة.
لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ : لا تطمح ببصرك طموح راغب.
إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ : أصنافا من الكفّار. فإنّه مستحقر بالإضافة إلى ما أوتيته، فإنّه كمال مطلوب بالذّات مفض إلى دوام اللّذّات.
وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ : إنّهم لم يؤمنوا.
و قيل 20591 : إنّهم المتمتّعون به.
وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88): و تواضع لهم و ارفق بهم.
في تفسير عليّ بن إبراهيم 20592 : أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: لمّا نزلت هذه الآية لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ اخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: من لم يتعزّ بعزاء اللّه، تقطّعت نفسه على الدّنيا حسرات. و من رمى ببصره 20593 إلى ما في أيدي 20594 غيره، كثر همّه و لم يشف غيظه.
و من لم يعلم أنّ للّه عليه نعمة إلّا في مطعم أو ملبس، فقد قصر علمه و دنا عذابه. و من أصبح على الدّنيا حزينا، أصبح على اللّه ساخطا. و من شكا مصيبة نزلت به، فإنّما يشكو ربّه. و من دخل النّار من هذه الأمّة ممّن قرأ القرآن، فهو ممّن يتّخذ آيات اللّه
هزوا. و من أتى ذا ميسرة فتخشّع له طلب ما في يديه 20595 ، ذهب ثلثا دينه.
و في مجمع البيان 20596 : و كان رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- لا ينظر إلى ما يستحسن من الدّنيا.
وَ قُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89): أنذركم ببيان و برهان أنّ عذاب اللّه نازل بكم إن لم تؤمنوا.
كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90)، مثل العذاب الّذي أنزلنا عليهم. و هو وصف لمفعول «النّذير» أقيم مقامه.
و «المقتسمون» هم الاثنا عشر الّذين اقتسموا مداخل مكّة أيّام الموسم، لينفّروا النّاس عن الإيمان بالرّسول، فأهلكهم اللّه- تعالى- يوم بدر. أو الرّهط الّذين اقتسموا، أي: تقاسموا على أن يبيّتوا صالحا- عليه السّلام-.
و قيل 20597 : هو صفة مصدر محذوف لقوله وَ لَقَدْ آتَيْناكَ . فإنّه بمعنى: أنزلنا إليك.
و المقتسمون هم [اهل الكتاب] 20598 الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ حيث قالوا عنادا: بعضه حقّ موافق للتّوراة و الإنجيل و بعضه باطل مخالف لهما. أو قسّموه إلى شعر و سحر و كهانة و أساطير الأوّلين. أو أهل الكتاب آمنوا ببعض كتبهم و كفروا ببعض، على أنّ القرآن ما يقرءونه من كتبهم، فيكون ذلك تسلية لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-.
و قوله: «لا تمدّنّ» (إلى آخره) اعتراضا ممدّا 20599 لها.
الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91): أجزاء. جمع، عضة. و أصلها: عضوة.
من عضّى الشّاة: إذا جعلها أعضاء.
و قيل 20600 : هي فعلة، من عضهته: إذا بهتّه.