کتابخانه روایات شیعه
يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا !؟ فلمّا بلغ عيسى- عليه السّلام- سبع سنين، تكلّم بالنّبوّة و الرّسالة، حين أوحى اللّه إليه. فكان عيسى الحجّة على يحيى و على النّاس أجمعين.
و ليس تبقى الأرض- يا أبا؟؟ الد!- يوما واحدا بغير حجّة للّه على النّاس، منذ يوم خلق اللّه آدم- عليه السّلام- و أسكنه الأرض.
و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
محمّد بن يحيى 1700 ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى قال: قلت للرّضا- عليه السّلام-: قد كنّا نسألك قبل أن يهب اللّه 1701 لك أبا جعفر، فكنت تقول: يهب اللّه لي غلاما. فقد وهب اللّه لك، فقرّ عيوننا. فلا أرانا اللّه يومك، فان كان كون، فإلى من؟
فأشار بيده إلى أبي جعفر- عليه السّلام- و هو قائم بين يديه. فقلت: جعلت فداك، هذا أبن ثلاث سنين!؟ قال: و ما يضرّه من ذلك شيء، و قد قام عيسى- عليه السّلام- بالحجّة، و هو ابن ثلاث سنين.
الحسين بن محمّد 1702 ، عن الخيرانيّ، عن أبيه قال: كنت واقفا بين يدي أبي الحسن- عليه السّلام- بخراسان 1703 فقال له قائل: [يا سيّدي] 1704 ، إن كان كون، فإلى من؟ قال:
إلى أبي جعفر ابني.
فكأنّ القائل استصغر سنّ أبي جعفر- عليه السّلام- فقال أبو الحسن 1705 - عليه السّلام- إنّ اللّه- تبارك و تعالى- بعث عيسى بن مريم رسولا نبيّا صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السّن الّذي فيه أبو جعفر- عليه السّلام.
وَ أَوْصانِي ، أي: أمرني بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (31):
قيل 1706 : زكاة المال إن ملكته، أو تطهير النّفس عن الرّذائل.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 1707 : قال الصّادق- عليه السّلام - في قوله: وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ . قال: زكاة الرّؤوس، لأنّ كلّ النّاس ليست لهم أموال، و إنّما الفطرة
على الفقير و الغنيّ و الصّغير و الكبير.
و في الكافي 1708 : حدّثني محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربّهم، و أحبّ ذلك إلى اللّه- عزّ و جلّ- ما هو.
فقال: ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصّلاة. ألا ترى أنّ العبد الصّالح عيسى بن مريم قال: وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا ؟!
وَ بَرًّا بِوالِدَتِي : و بارّا بها.
عطف على «مباركا».
و قرئ 1709 بالكسر، على أنّه مصدر وصف به، أو منصوب بفعل دلّ عليه «أوصاني».
أي: و كلّفني برّا بوالدتي. و يؤيّده القراءة بالكسر و الجرّ عطفا على الصّلاة.
وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (32) عند اللّه من فرط التّكبّر.
في عيون الأخبار 1710 بإسناده عن الصّادق- عليه السّلام- حديث في تعداد الكبائر.
يقول- عليه السّلام-: و منها عقوق الوالدين. لأنّ اللّه- عزّ و جلّ- جعل العاقّ جبّارا شقيّا في قوله- تعالى- حكاية عن 1711 عيسى- عليه السّلام-: وَ بَرًّا بِوالِدَتِي وَ لَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا.
و في كتاب الخصال 1712 عن سماعة بن مهران، عن الصّادق- عليه السّلام- في حديث طويل، يقول- عليه السّلام-: و برّ الوالدين، و ضدّه العقوق.
و فيه 1713 : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: برّوا آباءكم، يبرّكم 1714 أبناؤكم.
و عفّوا عن نساء النّاس، [تعفّ نساؤكم 1715 ] 1716 .
و في أصول الكافي 1717 بإسناده إلى الحكم بن مسكين، عن محمّد بن مروان قال: قال
أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: ما يمنع الرّجل منكم أن يبرّ والديه، حيّين أو ميّتين. يصلّي عنهما. و يتصدّق عنهما. و يحجّ عنهما. و يصوم عنهما. فيكون الّذي صنع، لهما، و له مثل ذلك. فيزيده اللّه- عزّ و جلّ- ببرّه وصلته خيرا كثيرا.
وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)، كما هو على يحيى.
و التّعريف للعهد.
قيل 1718 : و الأظهر أنّه للجنس، و التّعريض باللّعن على أعدائه. فإنّه لمّا جعل جنس السّلام على نفسه، عرّض بأن ضدّه عليهم. كقوله 1719 - تعالى-: وَ السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى فإنّه تعريض بأنّ العذاب على من كذّب و تولّى.
في عيون الأخبار 1720 بإسناده إلى ياسر الخادم: قال: سمعت أبا الحسن الرّضا- عليه السّلام- يقول: إنّ أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاث مواطن: يوم يولد و يخرج 1721 من بطن أمّه، فيرى الدّنيا، و يوم يموت، فيعاين الآخرة و أهلها، و يوم يبعث، فيرى أحكاما لم يرها في دار الدّنيا. و قد سلّم اللّه- عزّ و جلّ- على يحيى في هذه الثّلاثة المواطن، و آمن روعته، فقال: وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا . و قد سلّم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثّلاثة المواطن، فقال: وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا.
و في كتاب علل الشّرائع 1722 : عن وهب بن منبّه اليماني 1723 قال: إنّ يهوديّا سأل النّبي- صلّى اللّه عليه و آله- فقال: يا محمّد، أ كنت في أمّ الكتاب نبيّا قبل أن يخلق آدم 1724 ؟
قال: نعم.
قال: و هؤلاء أصحابك المؤمنون مثبّتون معك قبل أن يخلقوا؟ قال: نعم.
قال: فما شأنك لم تتكلّم بالحكمة حين خرجت من بطن أمّك، كما تكلّم عيسى بن مريم على زعمك، و قد كنت قبل ذلك نبيّا!؟
فقال النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله-: إنّه ليس أمري كأمر عيسى بن مريم. إنّ عيسى بن مريم خلقه اللّه- عزّ و جلّ- من أمّ ليس له أب، كما خلق آدم من غير أب و لا أمّ. و لو أنّ عيسى حين خرج من أمّه، لم ينطق بالحكمة، لمن يكن لأمّه عذر عند النّاس،- و قد أتت به من غير أب- و كانوا يأخذونها، كما يؤخذ به مثلها من المحصنات. فجعل اللّه- عزّ و جلّ- منطقه عذرا لأمّه.
و في أصول الكافي 1725 : الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد [بن محمّد] 1726 بن عبد اللّه، عن أبي مسعود 1727 ، عن عبد اللّه بن إبراهيم الجعفريّ قال: سمعت إسحاق بن جعفر يقول: [سمعت أبي يقول:] 1728 الأوصياء إذا حملت بهم أمّهاتهم- إلى قوله:- فإذا كان اللّيلة الّتي تلد فيها، ظهر لها في البيت نور تراه و لا يراه غيرها إلّا أبوه. فإذا ولدته، ولدته قاعدا، و نفجت 1729 له حتّى يخرج متربّعا. ثمّ 1730 يستدير 1731 بعد وقوعه إلى الأرض، فلا يخطئ القبلة حيث كانت بوجهه. ثمّ يعطس ثلاثا، يشير بإصبعه بالتّحميد. و يقع مسرورا 1732 مختونا، و رباعيّتاه من فوق و أسفل و ناباه و ضاحكاه، و من بين يديه مثل سبيكة الذّهب نور. و يقيم يومه و ليلته تسيل يداه ذهبا. و كذلك الأنبياء إذا ولدوا. و إنّما الأوصياء أعلاق من الأنبياء.
و في أمالي الصّدوق 1733 - رحمه اللّه- بإسناده إلى أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر- عليه السّلام- قال: لمّا ولد عيسى بن مريم- عليه السّلام- كان ابن يوم كأنّه ابن شهرين. فلمّا كان ابن سبعة أشهر، أخذته 1734 والدته، و جاءت به إلى 1735 الكتاب، و أقعدته بين يدي المؤدّب.
فقال له المؤدّب: قل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* . [فقال عيسى- عليه السّلام- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* ] 1736 .
فقال له المؤدّب: قل: أبجد. فرفع عيسى- عليه السّلام- رأسه فقال: و هل تدري ما أبجد؟ فعلاه بالدرّة ليضربه 1737 . فقال: يا مؤدّب، لا تضربني. إن كنت تدري، و إلّا فسلني، حتّى أفسّر لك. قال: فسّر لي.
فقال عيسى- عليه السّلام-: الألف آلاء اللّه. و الباء بهجة اللّه 1738 . و الجيم جمال اللّه. و الدّال دين اللّه. هوّز: الهاء هول جهنّم. و الواو ويل لأهل النّار. و الزّاء زفير جهنّم. حطّي: حطّت الخطايا عن المستغفرين. كلمن: كلام اللّه، لا مبدّل لكلماته.
سعفص: صاع بصاع، و الجزاء بالجزاء. قرشت: قرشهم فحشرهم.
فقال المؤدّب: أيّتها المرأة، خذي بيد ابنك [، فقد علم] 1739 و لا حاجة له في المؤدّب.
ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ : الّذى تقدّم نعته، هو عيسى بن مريم، لا ما تصفه النّصارى.
و هو تكذيب لهم فيما يصفونه على الوجه الأبلغ و الطّريق البرهانيّ، حيث جعله الموصوف بأضداد ما يصفونه، ثمّ عكس الحكم.
خبر مبتدأ محذوف. أي: هو قول الحقّ الّذي لا ريب فيه. و الإضافة للبيان.
و قيل 1740 : صفة عيسى أو بدله. أو خبر ثان معناه. و كلمة اللّه.
و قرأ 1741 عاصم و ابن عامر و يعقوب: «قول» بالنّصب، على أنّه مصدر مؤكّد.
و قرئ 1742 : «قال الحقّ» و هو بمعنى القول.
الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34): في أمره يشكّون، أو يتنازعون، فقالت اليهود: ساحر، و قالت النّصارى: ابن اللّه.
و قرئ 1743 بالتّاء، على الخطاب.
ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ :
تكذيب للنصارى و تنزيه للّه عمّا بهتوه.
إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35):
تبكيت لهم بانّ من إذا أراد شيئا 1744 أوجده ب «كن»، كان منزّها من شبه الخلق و الحاجة في اتّخاذ الولد بإحبال الإناث.
و قرئ 1745 : «فيكون»- بالنّصب- على الجواب.
وَ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (36):
سبق تفسيره في سورة آل عمران.
و قرئ 1746 : «و أنّ»- بالفتح- على و لأنّ، أو على أنّه معطوف على الصّلاة.
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ : اليهود و النّصارى. أو فرق النّصارى. نسطوريّة قالوا: إنّه ابن اللّه. و يعقوبيّة قالوا: هو اللّه. هبط إلى الأرض، ثمّ صعد 1747 إلى السّماء.
و ملكانيّة قالوا، هو عبد اللّه و نبيّه.
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37): من شهود يوم عظيم هو له و حسابه و جزاؤه، و هو يوم القيامة. أو من وقت الشّهود. أو مكانه فيه. أو من شهادة ذلك اليوم عليهم. و هو أن يشهد عليهم الملائكة و الأنبياء و ألسنتهم بالكفر و الفسوق. أو من وقت الشّهادة. أو من مكانها.
و قيل 1748 : هو ما به شهدوا في عيسى و أمّه.
في أصول الكافي 1749 : عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرّزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمّد بن سالم 1750 ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه- عليه السّلام-: و أنزل في الكيل 1751 : وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ . و لم يجعل الويل لأحد حتّى يسمّيه كافرا. قال اللّه- عزّ و جلّ-: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ.
تعجّب معناه أنّ أسماعهم و أبصارهم، يَوْمَ يَأْتُونَنا - أي: يوم القيامة- جدير بأن يتعجّب منهما بعد ما كانوا صمّا و عميا في الدّنيا. أو تهديد بما سيسمعون و سيبصرون
يومئذ.
و قيل 1752 : أمر بأن يسمعهم و يبصرهم مواعيد ذلك اليوم و ما يحيق بهم فيه. و المجرور على الأوّلين في موضع الرّفع بالفاعليّة. و على الثّالث في موضع النّصب بالمفعوليّة.
لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (38):
أوقع الظّالمين موقع الضّمير، إشعارا بأنّهم ظلموا أنفسهم، حيث أغفلوا الاستماع و النّظر حين ينفعهم. و سجّل على إغفالهم بأنّه ضلال.
وَ أَنْذِرْهُمْ 1753 يَوْمَ الْحَسْرَةِ : يتحسّر فيه النّاس، المسيء على إساءته، و المحسن على قلّة إحسانه.
و في كتاب معاني الاخبار 1754 : أبي- رحمه اللّه- قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن القاسم بن محمّد الأصفهانيّ، عن [سليمان بن] 1755 داود، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- [قال: يَوْمَ الْحَسْرَةِ يوم يؤتى بالموت فيذبح.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 1756 : حدّثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-] 1757 قال: سئل عن قوله: وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ.
قال: ينادي مناد من عند اللّه عزّ و جلّ- و ذلك بعد ما صار أهل الجنّة في الجنّة، و أهل النّار في النّار-: يا أهل الجنّة! و يا أهل النّار! هل تعرفون الموت في صورة من الصّور؟ فيقولون: لا.
فيؤتى بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الجنّة و النّار. ثمّ ينادون جميعا: