کتابخانه روایات شیعه
رحمته.
و الآية على الأوّل 14913 زيادة تقرير لعظمته. و على الثّاني دلالة على تقدّسه عمّا نسب إليه، و أنّ عدم معاجلتهم بالعقاب على تلك الكلمة الشّنعاء باستغفار الملائكة و فرط غفرانه و رحمته.
وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ : شركاء و أندادا.
اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ : رقيب على أحوالهم و أعمالهم فيجازيهم بها.
وَ ما أَنْتَ يا محمّد عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6): بموكّل بهم، أو بموكول إليه أمرهم.
وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا الإشارة إلى مصدر «يوحي». أو إلى معنى الآية المتقدّمة، فإنّه مكرّر في القرآن في مواضع جمّة، فتكون «الكاف» مفعولا به و «قرآنا عربيّا» حال منه.
لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى : [أهل أمّ القرى] 14914 و هي مكّة.
وَ مَنْ حَوْلَها : من العرب.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 14915 : و قوله: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها قال: أُمَّ الْقُرى مكّة، سمّيت أمّ القرى لأنّها أوّل بقعة خلقها اللّه من الأرض، لقوله- عزّ و جلّ-: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً .
و في كتاب علل الشّرائع 14916 ، بإسناده إلى جعفر بن محمّد الصّوفيّ، عن محمّد بن عليّ الرّضا- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه- عليه السّلام-: و إنّما سمّي- يعني:
النّبيّ- الأمّيّ، لأنّه كان من أهل مكّة و مكّة من أمّهات القرى، و ذلك قول اللّه- عزّ و جلّ-: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها .
و بإسناده 14917 إلى عليّ بن حسّان و عليّ بن أسباط و غيره، رفعه عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: قلت: فلم سمّي النّبيّ الأمّي؟
قال: نسب 14918 إلى مكّة، و ذلك قول اللّه- عزّ و جلّ-: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها . فأمّ القرى مكّة، فقيل «أمّي» لذلك.
وَ تُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ : يوم القيامة يجمع الخلائق فيه، أو الأرواح و الأشباح، أو العمّال و الأعمال. و حذف ثاني مفعولي الأوّل و أوّل مفعولي الثّاني للتّهويل، و إيهام التّعميم.
و قرئ 14919 : «لينذر» بالياء، و الفعل للقرآن.
لا رَيْبَ فِيهِ : اعتراض لا محلّ له [من الإعراب] 14920 .
فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)، أي بعد جمعهم في الموقف يجمعون أوّلا ثمّ يفرّقون، و التّقدير: منهم فريق. و الضّمير للمجموعين لدلالة الجمع عليه.
و قرئا 14921 منصوبين على الحال «لمنهم»، أي: و تنذر يوم جمعهم متفرّقين، بمعنى:
مشارفين للتّفرّق، أو متفرّقين في داري الثّواب و العقاب.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 14922 - رحمه اللّه-: حدّثني الحسين بن عبد اللّه السّكينيّ، عن أبي سعيد البجليّ، عن عبد الملك بن هارون، عن أبي عبد اللّه، عن آبائه- صلوات اللّه عليهم- حديث طويل ، يذكر فيه مضيّ الإمام الحسن 14923 بن عليّ بن إلى ملك الرّوم و جوابات الإمام للملك عمّا سأله عنه، و في أواخر الحديث: ثمّ سأله عن أرواح المؤمنين أين تكون إذا ماتوا؟
قال: تجتمع 14924 عند صخرة بيت المقدس في كلّ ليلة جمعة، و هو عرش اللّه الأدنى، منها بسط 14925 اللّه- عزّ و جلّ- الأرض و إليها يطويها و منها المحشر و منها استوى ربّنا إلى السّماء، أي: استولى 14926 على السّماء و الملائكة.
ثمّ سأله عن أرواح الكفّار أين تجتمع؟
فقال: تجتمع في وادي حضرموت وراء مدينة اليمن، ثمّ يبعث اللّه- عزّ و جلّ- نارا من المشرق و نارا من المغرب و يتبعهما بريحين شديدتين فيحشر النّاس عند صخرة بيت المقدس، فيحشر أهل الجنّة عن يمين الصّخرة و يزلف الميعاد 14927 ، و تصير جهنّم عن يسار الصّخرة في تخوم الأرضين السّابعة و فيها الفلق و السّجّين، فتفرّق الخلائق من عند الصّخرة،
فمن وجبت له الجنّة دخلها و م وجبت له النّار دخلها، و ذلك قوله: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ .
و في أمالي الصّدوق 14928 ، بإسناده إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سأل رجل، يقال له: بشر بن غالب، أبا عبد اللّه- عليه السّلام- فقال: يا ابن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- أخبرني عن قول اللّه 14929 - عزّ و جلّ-: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ .
قال: إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه، و إمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها، هؤلاء في الجنّة و هؤلاء في النّار، و هو قوله- عزّ و جلّ-: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ .
و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
و في أصول الكافي 14930 : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن سيف، عن أبيه، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: خطب رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- النّاس، ثمّ رفع يده اليمنى قابضا على كفّه، ثمّ قال: أ تدرون، أيّها النّاس، ما في كفّي؟
فقالوا: اللّه و رسوله أعلم.
فقال: فيها أسماء أهل الجنّة و أسماء آبائهم و قبائلهم إلى يوم القيامة.
ثمّ [رفع يده الشّمال فقال: أيّها النّاس، أ تدرون ما في كفّي؟
قالوا: اللّه و رسوله أعلم.
فقال: أسماء أهل النّار و أسماء آبائهم و قبائلهم إلى يوم القيامة.
ثمّ] 14931 قال 14932 : حكم اللّه و عدل، حكم اللّه و عدل، [حكم اللّه و عدل] 14933 فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ .
و في بصائر الدّرجات 14934 : أحمد بن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصّباح الكنانيّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: حدّثني أبي، عمّن ذكره قال: خرج علينا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و في يده اليمنى كتاب و في يده اليسرى
كتاب، فنشر الكتاب الّذي في يده اليمنى فقرأ: « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* » كتاب لأهل الجنّة بأسمائهم و أسماء آبائهم و قبائلهم لا يزاد فيهم واحد، و لا ينقص منهم واحد.
قال 14935 : [ثمّ نشر الّذي بيده اليسرى فقرأ: كتاب من اللّه الرّحمن الرّحيم لأهل النّار بأسمائهم و أسماء آبائهم و قبائلهم لا يزاد فيهم واحد و لا ينقص منهم واحد.] 14936
وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً : مهتدين أو ضالّين.
وَ لكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ : بالهداية و الحمل على الطّاعة.
وَ الظَّالِمُونَ ما لَهُمْ : [من اللّه] 14937 مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ (8)، أي: و يدعهم بغير وليّ و لا نصير في عذابه.
و لعلّه غيّر المقابلة للمبالغة في الوعيد، إذ الكلام في الإنذار.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 14938 : و أمّا قوله: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً قال:
لو شاء اللّه أن يجعلهم كلّهم معصومين مثل الملائكة 14939 بلا طباع، لقدر عليه وَ لكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ 14940 وَ الظَّالِمُونَ لآل محمّد- صلوات اللّه عليهم- حقّهم ما لَهُمْ [من اللّه] 14941 مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ .
أَمِ اتَّخَذُوا : بل اتّخذوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ : كالأصنام.
فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُ : جواب شرط محذوف، مثل: إن أرادوا أولياء بحقّ فاللّه هو الوليّ بالحقّ 14942 .
وَ هُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9)، كالتقرير لكونه حقيقا بالولاية.
وَ مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ : أنتم و الكفّار مِنْ شَيْءٍ من أمر 14943 من أمور الدّين أو الدّنيا.
فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ : مفوّض إليه، يميّز الحقّ عن المبطل بالنّصر، أو بالإثابة و المعاقبة.
و قيل 14944 : وَ مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ من تأويل متشابه فارجعوا فيه إلى المحكم من كتاب اللّه.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 14945 - رحمه اللّه-: و قوله- عزّ و جلّ-: وَ مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ من شيء من المذاهب أو اخترتم لأنفسكم من الأديان، فحكم ذلك كلّه إلى اللّه يوم القيامة.
ذلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ : في مجامع الأمور.
وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ (10): أرجع في المعضلات.
فاطِرُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ خبر آخر «لذلكم»، أو مبتدأ خبره: جَعَلَ لَكُمْ .
و قرئ 14946 بالجرّ، على البدل من الضّمير في «عليه»، أو الوصف «لإلى اللّه».
مِنْ أَنْفُسِكُمْ : من جنسكم.
أَزْواجاً : نساء.
وَ مِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً ، أي: و خلق للأنعام من جنسها أزواجا، أو خلق لكم من الأنعام أصنافا، أو ذكورا و إناثا.
يَذْرَؤُكُمْ : يكثّركم، من الذّرء، و هو البثّ. و في معناه: الذّرّ، و الذّرو.
فِيهِ ، في هذا التّدبير، و هو جعل النّاس و الأنعام أزواجا يكون بينهم توالد فإنّه كالمنبع للبث و التّكثير.
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [، أي: ليس مثله شيء] 14947 يزاوجه و يناسبه، و المراد من مثله: ذاته- ما في قولهم: مثلك لا يفعل كذا- على قصد المبالغة في نفيه عنه، فإنّه إذا نفي عمّن يناسبه و يسدّ مسدّه كان نفيه عنه أولى.
و من قال: «الكاف» فيه زائدة، لعلّه عنى أنّه يعطي معنى: ليس مثله 14948 ، غير أنّه آكد لما ذكرناه.
و قيل 14949 : مثله صفته، أي: ليس كصفته صفة.
و في أصول الكافي 14950 : محمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن حمزة بن محمّد قال: كتبت إلى أبي الحسن- عليه السّلام- أسأله عن الجسم و الصّورة.
فكتب: سبحان من لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، و لا جسم و لا صورة.
و في مصباح شيخ الطّائفة 14951 - قدّس سرّه- خطبة مرويّة عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- و فيها: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، إذا كان الشّيء من مشيئته، فكان لا يشبه مكوّنه.
و في عيون الأخبار 14952 ، في باب العلل الّتي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها أنّه سمعها من الرّضا- عليه السّلام- مرّة بعد مرّة و شيئا بعد شيء: فإن قال: فلم وجب عليهم الإقرار للّه بأنّه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ؟
قيل: لعل، منها أن لا 14953 يكونوا قاصدين نحوه بالعبادة و الطّاعة دون غيره غير مشتبه عليهم أمر ربّهم و صانعهم و رازقهم. و منها أنّهم لو لم يعلموا 14954 أنّه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، لم يدروا لعلّ ربّهم و صانعهم هذه الأصنام الّتي نصبها لهم آباؤهم و الشّمس و القمر و النّيران، إذا كان جائزا أن يكون عليهم مشتبه 14955 ، و كان يكون في ذلك الفساد و ترك طاعاته كلّها و ارتكاب معاصيه كلّها على قدر ما يتناهى إليهم من أخبار هذه الأرباب و أمرها و نهيها. و منها أنّه لو لم يجب عليهم أن يعرفوا أنّه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، لجاز عندهم أن يجري عليه ما يجري على المخلوقين من العجز و الجهل و التّغيّر و الزّوال و الفناء و الكذب و الاعتداء، و من جازت عليه هذه الأشياء لم يؤمن فناؤه و لم يوثق بعدله و لم يحقّق قوله و أمره و نهيه و وعده و وعيده و ثوابه و عقابه، و في ذلك فساد الخلق و إبطال الرّبوبيّة.
و في كتاب التّوحيد 14956 خطبة لعليّ- عليه السّلام- يقول فيها: و لا له مثل فيعرف بمثله.
و خطبة أخرى 14957 يقول فيها: حدّ الأشياء كلّها عند خلقه إيّاها، إبانة لها من [شبهه و إبانة له من شبهها.
و خطبة أخرى 14958 يقول- عليه السّلام- فيها: و لا يخطر ببال أولي الرّؤيات خاطرة من تقدير] 14959 جلال عزّته، لبعده من أن يكون في قوى المحدودين لأنّه خلاف خلقه فلا شبه له في المخلوقين، و إنّما يشبّه الشّيء بعديله، فأمّا ما لا عديل له فكيف يشبّه بغير مثاله؟!
وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11): لكلّ ما يسمع و يبصر.
و في أصول الكافي 14960 : سهل، عن إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ قال: كتبت إلى الرّجل- عليه السّلام-: أنّ من قبلنا من مواليك قد اختلفوا في التّوحيد، فمنهم من يقول: جسم، و منهم من يقول: صورة.
فكتب بخطّة: سبحان من لا يحدّ و لا يوصف ليس كمثله شيء و هو السميع العليم.
أو قال: الْبَصِيرُ .
سهل 14961 ، عن بشر 14962 بن بشّار النّيسابوريّ قال: كتبت إلى الرّجل- عليه السّلام-:
أنّ من قبلنا قد اختلفوا في التّوحيد، فمنهم من يقول: جسم، و منهم من يقول: صورة.
فكتب إليّ: سبحان من لا يحدّ و لا يوصف و لا يشبهه شيء، و لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .
و في كتاب التّوحيد 14963 ، بإسناده إلى طاهر بن حاتم بن ماهويه قال: كتبت إلى الطّيّب، يعني: أبا الحسن- عليه السّلام-: ما الّذي لا يجتزئ 14964 في معرفة الخالق بدونه؟
فكتب: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، لم يزل سميعا و عليما و بصيرا، و هو الفعّال لما يريد.
و بإسناده 14965 إلى عبد الرّحمن بن أبي نجران قال: سألت أبا جعفر الثّاني- عليه السّلام- عن التّوحيد، فقلت: أتوهّم شيئا؟