کتابخانه روایات شیعه
و بإسناده 24883 إلى أبي جعفر- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: يقول اللّه: و عزّتي و جلالي و كبريائي و نوري و علويّ و ارتفاع مكاني، لا يؤثر عبد هواه على هواي، إلّا شتّت عليه أمره، و لبّست عليه دنياه، و شغلت قلبه بها، و لم أؤته منها إلّا ما قدرت له.
و عزّتي و جلالي و عظمتي و نوري و علوّي و ارتفاع مكاني، لا يؤثر عبدي هواي على هواه، إلّا استحفظته ملائكتي، و كفلت السّماوات و الأرضين رزقه، و كنت له من وراء تجارة كلّ تاجر، و أتته الدّنيا و هي راغمة.
و بإسناده 24884 إلى أبي محمّد الوابشي 24885 قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: احذروا أهواءكم، كما تحذرون أعداءكم، فليس شيء أعدى للرّجال من اتّباع أهوائهم و حصائد ألسنتهم.
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (41): ليس له مأوى سواها.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 24886 : وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى . قال: هو 24887 العبد إذا وقف على معصية اللّه و قدر عليها، ثمّ تركها مخافة اللّه و نهى النّفس عنها، فمكانه الجنّة.
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (42): متى ارساؤها، أي: إقامتها و إثباتها. أو منتهاها و مستقرّها، من مرسى السّفينة، و هو حيث تنتهي إليه و تستقرّ فيه.
فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (43): في أيّ شيء أنت من أن تذكر وقتها لهم، أي:
ما أنت من ذكرها لهم و تبيين وقتها في شيء، فإنّ ذكرها لا يزيدهم إلّا غيّا و وقتها ممّا استأثره اللّه بعلمه.
و قيل 24888 : «فيم» إنكار لسؤالهم، و أَنْتَ مِنْ ذِكْراها مستأنف معناه: أنت ذكر من ذكرها 24889 ، أي: علامة من أشراطها، فإنّ إرساله خاتما للأنبياء أمارة من أماراتها.
و قيل 24890 : إنّه متّصل بسؤالهم، و الجواب إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (44)، أي:
منتهى علمها.
إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (45): إنّما بعثت لإنذار من يخاف هولها، و هو لا يناسب تعيين الوقت.
و تخصيص «من يخشى» لأنّه المنتفع به.
و عن أبي عمرو 24891 : «منذر» بالتّنوين، و الإعمال على الأصل، لأنّه بمعنى الحال.
كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا : في الدّنيا، أو في القبور إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (46)، أي: عشيّة يوم أو ضحاه، كقوله: إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ و لذلك أضاف «الضّحى» إلى «العشيّة» لأنّهما من يوم واحد.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 24892 : يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قال: متى نقوم. فقال اللّه: إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها ، أي: علمها عند اللّه. قوله: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها قال: بعض يوم.
سورة عبس
و تسمّى سورة السّفرة.
مكّيّة.
و آيها إحدى [أو اثنتان] 24893 و أربعون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في كتاب ثواب الأعمال 24894 ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ سورة عَبَسَ وَ تَوَلَّى و إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ كان تحت جناح اللّه 24895 من الجنّان 24896 و في ظلّ اللّه و كرامته، و في جنّاته، و لا يعظم ذلك على اللّه 24897 ، [إنّ شاء اللّه] 24898 .
و في مجمع البيان 24899 : أبيّ بن كعب، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- قال: و من قرأ سورة عبس جاء يوم القيامة و وجهه ضاحك مستبشر 24900 .
عَبَسَ وَ تَوَلَّى (1) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (2)
و قرئ 24901 : «عبّس» بالتّشديد للمبالغة، و «أن جاءه» علّة «لتولّى» أو «عبس».
و قرئ 24902 : «أن» بهمزتين و بألف بينهما، بمعنى: أ لأن جاءه الأعمى فعل ذلك.
و
في مجمع البيان 24903 : قيل: نزلت الآيات في عبد اللّه بن أمّ مكتوم، و هو عبد اللّه بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري 24904 من بني عامر بن لؤيّ، و ذلك أنّه أتى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و هو يناجي عتبة بن ربيعة و أبا جهل بن هشام و العبّاس بن عبد المطّلب و ابيّا و أميّة ابني خلف، يدعوهم إلى اللّه و يرجوا إسلامهم.
فقال: يا رسول اللّه، أقرئني 24905 و علّمني ممّا علّمك اللّه. فجعل يناديه و كرّر النّداء و لا يدري أنّه مشتغل مقبل على غيره، حتّى ظهرت الكراهية في وجه رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- لقطعه كلامه، و قال في نفسه: يقول 24906 هؤلاء الصّناديد: إنّما أتباعه العميان و العبيد. فأعرض عنه و أقبل على القوم الّذين يكلّمهم.
فنزلت الآيات، و كان رسول اللّه [بعد ذلك] 24907 يكرمه، و إذا رآه قال: مرحبا بمن عاتبني فيه ربّي. و يقول له: هل لك من حاجة؟ و استخلفه على المدينة مرّتين في غزوتين.
قال أنس بن مالك: فرأيته يوم القادسيّة و عليه درع، و معه راية سوداء.
و روي عن الصّادق 24908 - عليه السّلام- قال: كان رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- إذا رأى [عبد اللّه بن] 24909 أمّ مكتوم قال: مرحبا، لا و اللّه، لا يعاتبني اللّه فيك أبدا. و كان يصنع به من اللّطف حتّى كان يكفّ عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- [ممّا يفعل به] 24910 .
قال المرتضى علم الهدى 24911 : ليس في ظاهر الآية دلالة على توجّهها إلى النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله-، بل هي 24912 خبر محض لم يصرّح بالمخبر عنه، و فيها ما يدلّ على أنّ
المعنيّ بها غيره، لأنّ العبوس ليس من صفات النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- مع الأعداء المتباينين فضلا عن المؤمنين المسترشدين، ثمّ الوصف بأنّه يتصدّى للأغنياء و يتلهّى عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة، و يؤيّد هذا القول قوله 24913 - تعالى- في وصفه: وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ . و قوله 24914 : وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ . و الظّاهر أنّ قوله: عَبَسَ وَ تَوَلَّى المراد به غيره.
و قد روي عن الصّادق 24915 - عليه السّلام-: أنّها نزلت في رجل من بني أميّة كان عند النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- فجاءه ابن أمّ مكتوم، فلمّا رآه تقذّر منه و عبس و جمع نفسه و أعرض بوجهه عنه، فحكى اللّه ذلك و أنكره عليه.
وَ ما يُدْرِيكَ ، أي: و أيّ شيء جعلك داريا بحاله. و الخطاب للرّجل العابس المتولّي على سبيل الالتفات.
لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3): لعلّه يكون طاهرا. أو يتطهّر بما يتلقّف عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله-.
أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (4): أو يتّعظ فتنفعه موعظة.
و قرأ 24916 عاصم، بالنّصب 24917 ، جوابا «للعلّ».
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 24918 : عَبَسَ وَ تَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى قال: نزلت في عثمان 24919 و ابن أمّ مكتوم، و كان ابن أمّ مكتوم مؤذّنا لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و كان أعمى، و جاء إلى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و عنده أصحابه و عثمان 24920 عنده، فقدّمه رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- على عثمان 24921 ، فعبس عثمان 24922 وجهه و تولّى عنه، فأنزل اللّه عَبَسَ وَ تَوَلَّى ، يعني: عثمان 24923 أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ، أي:
يكون طاهرا.
«أو يذكّر» قال: يذكّره رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-. فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى .
أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) : تتعرّض بالإقبال عليه. و أصله:
تتصدّى. و الخطاب للرّجل العابس المتولّي- أيضا-.
و قرأ 24924 ابن كثير و نافع: «تصدّى» بالإدغام.
و قرئ 24925 : «تصدّى»، أي: تعرّض و تدعى إلى التصدّي. فالخطاب للنّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله-.
وَ ما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7).
قيل 24926 : و ليس عليك بأس في أن لا يتزكّى بالإسلام حتّى يبعثك الحرص على إسلامه إلى الإعراض عمّن أسلم، إن عليك إلّا البلاغ.
وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (8): يسرع طالبا للخير.
وَ هُوَ يَخْشى (9): اللّه. أو أذيّة الكفّار في إتيانك. أو كبوة الطّريق، لأنّه أعمى لا قائد له.
فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10): تتشاغل. يقال: لهى عنه، و التهى، و تلهّى.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 24927 : ثمّ خاطب عثمان 24928 فقال: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى، فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى قال: أنت إذا جاءك غنيّ تتصدّى له و ترفعه.
وَ ما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى ، أي: لا تبالي زكيّا كان أو غير زكيّ إذا كان غنيّا.
وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى ، يعني: ابن أمّ مكتوم وَ هُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ، أي: تلهو عنه و لا تلتفت إليه.
و في مجمع البيان 24929 : و في الشّواذّ قراءة الحسن: «آن جاءه». و
قراءة أبي جعفر الباقر- عليه السّلام-: «تصدّى» بضمّ التّاء و فتح الصّاد، «و تلهّى» بضمّ التّاء- أيضا-.
كَلَّا : ردع عن المعاتب عليه، أو عن معاودة مثله.
إِنَّها تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (12) : حفظه، أو اتّعظ به.