کتابخانه روایات شیعه
إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2): إنّ النّاس لفي خسران في مساعيهم و صرف أعمارهم في مطالبهم. و التّعريف، للجنس. و التّنكير، للتّعظيم.
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ : فإنّهم اشتروا الآخرة بالدّنيا، ففازوا بالحياة الأبديّة و السّعادة السّرمديّة.
وَ تَواصَوْا بِالْحَقِ : الثّابت الّذي لا يصحّ إنكاره من اعتقاد أو عمل.
وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ (3): عن المعاصي. أو على الحقّ. أو ما يبلو اللّه به عباده.
و هذا من عطف الخاصّ على العامّ للمبالغة، إلّا أن يخصّ العمل بما يكون مقصورا على كماله 27116 . و لعلّه سبحانه إنّما ذكر سبب الرّبح دون الخسران، اكتفاء ببيان المقصود و إشعارا بأنّ ما عدا ما عدّ يؤدّي إلى خسر و نقص حظّ. أو تكرّما، فإنّ الإبهام في جانب الخسر كرم.
و في كتاب كمال الدّين و تمام النّعمة 27117 ، بإسناده إلى محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: سألت الصّادق- عليه السّلام- عن قوله: وَ الْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ .
قال- عليه السّلام-: الْعَصْرِ عصر خروج القائم. إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ، يعني: أعداءنا. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ، يعني: بآياتنا. وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، يعني:
بمواساة الإخوان. وَ تَواصَوْا بِالْحَقِ ، يعني: الإمامة. وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ ، يعني:
بالعترة 27118 .
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 27119 : وَ الْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ قال: هو قسم، و جوابه «إنّ الإنسان خاسر 27120 ».
و قرأ 27121 أبو عبد اللّه: وَ الْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ و إنّه فيه إلى آخر الدّهر، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ و أتمروا بالتّقوى و أتمروا بالصّبر.
حدثنا محمّد بن جعفر 27122 ، عن يحيى بن زكريا، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ فقال: استثنى أهل صفوته من خلقه حيث قال: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا يقول: آمنوا بولاية أمير المؤمنين وَ تَواصَوْا بِالْحَقِ ذرّيّاتهم و من خلّفوا بالولاية، و تواصوا بها و صبروا عليها.
و في الاحتجاج للطّبرسيّ- رحمه اللّه 27123 -، بإسناده إلى الباقر- عليه السّلام- عن النّبيّ حديث طويل. و فيه خطبة الغدير، و فيها: و في عليّ- عليه السّلام- و اللّه، نزلت سورة العصر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وَ الْعَصْرِ (السّورة).
و في مجمع البيان 27124 : و قيل: إنّ في قراءة ابن مسعود «و العصر، إنّ الإنسان لفي خسر و إنّه فيه إلى آخر الدّهر». و روي ذلك عن أمير المؤمنين: عليّ- عليه السّلام-.
سورة الهمزة
مكّيّة.
و آيها تسع بالإجماع.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
في ثواب الأعمال 27125 ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ في [فريضة من] 27126 فرائضه، بعّد 27127 اللّه عنه الفقر و جلب عليه 27128 الرّزق و يدفع عنه ميتة السّوء.
و في مجمع البيان 27129 : و في حديث أبيّ: و من قرأها، اعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمّد- صلّى اللّه عليه و آله- 27130 .
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1).
«الهمز» الكسر، كالهزم. و «اللّمز» الطّعن، كاللّهز. فشاعا في الكسر من أعراض النّاس و الطّعن فيهم.
و بناء فعله يدلّ على الاعتياد، فلا يقال: ضحكة و لعبة، إلّا للمكثر المتعوّد.
و قرئ 27131 : «همزة و لمزة» بالسّكون، على بناء المفعول.
و هو المسخرة الّذي 27132 يأتي 27133 بالأضاحيك، فيضحك منه و يشتم.
و نزولها قيل 27134 : في الأخنس بن شريق 27135 ، فإنّه كان مغتابا. أو في الوليد بن المغيرة و اغتيابه رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-.
و في كتاب الخصال 27136 : عن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن جدّه- عليهم السّلام- قال: المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر [صنفا] 27137 - إلى أن قال-: و أمّا العقرب فكان رجلا همّازا لمّازا 27138 ، فمسخه اللّه عقربا.
و فيه 27139 - أيضا-، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- قال: سألت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- عن المسوخ.
فقال: هي ثلاثة عشر: الفيل و الدّب 27140 - إلى أن قال- صلّى اللّه عليه و آله-: و أمّا العقرب فكان رجلا لدّاغا 27141 لا يسلم من لسانه أحد.
و في عوالي اللّآلي 27142 : و قال- صلّى اللّه عليه و آله-: رأيت ليلة الإسراء قوما يقطع اللّحم من جنوبهم ثمّ يلقمونه، و يقال: كلوا ما كنتم تأكلون من لحم أخيكم.
فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟
فقال: هؤلاء الهمّازون من أمّتك، اللّمّازون.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 27143 ، مثله.
و في شرح الآيات الباهرة 27144 : قال محمّد بن العبّاس: حدّثنا أحمد بن محمّد النّوفليّ، عن محمّد بن عبد اللّه بن مهران، عن محمّد بن خالد البرقيّ، عن محمّد بن سليمان الدّيلميّ، عن أبيه، سليمان قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: ما معنى قوله- تعالى-: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ . 27145
قال: الّذين همزوا آل محمّد حقّهم و لمزوهم، و جلسوا مجلسا كان آل محمّد أحقّ به منهم.
الَّذِي جَمَعَ مالًا : بدل من «كلّ». أو ذم منصوب، أو مرفوع.
و قرأ 27146 ابن عامر و حمزة و الكسائيّ، بالتّشديد، للتّكثير.
وَ عَدَّدَهُ (2): و جعله عدّة للنّوازل. أو عدّة مرّة بعد أخرى، و يؤيّده أنّه قرئ 27147 : «و عدده» على فكّ الإدغام 27148 .
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 27149 : وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ قال: الّذي يغمز و يستحقر الفقراء. و قوله: لُمَزَةٍ يلوي عنقه و رأسه، و يغضب إذا رأى فقيرا أو سائلا. الَّذِي جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ قال: أعدّه و وضعه.
و في التّوحيد 27150 ، بإسناده إلى أبان الأحمر، عن الصّادق- عليه السّلام - أنّه جاء إليه رجل، فقال له: بأبي أنت و أمّي، عظني موعظة.
فقال: إن كان الحساب حقّا، فالجمع لما ذا؟ و إن كان الخلف من اللّه حقّا، فالبخل لما ذا؟
و الحديث [طويل أخذت منه موضع الحاجة].
و في الخصال 27151 : عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: سمعت الرّضا- عليه السّلام- يقول: لا يجتمع المال إلّا بخمس خصال: بخل شديد، و أمل طويل، و حرص غالب، و قطيعة رحم، و إيثار الدّنيا على الآخرة.
يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3): تركه 27152 خالدا في الدّنيا فأحبّه، كما يحبّ الخلود. أو حبّ المال أغفله 27153 عن الموت، أو طول أمله حتّى حسب أنّه مخلّد، فعمل عمل من لا يظنّ الموت.
و فيه تعريض، بأنّ المخلد هو السعي للآخرة.
كَلَّا : ردع له عن حسبانه.
لَيُنْبَذَنَ : ليطرحنّ 27154 .
فِي الْحُطَمَةِ (4): في النّار، الّتي من شأنها أن تحطّم كلّ ما يطرح فيها.
وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5): ما النّار، الّتي لها هذه الخاصّيّة.
نارُ اللَّهِ : تفسير لها.
الْمُوقَدَةُ (6): الّتي أوقدها اللّه، و ما أوقده لا يقدر غيره أن يطفئه.
الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7): تعلو أوساط القلوب، و تشتمل عليها.
و تخصيصها بالذّكر، لأنّ الفؤاد 27155 ألطف ما في البدن و أشدّه تألّما. أو لأنّه محلّ العقائد الزائفة 27156 ، و منشأ الأعمال القبيحة.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 27157 : يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ [قال: يحسب أنّ ماله يخلده] 27158 و يبقيه. ثمّ قال: كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ و الْحُطَمَةِ النّار الّتي تحطم كلّ شيء. ثمّ قال: وَ ما أَدْراكَ 27159 مَا الْحُطَمَةُ، نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ قال:
تلتهب على الفؤاد.
قال أبو ذرّ- رحمه اللّه-: بشّر المتكبّرين بكيّ في الصّدور [و سحب على الظهور] 27160 .
إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8): مطبقة. من أوصدت الباب: إذا أطبقته.
فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)، أي: موثقين في اعمدة ممدّودة، مثل المقاطر 27161 الّتي تقطر فيها اللّصوص.
و قرأ 27162 أبو عمرو 27163 حمزة و الكسائيّ «عمد» بضمّتين.