کتابخانه روایات شیعه
يعبدوه لسائر نعمه فليعبده لأجل إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ (2)، أي: الرحلة في الشّتاء إلى اليمن، و في الصّيف إلى الشّام فيمتارون و يتّجرون. أو بمحذوف، مثل أعجبوا. أو بما قبله، كالتّضمين 27263 في الشّعر: أي فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش. و يؤيّده أنّهما في مصحف ابيّ سورة واحدة.
و قرئ 27264 : «ليألف قريش إلفهم رحلة الشّتاء».
و «قريش» ولد النّضر بن كنانه، منقول من تصغير «قريش» و هو دابّة عظيمة في البحر تبعث بالسّفن فلا تطاق إلّا بالنّار، فشبّهوا 27265 بها. لأنّها تأكل و لا تؤكل، و تعلو و لا تعلى. و صغّر الاسم، للتّعظيم. و إطلاق الإيلاف ثمّ إبدال المقيّد عنه، للتّفخيم.
و قرأ 27266 ابن عامر: «لئلاف» بغير ياء بعد الهمزة.
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ ، أي:
بالرّحلتين. و التّنكير، للتّعظيم.
و قيل 27267 : المراد به: شدّة أكلوا فيها الجيف و العظام.
وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4): خوف أصحاب الفيل. أو التّخطّف في بلدهم و مسايرهم. أو الجذام، فلا يصيبهم ببلدهم.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 27268 : [ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ ] 27269 قال: نزلت في قريش. لأنّه كان معاشهم من الرّحلتين، رحلة في الشّتاء إلى اليمن و رحلة في الصّيف إلى الشّام. و كانوا يحملون من مكّة الأدم و اللّبّ 27270 و ما يقع من ناحية البحر من الفلفل و غيره، فيشترون بالشّام الثّياب و الدّرمك 27271 و الحبوب. و كانوا يتألّفون في طريقهم، و يثبّتون في الخروج في كلّ خرجة رئيسا من رؤساء قريش، و كان معاشهم من ذلك.
فلمّا بعث اللّه نبيّه، استغنوا عن ذلك. لأنّ النّاس وفدوا على رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و حجّوا إلى البيت، [فقال اللّه] 27272 : فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ [الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ ] 27273 فلا يحتاجون أن يذهبوا إلى الشّام. وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ، يعني: خوف الطّريق.
و في مجمع البيان 27274 : و قال سعيد بن جبير: مرّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و معه أبو بكر بملإ و هم ينشدون:
يا ذا الّذي طلب السّماحة و النّدى
هلّا مررت بآل عبد الدّار
لو أن مررت بهم تريد قراهم 27275
[ منعوك من جهد و من إقتار
فقال لأبي بكر: هكذا قال الشّاعر؟
قال: لا، و الّذي بعثك بالحقّ نبيّا 27276 ، بل قال:
يا ذا الّذي طلب السّماحة و النّدى
هلّا مررت بآل عبد مناف
لو أن مررت بهم تريد قراهم ] 27277
منعوك من جهد و من إيجاف
الرّائشين و ليس يوجد رائش
و القائلين هلّم للأضياف
و الخالطين غنيّهم بفقيرهم
حتّى يصير فقيرهم كالكافي 27278
و القائلين بكلّ وعد صادق
و رجال مكّة مسنتون 27279 عجاف
( سفيرين سنّهما له و لقومه
( سفر الشّتاء و رحلة 27280 الأصياف )
سورة الماعون
[و تسمّى سورة أ رأيت] 27281 .
مكّيّة.
و آيها ستّ أو سبع.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في ثواب الأعمال 27282 ، بإسناده: عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: من قرأ سورة أ رأيت الّذي يكذّب بالدّين في فرائضه و نوافله، قبل اللّه صلاته و صيامه، و لم يحاسبه بما كان منه في الحياة الدّنيا.
و في مجمع البيان 27283 : في حديث ابيّ: من قرأها غفر اللّه له، إن كان للزّكاة مؤدّيا.
أَ رَأَيْتَ : استفهام، معناه: التّعجّب.
و قرئ 27284 : «أريت» بلا همزة، إلحاقا بالمضارع 27285 . و لعلّ تصديرها بحرف الاستفهام سهّل أمرها. و «أ رأيتك» 27286 بزيادة الكاف.
الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1): بالجزاء. أو الإسلام، و الّذي يحتمل الجنس
و العهد.
و في شرح الآيات الباهرة 27287 : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا الحسن بن عليّ بن زكريّا بن عاصم، عن الهيثم، عن عبد اللّه الرّماديّ قال: حدّثنا عليّ بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه في قوله: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ قال: بولاية أمير المؤمنين، عليّ- عليه السّلام-.
و روى محمّد بن جمهور 27288 ، عن عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي جميلة، عن أبي أسامة، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام - في قوله: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ قال:
بالولاية، يعني: أنّ الدّين هو الولاية.
فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2): يدفعه دفعا عنيفا.
قيل 27289 : هو أبو جهل، كان وصيّا ليتيم فجاءه عريانا يسأله من مال نفسه، فدفعه. أو أبو سفيان، نحر جزورا فسأله يتيم لحما، فقرعه بعصاه. أو الوليد بن المغيرة.
أو منافق بخيل.
و قرئ 27290 : «يدع»، أي: يترك.
وَ لا يَحُضُ : أهله و غيرهم.
عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (3): لعدم اعتقاده بالجزاء، و لذلك رتّب الجملة على يكذّب بالفاء 27291 .
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (5)، أي:
غافلون غير مبالين بها.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 27292 : [ أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ] 27293 قال: نزلت في أبي جهل و كفّار قريش. فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ، أي: يدفعه، يعني: عن حقّه.
وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ ، أي: لا يرغب في إطعام المسكين.
ثمّ قال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ .
قال: غنى به: تاركون، لأنّ كلّ إنسان يسهو في الصّلاة.
قال أبو عبد اللّه- عليه
السّلام-: تأخير الصّلاة عن أوّل وقتها لغير عذر.
و في الخصال 27294 ، فيما علّم أمير المؤمنين- عليه السّلام- أصحابه من الأربعمائة باب 27295 ممّا يصلح للمسلم في دينه و دنياه: ليس عمل أحبّ إلى اللّه من الصّلاة، فلا يشغلكم 27296 عن أوقاتها شيء من أمور الدّنيا. فإنّ [اللّه- عزّ و جلّ-] 27297 ذمّ أقواما فقال:
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ، يعني: أنّهم غافلون، استهانوا بأوقاتها.
و في الكافي 27298 : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين، عن محمّد بن الفضيل 27299 ، قال: سألت عبدا صالحا [- عليه السّلام-] 27300 ، عن قوله- تعالى-: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ .
قال: هو التّضييع.
و روى العيّاشي 27301 ، بإسناده: عن يونس بن عمّار، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سألته عن قوله: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ أ هي وسوسة الشّيطان؟
فقال: لا، كلّ أحد يصيبه هذا، و لكن أن يغفلها و يدع أن يصلّي في أوّل وقتها.
و عن أبي أسامة 27302 ، زيد الشّحّام قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قوله:
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ .
قال: هو التّرك لها و التّواني عنها.
و عن محمّد بن الفضيل 27303 ، عن أبي الحسن- عليه السّلام- قال: هو التّضييع.
الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (6): يرون النّاس أعمالهم، ليروهم الثّناء عليهم.
و في مجمع البيان 27304 : الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ و هم الّذين يؤخّرون الصّلاة عن أوقاتها. عن ابن عبّاس و مسروق، و روي ذلك مرفوعا.
و قيل: يريد المنافقين الّذين لا يرجون لها ثوابا إن صلّوا، و لا يخافون عليها عقابا إن تركوا، فهم عنها غافلون حتّى يذهب وقتها. فإذا كانوا مع المؤمنين، صلّوها رياء.
و إذا لم يكونوا معهم، لم يصلّوا. و هو قوله: الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ . عن عليّ- عليه السّلام- و ابن عبّاس.
و في جوامع الجامع 27305 : و لا يكون الرّجل مرائيا بإظهار العمل الصّالح إن كان فريضة، فمن حقّ الفرائض الإعلام بها و تشهيرها
لقوله- عليه السّلام-: و لا غمّة في فرائض اللّه، لأنّها شعائر الدّين و أعلام الإسلام.
و قوله- عليه السّلام-: من صلّى الصّلوات الخمس جماعة، فطنّوا به كلّ خير.
و قوله لأقوام لم يحضروا الجماعة: لتحضرنّ المسجد أو لأحرقنّ عليكم 27306 منازلكم.
و لأنّ تاركها يستحقّ الذّمّ و التّوبيخ، فوجب إماطة التّهمة بالإظهار. و إن كان تطوّعا فالأولى فيه الإخفاء، لأنّه ممّا لا يلام بتركه و لا تهمة فيه، فيكون أبعد عن 27307 الرّياء. فإن أظهره قاصدا للاقتداء به كان حسنا، فإنّ الرّياء أن يقصد بإظهاره أن يراه النّاس فيثنوا عليه 27308 . على أنّ اجتناب الرّياء أمر صعب، إلّا على المخلصين، و لذلك
قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله-: الرّياء أخفى من دبيب النّملة السّوداء في اللّيلة المظلمة على المسح الأسود.
وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ (7): الزّكاة. أو ما يتعاون 27309 في العادة.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 27310 : [ وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ ] 27311 قال: مثل السّراج و النّار و الخمير و أشباه ذلك من الّذي يحتاج إليه النّاس.
و في رواية أخرى 27312 : الخمس و الزّكاة.
و في مجمع البيان 27313 : وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ اختلف فيه، فقيل: هو الزّكاة المفروضة.
عن عليّ- عليه السّلام-. و روي ذلك عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-.
و