کتابخانه روایات شیعه
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ فقل: يا أيّها الكافرون. و إذا قلت: لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ فقل: أعبد اللّه وحده. و إذا قلت: لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ فقل: ربّي اللّه و ديني الإسلام.
و في أمالي شيخ الطائفة 27466 ، بإسناده إلى سعيد بن يسار، عن غير واحد من أصحابه ، أنّ نفرا من قريش اعترضوا لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- منهم عتبة بن ربيعة و أميّة بن خلف و الوليد بن المغيرة و العاص بن سعيد، فقالوا: يا محمّد، هلم فلنعبد ما تعبد، و تعبد ما نعبد فنشرك نحن و أنت في الأمر. فإن يكن 27467 الّذي نحن عليه الحقّ، فقد أخذت بحظّك منه. و إنّ 27468 يكن الّذي أنت عليه الحقّ، فقد أخذنا بحظّنا منه. فأنزل اللّه قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (السّورة).
و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 27469 : حدّثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير قال: سأل أبو شاكر أبا جعفر الأحول عن قول اللّه: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (السّورة) فهل يتكلّم الحكيم بمثل هذا القول و يكرّره مرّة بعد مرّة؟
فلم يكن عند أبي جعفر الأحول في ذلك جواب. فدخل المدينة، فسأل أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن ذلك.
فقال: كان سبب نزولها و تكرارها أنّ قريشا قالت لرسول اللّه [- صلّى اللّه عليه و آله-] 27470 : تعبد آلهتنا 27471 سنة و نعبد إلهك سنة، [و تعبد آلهتنا 27472 سنة و نعبد إلهك سنة] 27473 فأجابهم اللّه بمثل ما قالوا فيما قالوا: تعبد آلهتنا سنة قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ، لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ و فيما قالوا: نعبد إلهك سنة وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ و فيما قالوا: تعبد آلهتنا 27474 سنة] 27475 وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ و فيما قالوا: و نعبد إلهك سنة وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ .
قال 27476 : فرجع أبو جعفر الأحول إلى أبي شاكر، فأخبره بذلك 27477 .
فقال أبو شاكر: هذا حملته 27478 الإبل من الحجاز.
و كان أبو عبد اللّه- عليه السّلام- إذا فرغ من قراءتها يقول: ديني الإسلام 27479 .
سورة النّصر
مدنيّة.
و آيها ثلاث بالإجماع.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في ثواب الأعمال 27480 ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ في نافلة أو فريضة، نصره اللّه على جميع أعدائه، و جاء يوم القيامة و معه كتاب ينطق قد، أخرجه اللّه من جوف قبره، فيه أمان من جسر جهنّم و من النّار و من زفير جهنّم. فلا يمرّ على شيء يوم القيامة إلّا بشّره و أخبره بكلّ خير حتّى يدخل الجنّة، و يفتح له في الدّنيا من أسباب الخير ما لم يتمنّ و لم يخطر على قلبه.
و في مجمع البيان 27481 : في حديث ابيّ: من قرأها، فكأنّما شهد مع رسول اللّه [- صلّى اللّه عليه و آله-] 27482 فتح مكّة.
و عن عبد اللّه بن مسعود 27483 ، قال: لمّا نزلت السّورة، كان النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- يقول كثيرا: سبحانك اللّهمّ و بحمدك، اللّهمّ اغفر لي إنّك أنت التّوّاب الرّحيم.
و عن أمّ سلمة 27484 ، قالت: كان [رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- بآخره 27485 لا يقوم
و لا يقعد و لا يجيئ و لا يذهب إلّا قال: سبحان اللّه و بحمده، أستغفر اللّه و أتوب إليه.
فسألناه عن ذلك فقال: إنّي أمرت بها ثمّ قرأ إِذا] 27486 جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ .
و في رواية عائشة 27487 : أنّه كان يقول: سبحانك اللهمّ و بحمدك، أستغفرك و أتوب إليك.
قال مقاتل 27488 : لمّا نزلت هذه السّورة قرأها على أصحابه، ففرحوا و استبشروا.
و سمعها العبّاس، فبكى.
فقال- صلّى اللّه عليه و آله-: ما يبكيك، يا عمّ؟
فقال: أظنّ أنّه قد نعت إليك نفسك، يا رسول اللّه.- صلّى اللّه عليه و آله-.
فقال: إنّه لكما تقول.
فعاش بعدها 27489 سنتين، ما رئي فيهما ضاحكا مستبشرا.
قال: و هذه السّورة تسمّى: سورة التّوديع.
و قال ابن عبّاس 27490 : لمّا نزلت إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ قال- صلّى اللّه عليه و آله-: نعيت إليّ نفسي بأنّها مقبوضة في هذه السّنة.
و في الكافي 27491 : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد [بن يحيى] 27492 و سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن محمّد بن الحسن بن السّريّ، عن عمّه، عليّ بن السّري، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: أوّل ما نزل على رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ و آخره إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ .
و في عيون الأخبار 27493 ، بإسناده إلى الحسين بن خالد قال: قال الرّضا- عليه السّلام-: سمعت أبي يحدّث، عن أبيه، أنّ أوّل سورة نزلت على رسول اللّه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ و آخره إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ .
إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ ، أي: إظهاره إيّاك على أعدائك.
وَ الْفَتْحُ (1): و فتح مكّة.
و قيل 27494 : المراد جنس نصر اللّه المؤمنين و فتح مكّة و سائر البلاد عليهم. و إنّما عبّر عن الحصول بالمجيء تجوّزا، للإشعار بأنّ المقدرات متوجّهات من الأزل إلى أوقاتها المعيّنة لها، فتقرب منها شيئا فشيئا، و قد قرب النّصر من وقته، فكن مترقّبا لوروده مستعد لشكره.
وَ رَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (2): جماعات كثيرة، كأهل مكّة و الطّائف و اليمن و هوازن و سائر قبائل العرب.
و «يدخلون» حال، على أنّ «رأيت» بمعنى: أبصرت. أو مفعول ثان، على أنّه بمعنى: علمت.
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قيل 27495 : أي: فتعجّب لتيسير اللّه ما لم يخطر ببال أحد، حامدا له عليه. أو فصلّ له حامدا على نعمائه 27496 .
روي 27497 : أنّه [- صلّى اللّه عليه و آله-] 27498 لمّا دخل مكّة بدأ بالمسجد فدخل الكعبة و صلّى ثمان ركعات.
أو فنزّهه عمّا كانت الظّلمة يقولون فيه، حامدا له على أن صدق وعده. أو فأثن على اللّه بصفات الجلال 27499 ، حامدا له على صفات الإكرام.
وَ اسْتَغْفِرْهُ : هضما لنفسك، و استقصارا لعملك.
و عنه- صلّى اللّه عليه و آله- 27500 : إنّي لأستغفر اللّه في اليوم و اللّيلة مائة مرّة.
و قيل 27501 : استغفره لأمّتك.
و تقديم التّسبيح [على الحمد] 27502 ثمّ الحمد على الاستغفار، على طريق النّزول من الخالق إلى المخلوق، كما قيل: ما رأيت شيئا إلّا و رأيت اللّه قبله.
إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (3): [لمن استغفر] 27503 منذ خلق المكلّفين.
و
في تفسير عليّ بن إبراهيم 27504 : [ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ ] 27505 قال: نزلت بمنى
في حجّة الوداع إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ . فلمّا نزلت قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: نعيت إليّ نفسي. فجاء إلى مسجد الخيف فجمع النّاس، ثمّ قال: نصر اللّه امرأ سمع مقالتي فوعاها و بلّغها من لم يسمعها فربّ حامل فقه غير فقيه، و ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه. ثلاث لا يغلّ عليهنّ: قلب امرئ مسلم أخلص 27506 العمل للّه، و النّصيحة لأئمّة المسلمين، و اللّزوم لجماعتهم فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم. أيّها النّاس، إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا 27507 ، كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي. فإنّه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، كإصبعيّ هاتين، و جمع بين سبّابتيه. و لا أقول: كهاتين، و جمع بين سبّابته و الوسطى، فتفضل هذه على هذه.
و في جوامع الجامع 27508 : و عن جابر بن عبد اللّه أنّه بكى ذات يوم، فقيل له في ذلك.
فقال: سمعت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- يقول: دخل النّاس في دين اللّه أفواجا، [و سيخرجون منه أفواجا] 27509 .
و قيل 27510 : أراد بالنّاس أهل اليمن. و لمّا نزلت قال- صلّى اللّه عليه و آله-: اللّه أكبر، جاء نصر اللّه و الفتح، و جاء أهل اليمن قوم رقيقة قلوبهم. الإيمان يمان، و الحكمة يمانيّة. و قال- صلّى اللّه عليه و آله-: أجد نفس ربّكم من قبل اليمن.