کتابخانه روایات شیعه
فقال- صلّى اللّه عليه و آله- لعليّ- عليه السّلام-: أدركه فخذ الرّاية منه، و كن أنت الّذي يدخل بها، و أدخلها إدخالا رفيقا 27569 . فأخذها عليّ- عليه السّلام- و أدخلها، كما أمر.
و لمّا دخل رسول اللّه [- صلّى اللّه عليه و آله-] 27570 مكّة، دخل صناديد قريش الكعبة، و هم يظنّون أنّ السّيف لا يرفع عنهم. و أتى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- و وقف قائما على باب الكعبة، فقال: لا إله إلّا اللّه وحده وحده 27571 ، أنجز وعده، و نصر عبده، و هزم الأحزاب وحده. ألا إنّ كلّ مال أو مأثرة و دم يدعى 27572 فهو تحت قدميّ هاتين، إلّا سدانة الكعبة و سقاية الحاج، فإنّهما مردودتان إلى أهليها. ألا إنّ مكّة محرّمة بتحريم اللّه، لم تحلّ لأحد كان قبلي و لم تحلّ لي إلّا ساعة من نهار، و هي محرّمة إلى أن تقوم السّاعة، لا يختلى خلاها 27573 و لا يقطع شجرها، و لا ينفّر صيدها، و لا تحلّ لقطتها 27574 إلّا لمنشد.
ثمّ قال: ألا لبئس جيران النّبيّ [- صلّى اللّه عليه و آله-] 27575 كنتم، لقد كذّبتم و طردتم، و أخرجتم و آذيتم، ثمّ ما رضيتم حتّى جئتموني في بلادي تقاتلونني، فاذهبوا فأنتم الطّلقاء.
فخرج القوم، كأنّما انشروا من القبور و دخلوا في الإسلام. و كان اللّه أمكنه من رقابهم عنوة، و كانوا له فيئا 27576 ، فلذلك سمّي أهل مكّة الطّلقاء.
و جاء ابن الزّبعريّ إلى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- [و أسلم] 27577 و قال:
يا رسول اللّه إنّ لساني
راتق ما فتقت إذ أنا بور 27578
إذ أباري 27579 الشّيطان في سنن الغيّ
و من مال ميله مثبور 27580
آمن اللّحم و العظام لربّي
ثمّ نفسي الشّهيد أشهد أنت النّذير
و عن ابن مسعود، قال: دخل النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- يوم الفتح و حول البيت ثلاثمائة و ستّون صنما، فجعل يطعنها بعود في يده و يقول: جاءَ الْحَقُّ وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما يُعِيدُ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً .
و عن ابن عبّاس قال: لمّا قدم [رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-] 27581 مكّة أبى أن يدخل البيت و فيه الآلهة، فأمر بها فأخرجت. و أخرجت صورة إبراهيم و إسماعيل و في أيديهما الأزلام، فقال [- صلّى اللّه عليه و آله-: قاتلهم اللّه] 27582 أما و اللّه لقد علموا أنّهما لم يستقسما بها قطّ.
سورة تبّت
مكّيّة.
و آيها خمس بالإجماع.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في ثواب الأعمال 27583 ، بإسناده إلى عليّ بن شجرة: عن بعض أصحاب أبي عبد اللّه- عليه السّلام- [عنه- عليه السّلام-] 27584 قال: إذا قرأتم تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَ فادعوا على أبي لهب، فإنّه كان من المكذّبين الّذين يكذّبون بالنّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- و بما جاء به من عند اللّه.
و في مجمع البيان 27585 : في حديث أبي: من قرأها رجوت أن لا يجمع اللّه 27586 بينه و بين أبي لهب في دار واحدة.
سعيد بن جبير 27587 ، عن ابن عبّاس قال: صعد رسول اللّه [- صلّى اللّه عليه و آله-] 27588 ذات يوم الصّفا فقال: يا صباحاه 27589 .
فأقبل إليه قريش فقالوا له: مالك؟
فقال: أرأيتم لو أخبرتكم أنّ العدوّ مصبّحكم أو ممسّيكم، أما تصدّقون 27590 ؟
قالوا: بلى.
قال: فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
فقال أبو لهب: تبّا لك، لهذا دعوتنا جميعا. فأنزل اللّه هذه السّورة.
أورده البخاريّ في الصّحيح.
تَبَّتْ : هلكت. أو خسرت. و «و التّباب» خسران يؤدّي إلى الهلاك.
يَدا أَبِي لَهَبٍ : نفسه، كقوله: وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ .
و قيل 27591 : إنّما خصّتا، لأنّه [- عليه الصّلاة و السّلام-] 27592 لمّا نزل عليه وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع أقاربه فأنذرهم، فقال أبو لهب: تبّا لك، أ لهذا دعوتنا؟ و أخذ حجرا ليرميه [به. فنزلت].
و قيل 27593 : المراد بهما دنيا و آخرته 27594 . و إنّما كنّاه، و التّكنية تكرمة، لاشتهاره بكنيته. و لأنّ اسمه عبد العزّى، فاستكره ذكره. و لأنّه لمّا كان من أصحاب النّار، كانت الكنية أوفق بحاله، أو ليجانس قوله: ذاتَ لَهَبٍ .
و قرئ 27595 : «أبو لهب»، كما قيل: [عليّ بن] 27596 أبو طالب.
و قرأ 27597 ابن كثير بإسكان هاء «لهب».
وَ تَبَ (1): إخبار بعد دعاء 27598 . و التّعبير بالماضي لتحقّق وقوعه، كقوله:
جزاني جزاه اللّه شرّ جزائه
جزاء الكلاب العاويات و قد فعل
و يدلّ عليه أنّه قرئ 27599 : «و قد تبّ 27600 ». أو الأوّل إخبار عمّا كسبت يداه، و الثّاني عن عمل نفسه.
ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ : نفي لإغناء المال 27601 عنه حين نزل به التّباب. أو استفهام إنكار له، و محلّها النّصب 27602 .
وَ ما كَسَبَ (2): و كسبه. أو مكسوبه بما له من النّتائج و الأرباح و الوجاهة و الاتّباع. أو عمله الّذي ظنّ أنّه ينفعه. أو ولده عتبة 27603 ، و قد افترسه أسد في طريق الشّام و قد أحدق به العير. و مات أبو لهب بالعدسة بعد وقعة بدر بأيّام معدودة، و ترك ثلاثا حتّى أنتن، ثمّ استأجروا بعض السّودان حتّى دفنوه. فهو إخبار عن الغيب، طابقه وقوعه.
سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (3): اشتعال، يريد: نار جهنّم.
و قرئ 27604 : «سيصلى» بالضّمّ 27605 مخفّفا و مشدّدا.
وَ امْرَأَتُهُ عطف على المستكنّ في «سيصلى». أو مبتدأ. و هي أمّ جميل، اخت أبي سفيان.
حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)، يعني: حطب جهنّم، فإنّها كانت تحمل الأوزار بمعاداة الرّسول و تحمل زوجها على إيذائه. أو النّميمة، فإنّا توقد نار الخصومة. أو حزمة الشّوك و الحسك 27606 كانت تحملها فتنثرها باللّيل في طريق رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-.
و قرأ 27607 عاصم بالنّصب على الشّتم.
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)، أي: ممّا مسد، أي: فتل. و منه رجل ممسود الخلق 27608 ، أي: مجدولة. و هي ترشيح 27609 للمجاز. أو تصوير لها بصورة الحطّابة الّتي 27610
تحمل الحزمة و تربطها في جيدها، تحقيرا لشأنها. أو بيانا لحالها في نار جهنّم، حيث يكون على ظهرها حزمة من حطب جهنّم، كالزّقّوم و الضّريع، و في جيدها سلسلة من النّار.
و الظّرف في موضع الحال، [أو الخبر] 27611 و «حبل» مرتفع به.
و في مجمع البيان 27612 : و يروى عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما نزلت هذه السّورة أقبلت العوراء، أمّ جميل بنت حرب، و لها ولولة، و في يدها فهر 27613 و هي تقول: «مذممّا أبينا، و دينه قلينا 27614 ، و أمره عصينا» و النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- جالس في المجلس، و معه أبو بكر.
فلمّا رآها أبو بكر قال: يا رسول اللّه، قد أقبلت و أنا أخاف أن تراك.
قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: إنّها لن تراني، و قرأ قرآن فاعتصم به، كما قال 27615 وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً .
فوقفت على أبي بكر، و لم تر رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- فقالت: يا أبا بكر 27616 ، إنّ صاحبك هجاني.
فقال: لا، و ربّ البيت، ما هجاك.
قال 27617 : فولّت و هي تقول: قريش تعلم أنّي بنت سيّدها.
و روي 27618 أنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- قال: صرف اللّه عنّي أنّهم 27619 يذمّون مذمّما، و أنا محمّد.