کتابخانه روایات شیعه
ثمّ وجب على الأمّة إذا قعد هذا الرّجل المدلول عليه من طلب حقّه بسيفه للعلّة الّتي ذكرناها، و أنّ النّبي (ص) قد دلّ عليه، فلمّا كفاه ع لم يحتج أن يدلّ على نفسه، و هذا كما دعا اللّه عزّ و جلّ الملائكة إلى السّجود لآدم، فلم يكن لآدم أن يدعو إلى نفسه، و قد كفاه اللّه ذلك، و قول النّبي ص له ع دليل حيث قال:
يا عليّ أنت بمنزلة الكعبة يؤتى إليها و لا تأتي.
130 رَوَاهُ الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيِ 945 عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): يَا عَلِيُّ أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الْكَعْبَةِ يُؤْتَى إِلَيْهَا وَ لَا تَأْتِي 946 .
مناشدته ع مع الخوارج
131- و قد احتجّ على الخوارج حين
بَعَثَ عَلِيٌّ ع بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، يُحَاجُّهُمْ، فَقَالُوا: نَقَمْنَا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى صَاحِبِكَ خِصَالًا كُلُّهَا مُكَفِّرَةٌ مُوبِقَةٌ، تَدْعُو إِلَى النَّارِ!.
أَمَّا الْأُولَى: فَإِنَّهُ مَحَا اسْمَهُ مِنْ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ كَتَبَ الْكِتَابَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَنَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ وَ لَسْنَا نَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ ع أَمِيرَنَا.
[وَ أَمَّا] الثَّانِيَةُ: فَإِنَّهُ شَكَّ فِي نَفْسِهِ، حَيْثُ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ: انْظُرَا، فَإِنْ كَانَ مُعَاوِيَةُ أَحَقَّ بِهَا مِنِّي فَأَثْبِتَاهُ، وَ إِنْ كُنْتُ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ؟، فَأَثْبِتَانِي، فَإِذَا هُوَ قَدْ شَكَّ فِي نَفْسِهِ، فَلَمْ يَدْرِ أَ هُوَ أَحَقُّ بِهَا أَمْ مُعَاوِيَةُ؟ فَنَحْنُ فِيهِ أَشَدُّ شَكّاً.
وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ: فَإِنَّهُ جَعَلَ الْحُكْمَ إِلَى غَيْرِهِ، وَ قَدْ كَانَ عِنْدَنَا مِنْ أَحْكَمِ النَّاسِ.
وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ: فَإِنَّهُ حَكَّمَ فِي دِينِ اللَّهِ الرِّجَالَ، وَ لَمْ يَكُ ذَاكَ إِلَيْهِ.
وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ: قَسَمَ بَيْنَنَا الْكُرَاعَ وَ السِّلَاحَ يَوْمَ الْبَصْرَةِ، وَ مَنَعَنَا النِّسَاءَ وَ الذُّرِّيَّةَ.
وَ أَمَّا السَّادِسَةُ: فَإِنَّهُ كَانَ وَصِيّاً، فَضَيَّعَ الْوَصِيَّةَ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ سَمِعْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَقَالَةَ الْقَوْمِ، وَ أَنْتَ أَحَقُّ بِالْجَوَابِ.
فَقَالَ (ع) 947 :
يَا ابْنَ عَبَّاسٍ: قُلْ لَهُمْ: أَ لَسْتُمْ تَرْضَوْنَ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ حُكْمِ رَسُولِهِ؟
قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: أَبْدَأُ عَلَى مَا بَدَأْتُمْ بِهِ أَوَّلَ الْأَمْرِ، فَقَدْ كُنْتُ أَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ (ص) يَوْمَ صَالَحَ أَبَا سُفْيَانَ وَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو فَكَتَبْتُ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* : هَذَا مَا تَصَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: إِنَّا لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ، وَ لَا نُقِرُّ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَمَحَوْتُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ، وَ كَتَبْتُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، وَ مَحَوْتُ رَسُولَ اللَّهِ، وَ كَتَبْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ،
فَقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ إِنَّكَ تُدْعَى إِلَى مِثْلِهَا، فَتُجِيبُ وَ أَنْتَ مُكْرَهٌ 948 ، وَ
هَكَذَا، كَتَبْتُ بَيْنِي وَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالا: قَدْ ظَلَمْنَاكَ إِنْ أَقْرَرْنَا أَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ قَاتَلْنَاكَ، وَ لَكِنِ اكْتُبْ: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَمَحَوْتُ كَمَا مَحَا رَسُولُ اللَّهِ، وَ كَتَبْتُ كَمَا كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ أَثْبَتُّ مَا ثَبَّتُونِي؛ فَقَالُوا: هَذِهِ لَكَ خَرَجْتَ مِنْهَا.
قَالَ: وَ أَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنِّي شَكَكْتُ فِي نَفْسِي، حَيْثُ قُلْتُ لِلْحَكَمَيْنِ:
انْظُرَا، فَإِنْ كَانَ مُعَاوِيَةُ أَحَقَّ بِهَا مِنِّي، فَأَثْبِتَاهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ شَكّاً مِنِّي وَ لَكِنَّهُ نَصَفٌ مِنَ الْقَوْلِ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ 949 فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَكّاً، وَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ: أَنَّ نَبِيَّهُ كَانَ عَلَى الْحَقِّ، قَالُوا: وَ هَذِهِ لَكَ خَرَجْتَ مِنْهَا.