کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الهداية الكبرى

لمحات عن الكتاب و المؤلف‏ من هو الحسين بن حمدان الخصيبي الجنبلائي أو الجنبلاني؟ مؤلفاته كثيرة يوجد الآن من أتباعه في إيران‏ فهو في العرض الشعري‏ و نعود إلى موضوع الهداية الكبرى، التواقيع للزعماء: المرسوم التشريعي: المادة الأولى: المادة الثانية: القرار رقم 8: المادة الأولى: المادة الثانية: [مقدمة المؤلف‏] [خطبة المؤلف‏] الباب الأول باب رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلّم) أسماؤه: كنيته و ألقابه: أولاده: أزواجه: دلائله و براهينه: الباب الثاني بَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الباب الثالث باب سيّدة النساء (عليها السلام) الباب الرابع باب الامام الحسن المجتبى (عليه السلام) الباب الخامس باب الإمام الحسين الشهيد (عليه السلام) الباب السادس باب الإمام عليّ السجّاد (عليه السلام) الباب السابع باب الإمام محمد الباقر (عليه السلام) الباب الثامن باب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) الباب التاسع باب الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) الباب العاشر باب الإمام علي الرضا (عليه السلام) الباب الحادي عشر باب الإمام محمد الجواد (عليه السلام) الباب الثاني عشر باب الإمام علي الهادي (عليه السلام) الباب الثالث عشر باب الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) الباب الرابع عشر باب الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام)

الهداية الكبرى


صفحه قبل

الهداية الكبرى، ص: 136

الْأَجَلُ، وَ عَهْدُ الْهُدْنَةِ، وَ هَا أَنَا مُطِيعُكُمْ فِي الْمَسِيرِ إِلَيْهِ فَانْهَضُوا بِنِيَّاتٍ صَحِيحَةٍ وَ قُلُوبٍ مُطْمَئِنَّةٍ، وَ وَفَاءٍ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ عَلَيْكُمْ طَائِعِينَ لَا مُكْرَهِينَ فَاجْتَمَعَ مِنْ شِيعَةِ الْكُوفَةِ وَ الْبَصْرَةِ زُهَاءُ ثَلَاثِينَ أَلْفاً مُحَقِّقُونَ سِوَى مَنْ لَحِقَ بِالْعَسْكَرِ، فَلَمَّا بَرَزُوا وَ صَارُوا بِالنُّخَيْلَةِ وَ سَارُوا إِلَى الْقُطْقُطَانِيَّاتِ وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ مِنْ عَامِلِهِ بِالنَّهْرَوَانِ أَنَّ أَرْبَعَةَ آلَافِ رَجُلٍ مِنَ الْخَوَارِجِ حَكَّمُوا بِالنَّهْرَوَانِ وَ رَفَعُوا رَايَاتِهِمْ وَ أَشْهَرُوا أَسْلِحَتَهُمْ وَ وَرَدُوا بِالْمَعْبَرَةِ فَأَخْرَجُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ مِنَ الْحُكْمِ، وَ أَتَوْا إِلَيْهِ وَ كَبَّرُوا وَ قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْفَرَنَا بِكَ أَيُّهَا الْخَائِنُ الْكَافِرُ بِكُفْرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَ الْمُقِيمُ مَعَهُ عَلَى رِدَّتِهِ، وَ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّكَ وَ زَوْجْتَكَ تَقَرُّباً إِلَى اللَّهِ بِدِمَائِكُمْ، وَ أَتَوْا بِخِنْزِيرٍ فَذَبَحُوهُ عَلَى شَطِّ النَّهْرَوَانِ وَ ذَبَحُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ فَوْقَهُ، وَ قَالُوا: وَ اللَّهِ مَا ذَبْحُنَا لَكَ وَ لِهَذَا الْخِنْزِيرِ إِلَّا وَاحِداً.

وَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ مِنْ أَعْبَدِ شِيعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَفْضَلِهِمْ وَ أَخْيَرِهِمْ، وَ ذَبَحُوا زَوْجَتَهُ وَ طِفْلَهُ فَوْقَهُ، وَ قَالُوا: هَذَا فِعْلُنَا بِشِيعَةِ عَلِيٍّ وَ أَنْصَارِهِ نَقْتُلُهُمْ وَ لَا نُبْقِي مِنْهُمْ أَحَداً.

فَقَرَأَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْكِتَابَ وَ بَكَى رَحْمَةً لِعَبْدِ اللَّهِ وَ زَوْجَتِهِ وَ طِفْلِهِ وَ قَالَ:

آهْ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَئِنْ فَجَّعَ اللَّهُ بِكَ الدِّينَ لَقَدْ صِرْتَ وَ زَوْجَتُكَ وَ طِفْلُكَ إِلَى جَنَّاتِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَ سَمِعَ مَنْ فِي الْعَسْكَرِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ وَ صَاحَ النَّاسُ مِنَ الْعَسْكَرِ: فَمَا ذَا تَرَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: اعْتَدُّوا بِنَا إِلَى هَؤُلَاءِ الْمَارِقِينَ، فَهَذَا وَ ايْمُ اللَّهِ أَرَى بَوَارَهُمْ وَ لُحُوقَهُمْ بِالنَّارِ.

فَرَجَعَ إِلَى النَّهْرَوَانِ حَتَّى نَزَلَ بِالْقُرْبِ مِنَ الْقَنْطَرَةِ وَ كَانَ فِي أَصْحَابِهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُنْدَبٌ الْأَزْدِيُّ قَدْ دَاخَلَهُ شَكٌّ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَلَحِقَ بِالْخَوَارِجِ (لَعَنَهُمُ اللَّهُ)، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: الْزَمْنِي وَ كُنْ مَعِي حَيْثُ كُنْتُ، وَ حَقِّقْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَحَقَّقَهُ إِلَى أَنْ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَأَتَاهُ قَنْبَرُ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: الصَّلَاةَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُ: ائْتِنِي بِمَاءٍ

الهداية الكبرى، ص: 137

فَأَتَاهُ فَأَسْبَغَ وُضُوءَهُ وَ صَلَّى فَأَتَاهُ فَارِسٌ يَرْكُضُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَبَرَ الْقَوْمُ الْقَنْطَرَةَ فَقَالَ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّهُمْ مَا عَبَرُوهَا، فَقَالَ:

وَ اللَّهِ لَقَدْ عَبَرُوهَا، فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَقَدْ كَذَبْتَ مَا عَبَرُوهَا وَ لَنْ يَعْبُرُوهَا وَ لَا يَقْتُلُونَ مِنَّا إِلَّا تِسْعَةً وَ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ إِلَّا تِسْعَةٌ.

قَالَ جُنْدَبٌ الْأَزْدِيُّ اللَّهُ أَكْبَرُ هَذِهِ دَلَالَةٌ قَدْ أَعْطَانِي إِيَّاهَا فِيهِمْ فَأَتَاهُ فَارِسٌ آخَرُ يَرْكُضُ فَرَسَهُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: عَبَرُوا الْقَنْطَرَةَ فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَقَدْ كَذَبْتَ مَا عَبَرُوهَا وَ لَا يَعْبُرُونَهَا، وَ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ إِلَّا تِسْعَةٌ وَ لَا يُفْقَدُ مِنَّا إِلَّا تِسْعَةٌ.

قَالَ جُنْدَبٌ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ هَذِهِ دَلَالَةٌ أُخْرَى، فَأَتَاهُ فَارِسٌ آخَرُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَرَادَ الْقَوْمُ أَنْ يَعْبُرُوهَا وَ مَا عَبَرُوهَا، قَالَ: صَدَقْتَ.

وَ كَانَ لِجُنْدَبٍ فَرَسٌ جَوَادٌ فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَا سَبَقَنِي أَحَدٌ وَ لَا تَقَدَّمَنِي فِيهِمْ بِرُمْحٍ وَ ضَرَبَ فِيهِمْ بِسَيْفٍ، وَ خَرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ الْعَسْكَرِ وَ فِي رِجْلَيْهِ نَعْلُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) الْمَخْصُوفُ، وَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ مُلَاءَةٌ وَ عَنْ يَمِينِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَ عَنْ يَسَارِهِ أَبُو أَيَّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، يَمْشِي نَحْوَ الْخَوَارِجِ فَوَثَبَ أَصْحَابُهُ عَلَيْهِ مِنْ مُعَسْكَرِهِ بِالسِّلَاحِ وَ قَامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَخْرُجُ إِلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ أَعْدَاءِ رَسُولِهِ وَ أَعْدَائِكَ، حَاسِراً بِغَيْرِ سِلَاحٍ، وَ هُمْ مُقَنَّعُونَ بِالْحَدِيدِ يُرِيدُونَ نَفْسَكَ لَا غَيْرَهَا؟ فَقَالَ: ارْجِعُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، لَا يَكُونُ إِلَّا مَا يُرِيدُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمْ وَ أَشْرَفَ عَلَى الْقَنْطَرَةِ الَّتِي كَانَتْ مِنْ وَرَائِهَا الْوَاقِعَةُ هَاجُوا نَحْوَهُ فَصَاحَ بِهِمْ: مَعَاشِرَ الْخَوَارِجِ إِنَّي جِئْتُكُمْ لِأُقَدِّمَ الْإِعْذَارَ وَ الْإِنْذَارَ إِلَيْكُمْ وَ أَسْأَلَكُمْ مَا تُرِيدُونَ وَ مَا تَطْلُبُونَ وَ تَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ وَ أَسْمَعُ مَا تَقُولُونَ، فَأَخْزَى اللَّهُ الظَّالِمِينَ فَزَجَرَهُمْ.

ثُمَّ قَالَ وَيْلَكُمْ أَيَّهَا الْخَوَارِجُ أَنَا أَعْلَمُ مَا تَقُولُونَ وَ لَا تَعْلَمُونَ مَا أَقُولُ،

الهداية الكبرى، ص: 138

فَاخْفِضُوا مِنْ أَصْوَاتِكُمْ وَ صَلْصَلَتِكُمْ وَ ضَجِيجِكُمْ وَ لْيَبْرُزْ إِلَيَّ ذُو الْحُكْمِ وَ الرَّأْيِ مِنْكُمْ، فَيَفْهَمَ عَنِّي وَ أَفْهَمَ عَنْهُ فَهَدَؤُا وَ بَرَزَ إِلَيْهِ ذُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا مَعَاشِرَ الْخَوَارِجِ مَا الَّذِي أَحْكُمُ بَيْنَكُمْ إِنْ مَرَقْتُمْ مِنْ دِينِ اللَّهِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ؟ وَ مَا ذَا أَنْكَرْتُمْ عَلَيَّ؟ وَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ بِالْقِتَالِ إِنْ أَدْفَعْهُ إِلَيْكُمْ بِغَيْرِ قِتَالٍ تَقْبَلُونَهُ، وَ تَقُومُونَ حَتَّى لَا تُعَطَّلَ شَرِيعَةُ اللَّهِ وَ لَا رَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ لَا تَطِيشَ مُسْلِمَةٌ فِي حُكْمِ اللَّهِ، وَ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ.

فَقَالُوا: لَا.

فَقَالَ وَا عَجَبَاهْ لِقَوْمٍ يَطْلُبُونَ أَمْراً بِقِتَالٍ أَدْفَعُ إِلَيْهِمْ بِغَيْرِ قِتَالٍ لَمْ يَقْبَلُوهُ، قَالُوا: وَ كَيْفَ نَقْبَلُهُ وَ نَحْنُ نُرِيدُ قَتْلَكُمْ؟ قَالَ: أَخْبِرُوني مَا الَّذِي أَرَدْتُمْ لِلْقِتَالِ بِغَيْرِ سُؤَالٍ وَ لَا جَوَابٍ، فَقَالُوا: أَنْكَرْنَا أَشْيَاءَ يَحِلُّ لَنَا قَتْلُكَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا.

فَقَالَ لَهُمْ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَاذْكُرُوهَا فَقَالُوا: أَوَّلُهَا: أَنَّكَ كُنْتَ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ وَ وَصِيَّهُ، وَ الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِهِ، وَ قَاضِيَ دَيْنِهِ، وَ مُنْجِزَ عِدَاتِهِ، وَ أَخَذَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ الْبَيْعَةَ فِي أَرْبَعِ مَوَاطِنَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ: فِي يَوْمِ الدَّارِ، وَ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَ فِي يَوْمِ غَدِيرِ خُمٍّ، وَ سَمَّاكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) تَشَاغَلْتَ بِوَفَاتِهِ، وَ تَرَكْتَ قُرَيْشاً وَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارَ يَتَدَاوَلُونَ الْخِلَافَةَ، وَ الْمُهَاجِرُونَ يَقُولُونَ: الْخِلَافَةُ لِمَنِ اسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَخَذَ لَهُ الْبَيْعَةَ مِنْهَا، وَ سَمَّاهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ قُرَيْشٌ تَقُولُ لَهُمْ لَا نَرْضَى وَ لَا نَعْلَمُ مَا تَقُولُونَ، فَقَالَ لَهُمُ الْأَنْصَارُ: إِذَا مُنِعَ عَلِيٌّ حَقَّهُ فَنَحْنُ وَ أَنْتُمْ أَحَقُّ بِهَا فَتَعَالَوْا نَنْصِبْ مِنَّا أَمِيراً وَ مِنْكُمْ أَمِيراً فَجَاءَتْ قُرَيْشٌ فَقَامَتْ قَسَامَةٌ أَرْبَعُونَ شَاهِداً يَشْهَدُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَطِيعُوهُمْ مَا أَطَاعُوا اللَّهَ، فَإِنْ‏

الهداية الكبرى، ص: 139

عَصَوْهُ فَالْحُوهُمْ لَحْيَ هَذَا الْقَضِيبِ، وَ رَمَى الْقَضِيبَ مِنْ يَدِهِ، وَ كَانَتْ هَذِهِ أَوَّلَ قَسَامَةٍ، أُقْسِمَتْ بُهْتَاناً وَ زُوراً وَ أُشْهِرَتْ فِي الْإِسْلَامِ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَ عَقَدُوا الْأَمْرَ بِاخْتِيَارِهِمْ لِأَبِي بَكْرٍ وَ دَعَوْكَ إِلَى بَيْعَتِهِ، فَخَرَجْتَ مُكْرَهاً مَسْحُوباً بَعْدَ أَنْ هَيَّأْتَ يُقِيمُ لَكَ فِيهَا عُذْراً، وَ تَقُولُ لِلنَّاسِ: إِنَّكَ مَشْغُولٌ بِجَمْعِ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ وَ تَعْزِيَتِهِنَّ وَ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ، وَ مَا كَانَ لَكَ فِي ذَلِكَ عُذْرٌ فَلَمَّا تَرَكْتَ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ لَكَ وَ أَخْرَجْتَ نَفْسَكَ مِنْهُ أَخَّرْنَاكَ نَحْنُ أَيْضاً وَ شَكَكْنَا بِكَ.

قَالَ: هِيهِ، وَ مَا ذَا تُنْكِرُونَ؟

قَالُوا: وَ الثَّانِيَةُ أَنَّكَ حَكَمْتَ يَوْمَ الْجَمَلِ فِيهِمْ بِحُكْمٍ خَالَفْتَهُ بِصِفِّينَ، قُلْتَ لَنَا يَوْمَ الْجَمَلِ: لَا تُقَاتِلُوهُمْ مُوَلِّينَ وَ لَا مُدْبِرِينَ، وَ لَا نِيَاماً وَ لَا أَيْقَاظاً، وَ لَا تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ، وَ مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ كَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ، وَ أَحْلَلْتَ لَنَا فِي مُحَارَبَتِكَ لِمُعَاوِيَةَ سَبْيَ الْكُرَاعِ وَ أَخْذَ السِّلَاحَ وَ سَبْيَ الذَّرَارِيِّ فَمَا الْعِلَّةُ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إِلَى أَنَّ هَذَا حَلَالٌ وَ هَذَا حَرَامٌ؟

قَالَ: هِيهِ، ثُمَّ مَا ذَا أَنْكَرْتُمْ؟

قَالُوا: وَ الثَّالِثَةُ أَنَّكَ الْإِمَامُ وَ الْحَاكِمُ وَ الْوَصِيُّ وَ الْخَلِيفَةُ وَ أَنَّكَ أَجَبْتَنَا إِلَى أَنْ حَكَّمْنَا دُونَكَ فِي دِينِ اللَّهِ الرِّجَالَ فَكَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ لَا تَفْعَلَ وَ لَا تُجِيبَنَا إِلَى ذَلِكَ وَ تُقَاتِلَنَا بِنَفْسِكَ وَ نُطِيعَكَ، أَوْ تُقْتَلَ وَ لَا تُجِيبَهُمُ عِنْدَ رَفْعِ الْمَصَاحِفِ إِلَى أَنْ يَحْكُمَ فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الرِّجَالُ وَ أَنْتَ الْحَاكِمُ.

قَالَ: هِيهِ، ثُمَّ مَا ذَا؟

قَالُوا: وَ الرَّابِعَةُ أَنَّكَ كَتَبْتَ كِتَاباً إِلَى مُعَاوِيَةَ تَقُولُ فِيهِ‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ صَخْرٍ، فَرَدَّ الْكِتَابَ إِلَيْكَ وَ كَتَبَ فِيهِ يَقُولُ: إِنِّي لَوْ أَقْرَرْتُ أَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ قَاتَلْتُكَ فَأَكُونُ قَدْ ظَلَمْتُكَ، بَلِ‏

الهداية الكبرى، ص: 140

اكْتُبْ بِاسْمِكَ وَ اسْمِ أَبِيكَ فَكَتَبْتَ إِلَيْهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ صَخْرٍ، فَلَمَّا أَجَبْتَ مُعَاوِيَةَ إِلَى إِخْرَاجِ نَفْسِكَ مِنْ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ كُنَّا نَحْنُ فِي إِخْرَاجِكُمْ، عَنِ الْآمِرِيَّةِ أَوْلَى.

قَالَ: هِيهِ ثُمَّ مَا ذَا؟

قَالُوا: وَ الْخَامِسَةُ أَنَّكَ قُلْتَ: هَذَا كِتَابُ اللَّهِ فَاحْكُمُوا بِهِ وَ اتْلُوهُ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ فَإِنْ وَجَدْتُمْ مُعَاوِيَةَ أَثْبَتَ مِنِّي فَأَثْبِتُوهُ وَ إِنْ وَجَدْتُمُونِي أَثْبَتَ مِنْهُ فَأَثْبِتُونِي فَشَكَكْتَ فِي نَفْسِكَ فَنَحْنُ فِيكَ أَعْظَمُ شَكّاً.

قَالَ لَهُمْ: بَقِيَ لَكُمْ شَيْ‏ءٌ تَقُولُونَهُ؟ قَالُوا: لَا.

فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي الْجَوَابِ:

1- أَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ وَ أَقْرَرْتُمْ مِنِّي مِنَ الْأَمْرِ فِيمَا أَخَذَهُ اللَّهُ لِي وَ رَسُولُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْبَيْعَةِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ إِلَى أَنْ تَشَاغَلْتُ فِيمَا ذَكَرْتُمُوهُ وَ فَعَلْتُمْ وَ فَعَلَتْ قُرَيْشٌ وَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ مَا فَعَلُوا إِلَى أَنْ عَقَدُوا الْأَمْرَ لِأَبِي بَكْرٍ، فَمَا تَقُولُونَ مَعَاشِرَ الْخَوَارِجِ هَلْ تُوجِبُونَ عَلَى آدَمَ إِذَا أَمَرَ اللَّهُ بِالسُّجُودِ لَهُ فَعَصَى اللَّهَ إِبْلِيسُ وَ خَالَفَهُ وَ لَمْ يَسْجُدْ لآِدَمَ أَنْ يَدْعُوَ إِبْلِيسَ إِلَى السُّجُودِ لَهُ ثَانِيَةً، فَقَالُوا: لَا، قَالَ: وَ لِمَ؟ قَالُوا: لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ فَعَصَى اللَّهَ وَ خَالَفَهُ وَ لَمْ يَفْعَلْ فَلَمْ يَجِبْ لِآدَمَ أَنْ يَدْعُوَهُ بَعْدَهَا.

قَالَ: فَهَذَا بَيْتُ اللَّهِ الْحَرَامُ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَمَرَ اللَّهُ النَّاسَ بِالْحَجِ‏ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فَإِنْ تَرَكَ النَّاسُ الْحَجَّ وَ لَمْ يَحُجُّوا لِلْبَيْتِ كَفَرَ الْبَيْتُ أَوْ كَفَرَ النَّاسُ بِتَرْكِهِمْ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَجِّ إِلَيْهِ؟ قَالُوا: بَلْ كَفَرَ النَّاسُ، قَالَ: وَيْحَكُمْ مَعَاشِرَ الْخَوَارِجِ أَ تُعْذِرُونَ آدَمَ وَ تَقُولُونَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْعُوَ إِبْلِيسَ إِلَى السُّجُودِ لَهُ بَعْدَ أَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِذَلِكَ فَعَصَى، وَ خَالَفَ، وَ لَمْ يَفْعَلْ وَ إِنَّمَا أَمَرَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَ لَا تُعْذِرُونَنِي وَ تَقُولُونَ: كَانَ يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ وَ قَدْ أَقْرَرْتُمْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ سَمَّوْنِي بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى‏

الهداية الكبرى، ص: 141

اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَخَذَ لِيَ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمْ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ، وَ هَذَا بَيْتُ اللَّهِ فَرِيضَةٌ، وَ الْإِمَامُ فَرِيضَةٌ، كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ الَّتِي تُؤْتَى وَ لَا تُؤْتَى فَتُعْذِرُونَ الْبَيْتَ وَ تُعْذِرُونَ آدَمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ لَا تُعْذِرُونَنِي؟

فَقَالَ الْخَوَارِجُ: صَدَقْتَ وَ كَذَبْنَا، وَ الْحَقُّ وَ الْحُجَّةُ مَعَكَ.

ثُمَّ قَالَ:

2- وَ أَمَّا فِي يَوْمِ الْجَمَلِ بِمَا خَالَفْتُهُ فِي صِفِّينَ فَإِنَّ أَهْلَ الْجَمَلِ أَخَذُوا عَلَيْهِمْ بَيْعَتِي فَنَكَثُوا وَ خَرَجُوا عَنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَى الْبَصْرَةِ وَ لَا إِمَامَ لَهُمْ وَ لَا دَارُ حَرْبٍ تَجْمَعُهُمْ، وَ إِنَّمَا خَرَجُوا مَعَ عَائِشَةَ زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مَعَهُمْ لِإِكْرَاهِهَا لِبَيْعَتِي وَ قَدْ أَخْبَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِأَنَّ خُرُوجَهَا خُرُوجُ بَغْيٍ وَ عُدْوَانٍ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ‏ وَ مَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ وَاحِدَةٌ أَتَتْ بِفَاحِشَةٍ غَيْرُهَا فَإِنَّ فَاحِشَتَهَا كَانَتْ عَظِيمَةً، أَوَّلُهَا خِلَافٌ لِلَّهِ فِيمَا أَمَرَهَا فِي قَوْلِهِ: وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى‏ فَأَيُّ تَبَرُّجٍ أَعْظَمُ مِنْ خُرُوجِهَا وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ وَ خَمْسَةٍ وَ عِشْرِينَ أَلْفاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْحَجِّ، وَ اللَّهِ مَا أَرَادُوا حَجّاً وَ لَا عُمْرَةً، وَ مَسِيرُهَا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَ إِشْعَالِهَا حَرْباً قُتِلَ فِيهِ طَلْحَةُ وَ الزُّبَيْرُ وَ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ يَقُولُ: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً فَقُلْتُ لَكُمْ عِنْدَ مَا أَظْهَرَنَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ دَارُ حَرْبٍ تَجْمَعُهُمْ وَ لَا إِمَامٌ يُدَاوِي جِرَاحَهُمْ، وَ لَا يُعِيدُهُمْ إِلَى قِتَالِكُمْ مَرَّةً أُخْرَى، وَ لَوْ كُنْتُ أَحْلَلْتُ لَكُمْ سَبْيَ الذَّرَارِيِّ أَيُّكُمْ كَانَ يَأْخُذُ عَائِشَةَ زَوْجَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي سَهْمِهِ؟

فَقَالُوا: صَدَقْتَ وَ اللَّهِ فِي جَوَابِكَ وَ أَصَبْتَ وَ أَخْطَأْنَا، وَ الْحَقُّ وَ الْحُجَّةُ لَكَ.

الهداية الكبرى، ص: 142

فَقَالَ لَهُمْ:

3- وَ أَمَّا قَوْلُكُمْ: أَجَبْتُكُمْ عِنْدَ رَفْعِ الْمَصَاحِفِ إِلَى أَنْ حَكَّمْتُمْ فِي دِينِ اللَّهِ الرِّجَالَ وَ كُنْتُ الْحَاكِمَ، فَمَا ذَا تَقُولُونَ أَيُّهَا الْخَوَارِجُ فِي أَلْفِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَاتَلَهُمْ أَلْفَا رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَوَلَّوْهُمُ الْأَدْبَارَ فَمَا هُمْ؟ قَالُوا كُفَّارٌ بِاللَّهِ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَلْفُ رَجُلٍ عَلَى التَّمَامِ، وَ الْمُشْرِكُونَ أَلْفَا رَجُلٍ لَا يَزِيدُونَ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ‏ فَقَالَ لَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): فَإِنْ نَقَصَ مِنْ عَدَدِ الْأَلْفِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَ الْكُفَّارِ عَلَى التَّمَامِ مَا هُمْ عِنْدَكُمْ؟ قَالُوا الْمُسْلِمُونَ مَعْذُورُونَ فِي ذَلِكَ، فَضَحِكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكُمْ يَا مَعَاشِرَ الْخَوَارِجِ تُعْذِرُونَ تِسْعَمِائَةٍ وَ تِسْعَةً وَ تِسْعِينَ رَجُلًا فِي قِتَالِ أَلْفَيْ رَجُلٍ، وَ لَا تُعْذِرُونَنِي، وَ قَدِ الْتَقَانِي رِجَالُ ابْنِ هِنْدٍ فِي مِائَةٍ وَ عِشْرِينَ أَلْفاً مَا جَمَعَ حُكْمَ حَاكِمٍ، وَ قَدْ دَعَوْنَاهُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَقَالُوا: دَعْنَا نُحَكِّمْ عَلَيْكَ مَنْ نَشَاءُ، وَ إِلَّا أَخْرَجْنَا أَنْفُسَنَا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ وَ أَبْطَلْنَا الْحَكَمَيْنِ وَ ارتدونا [ارْتَدَدْنَا] عَنِ الدِّينِ وَ قَعَدْنَا عَنْ نُصْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ: حَكِّمْ مَنْ هُوَ مِنْكَ وَ أَنْتَ مِنْهُ فَقُلْتُ لَكُمْ: اخْتَارُوا مَنْ شِئْتُمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَقُلْتُمْ: لَا يَحْكُمُ فِينَا مُضَرِيٌّ وَ لَا هَاشِمِيٌّ، فَأَعْرَضْتُمْ عَنِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الَأَنْصَارِ وَ أَظْهَرْتُمْ مُخَالَفَتَكُمْ لِي، وَ كَتَبْتُمْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، وَ قَدْ قَعَدَ عَنْ نُصْرَتِنَا وَ هُوَ فَدْمٌ حِمَارٌ فَحَكَّمْتُمُوهُ وَ أَنَا أَنْصَحُ لَكُمْ، وَ أَقُولُ لَكُمْ اتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تُحَكِّمُوا عَلَيَّ أَحَداً. وَ إِنِّي الْحَاكِمُ عَلَيْكُمْ، وَ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّهَا خَدِيعَةٌ مِنْ مُعَاوِيَةَ، فَقُلْتُمْ اسْكُتْ وَ إِلَّا قَتَلْنَاكَ وَ سَلَّمْنَا هَذَا الْأَمْرَ إِلَى عَبْدٍ أَسْوَدَ وَ جَعَلْنَاهَا بَرْدَةً عَنِ الْإِسْلَامِ، فَمَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْعُذْرِ؟ فَقَالُوا: أَنْتَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ أَصَبْتَ وَ صَدَقْتَ وَ أَخْطَأْنَا وَ الْحَقُّ مَعَكَ وَ الْحُجَّةُ لَكَ.

قَالَ لَهُمْ:

صفحه بعد