کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

اثبات الوصية


صفحه قبل

اثبات الوصية، ص: 61

من تحت حوافر الفرس فصرّها في صرّة. فلما ابطأ موسى على قومه قال لهم هارون:

انّكم كنتم قد استعرتم حليا من آل فرعون و أخرجتموها معكم فاخرجوه و ارموا به و توبوا منه و تطهروا.

ففعلوا ما أمرهم به و رموا بالحلي فأخذه السامري و كان صائغا فصاغ منه عجلا جسدا ثم ادخل الصرّة التي أخذها من تحت الحوافر في فم العجل فاذا هو يخور و قال لهم: هذا «إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى‏» فعكفوا عليه.

فقام هارون خطيبا فيهم فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال لهم‏ «يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَ أَطِيعُوا أَمْرِي. قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى‏»

فلما رجع موسى و خبر بالخبر قال له هارون ما قاله و أجابه بما قص اللّه به، فأخذ موسى العجل فوضع عليه المبارد حتى برد كلّه و ذراه في البحر فبادر بنو اسرائيل الى البحر ليطرحوا أنفسهم فيه ندامة على ما فعلوه و رجوعا و توبة فمنعهم.

و أمرهم أن لا يشربوا من النهر و كان خليجا من البحر.

فشربوا منه إلّا قليلا منهم فصار حول شفاههم من ذهب فعرف المخالفين منهم ثم قام موسى عليه السّلام خطيبا و ذكّرهم بأيام اللّه و جميل بلائه فأخذ بقلوب بني إسرائيل فقالوا له: يا نبي اللّه هل بقي نبي أعلم منك؟ فقال: لا.

فأوحى اللّه إليه: يا موسى هلّا وكلت العباد إلى علمي حين سألوك.

فروي انّه كان تحت المنبر في ذلك اليوم ألف نبي مرسل ثم جاءه جبرئيل عليه السّلام فأمره عن اللّه عز ذكره بطلب العلم و قال له: هو في مكان كذا و كذا.

فسأل موسى أن يعرفه مكانه فأعطى مكتلا فيه حوت مملوح و قيل له هذا زادك و هو يدلّك على المكان.

فخرج هو و فتاه يوشع فسارا حتى انتهيا الى عين فأخرج يوشع الحوت ليغسله في الماء فاضطرب في يده، و كان من العين نفق الى البحر و نسي الحوت فلما جاعا دعا موسى بالطعام فذكر الفتى يعني يوشع ما صنع الحوت.

اثبات الوصية، ص: 62

فقال له موسى: ذلك ما كنّا نبتغيه.

فارتدا على آثارهما قصصا، أي على آثار أقدامهما، فأخذا في جزيرة في البحر فاذا رجل عليه ثياب صوف قائم يصلّي فسلّم عليه موسى و جلس فلما انصرف من صلاته ردّ عليه السلام و قال له: من أنت يا عبد اللّه؟

قال: أنا موسى بن عمران صاحب بني اسرائيل.

و قال: اني سألت ربي أن اتبعك فأعلم من علمك.

قال له: يا موسى اني وكلت بأمر لا تطيقه.

ثم قص عليه العالم عليه السّلام ما كان و ما يكون حتى ذكر سيّدنا محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثم ذكر له ما يصيبهم من المحن و ذكر القائم من ولده في آخر الزمان و ما يجري على يده من الخيرات و البركات.

و أقبل طائر «روي» انّه الجندب و انّه أصغر من العصفور و انّه الخطاف حتى وقع بالبحر فأخذ بمنقاره من ماء البحر فقال العالم لموسى عليه السّلام: هل رأيت الطائر و ما صنع؟.

قال: نعم.

قال له: ما علمي و علمك في علم محمّد و آل محمّد عليهم السّلام إلّا بمقدار ما أخذه هذا الطائر بمنقاره من البحر فهل تراه نقص من ماء البحر بما أخذه بمنقاره.

ثم كان بينهما من قصّة السفينة و الغلام و الجدار ما قص اللّه به.

و انزل اللّه- جلّ و عز- على موسى التوراة في شهر رمضان لست ليال مضين منه و أمره أن يأمر بني اسرائيل بالصوم و الإمساك عن جميع ما يؤكل و يشرب في يوم الجمعة. فتركوا الجمعة فأمسكوا يوم السبت. فحرّم اللّه عليهم فيه الصيد و قتل اللّه فيه عوج بن عناق على يدي موسى عليه السّلام و كان ولد في زمن آدم عليه السّلام.

فعند ذلك ملك كيخسرو خمسين سنة و قتل من بني اسرائيل ثمانية و عشرين ألف نبي و اختلف بنو اسرائيل فاختار منهم موسى سبعين رجلا و قد كانوا طالبوه و قالوا أرنا اللّه جهرة فأخذتهم الصاعقة. فماتوا.

و روي ان موسى مات بموتهم، فلذلك روي عن العالم عليه السّلام انّه قال: لا تجالسوا

اثبات الوصية، ص: 63

المفتونين فينزل عليهم العذاب فيصيبكم معهم.

ثم أحيا اللّه موسى قبلهم فلما رآهم صرعى اغتم و قال: يا رب أصحابي أصحابي.

فأوحى اللّه إليه: اني ابدلك بهم من هم خير لك منهم.

قال: يا رب اني قد عرفتهم و عرفوني و وجدت ريحهم.

فبعثهم اللّه عز و جل له أنبياء.

ثم أخذ موسى بيد هارون و مضيا الى جبل طور سيناء فاذا هم ببيت على بابه شجرة فتدلت من الشجرة على موسى حلتان فأخذهما موسى و قال لهارون: انزع ثيابك و ادخل هذا البيت و البس هاتين الحلتين و نم على السرير الذي في البيت.

ففعل هارون ذلك فلما نام على السرير قبضه اللّه عز و جل إليه و ارتفع البيت المعمور و الشجرة و رجع موسى صلّى اللّه عليه الى بني اسرائيل فأخبرهم بذلك فكذّبوه و قالوا بل أنت قتلته.

فشكا ذلك إلى اللّه جلّ و تعالى فأمر اللّه الملائكة فنزلت بهارون على سرير بين السماء و الأرض حتى رأوه و علموا انّه مات و رفع.

و أمر اللّه موسى أن يستودع علم اللّه و نوره و جميع ما في يديه ابن عمه يوشع بن نون فاحضره و أوصى إليه و سلّم إليه التابوت و العلم و عرّف بني اسرائيل انّه هو القائم مقامه و ان عليهم فرض طاعته.

و مكث عليه السّلام ما شاء اللّه ثم مر برجل و هو يحفر قبرا فقال له أ لا أعينك على حفر هذا القبر.

فقال له الرجل: بلى.

فأعانه حتى حفر فأراد الحفّار أن يضطجع في اللحد لينظر كيف هو فقال له موسى:

أنا أضطجع فيه.

فاضطجع فرأى مكانه من الجنّة فقال: ربّ اقبضني إليك.

فقبض و دفن في ذلك القبر. و كان الذي يحفر القبر جبرئيل عليه السّلام في صورة آدمي.

فذلك قبر موسى و لا يعرف به أحد. و كان موته آخر يوم من أيام التيه.

اثبات الوصية، ص: 64

و روي انّه سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن قبر موسى فقال: عند الطريق الأعظم عند الكثيب الأحمر.

و عاش موسى مائة و ستا و عشرين سنة و عاش هارون نحوا من ذلك و كان بين ابراهيم و بين موسى عليهما السّلام أربعمائة و ثمان و ستون سنة.

يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهم السّلام‏

و خرج يوشع عليه السّلام و جمع أولاد بني إسرائيل الذين ولدوا في التيه معه و هم لا يعرفون الجبارين و لا العمالقة و لا يمتنعون من قتالهم فقاتل بهم العمالقة و فتح بيت المقدس و جميع مدائن الشام حتى انتهى الى البلقاء لأنّه قاتل فيها رجلا يقال له بالق فجعلوا يخرجون و يقاتلون و لا يقتل منهم أحد فسأله يوشع عن ذلك فقيل له ان في مدينته امرأة كاهنة تدّعي انّها منجمة تستقبل الشمس بفرجها ثم تحسب و تعرض عليها الخيل و الرجال و لا يخرج يومئذ الى الحرب رجل قد حضر أجله.

قال: فصلّى يوشع بن نون عليه السّلام ركعتين و دعا ربّه أن يحبس الشمس عنهم ساعة فأجابه و اخرت الشمس، فخرجت فاختلط عليها حسابها فقالت لبالق: انظر ما يعرض عليك يوشع و يلتمسه فاعطه فان حسابي قد اختلط عليّ.

فقال لها: انّه لا يكون صالح إلّا بقتال.

فقاتل يوشع فقتل أصحاب «بالق» قتلا ذريعا كثيرا لم يقتل مثله قبل. فسأل الصلح فأبى يوشع بن نون أن يفعل حتى يسلّم إليه المرأة.

فقالت: ادفعني إليه.

فدفعها فقالت: هل تجد فيما أوحي الى صاحبك موسى عليه السّلام قتل النساء؟.

قال: لا.

قالت: أ ليس إنمّا تدعوني الى دينك؟.

قال: بلى.

قالت: فاني قد دخلت فيه.

اثبات الوصية، ص: 65

فتركها ثم انتهى الى مدينة اخرى فأرسل صاحب المدينة الى (بلعم) و كان يقال ان (بلعم) قد أوتي الاسم الأعظم و هو الذي قال اللّه جل و عز عنه: «آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها»

نسأل اللّه الثبات و ان يجعل ما أعطانا مستقرا و لا يجعله مستعارا مستودعا و ألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا و أن يهب لنا من لدنه رحمة انّه هو الوهّاب.

قال: فركب (بلعم) حمارته ثم توجّه الى صاحب المدينة ليعين على (يوشع) فعثرت حمارته فقال لها: لم عثرت و لم تكوني تعثرين؟ قالت: و لم لا أعثر و هذا جبرئيل بيده الحربة ينهاك أن تدعو على أصحاب (يوشع).

فدخل (بلعم) على أصحاب المدينة و صاحبها و قال له: ادع اللّه عليهم.

فقال: ليس الى ذلك سبيل و لكن أشير عليك أن تزيّن النساء و تأمرهن أن يأتين عسكر (يوشع) فيتعرضن للرجال فإن الزنا لم يظهر في قوم قط إلّا بعث اللّه عليهم الموت، ففعل، فلما دخلت النساء العسكر وقع الرجال عليهن، فوجد ابنا هارون ريح الخطيئة فخرجا فوجدا رجلا من بني اسرائيل قد وقع على امرأة فطعنه أحدهما بالرمح، فقوى اللّه- عز ذكره- الرمح و ذراع الفتى حتى شكهما جميعا فيه و شالهما عليه، فصارت المرأة فوق الرجل على الرمح، فأخرجهما الى بني إسرائيل؛ حتى نظروا إليهما.

و أوحى اللّه الى (يوشع بن نون) ان شئت سلّطت عليهم عدوّهم، و ان شئت أهلكتهم بالسنين، و ان شئت فبموت حثيث.

فقال يوشع: انّهم بنو اسرائيل و لا أحبّ أن تسلّط عليهم عدوّهم و لا أن تهلكهم بالسنين، و لكن بموت حثيث.

فمات في ثلاث ساعات سبعون ألفا بالطاعون.

و قد روي في «بلعم» أحاديث توجب انّه لم يخرج عن شي‏ء من دينه و هو من ولد (لوط) عليه السّلام.

ثم خرجت «صفورا» بنت شعيب امرأة موسى على «يوشع» و ركبت الزرافة و كان ظهر الزرافة كالسرج فلما حاربت حجّة اللّه و ظفر بها و من عليها صير اللّه ظهر الزرافة

اثبات الوصية، ص: 66

كالزلاقة و حماه فكانت الحرب لها أوّل النهار الى قبل زوال الشمس ثم صارت له الى آخر النهار فظفر بها و أشار عليه بعض من معه بقتلها، فقال لهم: قد عرفني موسى أمرها و خروجها و أمرني أن أحفظه فيها و أحسن صونها فوكّل بها نساء متلثمات أركبهن الخيل في زي الرجال و وجّه بهن. فلما صارت هناك جمعت النساء و الرجال و قالت: ان (يوشع ابن نون) أسرني و بعث بي مع رجال ليس فيهم محرم الى هذا المكان.

فكشف النساء اللثام حتى نظر بنو اسرائيل إليهن و كذبنها.

فلما حضرت يوشع الوفاة أوحى اللّه إليه ان يستودع ما في يده ابنه (فينحاس) فأحضره و سلّم إليه علوم النبيين و مواريثهم و مضى صلّى اللّه عليه.

فقام فينحاس ابنه (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه جل و علا

و اتبعه المؤمنون من بني اسرائيل على قلّة عددهم الى أن حضرت وفاته فأوحى اللّه إليه ان يستودع ما في يده ابنه بشيرا فأحضره و أوصى إليه و سلّمه ما في يده و مضى صلّى اللّه عليه.

فقام بشير بن فينحاس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏

الى أن حضرته الوفاة فأوحى اللّه إليه ان يوصي الى ابنه (جبرئيل) فأوصى و سلّم ما في يده إليه و مضى.

فقام جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز

مع من اتبعه من المؤمنين مقام آبائه عليهم السّلام الى أن حضرته وفاته، فأوحى اللّه تعالى إليه أن يجعل الوصيّة في ابنه «ابلث» فأوصى و سلّم جميع ما في يده الى «ابلث» ابنه و مضى صلّى اللّه عليه.

و قام ابلث بن جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل على سبيل آبائه‏

الى أن حضرته الوفاة، و أوحى اللّه تعالى إليه الى ابنه «أحمر» فأحضره و سلّم إليه ما في يده و مضى عليه السّلام.

اثبات الوصية، ص: 67

فقام أحمر بن ابلث مقام أبيه‏

و من تقدّمه من آبائه عليهم السّلام بأمر اللّه جل جلاله، حتى اذا حضرت وفاته أوحى اللّه إليه أن يستودع الاسم الأعظم و النور ابنه «محتان» فأحضره و سلّم إليه الوصيّة و مواريث الأنبياء و مضى عليه السّلام.

و قام محتان بن أحمر عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى مقام أبيه‏

الى أن حضرت وفاته فأوحى اللّه إليه أن يستودع ما في يده و يوصي الى ابنه «عوق» ففعل و مضى عليه السّلام.

و قام عوق (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه عز و جل مقام آبائه‏

و اتبعه المؤمنون، و ملك الأرض حينئذ (بهراسب) مائة و عشرين سنة، و كان في ملكه العدل و الأمن. و في ملكه رجعت اليهود إلى الأرض المقدّسة فأقاموا فيها آمنين و كان يدبّر أمر اللّه عز و جل يومئذ (عوق) من ولد (يوشع) و المؤمنون متّبعون له و لمن تقدّمه من آبائه عليهم السّلام.

و لما حضرت الوفاة (عوق) أوحى اللّه إليه أن يستودع الاسم الأعظم و جميع مواريث الأنبياء (طالوت) فأحضره و سلّم إليه الوصية و جميع ذلك.

و قام طالوت عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا

و أظهر أمر اللّه في أيام نبوّته و كان من ولد «بنيامين» بن يعقوب و كان راعيا فآتاه الملك و الحكمة و العلم و خالف عليه بنو إسرائيل و هو قول اللّه جل جلاله‏ «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى‏ إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»

و كان الملك في ذلك الزمان هو الذي يسيّر الجيوش، و النبي يقيم أمر اللّه و ينبئه بالخير من عند اللّه.

فلما قالوا ذلك لنبيّهم، قال لهم: أ ليس عندكم ذمّة و لا وفاء و لا رغبة في الجهاد؟

قالوا: بلى قد أخرجنا من ديارنا و ابنائنا و لا بد لنا من قتال عدوّنا و طاعة ربنا.

قال لهم: فان اللّه قد بعث لكم (طالوت) ملكا.

صفحه بعد