کتابخانه روایات شیعه
[مقدمة المؤلف]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَ بِهِ نَسْتَعِينُ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ الْحَمْدُ لِلَّهِ اسْتِفْتَاحاً بِحَمْدِهِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ وَ عَبْدِهِ 1 وَ عَلَى الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَجْمَعِينَ أما بعد فإنه لما كثرت الدعاوي و الآراء و اختلفت المذاهب و الأهواء و اخترعت الأقاويل اختراعا و صارت الأمة 2 فرقا و أشياعا و دثر أكثر السنن فانقطع و نجم حادث البدع و ارتفع و اتخذت كل فرقة من فرق الضلال رئيسا 3 لها من الجهال فاستحلت بقوله الحرام و حرمت به الحلال تقليدا له و اتباعا لأمره بغير برهان من كتاب و لا سنة و لا بإجماع جاء عن الأئمة و الأمة تَذَكَّرْنَا 4 عِنْدَ ذَلِكَ
قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص لَتَسْلُكُنَّ سُبُلَ الْأُمَمِ مِمَّنْ 5 كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ الْقُذَّةِ 6 بِالْقُذَّةِ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ.
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ 7 مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ذِرَاعاً بِذِرَاعٍ وَ بَاعاً بِبَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا خَشْرَمَ 8 دَبْرٍ لَسَلَكْتُمُوهُ 9 .
فَكَانَتِ الْأُمَّةُ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ مِنْهَا بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ الَّذِينَ افْتَرَضَ طَاعَتَهُمْ فِي ذَلِكَ كَمَنْ حَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبَأَهُ 10 مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ-
بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ 11 اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَ رُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَ رُوِّينَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا صَامُوا لَهُمْ وَ لَا صَلَّوْا إِلَيْهِمْ وَ لَكِنَّهُمْ أَحَلُّوا لَهُمْ حَرَاماً فَاسْتَحَلُّوهُ وَ حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ حَلَالًا فَحَرَّمُوهُ.
وَ رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ: إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فِي أُمَّتِي فَلْيُظْهِرِ الْعَالِمُ عِلْمَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ.
. فقد رأينا و بالله التوفيق عند ظهور ما ذكرناه أن نبسط كتابا جامعا مختصرا يسهل حفظه و يقرب مأخذه و يغني ما فيه من جمل الأقاويل عن الإسهاب 12 و التطويل نقتصر فيه على الثابت الصحيح مما رويناه 13 عن الأئمة من أهل بيت رسول الله ص من جملة ما اختلفت فيه الرواة عنهم في دعائهم الإسلام و ذكر الحلال و الحرام و القضايا و الأحكام-
فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى سَبْعِ دَعَائِمَ الْوَلَايَةِ 14 وَ هِيَ أَفْضَلُهَا وَ بِهَا وَ بِالْوَلِيِّ يُوصَلُ إِلَى مَعْرِفَتِهَا وَ الطَّهَارَةِ وَ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمِ 15 وَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ.
فهذه دعائم الإسلام نذكرها إن شاء الله بعد ذكر الإيمان الذي لا يقبل الله تعالى عملا إلا به و لا يزكو عنده إلا من كان من أهله و نشفعها بذكر الحلال و الحرام و القضايا و الأحكام لما في ذلك من التعبد و المفروضات في الأشرية و البياعات و المأكولات و المشروبات و الطلاق و المناكحات و المواريث و الشهادات و سائر أبواب الفقه المثبتات الواجبات و بالله نستعين و إياه نستوهب التوفيق لما يزكو لديه و يزدلف به إليه وَ هُوَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ 16
[مقدمة في أصول الدين]
ذِكْرُ الْإِيمَانِ 17
رُوِّينَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَ تَصْدِيقٌ بِالْجَنَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ.
و هذا الذي لا يصح غيره لا كما زعمت المرجئة أن الإيمان قول بلا عمل 18 و لا كالذي قالت الجماعة من العامة إن الإيمان قول و عمل فقط و كيف يكون ما قالت المرجئة إنه قول بلا عمل و هم و الأمة مجمعون على أن من ترك العمل بفريضة من فرائض الله عز و جل التي افترضها على عباده منكرا لها أنه كافر حلال الدم ما كان مصرا على ذلك و إن أقر بالله و وحده و صدق رسوله بلسانه إلا أنه يقول هذه الفريضة ليست مما جاء به 19 و قد قال الله عز و جل 20 وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ فأخرجهم من الإيمان بمنعهم الزكاة و بذلك استحل القوم أجمعون بعد رسول الله ص دماء بني حنيفة و سبى 21 ذراريهم و سموهم أهل الردة إذ 22 منعوهم الزكاة.
وَ قَدْ رُوِّينَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ص أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَبِي رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَوْماً لِجَابِرِ 23 بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ يَا جَابِرُ هَلْ فَرَضَ اللَّهُ الزَّكَاةَ عَلَى مُشْرِكٍ قَالَ لَا إِنَّمَا فَرَضَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ قُلْتُ أَنَا لَهُ فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ 24 - وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ قَالَ جَابِرٌ كَأَنِّي وَ اللَّهِ مَا قَرَأْتُهَا وَ إِنَّهَا لَفِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَنَزَلَتْ فِيمَنْ أَشْرَكَ بِوَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ص وَ أَعْطَى زَكَاتَهُ مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ دُونَهُ.
و الكلام في مثل هذا يطول. و قول الجماعة أن الإيمان قول و عمل بغير اعتقاد نية محال لأنهم قد أجمعوا على أن رجلا لو أمسك عن الطعام و الشراب يومه إلى الليل و هو لا ينوي الصوم لم
يكن صائما و لو قام و ركع و سجد و هو لا ينوي الصلاة لم يكن مصليا و لو وقف بعرفة و هو لا ينوي الحج لم يكن حاجا و لو تصدق بماله كله و هو لا ينوي به الزكاة لم يجزه من الزكاة و كذلك قالوا في عامة الفرائض فثبت أن ما قال الإمام ع من أن الإيمان قول و عمل و نية هو الثابت 25 الذي لا يجزي غيره.
وَ قَدْ رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَ إِنَّمَا 26 لِامْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِامْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا أَوْ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ.
و الإيمان شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله و أن الجنة حق و النار حق و البعث حق- وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها 27 و التصديق بأنبياء الله و رسله و الأئمة و معرفة إمام الزمان و التصديق به و التسليم لأمره و العمل بما افترض الله تعالى على عباده العمل به و الانتهاء عما نهي عنه و طاعة الإمام و القبول منه.