کتابخانه روایات شیعه
فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ لَهُ لِمَ لَمْ تَقْرَأْ بِهِمْ فِي فَرَائِضِكَ إِلَّا بِسُورَةِ الْإِخْلَاصِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْبَبْتُهَا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ ع فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهَا ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا عَلِيُّ لَوْ لَا أَنَّنِي أُشْفِقُ أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ الْيَوْمَ مَقَالًا لَا تَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنْهُمْ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ.
(فصل) فكان الفتح في هذه الغزاة لأمير المؤمنين ع خاصة بعد أن كان من غيره فيها من الإفساد ما كان و اختص علي ع من مديح النبي ص بها بفضائل لم يحصل منها شيء لغيره.
و قد ذكر كثير من أصحاب السيرة 369 أن في هذه الغزاة نزل على النبي ص وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً 370 إلى آخرها فتضمنت ذكر الحال فيما فعله أمير المؤمنين ع فيها
[جهاد علي ع في غزوة بني المصطلق]
(فصل)
ثُمَّ كَانَ مِنْ بَلَائِهِ ع بِبَنِي الْمُصْطَلَقِ مَا اشْتَهَرَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَ كَانَ الْفَتْحُ لَهُ ع فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ بَعْدَ أَنْ أُصِيبَ يَوْمَئِذٍ نَاسٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَتَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع رَجُلَيْنِ مِنَ الْقَوْمِ وَ هُمَا مَالِكٌ وَ ابْنُهُ وَ أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْهُمْ سَبْياً كَثِيراً فَقَسَمَهُ فِي الْمُسْلِمِينَ.
وَ كَانَ فِيمَنْ 371 أُصِيبَ يَوْمَئِذٍ مِنَ السَّبَايَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ وَ كَانَ شِعَارُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَنِي الْمُصْطَلَقِ يَا مَنْصُورُ أَمِتْ 372 وَ كَانَ الَّذِي سَبَى جُوَيْرِيَةَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع فَجَاءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ ص فَاصْطَفَاهَا النَّبِيُّ ع.
فَجَاءَ أَبُوهَا إِلَى النَّبِيِّ ع بَعْدَ إِسْلَامِ بَقِيَّةِ الْقَوْمِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي لَا تُسْبَى إِنَّهَا امْرَأَةٌ كَرِيمَةٌ قَالَ اذْهَبْ فَخَيِّرْهَا قَالَ أَحْسَنْتَ 373 وَ أَجْمَلْتَ.
وَ جَاءَ إِلَيْهَا أَبُوهَا فَقَالَ لَهَا يَا بُنَيَّةِ لَا تَفْضَحِي قَوْمَكِ فَقَالَتْ لَهُ قَدِ اخْتَرْتُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ.
فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا فَعَلَ اللَّهُ بِكِ وَ فَعَلَ فَأَعْتَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص
وَ جَعَلَهَا فِي جُمْلَةِ أَزْوَاجِهِ 374 .
[جهاد علي ع في غزوة الحديبية و صلحها]
(فصل) ثم تلا بني المصطلق الحديبية و كان اللواء يومئذ إلى أمير المؤمنين ع كما كان إليه في المشاهد قبلها و كان من بلائه في ذلك اليوم عند صف القوم في الحرب للقتال ما ظهر خبره و استفاض ذكره.
وَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعَةِ الَّتِي أَخَذَهَا النَّبِيُّ ص عَلَى أَصْحَابِهِ وَ الْعُهُودِ عَلَيْهِمْ فِي الصَّبْرِ وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الْمُبَايِعَ لِلنِّسَاءِ عَنِ النَّبِيِّ ع وَ كَانَتْ بَيْعَتُهُ لَهُنَّ يَوْمَئِذٍ أَنْ طَرَحَ ثَوْباً بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُنَّ ثُمَّ مَسَحَهُ بِيَدِهِ فَكَانَتْ مُبَايَعَتُهُنَّ لِلنَّبِيِّ ع بِمَسْحِ الثَّوْبِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَمْسَحُ ثَوْبَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع مِمَّا يَلِيهِ.
وَ لَمَّا رَأَى سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو تَوَجُّهَ الْأَمْرِ عَلَيْهِمْ ضَرَعَ إِلَى النَّبِيِّ ع فِي الصُّلْحِ وَ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِالْإِجَابَةِ إِلَى ذَلِكَ وَ أَنْ يَجْعَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع كَاتِبَهُ يَوْمَئِذٍ وَ الْمُتَوَلِّيَ لِعَقْدِ الصُّلْحِ بِخَطِّهِ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ع اكْتُبْ يَا عَلِيُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو هَذَا كِتَابٌ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ يَا مُحَمَّدُ
فَافْتَتِحْهُ بِمَا نَعْرِفُهُ 375 وَ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ امْحُ مَا كَتَبْتَ وَ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَوْ لَا طَاعَتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمَا مَحَوْتُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ثُمَّ مَحَاهَا وَ كَتَبَ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ع اكْتُبْ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ سُهَيْلٌ لَوْ أَجَبْتُكَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي بَيْنَنَا إِلَى هَذَا لَأَقْرَرْتُ لَكَ بِالنُّبُوَّةِ فَسَوَاءٌ شَهِدْتُ عَلَى نَفْسِي بِالرِّضَا بِذَلِكَ أَوْ أَطْلَقْتُهُ مِنْ لِسَانِي امْحُ هَذَا الِاسْمَ وَ اكْتُبْ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّهُ وَ اللَّهِ لَرَسُولُ اللَّهِ عَلَى رَغْمِ أَنْفِكَ فَقَالَ سُهَيْلٌ اكْتُبْ اسْمَهُ يَمْضِي الشَّرْطُ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَيْلَكَ يَا سُهَيْلُ كُفَّ عَنْ عِنَادِكَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ع امْحُهَا يَا عَلِيُّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ يَدِي لَا تَنْطَلِقُ بِمَحْوِ اسْمِكَ مِنَ النُّبُوَّةِ
قَالَ لَهُ فَضَعْ يَدِي عَلَيْهَا فَمَحَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ص بِيَدِهِ وَ قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع سَتُدْعَى إِلَى مِثْلِهَا فَتُجِيبُ وَ أَنْتَ عَلَى مَضَضٍ.
ثُمَّ تَمَّمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع الْكِتَابَ.
وَ لَمَّا تَمَّ الصُّلْحُ نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص هَدْيَهُ فِي مَكَانِهِ.
فكان نظام تدبير هذه الغزاة معلقا بأمير المؤمنين ع و كان ما جرى فيها من البيعة و صف الناس للحرب ثم الهدنة و الكتاب كله لأمير المؤمنين ع و كان فيما هيأه الله تعالى له من ذلك حقن الدماء و صلاح أمر الإسلام.
و قد روى الناس له ع في هذه الغزاة بعد الذي ذكرناه فضيلتين اختص بهما و انضافا إلى فضائله العظام و مناقبه الجسام.
فَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ عَنْ رِجَالِهِ عَنْ فَائِدٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ 376 قَالَ: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي عُمْرَةِ 377 الْحُدَيْبِيَةِ نَزَلَ الْجُحْفَةَ فَلَمْ يَجِدْ بِهَا مَاءً فَبَعَثَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ بِالرَّوَايَا حَتَّى إِذَا كَانَ غَيْرَ بَعِيدٍ رَجَعَ سَعْدٌ بِالرَّوَايَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَمْضِيَ لَقَدْ وَقَفَتْ قَدَمَايَ رُعْباً مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ع
اجْلِسْ.
ثُمَّ بَعَثَ رَجُلًا آخَرَ فَخَرَجَ بِالرَّوَايَا حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَكَانِ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ الْأَوَّلُ رَجَعَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ع لِمَ رَجَعْتَ فَقَالَ وَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْضِيَ رُعْباً.
فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع فَأَرْسَلَهُ بِالرَّوَايَا وَ خَرَجَ السُّقَاةُ وَ هُمْ لَا يَشُكُّونَ فِي رُجُوعِهِ لِمَا رَأَوْا مِنْ رُجُوعِ 378 مَنْ تَقَدَّمَهُ.
فَخَرَجَ عَلِيٌّ ع بِالرَّوَايَا حَتَّى وَرَدَ الْحِرَارَ 379 فَاسْتَقَى ثُمَّ أَقْبَلَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ ص وَ لَهَا زَجَلٌ 380 .
فَكَبَّرَ النَّبِيُّ ص وَ دَعَا لَهُ بِخَيْرٍ 381 .
وَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ أَقْبَلَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ أَرِقَّاءَنَا لَحِقُوا بِكَ فَارْدُدْهُمْ عَلَيْنَا فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ع حَتَّى تَبَيَّنَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لَتَنْتَهُنَّ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ إِلَيْكُمْ رَجُلًا امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى الدِّينِ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَالَ لَا قِيلَ فَعُمَرُ قَالَ لَا وَ لَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ فِي الْحُجْرَةِ فَتَبَادَرَ
النَّاسُ إِلَى الْحُجْرَةِ يَنْظُرُونَ مَنِ الرَّجُلُ فَإِذَا هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع.
وَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ قَالُوا فِيهِ: إِنَّ عَلِيّاً قَصَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. 382 و كان الذي أصلحه أمير المؤمنين من نعل النبي ص شسعها 383 فإنه كان انقطع فخصف موضعه و أصلحه.