کتابخانه روایات شیعه
أجوبة المسائل الحاجبية 26
المقدمة
للشيخ المفيد رضي الله عنه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي يؤيد بالتوفيق من يتمم 27 هداه و يخذل من عدل عن سبيله و اتبع هواه و صلى الله على نبيه الذي استخلفه 28 و اجتباه و اصطفاه من كافة بريته و ارتضاه و على البررة من أهل بيته المقتدين به في طاعته لربه و تقواه و سلم كثيرا و بعد فقد وقفت أطال الله بقاء الحاجب في عز طاعته و أدام توفيقه و حرسه بعصمته على المسائل التي أنفذها إلي و سأل الإجابة عنها بما يزيل الشبهات
المعترضة في معانيها و تأملت ما تضمنه 29 و ليس منها سؤال إلا و قد سلف لي فيه أجوبة 30 و ثبت في معناه عني كلام يزول به عن 31 فهمه الارتياب و الأمر في جميع ذلك بمن الله 32 قريب و أنا بمشيئة 33 الله و عونه أثبت له أيده الله 34 الأجوبة كما سأل و أعتمد الإيجاز 35 فيها و الاختصار إذ كان استقصاء القول في ذلك مما ينتشر 36 به الخطاب و يتسع به الكلام و يطول به الكتاب و الله 37 الموفق للصواب.
[بيان معنى آية التطهير]
(المسألة الأولى) عن قول الله تعالى 38 إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 39 قال السائل و إذا كانت أشباحهم قديمة و هم في الأصل طاهرون فأي رجس أذهب عنهم قال و أخرى 40 أنه لا يذهب بالشيء إلا بعد كونه قال و نحن مجمعون على أنهم 41 لم يزالوا طاهرين قديمي الأشباح قبل آدم ع.
الجواب عما تضمنه هذه الأسئلة 42 أن الخبر عن إرادة الله تعالى إذهاب الرجس عن أهل البيت ع و التطهير لهم 43 لا يفيد إرادة عزيمة أو ضميرا
أو قصدا على ما يظنه جماعة ضلوا عن السبيل في معنى إرادة الله عز اسمه و إنما يفيد إيقاع الفعل الذي يذهب الرجس و هو العصمة في الدين أو التوفيق 44 للطاعة التي يقرب العبد بها من رب العالمين 45 و ليس يقتضي الإذهاب للرجس وجوده من قبل كما ظنه السائل بل قد يذهب بما كان موجودا و يذهب بما لم يحصل له وجود للمنع منه و الإذهاب عبارة عن الصرف و قد يصرف عن الإنسان ما لم يعتره كما يصرف ما اعتراه أ لا ترى أنه يقال في الدعاء صرف الله عنك السوء فيقصد إلى المسألة منه تعالى عصمته من السوء دون أن يراد بذلك الخبر عن سوء به و المسألة في صرفه عنه 46 .
و إذا كان الإذهاب و الصرف بمعنى واحد فقد بطل ما توهمه السائل فيه و ثبت أنه قد يذهب بالرجس عمن لم يعتره قط الرجس على معنى العصمة له منه 47 و التوفيق لما يبعده من حصوله به فكان تقدير الآية حينئذ إنما يذهب الله عنكم الرجس الذي قد 48 اعترى سواكم بعصمتكم منه و يطهركم أهل البيت من تعلقه بكم 49 على ما بيناه.
و أما القول بأن أشباحهم ع قديمة فهو منكر لا يطلق و القديم في الحقيقة هو الله تعالى الواحد الذي لم يزل و كل ما سواه محدث مصنوع مبتدأ له أول و القول بأنهم لم يزالوا طاهرين قديمي الأشباح قبل آدم 50 كالأول في الخطإ و لا يقال لبشر إنه لم يزل قديما.
و إن قيل إن أشباح آل محمد ع سبق وجودها وجود آدم 51 فالمراد بذلك أن أمثلتهم 52 في الصور كانت في العرش فرآها آدم 53 ع و سأل عنها فأخبره الله 54 أنها أمثال صور من ذريته 55 شرفهم بذلك و عظمهم به فأما أن يكون 56 ذواتهم ع كانت قبل آدم موجودة فذلك باطل بعيد من الحق لا يعتقده محصل و لا يدين به عالم و إنما قال به طوائف من الغلاة الجهال و الحشوية من الشيعة الذين لا بصر 57 لهم بمعاني الأشياء و لا حقيقة الكلام.