کتابخانه روایات شیعه
فإن قال ما الباطل فقل هو ما خذل معتقده البيان. فإن قال ما الصحيح فقل هو الحق بعينه فإن قال ما الفاسد فقل هو الباطل بعينه فإن قال ما العقل فقل هو عرض يحل الحي يفرق بين الحسن و القبح و يصح بوجوده عليه التكليف فإن قال ما الحسن فقل هو ما كان للعقول ملائما فإن قال ما القبح فقل هو ما كان لها منافرا فإن قال ما العلم فقل هو اعتقاد الشيء على ما هو به مع سكون النفس إلى المعتقد فإن قال ما الجهل فقل اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه فإن قال ما المعرفة فقل هي العلم بعينه. فإن قال ما النظر فقل هو استعمال العقل في الوصول إلى معرفة الغائب باعتبار دلالة الحاضر فإن قال ما الدليل فقل هو المعتبر في إدراك ما طلبت النفس إدراكه فإن قال ما الحجة فقل هي الدليل بعينه فإن قال ما الشبهة فقل هي ما عرض للنفس عند انصرافها عن طريق الحق من باطل تخيلته حقا
فصل من كلام أمير المؤمنين ص في ذكر العلم
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قِيمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِنُ.
وَ النَّاسُ أَبْنَاءُ مَا يُحْسِنُونَ.
الْعِلْمُ وِرَاثَةٌ مُسْتَفَادَةٌ.
رَأْسُ الْعِلْمِ الرِّفْقُ وَ آفَتُهُ الْخُرْقُ.
الْجَاهِلُ صَغِيرٌ وَ إِنْ كَانَ شَيْخاً.
وَ الْعَالِمُ كَبِيرٌ وَ إِنْ كَانَ حَدَثاً.
الْأَدَبُ يُغْنِي مِنَ الْحَسَبِ.
مَنْ عُرِفَ بِالْحِكْمَةِ لَحَظَتْهُ الْعُيُونُ بِالْوَقَارِ.
الْعِلْمُ فِي الصِّغَرِ كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ.
زَلَّةُ الْعَالِمِ كَانْكِسَارِ السَّفِينَةِ تُغْرَقُ وَ تُغْرِقُ.
الْآدَابُ تَلْقِيحُ الْأَفْهَامِ وَ نَتَائِجُ الْأَذْهَانِ.
إِذَا اسْتُوضِحَتْ فَاعْزِمْ.
لَوْ سَكَتَ مَنْ لَا يَعْلَمُ سَقَطَ الِاخْتِلَافُ.
مَنْ جَالَسَ الْعُلَمَاءَ وُقِّرَ وَ مَنْ خَالَطَ الْأَنْذَالَ حُقِّرَ.
لَا تُحَقِّرَنَّ عَبْداً آتَاهُ اللَّهُ عِلْماً فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُحَقِّرْهُ حِينَ آتَاهُ إِيَّاهُ.
الْمَوَدَّةُ أَشْبَكُ الْأَنْسَابِ وَ الْعِلْمُ أَشْرَفُ الْأَحْسَابِ.
لَا كَنْزَ أَنْفَعُ مِنَ الْعِلْمِ وَ لَا قَرِينَ سَوْءٍ شَرٌّ مِنَ الْجَهْلِ.
الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ لِأَنَّ الْعِلْمَ يَحْرُسُكَ وَ أَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ وَ الْعِلْمَ يَزْكُو عَلَى الْإِنْفَاقِ وَ الْمَالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَ الْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ.
عَلَيْكُمْ بِطَلَبِ الْعِلْمِ فَإِنَّ طَلَبَهُ فَرِيضَةٌ وَ هُوَ صِلَةٌ بَيْنَ الْإِخْوَانِ وَ دَالٌّ عَلَى الْمُرُوءَةِ وَ تُحْفَةٌ فِي الْمَجَالِسِ وَ صَاحِبٌ فِي السَّفَرِ وَ أُنْسٌ فِي الْغُرْبَةِ وَ مَنْ عَرَفَ الْحِكَمَ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الِازْدِيَادِ مِنْهَا.
الشَّرِيفُ مَنْ شَرَّفَهُ عِلْمُهُ.
فصل من كلامه ع في ذكر الحلم و حسن الخلق
قَالَ ع الْحِلْمُ سَجِيَّةٌ فَاضِلَةٌ.
أَوَّلُ عِوَضِ الْحَلِيمِ مِنْ حِلْمِهِ أَنَّ النَّاسَ أَنْصَارُهُ عَلَى الْجَاهِلِ.
مَنْ حَلُمَ عَنْ عَدُوِّهِ ظَفِرَ بِهِ.
شِدَّةُ الْغَضَبِ تُغَيِّرُ الْمَنْطِقَ وَ تَقْطَعُ مَادَّةَ الْحُجَّةِ وَ تُفَرِّقُ الْفَهْمَ.
لَا نَسَبَ أَنْفَعُ مِنَ الْحِلْمِ وَ لَا حَسَبَ أَنْفَعُ مِنَ الْأَدَبِ وَ لَا نَصَبَ أَوْجَعُ مِنَ الْغَضَبِ.
حُسْنُ الْخُلُقِ يَبْلُغُ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ.
حُسْنُ الْخُلُقِ خَيْرُ رَفِيقٍ.
رُبَّ عَزِيزٍ أَذَلَّهُ خُلُقُهُ وَ ذَلِيلٍ أَعَزَّهُ خُلُقُهُ.
مَنْ لَانَتْ كَلِمَتُهُ وَجَبَتْ مَحَبَّتُهُ.
التَّوَاضُعُ يَكْسِبُكَ السَّلَامَةَ. 411
زِينَةُ الشَّرِيفِ التَّوَاضُعُ.
حُسْنُ الْأَدَبِ يَنُوبُ عَنِ الْحَسَبِ.
تأويل آية. إن سأل سائل عن قوله سبحانه حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَ أَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَ مَنْ آمَنَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ 412 الجواب أما التنور فقد ذكر في معناه وجوه أحدها أن يكون المراد به أن النور برز و الضوء ظهر و أتت أمارات دخول النهار و تقضي الليل و هذا التأويل يروى عن أمير المؤمنين ص و ثانيها أن يكون معنى ذلك و اشتد غضب الله عليهم و حل وقوع نقمته بهم فذكر التنور مثلا لحصول العذاب كما تقول العرب قد حمي الوطيس إذا اشتدت الحرب و عظم الخطب و قد قارب 413 القوم إذا اشتدت حربهم. و ثالثها أن يكون أراد بالتنور وجه الأرض و أن الماء نبع و ظهر على وجهها و قد روي هذا عن أبي عباس قال و العرب تسمى وجه الأرض تنورا
و رابعها أن يكون هو التنور المعهود للخبز و كان في دار نوح ع فجعل فوران الماء منه علما له ع على نزول العذاب فأما قوله مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ فقد قيل من كل ذكر و أنثى اثنين و كل واحد من الذكر و الأنثى زوج و قال آخرون من كل ضربين اثنين و قيل أيضا من كل لونين اثنين و معنى مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ أي من أخبر الله تعالى بعذابه و حلول الهلاك به و الله أعلم بمراده
فصل
مِنَ التَّوْرَاةِ فِي ذِكْرِ الْفُلْكِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنُوحٍ ع فَاصْطَنِعْ أَنْتَ فُلْكاً مِنْ خَشَبِ الصَّنَوْبَرِ وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ أَدْوَاراً وَ اطَّلِهِ مِنْ دَاخِلٍ وَ خَارِجٍ بِقَارٍ وَ اجْعَلْ طُولَ الْفُلْكِ ثَلَاثَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَ عَرْضَهُ خَمْسِينَ ذِرَاعاً وَ ارْتِفَاعَهُ ثَلَاثِينَ ذِرَاعاً وَ اصْطَنِعْ فِي الْفُلْكِ كُوًى وَ اصْطَنِعْ بَابَهُ مِنْ جَنْبِهِ وَ اجْعَلِ الْفُلْكَ أَثْلَاثاً الْأَسْفَلَ وَ الْأَوْسَطَ وَ الْأَعْلَى وَ سَأُرْسِلُ الطُّوفَانَ عَلَى الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ كُلَّ شَيْءٍ فِيهِ رُوحٌ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ وَ كُلَّ مَا فِي الْأَرْضِ وَ أُوَثِّقُكَ بِمِيثَاقِي وَ ادْخُلِ الْفُلْكَ أَنْتَ وَ امْرَأَتُكَ وَ بَنُوكَ وَ نِسَاءُ بَنِيكَ مَعَكَ وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ اللُّجَمِ فَأَدْخِلْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ مَعَكَ.
رسالة كتبتها إلى بعض الإخوان تتضمن كلاما في وجوب الإمامة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ذي الفضل و الإحسان الهادي إلى الحق بواضح البرهان و صلواته على سيدنا محمد نبيه المبعوث للبيان و على آله الطاهرين أئمة الأزمان.
قد وقفت أيها الأخ الفاضل أدام الله لك التأييد و أوصلك بالتوفيق و التسديد من رغبتك في الاستدلال و حرصك على دفع شبه أهل الضلال على ما أوجب علي حسن مساعدتك و إجابتك عما تلتمسه عند مساءلتك لما بيننا من الإيمان و ما يتعين من ذلك على الإخوان.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَ يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَ هُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ 414 .
و قد فهمت السؤال الذي أرسلت و أنا أجيب عنه بما يحضرني حسبما طلبت إن شاء الله تعالى و به أستعين السؤال ذكرت أيدك الله أن أحد المخالفين قال إذا كان الله تعالى قد قال ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ و كانت الأمة مجتمعة على أن النبي ص قد بلغ الرسالة إلى الكافة و أدى فيها الأمانة و بين لجميع الأمة فما الحاجة بعد ذلك إلى إمام. الجواب فأقول و الله الموفق للصواب إن الكتاب و إن كان الله تعالى لم يفرط فيه من شيء فإن الأمة لم تستغن به عن تفسير رسول الله ص لمعانيه و تنبيهه لمراد الله تعالى فيه و لا علمت بسماع تلاوته جميع أحكام الله تعالى في شرائعه بل مفتقرة إلى النبي ص في الإيضاح و البيان معتمدة عليه في السؤال عن معاني القرآن و هو نبيها مؤيد معصوم كامل العلوم يرشد ضالتها و يعلم جاهلها و يجيب سائلها و ينبه غافلها و يزيل الاختلاف من بينها و يفقهها 415 على معالم
دينها بقول متفق و أمر متسق و قد علم أن الآتين من أمته بعده مكلفون من شرعه نظيرنا كأنه من كان في وقته. فوجب في العدل و الحكمة إزاحة علل أهل كل زمان لمن يقوم فيه ذلك المقام يفزع إليه في النازلات و يعول عليه عند المشكلات تكون النفس ساكنة إلى طهارته و عصمته واثقة بكمال علمه و وفادته و ليس ما تضمنه السؤال من أن النبي عليه و آله السلام قد بلغ الكافة و بين للامة بقادح في هذا الاستدلال لأنه ع بين لهم شرعه على الحد الذي أمر به فعين لهم على بعضه بالمشافهة و دلهم منه على الجملة الباقية بالإشارة إلى من خصه الله بعلمها و استحفظه إياها و جعله الخليفة على الأمة بعده في تبليغها حسبما تقتضيه مصالحها في تكليفها في أخبار تواترت على ألسنتها منها
قَوْلِهِ أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَ عَلِيٌّ بَابُهَا.
فكان ما خصه به من تفصيل ما أجمل لهم بحسب ما كلفه من التبليغ دونهم على أنه لو ماثلهم في جميع التكليف لم يلزم اشتراكهم في الإبانة على التفصيل و إنما الواجب عموم المكلفين بالتمليك من الأدلة التي بها تثبت الحجة و تدرك المحجة. و الإمام عندنا أحد الدليلين على الحق من الشريعة فإذا أودعه الذي استخلفه عليهم تفصيل كثير مما أجمل لهم و نص على عينه و مكن منه فقد أزاح عللهم و لم يخرج ذلك عن القول بأنه بلغهم و بين لهم و لا دفع ما قدمناه من وجوب الحاجة إلى إمام يرجعون إليه فيما كلفهم. و وجه آخر لو فرضنا أن النبي ص قد شمل جميع الأمة بالإبانة على سبيل التفصيل و الجملة و لم يخص أحدا منهم و لا أخفى شيئا عنهم لم تسقط مع ذلك الإمامة و لا جاز خلو زمان من حجة لأن النبي ص علم أهل عصره و بين
لمن كان في وقته و دهره و كانت أحوالهم مختلفة و أسباب اختلافها معهودة معروفة فمنهم الذكي الرشيد و البطيء البليد و المحب للعلم مع شغله بدنياه و المنقطع إلى العمل و الزهد دون ما سواه و المتوفر على العلم المواظب عليه و المتضجر منه الزاهد فيه و المجتهد في الحفظ مع كثرة نسيانه و المعتمد يعتبر ما [يسعه] 416 إيمانه هذا مع عدم العصمة عنهم و جواز الغلط منهم و لذلك حصل الاختلاف بينهم و تضادت رواياتهم و وقع في الحيرة العظمى من عول في دينه عليهم. و لم يكن الله سبحانه ليلجئ عباده بعد نبيه ص إلى غير حفظة لما استودعوه و لا منفقين فيما رووه و نقلوه و لسنا نجد علما على يد بعضهم يستدل به على أمانتهم و صدقهم و لا عصمة لهم يؤمن معها من تحريفهم أو غلطهم هذا مع ما نعلم من عدمهم 417 أكثر النصوص في الأحكام و التجائهم بعدمها إلى الاجتهاد و القياس و الأخذ في الدين بالظن و الرأي الموقع بينهم الاختلاف و المانع من الاتفاق و الائتلاف فعلمنا أن الله سبحانه قد أزاح علل المكلفين بعد رسول الله صلى الله عليه و آله الطاهرين بالأئمة الراشدين الهداة المعصومين الذين أمر الله تعالى بالرد إليهم و التعويل عليهم فقال عز من قائل وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ .