کتابخانه روایات شیعه
الْأَرْغِفَةِ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُلُثاً أَكَلَ مِنْهَا ثَمَانِيَةً بَقِيَ لَهُ سَبْعَةٌ وَ أَنْتَ لَكَ ثَلَاثَةُ أَرْغِفَةٍ وَ هِيَ تِسْعَةُ أَثْلَاثٍ أَكَلْتَ مِنْهَا ثَمَانِيَةً بَقِيَ لَكَ ثُلُثٌ وَاحِدٌ فَلِصَاحِبِكَ سَبْعَةُ دَرَاهِمَ وَ لَكَ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فَانْصَرَفَا عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِهِمَا 530 .
شبهات للملاحدة
مسألة للملحدة قال الملحدون إذا كان الله جوادا رحيما و لم يخلق خلقه إلا لنفعهم و ليس له حاجة إلى عذابهم فهلا خلقهم كلهم في الجنة و ابتدأهم بالنعمة و خلدهم في دائم اللذة و أراحهم من الدنيا و مشاقها و صعوبة التكليف فيها جواب يقال لهم إن الجود و الرحمة لا يكونان فيما يخرج عن الحكمة و ربنا سبحانه لم يخلق خلقه إلا لنفعهم و المنفعة بنيل النعيم يكون على قسمين تفضل و استحقاق. و منزلة الاستحقاق أعلى و أجل و أشرف من منزلة التفضل فلو ابتدأ الله تعالى خلقه في جنات النعيم لكان قد اقتصر بهم على منزلة التفضل التي هي أدون المنزلتين و في ذلك أنه قد حرم الاستحقاق من علم من حاله أنه إن كلفه أطاع فاستحق الثواب و أقطعه الأصلح له و اقتصر به على نعيم غيره أفضل منه و ذلك لا يقع من عالم حكيم جواد غير بخيل فوجب في الحكمة خلقهم في الدنيا و عمومهم بالتكليف الذي فيه التعرض للأمر
الجليل ليستحق الطائعون ما سبق لهم في المعلوم و ليس نفع المخالفة بعد التبيين و التعريف و إزاحة العلة في التكليف إلا عن جان على نفسه غير ناظر في عاقبة أمره. و جواب ثان و يقال لهم لو خلق الله تعالى خلقه في الجنة لم يخل أمرهم من حالين إما أن يبيحهم الجهل به و كفر نعمته فليس بحكيم من أباح ذلك. و إما أن يأمرهم بمعرفته و شكر نعمته و الحكمة توجب ذلك فلا بد عند الأمر بالشيء من النهي عن ضده ثم لا بد من ترغيب فيما يأمر و وعد جميل على فعله و ترهيب فيما نهى عنه و وعيد على فعله. و إذا وجب الأمر و النهي و الترغيب و الترهيب و الوعد و الوعيد فقد حصلت حالهم كحالهم في الدنيا و وجب أن يكون للوعيد إنجاز فينتقلوا إلى دار الجزاء فقد انتهى الأمر إلى ما فعله سبحانه به مما لا يقتضي الحكمة غيره. فإن قالوا أ ليس الطائعون لا بد من مصيرهم إلى الجنة فألا كانت حالهم في الابتداء كحالهم في الثواب و الجزاء من حصول المعرفة و الشكر. قلنا لهم بين الوقتين فرق و ذلك أنهم إذا صاروا إلى الجنة بعد كونهم في الدنيا فقد تقدم لهم الأمر و النهي و ذاقوا البؤس و الآلام و عرفوا قدر النعمة و شاهدوا وقوع العقاب و الثواب بأهلها فكان ذلك يقوم لهم في الترغيب في المعرفة و الشكر و الانزجار عن تركهما مقام الأمر و النهي و الوعد و الوعيد. و لو ابتدأهم في الجنة لم يكونوا أمروا و لا نهوا و لا وعدوا و لا توعدوا و لا فعل بهم ما يقوم مقام ذلك فكان بمنزلة من أبيح له الجهل و الكفر تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. و لا يجوز أن يخلق فيهم المعرفة به ابتداء لأن الغائب لا يعرف بالضرورة إلا أن يحضر.
كما أن الحاضر لا يعلم بالاستدلال إلا أن يغيب و لو جاز أن يخلقهم فيعرفون الغائب لجاز أن يقدرهم على ذلك و هذا محال. و لا يجوز أيضا أن يخلق الشكر فيهم لأنه لو خلقه لهم لم يكونوا هم الشاكرين بل يكون هو الشاكر نفسه لأن الشاكر من فعل الشكر لا من فعل فيه كما أن الظالم من فعل الظلم لا من فعل فيه. مسألة أخرى للملاحدة قال الملحدون كيف يجوز من الحكيم الرحيم أن يخلق خلقا ثم يكلفهم و هو يعلم أنهم يعصون فيصيرون إلى العذاب الأليم و يبقون فيه مخلدين و هو لو لم يخلقهم لم يكن ذلك أو خلقهم و لم يكلفهم لم يقع الكفر منهم. الجواب قيل لو وجب أن يكون الخلق و التبليغ قبيحا و لا حكمة لأن ذلك لو لم يكن ما استحق أحد العذاب و الخلود في النار لكان لا شيء أوضع و لا أضر من العقل لأن الإنسان متى لم يكن عاقلا لم يلحقه لوم في شيء يكون منه و لم يلزمه عقاب و لا أدب على زلل يصدر عنه و متى كان عاقلا لحقه ذلك أجمع و مستحقه. و الأمم كلها ملحدها و موحدها مجمعة على اعتقاد شرف العقل و فضيلته و علو منزلته و سقوط ضده و نقصه. فإن قالوا إن العقل ليس يدعو إلى شيء مما يوجب اللوم و لا يحمل عليه و لا يدخل فيه بل هو ناه عن ذلك زاجر عنه و لو شاء المكلف لم يكفر بل أطاع فاستحق بطاعته الخلود في نعيم الجنان كما استحق غيره ممن أطاع. و بعد ففي التكليف تعريض لأجل منازل النعيم و هي منزلة الاستحقاق و فيه فعل ما تقتضيه الحكمة و الصلاح.
و شيء آخر و هو أن التعريض لنيل الثواب الدائم و الأمر بمعرفة المنعم و شكره و ترك الجور و الظلم و السفه حسن من العقل كما أن التعريض للعطب و الأمر بالجور و السفه قبيح فاسد في العقل. فلو كانت معصية المأمور و مصيره لسوء اختياره إلى استحقاق العذاب و علم العالم بما يصير إليه من العطب و الهلاك بقلب التعريض للخير و الأمر بالحسن فيجعله قبيحا فاسدا لكان طاعة المأمور و مصيره بحسن اختياره إلى استحقاق المدح من العقلاء و علم الأمر بما يصير إليه المأمور من السلامة و استحقاق المدح يقلب التعريض للعطب و الأمر به فيجعله حسنا و هذا لا يقوله أحد. و لو كان الأمر بالخير و التمكين منه و الدعاء إليه و التيسير له و الإعذار و الإنذار لا يكون تعريضا للخير إلا إذا علم أن المأمور يقبل فيسلم لكان الأمر بالفساد و الشر و الدعاء إليه و الحث عليه لا يكون تعريضا للمكروه و العطب و الضرر إلا إذا علم أن المأمور يقبل فيعطب. فلما كان هذا عند جمهور أهل العلم و العقل إساءة و إضرارا و تعريضا للمكروه سواء علم أن المأمور يقبل فيعطب أو يخالف فيسلم كان الأول تعريضا للخير و إحسانا إلى العبد سواء علم من حاله أنه يقبل فيسلم أو يخالف فيعطب. و هذا باب يجب أن يتأيد فيه المتأمل و يكرر فيه الاطلاع فإنه يعلم الحق فيه إن لم يكن معه هوى يضل عنه و الحمد لله
فصل في ذكر سؤال ورد إلي من الساحل و جوابي عنه في صحة العبادة بالحج
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الهادي إلى الرشاد العالم بمصالح العباد ذي الحكمة البالغة و النعمة السابغة و صلواته على من أزاح به العلل و أوضح منار السبل سيد
الأولين و الآخرين محمد خاتم النبيين و على آله الأئمة الطاهرين. سألت أيدك الله عن الحج و مناسكه و صحة الأمر به و أسباب ذلك و علله و رغبت في اختصار جواب يكشف لك حقيقة الصواب تعول عليه في الاعتقاد و تحسم به مواد الفساد و تعده للخصوم عند السؤال و تدفع به تعجب أهل الكفر و الضلال. و قد أوردت من ذلك ما اقتضاه الإمكان لضيق الزمان و ترادف الأشغال و هو مقنع لمن تدبره و فهم فحواه إن شاء الله. اعلم أن اختلاف العبادات مبني على المعلوم عند الله تعالى من مصالح العباد و ليس للمكلفين طريق للعلم بتفاصيل هذه المصالح و لا فرض الله سبحانه عليهم ذلك و لو فرضه لنصب لهم دليلا على العلم فالذي يجب اعتقاده هو أن المكلف الآمر عدل حكيم لا يقع منه الخلل و لا يكلف العبث و لا يرسل إلى خلقه من يجوز منه الكذب و الأمر باللعب. فإذا ثبت هذا الأصل لزم امتثال أوامر الحكيم الواردة على يد الصادق الأمين و الاعتقاد أن إيراده منها إنما هو طاعته في العمل بها و أنه لم يأمر بها دون غيرها إلا لعلمه بمصالح خلقه فيها و تعريضه لهم بتكليفها إلى منزلة الاستحقاق و نفاستها ليثبت من أطاعه فيها بالنعيم الدائم عليها. و ليس جهل العبد بمعرفة هذه المصالح على تفاصيلها مفسدا لما عمله من حكمة الأمر بها و صدق المؤدي عنه لها. كما أنه ليس عدم علمنا بعلل تباين الناس في أفعالهم و أسباب اختلاف ما مع الصناع من آلاتهم موجبا علينا القطع على لعبهم و عبثهم و اعتقاد جهلهم و نقصهم. فهذا أصل الكلام فيما خار الله تعالى و أمر و عليه المدار في الحجاج و النظر و من أتقنه استعان به في مسائل أخر. و قد سأل أحد الملاحدة مولانا جعفر بن محمد الصادق ص عن الطواف بالبيت الحرام فأجابه بما نقله عنه الخاص و العام.
أَخْبَرَنِي بِهِ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الشَّاذَانُ الْقُمِّيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ خَالِ أُمِّهِ أَبِي الْقَاسِمِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عِمْرَانَ الْفُقَيْمِيِ أَنَّ ابْنَ أَبِي الْعَوْجَاءِ 531 وَ ابْنَ طَالُوتَ الْأَعْمَى وَ ابْنَ الْمُقَفَّعِ 532 فِي نَفَرٍ مِنَ الزَّنَادِقَةِ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ بِالْمَوْسِمِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ع فِيهِ إِذْ ذَاكَ يُفْتِي النَّاسَ وَ يُفَسِّرُ لَهُمُ الْقُرْآنَ وَ يُجِيبُ عَنِ الْمَسَائِلِ بِالْحُجَجِ وَ الْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الْقَوْمُ لِابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ هَلْ لَكَ فِي تَغْلِيطِ هَذَا الْجَالِسِ وَ سُؤَالِهِ عَمَّا يَفْضَحُهُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْمُحِيطِينَ بِهِ فَقَدْ تَرَى فِتْنَةَ النَّاسِ بِهِ وَ هُوَ عَلَّامَةُ زَمَانِهِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ نَعَمْ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَفَرَّقَ النَّاسَ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ الْمَجَالِسَ أَمَانَاتٌ وَ لَا بُدَّ لِكُلِّ مَنْ بِهِ سُعَالٌ أَنْ يَسْعُلَ فَتَأْذَنُ فِي السُّؤَالِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع سَلْ إِنْ شِئْتَ فَقَالَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ إِلَى كَمْ تَدُوسُونَ هَذَا الْبَيْدَرَ وَ تَلُوذُونَ بِهَذَا الْحَجَرِ وَ تَعْبُدُونَ هَذَا الْبَيْتَ الْمَرْفُوعَ بِالطُّوبِ وَ الْمَدَرِ وَ تُهَرْوِلُونَ هَرْوَلَةَ الْبَعِيرِ إِذَا