کتابخانه روایات شیعه
[تصوير نسخه خطى]
[المقدمة]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلِيِّ الْحَمْدِ وَ مُسْتَحِقِّهِ وَ صَلَوَاتُهُ عَلَى خِيَرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ- مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً ذَاكَرَنِي بَعْضُ الْأَصْدِقَاءِ أَيَّدَهُ اللَّهُ مِمَّنْ أُوجِبَ حَقُّهُ عَلَيْنَا 25 بِأَحَادِيثِ أَصْحَابِنَا أَيَّدَهُمُ اللَّهُ وَ رَحِمَ السَّلَفَ مِنْهُمْ وَ مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الِاخْتِلَافِ وَ التَّبَايُنِ وَ الْمُنَافَاةِ وَ التَّضَادِّ حَتَّى لَا يَكَادُ يَتَّفِقُ خَبَرٌ إِلَّا وَ بِإِزَائِهِ مَا يُضَادُّهُ وَ لَا يَسْلَمُ حَدِيثٌ إِلَّا وَ فِي مُقَابَلَتِهِ مَا يُنَافِيهِ حَتَّى جَعَلَ مُخَالِفُونَا ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الطُّعُونِ عَلَى مَذْهَبِنَا وَ تَطَرَّقُوا بِذَلِكَ إِلَى إِبْطَالِ مُعْتَقَدِنَا وَ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ شُيُوخُكُمُ السَّلَفُ وَ الْخَلَفُ يَطْعُنُونَ عَلَى مُخَالِفِيهِمْ بِالاخْتِلَافِ الَّذِي يَدِينُونَ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ وَ يُشَنِّعُونَ عَلَيْهِمْ بِافْتِرَاقِ كَلِمَتِهِمْ فِي الْفُرُوعِ وَ يَذْكُرُونَ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَبَّدَ بِهِ الْحَكِيمُ وَ لَا أَنْ يُبِيحَ الْعَمَلَ بِهِ الْعَلِيمُ وَ قَدْ وَجَدْنَاكُمْ أَشَدَّ اخْتِلَافاً مِنْ مُخَالِفِيكُمْ وَ أَكْثَرَ تَبَايُناً مِنْ مُبَايِنِيكُمْ وَ وُجُودُ هَذَا الِاخْتِلَافِ مِنْكُمْ مَعَ اعْتِقَادِكُمْ بُطْلَانَ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ الْأَصْلِ حَتَّى دَخَلَ 26 عَلَى جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُمْ قُوَّةٌ فِي الْعِلْمِ وَ لَا بَصِيرَةٌ بِوُجُوهِ النَّظَرِ وَ مَعَانِي الْأَلْفَاظِ شُبْهَةٌ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ رَجَعَ عَنِ اعْتِقَادِ الْحَقِّ لِمَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ وَ عَجَزَ عَنْ حَلِّ الشُّبْهَةِ فِيهِ سَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَيَّدَهُ اللَّهُ يَذْكُرُ أَنَّ أَبَا الْحُسَيْنِ الْهَارُونِيَ 27 الْعَلَوِيَّ كَانَ يَعْتَقِدُ الْحَقَّ وَ يَدِينُ بِالْإِمَامَةِ فَرَجَعَ عَنْهَا لِمَا الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِي اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ وَ تَرَكَ الْمَذْهَبَ-
______________________________ بسم اللّه الرحمن الرحيم و له الحمد و به نستعين
وَ دَانَ بِغَيْرِهِ لِمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ وُجُوهُ الْمَعَانِي فِيهَا وَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ فِيهِ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ وَ اعْتَقَدَ الْمَذْهَبَ مِنْ جِهَةِ التَّقْلِيدِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْفُرُوعِ لَا يُوجِبُ تَرْكَ مَا ثَبَتَ بِالْأَدِلَّةِ مِنَ الْأُصُولِ وَ ذَكَرَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ 28 فَالاشْتِغَالُ بِشَرْحِ كِتَابٍ يَحْتَوِي عَلَى تَأْوِيلِ الْأَخْبَارِ الْمُخْتَلِفَةِ وَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَنَافِيَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْمُهِمَّاتِ فِي الدِّينِ وَ مِنْ أَقْرَبِ الْقُرُبَاتِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ النَّفْعِ لِلْمُبْتَدِي وَ الرَّيِّضِ فِي الْعِلْمِ وَ سَأَلَنِي أَنْ أَقْصِدَ إِلَى رِسَالَةِ شَيْخِنَا- أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمَوْسُومَةِ بِالْمُقْنِعَةِ لِأَنَّهَا شَافِيَةٌ فِي مَعْنَاهَا كَافِيَةٌ فِي أَكْثَرِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَ أَنَّهَا بَعِيدَةٌ مِنَ الْحَشْوِ وَ أَنْ أَقْصِدَ إِلَى أَوَّلِ بَابٍ يَتَعَلَّقُ بِالطَّهَارَةِ وَ أَتْرُكَ مَا قَدَّمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالتَّوْحِيدِ وَ الْعَدْلِ وَ النُّبُوَّةِ وَ الْإِمَامَةِ 29 لِأَنَّ شَرْحَ ذَلِكَ يَطُولُ وَ لَيْسَ أَيْضاً الْمَقْصَدُ بِهَذَا الْكِتَابِ بَيَانَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُصُولِ وَ أَنْ أُتَرْجِمَ كُلَّ بَابٍ عَلَى حَسَبِ مَا تَرْجَمَهُ وَ أَذْكُرَ مَسْأَلَةً مَسْأَلَةً فَأَسْتَدِلَّ عَلَيْهَا إِمَّا مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ أَوْ مِنْ صَرِيحِهِ أَوْ فَحْوَاهُ أَوْ دَلِيلِهِ أَوْ مَعْنَاهُ وَ إِمَّا مِنَ السُّنَّةِ الْمَقْطُوعِ بِهَا مِنَ الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَوِ الْأَخْبَارِ الَّتِي تَقْتَرِنُ إِلَيْهَا الْقَرَائِنُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهَا وَ إِمَّا مِنْ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ إِنْ كَانَ فِيهَا أَوْ إِجْمَاعِ الْفِرْقَةِ الْمُحِقَّةِ ثُمَّ أَذْكُرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا وَرَدَ مِنْ أَحَادِيثِ أَصْحَابِنَا الْمَشْهُورَةِ فِي ذَلِكَ وَ أَنْظُرَ فِيمَا وَرَدَ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّا يُنَافِيهَا وَ يُضَادُّهَا وَ أُبَيِّنَ الْوَجْهَ فِيهَا إِمَّا بِتَأْوِيلٍ أَجْمَعُ بَيْنَهَا وَ بَيْنَهَا أَوْ أَذْكُرَ وَجْهَ الْفَسَادِ فِيهَا إِمَّا مِنْ ضَعْفِ إِسْنَادِهَا أَوْ عَمَلِ الْعِصَابَةِ بِخِلَافِ مُتَضَمَّنِهَا فَإِذَا اتَّفَقَ الْخَبَرَانِ عَلَى وَجْهٍ لَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بَيَّنْتُ أَنَّ الْعَمَلَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِمَا يُوَافِقُ دَلَالَةَ الْأَصْلِ وَ تُرِكَ الْعَمَلُ بِمَا يُخَالِفُهُ وَ كَذَلِكَ إِنْ كَانَ الْحُكْمُ مِمَّا لَا نَصَّ فِيهِ عَلَى التَّعْيِينِ حَمَلْتُهُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْأَصْلُ وَ مَهْمَا تَمَكَّنْتُ مِنْ تَأْوِيلِ بَعْضِ
الْأَحَادِيثِ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَطْعُنَ فِي إِسْنَادِهَا فَإِنِّي لَا أَتَعَدَّاهُ وَ أَجْتَهِدُ أَنْ أَرْوِيَ فِي مَعْنَى مَا أَتَأَوَّلُ الْحَدِيثَ عَلَيْهِ حَدِيثاً آخَرَ يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ الْمَعْنَى إِمَّا مِنْ صَرِيحِهِ أَوْ فَحْوَاهُ حَتَّى أَكُونَ عَامِلًا عَلَى الْفُتْيَا وَ التَّأْوِيلِ بِالْأَثَرِ وَ إِنْ كَانَ هَذَا مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْنَا لَكِنَّهُ مِمَّا يُؤْنَسَ بِالتَّمَسُّكِ بِالْأَحَادِيثِ وَ أَجْرِي عَلَى عَادَتِي هَذِهِ إِلَى آخِرِ الْكِتَابِ وَ أُوضِحُ إِيضَاحاً لَا يَلْتَبِسُ الْوَجْهُ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ نَظَرَ فِيهِ فَقَصَدْتُ إِلَى عَمَلِ هَذَا الْكِتَابِ لِمَا رَأَيْتُ فِيهِ مِنْ عِظَمِ الْمَنْفَعَةِ فِي الدِّينِ وَ كَثْرَةِ الْفَائِدَةِ فِي الشَّرِيعَةِ مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَيْهِ مِنْ وُجُوبِ قَضَاءِ حَقِّ هَذَا الصَّدِيقِ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَ أَنَا أَرْجُو إِذَا سَهَّلَ اللَّهُ تَعَالَى إِتْمَامَ هَذَا الْكِتَابِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ وَ وَفَّقَ لِخِتَامِهِ حَسَبَ مَا ضَمِنْتُ أَنْ يَكُونَ كَامِلًا فِي بَابِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَ مُنَبِّهاً عَلَى مَا عَدَاهَا مِمَّا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَيْهِ هَذَا الْكِتَابُ إِذْ كَانَ مَقْصُوراً عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ الرِّسَالَةُ الْمُقْنِعَةُ مِنَ الْفَتَاوِي وَ لَمْ أَقْصِدِ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا لِأَنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إِذَا وَفَّقَ اللَّهُ الْفَرَاغَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَبْتَدِئُ بِشَرْحِ كِتَابٍ يَجْتَمِعُ عَلَى جَمِيعِ أَحَادِيثِ أَصْحَابِنَا أَوْ أَكْثَرِهَا مِمَّا يَبْلُغُ إِلَيْهِ جُهْدِي وَ أَسْتَوْفِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَسْتَمِدُّ الْمَعُونَةَ وَ أَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ لِمَا يُحِبُّ وَ يَرْضَى إِنَّهُ الْمُبْتَدِئُ بِالنِّعَمِ الْمُفْتَتِحُ بِالْكَرَمِ.
كِتَابُ الطَّهَارَةِ
1- بَابُ الْأَحْدَاثِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّهَارَةِ