کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
بعثه صفوان بن أمية ليغتاله بعد بدر و كان ذلك سبب إسلام عمرو بن وهب- عن الحسن .
و ثالثها أن المعني بذلك ما لطف الله للمسلمين من كف أعدائهم عنهم حين هموا باستئصالهم بأشياء شغلهم بها من الأمراض و القحط و موت الأكابر و هلاك المواشي و غير ذلك من الأسباب التي انصرفوا عندها من قتل المؤمنين عن الجبائي.
و رابعها
ما قاله الواقدي إن رسول الله ص غزا جمعا من بني ذبيان و محارب بذي أمر فتحصنوا برءوس الجبال و نزل رسول الله ص بحيث يراهم فذهب لحاجته فأصابه مطر فبل ثوبه فنشره على شجرة و اضطجع تحته و الأعراب ينظرون إليه فجاء سيدهم دعثور بن الحارث حتى وقف على رأسه بالسيف مشهورا فقال يا محمد من يمنعك مني اليوم فقال الله فدفع جبرئيل في صدره و وقع السيف من يده فأخذه رسول الله ص و قام على رأسه و قال من يمنعك مني اليوم فقال لا أحد و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فنزلت الآية.
و على هذا فيكون تخليص النبي ص مما هموا به نعمة على المؤمنين من حيث إن مقامه بينهم نعمة عليهم 4877 .
و قال في قوله تعالى كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ قيل فيه قولان.
أحدهما أن معناه أنزلنا القرآن عليك كما أنزلنا على المقتسمين و هم اليهود و النصارى الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ جمع عضة و أصله عضوة فنقصت الواو و التعضية التفريق أي فرقوه و جعلوه أعضاء كأعضاء الجزور فآمنوا ببعضه و كفروا ببعضه و قيل سماهم مقتسمين لأنهم اقتسموا كتب الله فآمنوا ببعضها و كفروا ببعضها.
و الآخر أن معناه أني أنذركم عذابا كما أنزلنا على المقتسمين الذين اقتسموا طريق مكة يصدون عن رسول الله ص و الإيمان به قال مقاتل و كانوا ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم يقولون لمن أتى مكة لا تغتروا بالخارج منا و المدعي للنبوة فأنزل الله بهم عذابا فماتوا شر ميتة ثم وصفهم فقال الَّذِينَ جَعَلُوا
الْقُرْآنَ عِضِينَ جزءا جزءا 4878 فقالوا سحر و قالوا أساطير الأولين و قالوا مفترى عن ابن عباس 4879 . و في قوله تعالى إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ أي كفيناك شر المستهزءين و استهزاؤهم بأن أهلكناهم و كانوا خمسة نفر من قريش العاص بن وائل و الوليد بن المغيرة و أبو زمعة و هو الأسود بن المطلب و الأسود بن عبد يغوث و الحارث بن قيس عن ابن عباس و ابن جبير و قيل كانوا ستة رهط عن محمد بن ثور و سادسهم الحارث بن الطلاطلة و أمه غيطلة 4880
قالوا و أتى جبرئيل النبي ص و المستهزءون يطوفون بالبيت فقام جبرئيل و رسول الله إلى جنبه فمر به الوليد بن المغيرة المخزومي فأومأ بيده إلى ساقه فمر الوليد على فنن 4881 لخزاعة و هو يجر ثيابه فتعلقت بثوبه شوكة فمنعه الكبر أن يخفض رأسه فينزعها و جعلت تضرب ساقه فخدشته فلم يزل مريضا حتى مات و مر به العاص بن وائل السهمي فأشار جبرئيل إلى رجله فوطئ العاص على شبرقة 4882 فدخلت في أخمص رجله فقال لدغت فلم يزل يحكها حتى مات و مر به الأسود بن المطلب بن عبد مناف فأشار إلى عينه فعمي و قيل رماه بورقة خضراء فعمي و جعل يضرب رأسه على الجدار حتى هلك و مر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه فاستسقى فمات
و قيل أصابه السموم فصار أسود فأتى أهله فلم يعرفوه فمات و هو يقول قتلني رب محمد و مر به الحارث بن الطلاطلة فأومأ إلى رأسه فامتخط قيحا فمات و قيل إن الحارث بن قيس أخذ 4883 حوتا مالحا فأصابه العطش فما زال يشرب حتى انقد 4884 بطنه فمات 4885 .
و في قوله تعالى ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً أي مثل قرية كانَتْ آمِنَةً أي ذات أمن مُطْمَئِنَّةً قارة ساكنة بأهلها لا يحتاجون إلى الانتقال عنها لخوف أو ضيق يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ أي يحمل إليها الرزق الواسع من كل موضع و من كل بلد كما قال سبحانه يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ 4886 فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ أي فكفر أهل تلك القرية فَأَذاقَهَا اللَّهُ الآية أي فأخذهم الله بالجوع و الخوف بسوء أفعالهم و سمي أثر الجوع و الخوف لباسا لأن أثر الجوع و الهزال يظهر على الإنسان كما يظهر اللباس و قيل لأنه شملهم الجوع و الخوف كاللباس قيل إن هذه القرية هي مكة عن ابن عباس و مجاهد و قتادة عذبهم الله بالجوع سبع سنين و هم مع ذلك خائفون وجلون عن النبي ص و أصحابه 4887 يغيرون عليهم قوافلهم و ذلك حين دعا النبي ص فقال اللهم اشدد وطأتك على مضر و اجعل عليهم سنين كسني يوسف و قيل إنها قرية كانت قبل نبينا ص بعث الله إليهم نبينا فكفروا به و قتلوه فعذبهم الله بعذاب الاستيصال وَ لَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ يعني أهل مكة بعث الله إليهم رسولا من جنسهم فَكَذَّبُوهُ 4888 و جحدوا نبوته فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَ هُمْ
ظالِمُونَ أي ما حل بهم من الخوف و الجوع المذكورين 4889 و ما نالهم يوم بدر و غيره من القتل 4890 .
و في قوله وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ قال نزل في قوم كانوا يؤذون النبي ص بالليل إذا تلا القرآن و صلى عند الكعبة و كانوا يرمونه بالحجارة و يمنعونه من دعاء الناس إلى الدين فحال الله سبحانه بينهم و بينه حتى لا يؤذوه عن الجبائي و الزجاج جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قال الكلبي هم أبو سفيان و النضر بن الحارث و أبو جهل و أم جميل امرأة أبي لهب حجب الله رسوله عن أبصارهم عند قراءة القرآن فكانوا يأتونه و يمرون به و لا يرونه حِجاباً مَسْتُوراً قيل أي ساترا عن الأخفش و الفاعل قد تكون 4891 في لفظ المفعول كالمشئوم و الميمون و قيل هو على بناء النسب أي ذا ستر و قيل مستورا عن الأعين لا يبصر إنما هو من قدرة الله 4892 .
وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً الأكنة جمع كنان و هو ما وقى شيئا و ستره قيل كان الله يلقي عليهم النوم أو يجعل في قلوبهم أكنة ليقطعهم عن مرادهم أو أنه عاقب هؤلاء الكفار الذين علم أنهم لا يؤمنون بعقوبات يجعلها في قلوبهم تكون موانع من أن يفهموا ما يستمعونه 4893 .
وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً قيل كانوا إذا سمعوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ولوا و قيل إذا سمعوا لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ 4894
و في قوله تعالى وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ أي إن المشركين أرادوا أن يزعجوك 4895 من أرض مكة بالإخراج و قيل عن أرض المدينة يعني اليهود و قيل يعني جميع الكفار أرادوا أن يخرجوك من أرض العرب و قيل معناه ليقتلونك وَ إِذاً لا يَلْبَثُونَ أي لو أخرجوك لكانوا لا يلبثون بعد خروجك إِلَّا زمانا قَلِيلًا و مدة يسيرة قيل و هي المدة بين خروج النبي ص من مكة و قتلهم يوم بدر و الصحيح أن المعنيين في الآية مشركو مكة و أنهم لم يخرجوا النبي ص من مكة و لكنهم هموا بإخراجه ثم خرج ص لما أمر بالهجرة و ندموا على خروجه و لذلك ضمنوا الأموال في رده و لو أخرجوه لاستؤصلوا بالعذاب و لماتوا طرا 4896 .
و في قوله تعالى أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ استفهام تقرير يعني به محمدا ص يكفيه عداوة من يعاديه وَ يُخَوِّفُونَكَ كانت الكفار يخيفونه بالأوثان التي كانوا يعبدونها قالوا أ ما تخاف أن يهلكك آلهتنا و قيل إنه لما قصد خالد لكسر العزى بأمر النبي ص قالوا إياك يا خالد فبأسها شديد فضرب خالد أنفها بالفأس فهشمها فقال كفرانك يا عزى لا سبحانك سبحان من أهانك 4897 .
1- فس، تفسير القمي فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ مِنْ قَبْلِ أَنْ فَتَحَهَا فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ بِالصُّلْحِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ 4898 .
2- فس، تفسير القمي حِجاباً مَسْتُوراً يَعْنِي يَحْجُبُ اللَّهُ عَنْكَ الشَّيَاطِينَ 4899 أَكِنَّةً أَيْ غِشَاوَةً أَيْ صَمَماً نُفُوراً قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا صَلَّى تَهَجَّدَ بِالْقُرْآنِ وَ تَسَمَّعَ 4900 لَهُ قُرَيْشٌ لِحُسْنِ صَوْتِهِ فَكَانَ إِذَا قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فَرُّوا عَنْهُ 4901 .
3- فس، تفسير القمي وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ إِلَّا قَلِيلًا
حَتَّى قُتِلُوا بِبَدْرٍ 4902 .
4- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام الدَّقَّاقُ عَنِ الْأَسَدِيِّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ 4903 عَنْ أَبِي مَسْرُوقٍ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَتَاهُ أَبُو لَهَبٍ فَتَهَدَّدَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنْ خُدِشْتُ مِنْ قِبَلِكَ خَدْشَةً فَأَنَا كَذَّابٌ فَكَانَتْ أَوَّلَ آيَةٍ 4904 نَزَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ص الْخَبَرَ 4905 .
5- ما، الأمالي للشيخ الطوسي الْمُفِيدُ عَنِ الْجِعَابِيِّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحُبَابِ الْجُمَحِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأُبُلِّيِّ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْحَنَفِيِّ عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَقُولُ انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى الْعَقَبَةِ فَقَالَ لَا يُجَاوِزُهَا أَحَدٌ فَعَوَّجَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ فَمَهُ مُسْتَهْزِئاً بِهِ ص وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ 4906 فَعَوَّجَ الْحَكَمُ فَمَهُ فَبَصُرَ بِهِ النَّبِيُّ ص فَدَعَا عَلَيْهِ فَصُرِعَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ أَفَاقَ فَأَخْرَجَهُ النَّبِيُّ ص عَنِ الْمَدِينَةِ طَرِيداً وَ نَفَاهُ عَنْهَا 4907 .
6- فس، تفسير القمي فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ يَقُولُ فَأَعْمَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ 4908 الْهُدَى أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَهُمْ وَ أَبْصَارَهُمْ وَ قُلُوبَهُمْ فَأَعْمَاهُمْ عَنِ الْهُدَى نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ وَ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَامَ يُصَلِّي وَ قَدْ حَلَفَ أَبُو جَهْلٍ لَئِنْ رَآهُ يُصَلِّي لَيَدْمَغَنَّهُ فَجَاءَهُ وَ مَعَهُ حَجَرٌ وَ النَّبِيُّ ص قَائِمٌ يُصَلِّي فَجَعَلَ كُلَّمَا رَفَعَ الْحَجَرَ لِيَرْمِيَهُ
أَثْبَتَ اللَّهُ يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ وَ لَا يَدُورُ الْحَجَرُ بِيَدِهِ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ سَقَطَ الْحَجَرُ مِنْ يَدِهِ 4909 ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ مِنْ رَهْطِهِ أَيْضاً فَقَالَ أَنَا أَقْتُلُهُ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ فَجَعَلَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأُرْعِبَ فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ حَالَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ كَهَيْئَةِ الْفَحْلِ يَخْطِرُ بِذَنَبِهِ فَخِفْتُ أَنْ أَتَقَدَّمَ 4910 .
بيان: خطر البعير بذنبه كضرب رفعه مرة بعد أخرى و ضرب به فخذيه.