کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فلا مطعن فيه بالاتّفاق.
خاتمة في ذكر ولادة أبي بكر و وفاته و بعض أحواله
قال المخالفون: كان مولده بمكة بعد الفيل بسنتين و أربعة أشهر إلّا أيّاما، و اسمه: عبد اللّه بن عثمان 33929 بن 33930 أبي قحافة بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب، و قيل اسمه: عتيق،
و قيل : كان اسمه: عبد ربّ الكعبة، فسمّاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: عبد اللّه.
، و أمّه أمّ الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب 33931 .
غصب 33932 الخلافة ثاني يوم مات فيه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و مات بالمدينة ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة بين المغرب و العشاء و له ثلاث و ستون سنة، و قيل خمس و ستون، و الأول أشهر. و كانت مدّة خلافته المغصوبة سنتين و أربعة أشهر 33933 .
و قال في الاختصاص 33934 : مات و هو ابن ثلاث و ستين سنة، و ولي الأمر سنتين و ستة أشهر.
ثم اعلم أنّه لم يكن له نسب شريف و لا حسب منيف، و كان في الإسلام خيّاطا، و في الجاهليّة معلّم الصبيان، و نعم ما قيل:
كفى للمرء نقصا أن يقال بأنّه
معلّم أطفال و إن كان فاضلا
و كان أبوه سيّئ الحال ضعيفا، و كان كسبه أكثر عمره 33935 من صيد القماري و الدباسي لا يقدر على غيره، فلمّا عمي و عجز ابنه عن القيام به التجأ إلى عبد اللّه ابن جدعان- من رؤساء مكة- فنصبه ينادي على مائدته كلّ يوم لإحضار الأضياف، و جعل له على ذلك ما يعونه من الطعام، ذكر ذلك جماعة منهم الكلبي في كتاب المثالب 33936 - على ما أورده في الصراط المستقيم 33937 - و لذا قال أبو سفيان لعليّ عليه السلام- بعد ما غصب الخلافة-:- أ رضيتم يا بني عبد مناف!- أن يلي عليكم تيميّ رذل؟!، و قال أبو قحافة: ما رواه ابن حجر في صواعقه 33938 حيث قال: و أخرج الحاكم 33939 أنّ أبا قحافة لمّا سمع بولاية ابنه قال: هل رضي بذلك بنو عبد مناف و بنو المغيرة؟. قالوا: نعم. قال: اللّهمّ لا واضع لما رفعت و لا رافع لما وضعت 33940 .
وَ قَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ- فِي بَعْضِ كَلِمَاتِهَا-: إِنَّهُ مِنْ أَعْجَازِ قُرَيْشٍ وَ أَذْنَابِهَا 33941 .
و قال بعض الظرفاء: بل من ذوي أذنابها.
و قال صاحب إلزام النواصب 33942 : أجمع النسّابون أنّ أبا قحافة كان حبرا لليهود يعلّم أولادهم 33943 .
و العجب أنّهم مع ذلك يدّعون أنّ اللّه تعالى أغنى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بمال أبي بكر.
و عقد الخلافة عند موته لعمر، فحمل أثقاله مع أثقاله، و أضاف وباله إلى وباله.
وَ قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ 33944 - فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ- أَنَّهُ أَحْضَرَ أَبُو بَكْرٍ عُثْمَانَ- وَ هُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ- فَأَمَرَ 33945 أَنْ يَكْتُبَ عَهْداً، وَ قَالَ: اكْتُبْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، هَذَا مَا عَهِدَ بِهِ 33946 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ 33947 إِلَى الْمُسْلِمِينَ أَمَّا بَعْدَ، .. ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ: قَدِ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمُ ابْنَ الْخَطَّابِ 33948 ، وَ أَفَاقَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: اقْرَأْ فَقَرَأَهُ، فَكَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ، وَ قَالَ 33949 : أَرَاكَ خِفْتَ أَنْ يَخْتَلِفَ النَّاسُ إِنْ مِتُّ فِي غَشْيَتِي!
قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً عَنِ الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ، ثُمَّ أَتَمَّ الْعَهْدَ وَ أَمَرَهُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى النَّاسِ فَقَرَأَ 33950 ، ثُمَّ أَوْصَى إِلَى عُمَرَ بِوَصَايَا 33951 .
قَالَ: وَ رَوَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّهُ أَفْضَلُ مَنْ رَأَيْتُهُ 33952 إِلَّا أَنَّ فِيهِ غِلْظَةً. فَقَالَ: ذَاكَ لِأَنَّهُ يَرَانِي رَفِيقاً 33953 وَ لَوْ قَدْ أَفْضَى الْأَمْرُ إِلَيْهِ لَتَرَكَ كَثِيراً مِمَّا هُوَ عَلَيْهِ، وَ قَدْ رَمَقْتُهُ 33954 إِذَا أَنَا غَضِبْتُ عَلَى رَجُلٍ أَرَانِي الرِّضَا عَنْهُ، وَ إِذَا لِنْتُ أَرَانِي الشِّدَّةَ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ. فَقَالَ: سَرِيرَتُهُ خَيْرٌ مِنْ عَلَانِيَتِهِ، وَ لَيْسَ فِينَا مِثْلُهُ. فَقَالَ لَهُمَا: لَا تَذْكُرَا مِمَّا قُلْتُ لَكُمَا شَيْئاً، وَ لَوْ تَرَكْتُ عُمَرَ مَا 33955 عَدَوْتُكَ يَا عُثْمَانُ، وَ الْخِيَرَةُ لَكَ أَنْ لَا تَلِيَ مِنْ أُمُورِهِمْ شَيْئاً، وَ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مِنْ أُمُورِكُمْ خِلْواً، وَ كُنْتُ فِيمَنْ مَضَى مِنْ سَلَفِكُمْ.
وَ دَخَلَ طَلْحَةُ 33956 عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ- يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ (ص)!- اسْتَخْلَفْتَ عَلَى النَّاسِ عُمَرَ، وَ قَدْ رَأَيْتَ مَا يَلْقَى النَّاسُ مِنْهُ وَ أَنْتَ مَعَهُ، فَكَيْفَ إِذَا 33957 خَلَا بِهِمْ؟! وَ أَنْتَ غَداً لَاقٍ رَبَّكَ فَسَائِلُكَ 33958 عَنْ رَعِيَّتِكَ!. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْلِسُونِي .. أَجْلِسُونِي 33959 ، ثُمَّ قَالَ: أَ بِاللَّهِ تُخَوِّفُنِي؟!، إِذَا لَقِيتُ رَبِّي فَسَاءَلَنِي، قُلْتُ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ. فَقَالَ طَلْحَةُ: أَ عُمَرُ خَيْرُ النَّاسِ
يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ؟!. فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ وَ قَالَ: إِي وَ اللَّهِ، هُوَ خَيْرُهُمْ وَ أَنْتَ شَرُّهُمْ، أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ وَلَّيْتُكَ لَجَعَلْتَ أَنْفَكَ فِي قَفَاكَ، وَ لَرَفَعْتَ نَفْسَكَ فَوْقَ قَدْرِهَا حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يَضَعُهَا، أَتَيْتَنِي وَ قَدْ دَلَكْتَ عَيْنَيْكَ تُرِيدُ أَنْ تَفْتِنَنِي عَنْ دِينِي، وَ تُزِيلَنِي عَنْ رَأْيِي، قُمْ لَا أَقَامَ اللَّهُ رِجْلَيْكَ، أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ عِشْتُ فُوَاقَ نَاقَةٍ وَ بَلَغَنِي أَنَّكَ غَمَّضْتَهُ 33960 فِيهَا أَوْ ذَكَرْتُهُ بِسُوءٍ لَأَلْحَقَنَّكَ بِخَمْصَاتِ 33961 قُنَّةَ حَيْثُ كُنْتُمْ تُسْقَوْنَ 33962 وَ لَا تَرْوَوْنَ، وَ تُرْعَوْنَ وَ لَا تَشْبَعُونَ، وَ أَنْتُمْ بِذَلِكَ مُبْتَهِجُونَ 33963 رَاضُونَ!. فَقَامَ طَلْحَةُ فَخَرَجَ.
قال 33964 : و توفّي ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة من سنة ثلاث عشرة. انتهى.
و قال في الإستيعاب 33965 : قول الأكثر أنّه توفّي عشيّة يوم الثلاثاء المذكور.
و قيل: ليلته. و قيل: عشيّة يوم الإثنين.
قال: و مكث في خلافته سنتين و ثلاثة أشهر إلّا خمس ليال. و قيل: سنتين
و ثلاثة أشهر و سبع ليال 33966 .
و قال ابن إسحاق: توفّي على رأس اثنتين 33967 و ثلاثة أشهر و اثني عشر يوما 33968 من متوفّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. و قيل: و عشرة أيّام. و قيل 33969 : و عشرين يوما.
قال: و اختلف في السبب الذي مات منه، فذكر الواقدي أنّه اغتسل في يوم بارد فحمّ و مرض خمسة عشر يوما، و قال الزبير بن بكّار: كان به طرف من السل، و روي عن سلام بن أبي مطيع: إنّه سمّ.
قال 33970 : و أوصى بغسله أسماء بنت أبي عميس 33971 زوجته فغسّلته، و صلّى عليه عمر بن الخطاب و نزل في قبره عمر و عثمان و طلحة و عبد اللّه 33972 بن أبي بكر، و دفن ليلا في بيت عائشة.