کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَمَّا بَعْدُ يَا عَلِيُّ لَأَضْرِبَنَّكَ بِشِهَابٍ قَاطِعٍ لَا يُذَكِّيهِ الرِّيحُ وَ لَا يُطْفِيهِ الْمَاءُ إِذَا اهْتَزَّ وَقَعَ وَ إِذَا وَقَعَ نَقَبَ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا قَرَأَ عَلِيٌّ ع كِتَابَهُ دَعَا بِدَوَاةٍ وَ قِرْطَاسٍ ثُمَّ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَمَّا بَعْدُ يَا مُعَاوِيَةُ فَقَدْ كَذَبْتَ أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ قَاتِلُ جَدِّكَ وَ عَمِّكَ وَ خَالِكَ وَ أَبِيكَ وَ أَنَا الَّذِي أَفْنَيْتُ قَوْمَكَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ وَ يَوْمِ فَتْحٍ وَ يَوْمِ أُحُدٍ وَ ذَلِكَ السَّيْفُ بِيَدِي يَحْمِلُهُ سَاعِدِي بِجُرْأَةِ قَلْبِي كَمَا خَلَّفَهُ النَّبِيُّ ص بِكَفِّ الْوَصِيِّ لَمْ أَسْتَبْدِلْ بِاللَّهِ رَبّاً وَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً وَ بِالسَّيْفِ بَدَلًا وَ السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى ثُمَّ طَوَى الْكِتَابَ وَ دَعَا الطِّرِمَّاحَ بْنَ عَدِيٍّ الطَّائِيَّ وَ كَانَ رَجُلًا مُفَوَّهاً طُوَالًا فَقَالَ لَهُ خُذْ كِتَابِي هَذَا فَانْطَلِقْ بِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ رُدَّ جَوَابَهُ فَأَخَذَ الطِّرِمَّاحُ الْكِتَابَ وَ دَعَا بِعِمَامَةٍ فَلَبِسَهَا فَوْقَ قَلَنْسُوَتِهِ ثُمَّ رَكِبَ جَمَلًا بَازِلًا فَتِيقاً مُشْرِفاً عَالِياً فِي الْهَوَاءِ فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ مَدِينَةَ دِمَشْقَ فَسَأَلَ عَنْ قُوَّادِ مُعَاوِيَةَ فَقِيلَ لَهُ مَنْ تُرِيدُ مِنْهُمْ فَقَالَ أُرِيدُ جَرْوَلًا وَ جَهْضَماً وَ صَلَادَةً وَ قِلَادَةً وَ سَوَادَةً وَ صَاعِقَةً وَ أَبَا الْمَنَايَا وَ أَبَا الْحُتُوفِ وَ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ شِمْرَ بْنَ ذِي الْجَوْشَنِ وَ الْهَدْيَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ الْكِنْدِيَّ فَقِيلَ إِنَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ عِنْدَ بَابِ الْخَضْرَاءِ فَنَزَلَ وَ عَقَلَ بَعِيرَهُ وَ تَرَكَهُمْ حَتَّى اجْتَمَعُوا فَرَكِبَ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا بَصُرُوا بِهِ قَامُوا إِلَيْهِ يَهْزَءُونَ بِهِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يَا أَعْرَابِيُّ عِنْدَكَ خَبَرٌ مِنَ السَّمَاءِ قَالَ نَعَمْ جَبْرَائِيلُ فِي السَّمَاءِ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ فِي الْهَوَاءِ وَ عَلِيٌّ فِي الْقَفَاءِ فَقَالَ لَهُ يَا أَعْرَابِيُّ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ مِنْ عِنْدِ التَّقِيِّ النَّقِيِّ إِلَى الْمُنَافِقِ الرَّدِيِّ قَالَ لَهُ يَا أَعْرَابِيُّ فَمَا تَنْزِلُ إِلَى الْأَرْضِ حَتَّى نُشَاوِرَكَ قَالَ وَ اللَّهِ مَا فِي مُشَاوَرَتِكُمْ بَرَكَةٌ وَ لَا مِثْلِي يُشَاوِرُ أَمْثَالَكُمْ قَالُوا يَا أَعْرَابِيُّ فَإِنَّا نَكْتُبُ إِلَى يَزِيدَ بِخَبَرِكَ وَ كَانَ يَزِيدُ يَوْمَئِذٍ وَلِيُّ عَهْدِهِمْ فَكَتَبُوا إِلَيْهِ أَمَّا بَعْدُ يَا يَزِيدُ فَقَدْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ عِنْدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع أَعْرَابِيٌّ لَهُ لِسَانٌ يَقُولُ فَمَا يَمَلُّ وَ يُكْثِرُ فَلَا يَكِلُّ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا قَرَأَ يَزِيدُ الْكِتَابَ أَمَرَ أَنْ يُهَوَّلَ عَلَيْهِ وَ أَنْ يُقَامَ لَهُ سِمَاطَانِ بِالْبَابِ بِأَيْدِيهِمْ أَعْمِدَةُ الْحَدِيدِ فَلَمَّا تَوَسَّطَهُمُ الطِّرِمَّاحُ قَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ كَأَنَّهُمْ زَبَانِيَةُ مَالِكٍ فِي ضِيقِ الْمَسَالِكِ
عِنْدَ تِلْكَ الْهَوَالِكِ قَالُوا اسْكُتْ هَؤُلَاءِ أُعِدُّوا لِيَزِيدَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ يَزِيدُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَعْرَابِيُّ قَالَ اللَّهُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ عَلَى وَلَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ قَالَ سَلَامُهُ مَعِي مِنَ الْكُوفَةِ قَالَ إِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ الْحَوَائِجَ قَالَ أَمَّا أَوَّلُ حَاجَتِي إِلَيْهِ فَنَزْعُ رُوحِهِ مِنْ بَيْنِ جَنْبَيْهِ وَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى يَجْلِسَ فِيهِ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ وَ أَوْلَى مِنْهُ قَالَ لَهُ يَا أَعْرَابِيُّ فَإِنَّا نَدْخُلُ عَلَيْهِ فَمَا فِيكَ حِيلَةٌ قَالَ لِذَلِكَ قَدِمْتُ فَاسْتَأْذَنَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَ نَظَرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ السَّرِيرِ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ قَالَ وَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ فَمَنْ أَمَّرَكَ عَلَيْنَا فَقَالَ نَاوِلْنِي كِتَابَكَ قَالَ إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَطَأَ بِسَاطَكَ قَالَ فَنَاوِلْهُ وَزِيرِي قَالَ خَانَ الْوَزِيرُ وَ ظَلَمَ الْأَمِيرُ قَالَ فَنَاوِلْهُ غُلَامِي قَالَ غُلَامُ سَوْءٍ اشْتَرَاهُ مَوْلَاهُ مِنْ غَيْرِ حِلٍّ وَ اسْتَخْدَمَهُ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ قَالَ فَمَا الْحِيلَةُ يَا أَعْرَابِيُّ قَالَ مَا يَحْتَالُ مُؤْمِنٌ مِثْلِي لِمُنَافِقٍ مِثْلِكَ قُمْ صَاغِراً فَخُذْهُ فَقَامَ مُعَاوِيَةُ صَاغِراً فَتَنَاوَلَ مِنْهُ ثُمَّ فَضَّهُ وَ قَرَأَهُ ثُمَّ قَالَ يَا أَعْرَابِيُّ كَيْفَ خَلَّفْتَ عَلِيّاً قَالَ خَلَّفْتُهُ وَ اللَّهِ جَلَداً حَرِباً ضَابِطاً كَرِيماً شُجَاعاً جَوَاداً لَمْ يَلْقَ جَيْشاً إِلَّا هَزَمَهُ وَ لَا قَرْناً إِلَّا أَرْدَأَهُ وَ لَا قَصْراً إِلَّا هَدَمَهُ قَالَ فَكَيْفَ خَلَّفْتَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ قَالَ خَلَّفْتُهُمَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا صَحِيحَيْنِ فَصِيحَيْنِ كَرِيمَيْنِ شُجَاعَيْنِ جَوَادَيْنِ شَابَّيْنِ طَرِيَّيْنِ يَصْلُحَانِ لِلدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ قَالَ فَكَيْفَ خَلَّفْتَ أَصْحَابَ عَلِيٍّ قَالَ خَلَّفْتُهُمْ وَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ كَالْبَدْرِ وَ هُمْ كَالنُّجُومِ إِنْ أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا وَ إِنْ نَهَاهُمُ ارْتَدَعُوا فَقَالَ لَهُ يَا أَعْرَابِيُّ مَا أَظُنُّ بِبَابِ عَلِيٍّ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْكَ قَالَ وَيْلَكَ اسْتَغْفِرْ رَبَّكَ وَ صُمْ سَنَةً كَفَّارَةً لِمَا قُلْتَ كَيْفَ لَوْ رَأَيْتَ الْفُصَحَاءَ الْأُدَبَاءَ النُّطَقَاءَ وَ وَقَعْتَ فِي بَحْرِ عُلُومِهِمْ غَرِقْتَ يَا شَقِيُّ قَالَ الْوَيْلُ لِأُمِّكِ قَالَ بَلْ طُوبَى لَهَا وَلَدَتْ مُؤْمِناً يَغْمِزُ مُنَافِقاً مِثْلَكَ قَالَ لَهُ يَا أَعْرَابِيُّ هَلْ لَكَ فِي جَائِزَةٍ قَالَ أَرَى اسْتِنْقَاصَ رُوحِكَ فَكَيْفَ لَا أَرَى اسْتِنْقَاصَ مَالِكَ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ أَزِيدُكَ يَا أَعْرَابِيُّ قَالَ أَسْدِ يَداً سُدْ أَبَداً فَأَمَرَ لَهُ
بِمِائَةِ أَلْفٍ أُخْرَى فَقَالَ ثَلِّثْهَا فَإِنَّ اللَّهَ فَرْدٌ ثُمَّ ثَلَّثَهَا فَقَالَ الْآنَ مَا تَقُولُ قَالَ أَحْمَدُ اللَّهَ وَ أَذُمُّكَ قَالَ وَ لِمَ وَيْلَكَ قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَكَ وَ لَا لِأَبِيكَ مِيرَاثاً إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ أَعْطَيْتَنِيهِ ثُمَّ أَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَى كَاتِبِهِ فَقَالَ اكْتُبْ لِلْأَعْرَابِيِّ جَوَاباً فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ فَكَتَبَ أَمَّا بَعْدُ يَا عَلِيُّ فَلَأُوَجِّهَنَّ إِلَيْكَ بِأَرْبَعِينَ حِمْلًا مِنْ خَرْدَلٍ مَعَ كُلِّ خَرْدَلَةٍ أَلْفُ مُقَاتِلٍ يَشْرَبُونَ الدِّجْلَةَ وَ يَسْقُونَ الْفُرَاتَ فَلَمَّا نَظَرَ الطِّرِمَّاحُ إِلَى مَا كَتَبَ بِهِ الْكَاتِبُ أَقْبَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ سَوْأَةً لَكَ يَا مُعَاوِيَةُ فَلَا أَدْرِي أَيُّكُمَا أَقَلُّ حَيَاءً أَنْتَ أَمْ كَاتِبُكَ وَيْلَكَ لَوْ جَمَعَتِ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ أَهْلُ الزَّبُورِ وَ الْفُرْقَانِ كَانُوا لَا يَقُولُونَ بِمَا قُلْتَ قَالَ مَا كَتَبَهُ عَنْ أَمْرِي قَالَ إِنْ لَمْ يَكُنْ كَتَبَهُ عَنْ أَمْرِكَ فَقَدِ اسْتَضْعَفَكَ فِي سُلْطَانِكَ وَ إِنْ كَانَ كَتَبَهُ بِأَمْرِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَيْتُ لَكَ مِنَ الْكَذِبِ أَ مِنْ أَيِّهِمَا تَعْتَذِرُ وَ مِنْ أَيِّهِمَا تَعْتَبِرُ أَمَا إِنَّ لِعَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ دِيكاً أَشْتَرَ جَيِّداً أَخْضَرَ يَلْتَقِطُ الْخَرْدَلَ بِجَيْشِهِ فَيَجْمَعُهُ فِي حَوْصَلَتِهِ قَالَ وَ مَنْ ذَلِكَ يَا أَعْرَابِيُّ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَشْتَرُ ثُمَّ أَخَذَ الْكِتَابَ وَ الْجَائِزَةَ وَ انْطَلَقَ بِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَأَقْبَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ نَرَى لَوْ وَجَّهْتُكُمْ بِأَجْمَعِكُمْ فِي كُلِّ مَا وَجَّهَ بِهِ صَاحِبُهُ مَا كُنْتُمْ تُؤَدُّونَ عَنِّي عُشْرَ عَشِيرِ مَا أَدَّى هَذَا عَنْ صَاحِبِهِ.
بيان الطرماح بكسر الطاء و الراء و تشديد الميم و قال الجوهري فاه بالكلام على زنة قال و تفوه لفظ به و المفوه المنطيق و قال بزل البعير فطرنا به أي انشق فهو بازل ذكرا كان أو أنثى و ذلك في السنة التاسعة و ربما بزل في السنة الثامنة و قال يقال جمل فتيق إذا انفتق سمنا و في بعض النسخ بالنون قال الجوهري الفنيق الفحل المكرم و قال الجرول الحجارة.
و الجهضم الضخم الهامة المستدير الوجه و الأسد و الصلد و الصلب الأملس و يحتمل أن تكون تلك أسامي خدمه و أن يكون قال ذلك نبزا و استهزاء و السماط بالكسر الصف من الناس و النخل و الجلد الصلابة و الجلادة تقول منه
جلد الرجل بالضم فهو جلد ذكره الجوهري و قال حرب الرجل بالكسر اشتد غضبه و رجل حرب و أسد حرب أسد يدا سد أبدا أي أعط نعمة تكون أبدا سيدا للقوم و الأجيد الحسن العنق أو طويله و الأعسر هو الذي يعمل باليد اليسرى و يقال إنه أشد شيء رميا.
550- أَقُولُ وَجَدْتُ الرِّوَايَةَ بِخَطِّ بَعْضِ الْأَفَاضِلِ بِاخْتِلَافٍ مَا فَأَحْبَبْتُ إِيرَادَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضاً قَالَ قَالَ الشَّيْخُ الْأَدِيبُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبُسْتِيُّ بِالْأَسَانِيدِ الصِّحَاحِ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع لَمَّا رَجَعَ مِنْ وَقْعَةِ الْجَمَلِ كَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدِ اتَّبَعْتَ مَا يَضُرُّكَ وَ تَرَكْتَ مَا يَنْفَعُكَ وَ خَالَفْتَ كِتَابَ اللَّهِ وَ سُنَّةَ رَسُولِهِ ص وَ قَدِ انْتَهَى إِلَيَّ مَا فَعَلْتَ بِحَوَارِيِّ رَسُولِ اللَّهِ ص طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ وَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ فَوَ اللَّهِ لَأَرْمِيَنَّكَ بِشِهَابٍ لَا تُطْفِيهِ الْمِيَاهُ وَ لَا تُزَعْزِعُهُ الرِّيَاحُ إِذَا وَقَعَ وَقَبَ وَ إِذَا وَقَبَ ثَقَبَ وَ إِذَا ثَقَبَ نَقَبَ وَ إِذَا نَقَبَ الْتَهَبَ فَلَا تَغُرَّنَّكَ الْجُيُوشُ وَ اسْتَعِدَّ لِلْحَرْبِ فَإِنِّي مُلَاقِيكَ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَكَ بِهَا وَ السَّلَامُ فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَكَّهُ وَ قَرَأَهُ وَ دَعَا بِدَوَاةٍ وَ قِرْطَاسٍ وَ كَتَبَ إِلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَ ابْنِ عَبْدِهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخِي رَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ وَ وَصِيِّهِ وَ مُغَسِّلِهِ وَ مُكَفِّنِهِ وَ قَاضِي دَيْنِهِ وَ زَوْجِ ابْنَتِهِ الْبَتُولِ وَ أَبِي سِبْطَيْهِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَفْنَيْتُ قَوْمَكَ يَوْمَ بَدْرٍ وَ قَتَلْتُ عَمَّكَ وَ خَالَكَ وَ جَدَّكَ وَ السَّيْفُ الَّذِي قَتَلْتُهُمْ بِهِ مَعِي يَحْمِلُهُ سَاعِدِي بِثَبَاتٍ مِنْ صَدْرِي وَ قُوَّةٍ مِنْ بَدَنِي وَ نُصْرَةٍ مِنْ رَبِّي كَمَا جَعَلَهُ النَّبِيُّ ص فِي كَفِّي فَوَ اللَّهِ مَا اخْتَرْتُ عَلَى اللَّهِ رَبّاً وَ لَا عَلَى الْإِسْلَامِ دِيناً وَ لَا عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيّاً وَ لَا عَلَى السَّيْفِ بَدَلًا فَبَالِغْ مِنْ رَأْيِكَ فَاجْتَهِدْ وَ لَا تَقْصُرْ فَقَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْكَ الشَّيْطَانُ وَ اسْتَفَزَّكَ الْجَهْلُ وَ الطُّغْيَانُ
وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ وَ السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى وَ خَشِيَ عَوَاقِبَ الرَّدَى ثُمَّ طَوَى الْكِتَابَ وَ خَتَمَهُ وَ دَعَا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ يُقَالُ لَهُ الطِّرِمَّاحُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ وَ كَانَ رَجُلًا جَسِيماً طَوِيلًا أَدِيباً لَبِيباً فَصِيحاً لَسِناً مُتَكَلِّماً لَا يَكِلُّ لِسَانُهُ وَ لَا يَعْيَا عَنِ الْجَوَابِ فَعَمَّمَهُ بِعِمَامَتِهِ وَ دَعَا لَهُ بِجَمَلٍ بَازِلٍ وَثِيقٍ فَائِقٍ أَحْمَرَ فَسَوَّى رَاحِلَتَهُ وَ وَجَّهَهُ إِلَى دِمَشْقَ فَقَالَ لَهُ يَا طِرِمَّاحُ انْطَلِقْ بِكِتَابِي هَذَا إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَ خُذِ الْجَوَابَ فَأَخَذَ الطِّرِمَّاحُ الْكِتَابَ وَ كَوَّرَ بِعِمَامَتِهِ وَ رَكِبَ مَطِيَّتَهُ وَ انْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ دِمَشْقَ فَسَأَلَ عَنْ دَارِ الْإِمَارَةِ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الْبَابِ قَالَ لَهُ الْحُجَّابُ مَنْ بُغْيَتُكَ قَالَ أُرِيدُ أَصْحَابَ الْأَمِيرِ أَوَّلًا ثُمَّ الْأَمِيرَ ثَانِياً فَقَالُوا لَهُ مَنْ تُرِيدُ مِنْهُمْ قَالَ أُرِيدُ جَعْشَماً وَ جَرْوَلًا وَ مُجَاشِعاً وَ بَاقِعاً وَ كَانَ أَرَادَ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ وَ أَبَا هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيَّ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَقَالُوا هُمْ بِبَابِ الْخَضْرَاءِ يَتَنَزَّهُونَ فِي بُسْتَانٍ فَانْطَلَقَ وَ سَارَ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِذَا قَوْمٌ بِبَابِهِ فَقَالُوا جَاءَنَا أَعْرَابِيٌّ بَدَوِيٌّ دُوَيْنٌ إِلَى السَّمَاءِ تَعَالَوْا نَسْتَهْزِئُ بِهِ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَعْرَابِيُّ هَلْ عِنْدَكَ مِنَ السَّمَاءِ خَبَرٌ فَقَالَ بَلَى اللَّهُ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ فِي الْهَوَاءِ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي الْقَفَاءِ فَاسْتَعِدُّوا لِمَا يَنْزِلُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْبَلَاءِ يَا أَهْلَ الشَّقَاوَةِ وَ الشَّقَاءِ قَالُوا مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ مِنْ عِنْدَ حُرٍّ تَقِيٍّ نَقِيٍّ زَكِيٍّ مُؤْمِنٍ رَضِيٍّ مَرْضِيٍّ فَقَالُوا وَ أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ فَقَالَ أُرِيدُ هَذَا الدَّعِيَّ الرَّدِيَّ الْمُنَافِقَ الْمُرْدِيَ الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّهُ أَمِيرُكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّهُ رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ ع إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالُوا هُوَ فِي هَذَا الْوَقْتِ مَشْغُولٌ قَالَ بِمَا ذَا بِوَعْدٍ أَوْ وَعِيدٍ قَالُوا لَا وَ لَكِنَّهُ يُشَاوِرُ أَصْحَابَهُ فِيمَا يُلْقِيهِ غَداً قَالَ فَسُحْقاً لَهُ وَ بُعْداً فَكَتَبُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ بِخَبَرِهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَرَدَ مِنْ عِنْدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ بَدَوِيٌّ فَصِيحٌ لَسِنٌ طَلِقٌ ذَلِقٌ يَتَكَلَّمُ فَلَا يَكِلُّ وَ يُطِيلُ فَلَا يَمَلُّ فَأَعِدَّ لِكَلَامِهِ جَوَاباً بَالِغاً وَ لَا تَكُنْ عَنْهُ غَافِلًا وَ لَا سَاهِياً وَ السَّلَامُ
فَلَمَّا عَلِمَ الطِّرِمَّاحُ بِذَلِكَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَ نَزَلَ عَنْهَا وَ عَقَلَهَا وَ جَلَسَ مَعَ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَتَحَدَّثُونَ فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَمَرَ ابْنَهُ يَزِيدَ أَنْ يَخْرُجَ وَ يَضْرِبَ الْمَصَافَّ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَخَرَجَ يَزِيدُ وَ كَانَ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ ضَرْبَةٍ فَإِذَا تَكَلَّمَ كَانَ جَهِيرَ الصَّوْتِ فَأَمَرَ بِضَرْبِ الْمَصَافِّ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ قَالُوا لِلطِّرِمَّاحِ هَلْ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَى بَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لِهَذَا جِئْتُ وَ بِهِ أُمِرْتُ فَقَامَ إِلَيْهِ وَ مَشَى فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابَ الْمَصَافِّ وَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ سُودٌ فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ كَأَنَّهُمْ زَبَانِيَةٌ لِمَالِكٍ عَلَى ضِيقِ الْمَسَالِكِ فَلَمَّا دَنَا مِنْ يَزِيدَ نَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ مَنْ هَذَا الْمَيْشُومُ بْنُ الْمَيْشُومِ الْوَاسِعُ الْحُلْقُومِ الْمَضْرُوبُ عَلَى الْخُرْطُومِ فَقَالُوا مَهْ يَا أَعْرَابِيُّ ابْنُ الْمَلِكِ يَزِيدُ فَقَالَ وَ مَنْ يَزِيدُ لَا زَادَ اللَّهُ مُزَادَهُ وَ لَا بَلَغَهُ مُرَادَهُ وَ مَنْ أَبُوهُ كَانَا قُدُماً غَائِصَيْنِ فِي بَحْرِ الْجَلَافَةِ وَ الْيَوْمَ اسْتَوَيَا عَلَى سَرِيرِ الْخِلَافَةِ فَسَمِعَ يَزِيدُ ذَلِكَ وَ اسْتَشَاطَ وَ هَمَّ بِقَتْلِهِ غَضَباً ثُمَّ كَرِهَ أَنْ يُحْدِثَ دُونَ إِذْنِ أَبِيهِ فَلَمْ يَقْتُلْهُ خَوْفاً مِنْهُ وَ كَظَمَ غَيْظَهُ وَ خَبَّأَ نَارَهُ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا أَعْرَابِيُّ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ فَقَالَ سَلَامُهُ مَعِي مِنَ الْكُوفَةِ فَقَالَ يَزِيدُ سَلْنِي عَمَّا شِئْتَ فَقَدْ أَمَرَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِقَضَاءِ حَاجَتِكَ فَقَالَ حَاجَتِي إِلَيْهِ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَقَامِهِ حَتَّى يَجْلِسَ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِهَذَا الْأَمْرِ قَالَ فَمَا ذَا تُرِيدُ آنِفاً قَالَ الدُّخُولَ عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِرَفْعِ الْحِجَابِ وَ أَدْخَلَهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ صَوَاحِبِهِ فَلَمَّا دَخَلَ الطِّرِمَّاحُ وَ هُوَ مُتَنَعِّلٌ قَالُوا لَهُ اخْلَعْ نَعْلَيْكَ فَالْتَفَتَ يَمِيناً وَ شِمَالًا ثُمَّ قَالَ هَذَا رَبُّ الْوَادِ الْمُقَدَّسِ فَأَخْلَعَ نَعْلَيَّ فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ مُعَاوِيَةُ قَاعِدٌ عَلَى السَّرِيرِ مَعَ قَوَاعِدِهِ وَ خَاصَّتِهِ وَ مَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ خَدَمُهُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ الْعَاصِي فَقَرُبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ وَيْحَكَ يَا أَعْرَابِيُّ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَدْعُوَهُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا أَحْمَقُ نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ فَمَنْ أَمَّرَهُ عَلَيْنَا بِالْخِلَافَةِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مَا مَعَكَ يَا أَعْرَابِيُّ فَقَالَ كِتَابٌ مَخْتُومٌ مِنْ إِمَامٍ مَعْصُومٍ فَقَالَ نَاوِلْنِيهِ قَالَ أَكْرَهُ أَنْ أَطَأَ بِسَاطَكَ قَالَ نَاوِلْهُ وَزِيرِي هَذَا وَ أَشَارَ إِلَى