کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
لا أدري أين هو و أشارت بيدها إلى بيت الخلاء فوجدوه و على رأسه قوصرة فأخذوه و قتلوه ثم أمر بحرقه.
و بعث عبد الله بن كامل إلى حكيم بن الطفيل السنبسي و كان قد أخذ سلب العباس و رماه بسهم 22331 فأخذوه قبل وصوله إلى المختار و نصبوه هدفا و رموه بالسهام و بعث إلى قاتل علي بن الحسين و هو مرة بن منقذ العبدي و كان شيخا فأحاطوا بداره فخرج و بيده الرمح و هو على فرس جواد فطعن عبيد الله بن ناجية الشبامي فصرعه و لم تضره الطعنة و ضربه ابن كامل بالسيف فاتقاها بيده اليسرى فأشرع فيها السيف و تمطرت به الفرس فأفلت و لحق بمصعب و شلت يده بعد ذلك و أحضر زيد بن رقاد فرماه بالنبل و الحجارة و أحرقه و هرب سنان بن أنس إلى البصرة فهدم داره ثم خرج من البصرة نحو القادسية و كان عليه عيون فأخبروا المختار فأخذه بين العذيب و القادسية فقطع أنامله ثم يديه و رجليه و أغلى زيتا في قدر و رماه فيها.
و هرب عبد الله بن عقبة الغنوي إلى الجزيرة فهدم داره و فيه و في حرملة بن الكاهل قتل واحدا من أصحاب الحسين ع قال الشاعر
و عند غني قطرة من دمائنا
و في أسد أخرى تعد و تذكر
حدث المنهال بن عمر و قال دخلت على زين العابدين ع أودعه و أنا أريد الانصراف من مكة فقال يا منهال ما فعل حرملة بن كاهل و كان معي بشر بن غالب الأسدي فقال ذلك من بني الحريش أحد بني موقد النار و هو حي بالكوفة فرفع يديه و قال اللهم أذقه حر النار اللهم أذقه حر الحديد قال المنهال و قدمت الكوفة و المختار بها فركبت إليه فلقيته خارجا من داره فقال يا منهال لم تشركنا في ولايتنا هذه فعرفته أني كنت بمكة فمشى حتى أتى الكناس و وقف كأنه ينتظر شيئا فلم يلبث أن جاء قوم قالوا أبشر أيها الأمير
فقد أخذ حرملة فجيء به فقال لعنك الله الحمد لله الذي أمكنني منك الجزار الجزار فأتي بجزار فأمره بقطع يديه و رجليه ثم قال النار النار فأتي بنار و قصب فأحرق.
فقلت سبحان الله سبحان الله فقال إن التسبيح لحسن لم سبحت فأخبرته دعاء زين العابدين ع فنزل عن دابته و صلى ركعتين و أطال السجود و ركب و سار فحاذى داري فعزمت عليه بالنزول و التحرم بطعامي فقال إن علي بن الحسين دعا بدعوات فأجابها الله على يدي ثم تدعوني إلى الطعام هذا يوم صوم شكرا لله تعالى فقلت أحسن الله توفيقك.
و انهزم عبد الله بن عروة الخثعمي إلى مصعب فهدم داره و طلب عمرو بن صبيح الصيداوي فأتوه و هو على سطحه بعد ما هدأت العيون و سيفه تحت رأسه فأخذوه و سيفه فقال قبحك الله من سيف ما أبعدك على قربك فجيء به إلى المختار فلما كان من الغداة طعنوه بالرماح حتى مات و أنفذ إلى محمد بن الأشعث بن قيس و قد انهزم إلى قصر له في قرية إلى جنب القادسية فقال انطلق فإنك تجده لاهيا متصديا أو قائما متبلدا أو خائفا متلددا أو كامنا متعمدا فأتني برأسه فأحاطوا بالقصر و له بابان فخرج و مشى إلى مصعب فهدم القصر و داره و أخذ ما كان فيها قال المرزباني و أتوه بعبد الله بن أسيد الجهني و مالك بن الهشيم البدائي و حمل بن مالك المحاربي من القادسية فقال يا أعداء الله أين الحسين بن علي قالوا أكرهنا على الخروج قال فألا مننتم عليه و سقيتموه من الماء و قال للبدائي أنت آخذ برنسه قال لا قال بلى و أمر بقطع يديه و رجليه و الآخران ضرب أعناقهما. و أتوه ببجدل بن سليم الكلبي و عرفوا أنه أخذ خاتمه و قطع إصبعه فأمر بقطع يديه و رجليه فلم يزل ينزف حتى مات و أتوه برقاد بن مالك و عمر بن خالد و عبد الرحمن البجلي و عبد الله بن قيس الخولاني فقال يا قتلة الحسين لقد أخذتم الورس في يوم نحس و كان في رحل الحسين ورس فاقتسموه وقت نهب رحله
فأخرجهم إلى السوق.
و كان أسماء بن خارجة الفزاري ممن سعى في قتل مسلم بن عقيل رحمه الله فقال المختار أما و رب السماء و رب الضياء و الظلماء لتنزلن نار من السماء دهماء حمراء سحماء تحرق دار أسماء فبلغ كلامه إليه فقال سجع أبو إسحاق و ليس هاهنا مقام بعد هذا و خرج من داره هاربا إلى البادية فهدم داره و دور بني عمه.
و كان الشمر بن ذي الجوشن قد أخذ من الإبل التي كانت تحت رحل الحسين ع فنحرها و قسم لحمها على قوم من أهل الكوفة فأمر المختار فأحصوا كل دار دخلها ذلك اللحم فقتل أهلها و هدمها و لم يزل المختار يتبع قتلة الحسين ع حتى قتل خلقا كثيرا و هزم الباقين فهدم دورهم و أنزلهم من المعاقل و الحصون إلى المفاوز و الصحون قال و قتلت العبيد مواليها و جاءوا إلى المختار فعتقهم و كان العبد يسعى بمولاه فيقتله المختار حتى أن العبد يقول لسيده احملني على عنقك فيحمله و يدلي رجليه على صدره إهانة له و لخوفه من سعايته به إلى المختار.
فيا لها منقبة حازها و مثوبة أحرزها فقد سر النبي بفعله و إدخاله الفرح على عترته و أهله و قد قلت هذه الأبيات مع كلال الخاطر و قذى الناظر
سر النبي بأخذ الثأر من عصب
باءوا بقتل الحسين الطاهر الشيم
قوم غذوا بلبان البغض ويحهم
للمرتضى و بنيه سادة الأمم
حاز الفخار الفتى المختار إذ قعدت
عن نصره سائر الأعراب و العجم
جادته من رحمة الجبار سارية
تهمي على قبره منهلة الديم .
المرتبة الرابعة في ذكر مقتل عمر بن سعد و عبيد الله بن زياد و من تابعه و كيفية قتالهم و النصر عليهم.
فلما خلا خاطره و انجلى ناظره اهتم بعمر بن سعد و ابنه حفص حدث عمر بن الهيثم قال كنت جالسا عن يمين المختار و الهيثم بن الأسود 22332 عن يساره فقال و الله لأقتلن رجلا عظيم القدمين غائر العينين مشرف الحاجبين يهمر
برجله الأرض يرضي قتله أهل السماء و الأرض فسمع الهيثم قوله و وقع في نفسه أنه أراد عمر بن سعد فبعث ولده العريان فعرفه قول المختار و كان عبد الله بن جعدة بن هبيرة أعز الناس على المختار قد أخذ لعمر أمانا حيث اختفى فيه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هذا أمان المختار بن أبي عبيد الثقفي لعمر بن سعد بن أبي وقاص إنك آمن بأمان الله على نفسك و أهلك و مالك و ولدك لا تؤاخذ بحدث كان منك قديما ما سمعت و أطعت و لزمت منزلك إلا أن تحدث حدثا فمن لقي عمر بن سعد من شرطة الله و شيعة آل محمد ع فلا يعرض له إلا بسبيل خير و السلام ثم شهد فيه جماعة. قَالَ الْبَاقِرُ ع إِنَّمَا قَصْدَ الْمُخْتَارُ أَنْ يُحْدِثَ حَدَثاً هُوَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْخَلَاءِ وَ يُحْدِثَ فَظَهَرَ عُمَرُ إِلَى الْمُخْتَارِ فَكَانَ يُدْنِيهِ وَ يُكْرِمُهُ وَ يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ.
و علم أن قول المختار عنه فعزم على الخروج من الكوفة فأحضر رجلا من بني تيم اللات اسمه مالك و كان شجاعا و أعطاه أربعمائة دينار و قال هذه معك لحوائجنا و خرجا فلما كان عند حمام عمر أو نهر عبد الرحمن وقف و قال أ تدري لم خرجت قال لا قال خفت المختار فقال ابن دومة يعني المختار أضيق استا من أن يقتلك و إن هربت هدم دارك و انتهب عيالك و مالك و خرب ضياعك و أنت أعز العرب فاغتر بكلامه فرجعا على الروحاء فدخلا الكوفة مع الغداة.
هذا قول المرزباني و قال غيره إن المختار علم خروجه من الكوفة فقال وفينا له و غدر و في عنقه سلسلة لو جهد أن ينطلق ما استطاع فنام عمر على الناقة فرجعت و هو لا يدري حتى ردته إلى الكوفة فأرسل عمر ابنه إلى المختار قال له أين أبوك قال في المنزل و لم يكونا يجتمعان عند المختار و إذا حضر أحدهما غاب الآخر خوفا أن يجتمعا فيقتلهما فقال حفص أبي يقول أ تفي لنا بالأمان قال اجلس و طلب المختار أبا عمرة و هو كيسان التمار فأسر إليه أن اقتل عمر بن سعد و إذا دخلت و رأيته يقول يا غلام علي بطيلساني فإنه يريد السيف فبادره
و اقتله فلم يلبث أن جاء و معه رأسه فقال حفص إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فقال له أ تعرف هذا الرأس قال نعم و لا خير في العيش بعده فقال إنك لا تعيش بعده فقال و أمر بقتله و قال المختار عمر بالحسين و حفص بعلي بن الحسين و لا سواء و الله لأقتلن سبعين ألفا كما قتل بيحيى بن زكريا ع و قيل إنه قال لو قتلت ثلاثة أرباع قريش لما وفوا بأنملة من أنامل الحسين ع.
و كان محمد بن الحنفية يعتب على المختار لمجالسة عمر بن سعد و تأخير قتله فحمل الرأسين إلى مكة مع مسافر بن سعد الهمداني و ظبيان بن عمارة التميمي فبينا محمد بن الحنفية جالسا في نفر من الشيعة و هو يعتب على المختار فما تم كلامه إلا و الرأسان عنده فخر ساجدا و بسط كفيه و قال اللهم لا تنس هذا اليوم للمختار و أجزه عن أهل بيت نبيك محمد خير الجزاء فو الله ما على المختار بعد هذا من عتب.
فلما قضى المختار من أعداء الله وطره و حاجته و بلغ فيهم أمنيته قال لم يبق علي أعظم من عبيد الله بن زياد فأحضر إبراهيم بن الأشتر و أمره بالمسير إلى عبيد الله فقال إني خارج و لكني أكره خروج عبيد الله بن الحر معي و أخاف أن يغدر بي وقت الحاجة فقال له أحسن إليه و املأ عينه بالمال و أخاف إن أمرته بالقعود عنك فلا يطيب له فخرج إبراهيم من الكوفة و معه عشرة آلاف فارس و خرج المختار في تشييعه و قال اللهم انصر من صبر و اخذل من كفر و من عصى و فجر و بايع و غدر و علا و تجبر فصار إلى سقر لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ ليذوق العذاب الأكبر ثم رجع و مضى إبراهيم و هو يرتجز و يقول
أنا و حق المرسلات عرفا
حقا و حق العاصفات عصفا
لنعسفن من بغانا عسفا
حتى يسوم القوم منا خسفا
زحفا إليهم لا نمل الرجفا
حتى نلاقي بعد صف صفا
و بعد ألف قاسطين ألفا
نكشفهم لدى الهياج كشفا
فسار إلى المدائن فأقام بها ثلاثا و سار إلى تكريت فنزلها و أمر بجباية
خراجها ففرقه و بعث إلى عبيد الله بن الحر بخمسة آلاف درهم فغضب فقال أنت أخذت لنفسك عشرة آلاف درهم و ما كان الحر دون مالك فحلف إبراهيم إني ما أخذت زيادة عليك ثم حمل إليه ما أخذه لنفسه فلم يرض و خرج على المختار و نقض عهده و أغار على سواد الكوفة فنهب القرى و قتل العمال و أخذ الأموال و مضى إلى البصرة إلى مصعب بن الزبير.
فلما علم المختار أرسل عبد الله بن كامل إلى داره فهدمها و إلى زوجته سلمى بنت خالد الجعفية حبسها ثم ورد كتاب المختار إلى إبراهيم يحثه على تعجيل القتال فطوى المراحل حتى نزل على نهر الخازر على أربعة فراسخ من الموصل و عبيد الله بن زياد بها قال عبد الله بن أبي عقب الديلمي حدثني خليلي أنا نلقى أهل الشام على نهر يقال له الخازر فيكشفونا حتى نقول هيّ هيّ ثم نكر عليهم فنقتل أميرهم فأبشروا و اصبروا فإنكم لهم قاهرون فعلم عبيد الله بقدوم إبراهيم فرحل في ثلاثة و ثمانين ألفا حتى نزل قريبا من عسكر العراق و طلبهم أشد طلب و جاءهم في جحفل لجب و كان مع ابن الأشتر أقل من عشرين ألفا و كان في عسكر الشام من أشراف بني سليم عمير بن الحباب فراسله إبراهيم و وعده بالحباء و الإكرام فجاء و معه ألف فارس من بني عمه و أقاربه فصار مع عسكر العراق فأشار عليهم بتعجيل القتال و ترك المطاولة فلما كان في السحر صلوا بغلس و عبأ إبراهيم أصحابه فجعل على ميمنته سفيان بن يزيد الأزدي و على ميسرته علي بن مالك الجشمي و على الخيل الطفيل بن لقيط النخعي و على الرجالة مزاحم بن مالك السكوني ثم زحفوا حتى أشرفوا على أهل الشام و لم يظنوا أنهم يقدمون عليهم لكثرتهم فبادروا إلى تعبئة عسكرهم فجعل عبيد الله على ميمنته شراحيل بن ذي الكلاع و على ميسرته ربيعة بن مخارق الغنوي و على جناح ميسرته جميل بن عبد الله بن الغنمي و في القلب الحصين بن نمير و وقف العسكران و التقى الجمعان فخرج ابن ضبعان الكلبي و نادى يا شيعة المختار الكذاب يا شيعة ابن الأشتر المرتاب
أنا ابن ضبعان الكريم المفضل
من عصبة يبرون من دين علي
كذاك كانوا في الزمان الأول .
فخرج إليه الأحوص بن شداد الهمداني و هو يقول
أنا ابن شداد على دين علي
لست لعثمان بن أروى بولي
لأصلين القوم فيمن يصطلي
بحر نار الحرب حتى تنجلي
فقال للشامي ما اسمك قال منازل الأبطال قال له الأحوص و أنا مقرب الآجال ثم حمل عليه و ضربه فسقط قتيلا ثم نادى هل من مبارز فخرج إليه داود الدمشقي و هو يقول
أنا ابن من قاتل في صفينا
قتال قرن لم يكن غبينا
بل كان فيها بطلا جرونا
مجربا لدى الوغى كمينا
فأجابه الأحوص يقول
يا ابن الذي قاتل في صفينا
و لم يكن في دينه غبينا
كذبت قد كان بها مغبونا
مذبذبا في أمره مفتونا
لا يعرف الحق و لا اليقينا
بؤسا له لقد مضى ملعونا .
ثم التقيا فضربه الأحوص فقتله ثم عاد إلى صفه و خرج الحصين بن نمير السكوني و هو يقول
يا قادة الكوفة أهل المنكر
و شيعة المختار و ابن الأشتر
هل فيكم قوم كريم العنصر
مهذب في قومه بمفخر
يبرز نحوي قاصدا لا يمتري
فخرج إليه شريك بن خزيم 22333 التغلبي و هو يقول
يا قاتل الشيخ الكريم الأزهر
بكربلاء يوم التقاء العسكر
أعني حسينا ذا الثنا و المخفر 22334