کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ مَا زَادَ اللَّهُ بِهِ فِي حُدُودِ دَارِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا قَدْ وَرَدَتْ أَنْبَاؤُهُ عَلَيْكُمْ وَ قُرِئَتْ بِهِ الْكُتُبُ عَلَى مَنَابِرِكُمْ وَ حَمَلَتْ أَهْلُ الْآفَاقِ عَنْكُمْ إِلَى غَيْرِكُمْ فَانْتَهَى شُكْرُ ذِي الرِّئَاسَتَيْنِ بَلَاءَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَهُ وَ قِيَامَهُ بِحَقِّهِ وَ ابْتِذَالَهُ مُهْجَتَهُ وَ مُهْجَةَ أَخِيهِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ الْمَيْمُونِ النَّقِيبَةِ الْمَحْمُودِ السِّيَاسَةِ إِلَى غَايَةٍ تَجَاوَزَ فِيهَا الْمَاضِينَ وَ فَاقَ بِهَا الْفَائِزِينَ وَ انْتَهَتْ مُكَافَاةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِيَّاهُ إِلَى مَا جَعَلَ لَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَ الْقَطَائِعِ وَ الْجَوَاهِرِ وَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَفِي بِيَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهِ وَ لَا مَقَامٍ مِنْ مَقَامَاتِهِ فَتَرَكَهُ زُهْداً فِيهِ وَ ارْتِفَاعاً مِنْ هِمَّتِهِ عَنْهُ وَ تَوْفِيراً لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَ إِطْرَاحاً لِلدُّنْيَا وَ اسْتِصْغَاراً لَهَا وَ إِيثَاراً لِلْآخِرَةِ وَ مُنَافَسَةً فِيهَا وَ سَأَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا لَمْ يَزَلْ لَهُ سَائِلًا وَ إِلَيْهِ رَاغِباً مِنَ التَّخَلِّي وَ التَّزَهُّدِ فَعَظُمَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَ عِنْدَنَا لِمَعْرِفَتِنَا بِمَا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ مِنَ الْعِزِّ لِلدِّينِ وَ السُّلْطَانِ وَ الْقُوَّةِ عَلَى صَلَاحِ الْمُسْلِمِينَ وَ جِهَادِ الْمُشْرِكِينَ وَ مَا أَرَى اللَّهَ بِهِ مِنْ تَصْدِيقِ نِيَّتِهِ وَ يُمْنِ نَقِيبَتِهِ وَ صِحَّةِ تَدْبِيرِهِ وَ قُوَّةِ رَأْيِهِ وَ نُجْحِ طَلِبَتِهِ وَ مُعَاوَنَتِهِ عَلَى الْحَقِّ وَ الْهُدَى وَ الْبِرِّ وَ التَّقْوَى فَلَمَّا وَثِقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَثِقْنَا مِنْهُ بِالنَّظَرِ لِلدِّينِ وَ إِيْثَارِ مَا فِيهِ صَلَاحُهُ وَ أَعْطَيْنَاهُ سُؤْلَهُ الَّذِي يُشْبِهُ قَدْرَهُ وَ كَتَبْنَا لَهُ كِتَابَ حِبَاءٍ وَ شَرْطٍ قَدْ نَسَخَ فِي أَسْفَلِ كِتَابِي هَذَا وَ أَشْهَدْنَا اللَّهَ عَلَيْهِ وَ مَنْ حَضَرَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِنَا وَ الْقُوَّادِ وَ الصَّحَابَةِ وَ الْقُضَاةِ وَ الْفُقَهَاءِ وَ الْخَاصَّةِ وَ الْعَامَّةِ وَ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْكِتَابَ بِهِ إِلَى الْآفَاقِ لِيَذِيعَ وَ يَشِيعَ فِي أَهْلِهَا وَ يُقْرَأَ عَلَى مَنَابِرِهَا وَ يَثْبُتَ عِنْدَ وُلَاتِهَا وَ قُضَاتِهَا فَسَأَلَنِي أَنْ أَكْتُبَ بِذَلِكَ وَ أَشْرَحَ مَعَانِيَهُ وَ هِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ فَفِي الْبَابِ الْأَوَّلِ الْبَيَانُ عَنْ كُلِّ آثَارِهِ الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ بِهَا حَقَّهُ عَلَيْنَا وَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَ الْبَابُ الثَّانِي الْبَيَانُ عَنْ مَرْتَبَتِهِ فِي إِزَاحَةِ عِلَّتِهِ فِي كُلِّ مَا دَبَّرَ وَ دَخَلَ فِيهِ وَ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ فِيمَا تَرَكَ وَ كَرِهَ وَ ذَلِكَ مَا لَيْسَ لِخَلْقٍ مِمَّنْ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِلَّا لَهُ وَحْدَهُ
وَ لِأَخِيهِ وَ مِنْ إِزَاحَةِ الْعِلَّةِ تَحْكِيمُهُمَا فِي كُلِّ مَنْ بَغِيَ عَلَيْهِمَا وَ سَعَى بِفَسَادٍ عَلَيْنَا وَ عَلَيْهِمَا وَ عَلَى أَوْلِيَائِنَا لِئَلَّا يَطْمَعَ طَامِعٌ فِي خِلَافٍ عَلَيْهِمَا وَ لَا مَعْصِيَةٍ لَهُمَا وَ لَا احْتِيَالٍ فِي مَدْخَلٍ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمَا وَ الْبَابُ الثَّالِثُ الْبَيَانُ فِي إِعْطَائِنَا إِيَّاهُ مَا أَحَبَّ مِنْ مِلْكِ التَّخَلِّي وَ حِلْيَةِ الزُّهْدِ وَ حُجَّةِ التَّحْقِيقِ لِمَا سَعَى فِيهِ مِنْ ثَوَابِ الْآخِرَةِ بِمَا يَتَقَرَّرُ فِي قَلْبِ مَنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْهُ وَ مَا يَلْزَمُنَا لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ الْعِزِّ وَ الْحِبَاءِ الَّذِي بَذَلْنَاهُ لَهُ وَ لِأَخِيهِ مِنْ مَنْعِهِمَا مَا نَمْنَعُ مِنْهُ أَنْفُسَنَا وَ ذَلِكَ مُحِيطٌ بِكُلِّ مَا يَحْتَاطُ فِيهِ مُحْتَاطٌ فِي أَمْرِ دِينٍ وَ دُنْيَا وَ هَذِهِ نُسْخَةُ الْكِتَابِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ وَ شَرْطٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمَأْمُونِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَلِيِّ عَهْدِهِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى لِذِي الرِّئَاسَتَيْنِ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَ مِائَتَيْنِ وَ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي تَمَّمَ اللَّهُ فِيهِ دَوْلَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ عَقَدَ لِوَلِيِّ عَهْدِهِ وَ أَلْبَسَ النَّاسَ اللِّبَاسَ الْأَخْضَرَ وَ بَلَغَ أَمَلَهُ فِي صَلَاحِ وَلِيِّهِ وَ الظَّفَرِ بِعَدُوِّهِ إِنَّا دَعَوْنَاكَ إِلَى مَا فِيهِ بَعْضُ مُكَافَاتِكَ عَلَى مَا قُمْتَ بِهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ حَقِّ رَسُولِهِ وَ حَقِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَلِيِّ عَهْدِهِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى وَ حَقِّ هَاشِمٍ الَّتِي بِهَا يُرْجَى صَلَاحُ الدِّينِ وَ سَلَامَةُ ذَاتِ الْبَيْنِ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى أَنْ ثَبَتَتِ النِّعْمَةُ عَلَيْنَا وَ عَلَى الْعَامَّةِ بِذَلِكَ وَ بِمَا عَاوَنْتَ عَلَيْهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ إِقَامَةِ الدِّينِ وَ السُّنَّةِ وَ إِظْهَارِ الدَّعْوَةِ الثَّانِيَةِ وَ إِيْثَارِ الْأَوْلَى مَعَ قَمْعِ الشِّرْكِ وَ كَسْرِ الْأَصْنَامِ وَ قَتْلِ الْعُتَاةِ وَ سَائِرِ آثَارِكَ الْمُمَثَّلَةِ لِلْأَمْصَارِ فِي الْمَخْلُوعِ وَ فِي الْمُتَسَمَّى بِالْأَصْفَرِ الْمُكَنَّى بِأَبِي السَّرَايَا وَ فِي الْمُتَسَمَّى بِالْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّالِبِيِّ وَ التُّرْكِ الخزلجية وَ فِي طَبَرِسْتَانَ وَ مُلُوكِهَا إِلَى بُنْدَارَ هُرْمُزَ بْنِ شروين وَ فِي الدَّيْلَمِ وَ مَلِكِهَا وَ فِي كَابُلَ وَ مَلِكِهَا المهوزين ثُمَّ مَلِكِهَا الْأَصْفَهْبُدِ وَ فِي ابْنِ الْمُبْرَمِ وَ جِبَالِ بداربنده وَ غرشستان وَ الغور وَ أَصْنَافِهَا وَ فِي خُرَاسَانَ خَاقَانَ وَ ملون صَاحِبِ جَبَلِ التَّبَّتِ وَ فِي كيمان وَ التغرغر وَ فِي إِرْمِينِيَّةَ وَ الْحِجَازِ وَ صَاحِبِ السَّرِيرِ وَ صَاحِبِ
الْخَزَرِ وَ فِي الْمَغْرِبِ وَ حُرُوبِهِ وَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي دِيوَانِ السِّيرَةِ وَ كَانَ مَا دَعَوْنَاكَ إِلَيْهِ وَ هُوَ مَعُونَةٌ لَكَ مِائَةَ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ غَلَّةَ عَشَرَةِ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ جَوْهَراً سِوَى مَا أَقْطَعَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ ذَلِكَ وَ قِيمَةُ مِائَةِ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ جَوْهَراً يَسِيرُ عِنْدَ مَا أَنْتَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ فَقَدْ تَرَكْتَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ بَذَلَهُ لَكَ الْمَخْلُوعُ وَ آثَرْتَ اللَّهَ وَ دِينَهُ وَ أَنَّكَ شَكَرْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ وَلِيَّ عَهْدِهِ وَ آثَرْتَ تَوْفِيرَ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَ جُدْتَ لَهُمْ بِهِ وَ سَأَلْتَنَا أَنْ تَبْلُغَكَ الْخَصْلَةُ الَّتِي لَمْ تَزَلْ إِلَيْهَا تَائِقاً مِنَ الزُّهْدِ وَ التَّخَلِّي لِيَصِحَّ عِنْدَ مَنْ شَكَّ فِي سَعْيِكَ لِلْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا تَرْكُكَ الدُّنْيَا وَ مَا عَنْ مِثْلِكَ يُسْتَغْنَى فِي حَالٍ وَ لَا مِثْلُكَ رُدَّ عَنْ طَلِبَتِهِ وَ لَوْ أَخْرَجَتْنَا طَلِبَتُكَ عَنْ شَطْرِ النِّعَمِ عَلَيْنَا فَكَيْفَ بِأَمْرٍ رُفِعَتْ فِيهِ الْمَئُونَةُ وَ أُوجِبَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ دُعَاءَكَ إِلَيْنَا لِلدُّنْيَا لَا لِلْآخِرَةِ وَ قَدْ أَجَبْنَاكَ إِلَى مَا سَأَلْتَ وَ جَعَلْنَا ذَلِكَ لَكَ مُؤَكَّداً بِعَهْدِ اللَّهِ وَ مِيثَاقِهِ الَّذِي لَا تَبْدِيلَ لَهُ وَ لَا تَغْيِيرَ وَ فَوَّضْنَا الْأَمْرَ فِي وَقْتِ ذَلِكَ إِلَيْكَ فَمَا أَقَمْتَ فَعَزِيزٌ مُزَاحُ الْعِلَّةِ مَدْفُوعٌ عَنْكَ الدُّخُولُ فِيمَا تَكْرَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ كَائِناً مَا كَانَ نَمْنَعُكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَنْفُسَنَا فِي الْحَالاتِ كُلِّهَا وَ أنا [إِذَا] أَرَدْتَ التَّخَلِّيَ فَمُكَرَّمٌ مُزَاحُ الْبَدَنِ وَ حَقٌّ لِبَدَنِكَ الرَّاحَةُ وَ الْكَرَامَةُ ثُمَّ نُعْطِيكَ مَا تَتَنَاوَلُهُ مِمَّا بَذَلْنَاهُ لَكَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَتَرَكْتُهُ الْيَوْمَ وَ جَعَلْنَا لِلْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ مِثْلَ مَا جَعَلْنَاهُ لَكَ وَ نِصْفُ مَا بَذَلْنَاهُ مِنَ الْعَطِيَّةِ وَ أَهْلُ ذَلِكَ هُوَ لَكَ وَ بِمَا بَذَلَ مِنْ نَفْسِهِ فِي جِهَادِ الْعُتَاةِ وَ فَتْحِ الْعِرَاقِ مَرَّتَيْنِ وَ تَفْرِيقِ جُمُوعِ الشَّيْطَانِ بِيَدَيْهِ حَتَّى قَوَّى الدِّينَ وَ خَاضَ نِيرَانَ الْحُرُوبِ وَفَاءً وَ شُكْراً 3344 بِنَفْسِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ مَنْ سَاسَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْحَقِّ وَ أَشْهَدْنَا اللَّهَ وَ مَلَائِكَتَهُ وَ خِيَارَ خَلْقِهِ وَ كُلَّ مَنْ أَعْطَانَا بَيْعَتَهُ وَ صَفْقَةَ يَمِينِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَ بَعْدَهُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَ جَعَلْنَا اللَّهَ عَلَيْنَا كَفِيلًا وَ أَوْجَبْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا
الْوَفَاءَ بِمَا شَرَطْنَا مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ بِشَيْءٍ يَنْقُضُهُ فِي سِرٍّ وَ عَلَانِيَةٍ وَ الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَ الْعَهْدُ فَرْضٌ مَسْئُولٌ وَ أَوْلَى النَّاسِ بِالْوَفَاءِ مَنْ طَلَبَ مِنَ النَّاسِ الْوَفَاءَ وَ كَانَ مَوْضِعاً لِلْقُدْرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ 3345 وَ كَتَبَ الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ تَوْقِيعَ الْمَأْمُونِ فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَوْجَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى نَفْسِهِ جَمِيعَ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَ أَشْهَدَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ جَعَلَهُ عَلَيْهِ دَاعِياً وَ كَفِيلًا وَ كَتَبَ بِخَطِّهِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ مِائَتَيْنِ تَشْرِيفاً لِلْحِبَاءِ وَ تَوْكِيداً لِلشَّرِيطَةِ تَوْقِيعُ الرِّضَا ع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَلْزَمَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى نَفْسَهُ جَمِيعَ مَا فِي الْكِتَابِ عَلَى مَا وُكِّدَ فِيهِ مِنْ يَوْمِهِ وَ غَدِهِ مَا دَامَ حَيّاً وَ جَعَلَ اللَّهَ عَلَيْهِ رَاعِياً وَ كَفِيلًا وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً وَ كَتَبَ بِخَطِّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ 3346 .
إيضاح رأبت الإناء أصلحته و منه قولهم اللهم ارأب بينهم أي أصلح و الإحن بكسر الهمزة و فتح الحاء جمع الإحنة بالكسر و هي الحقد قوله و حفظ بلاء المبلين البلاء النعمة و منه قول سيد الساجدين ع و أبلوا البلاء الحسن في نصره و العوز القلة و الفقر و يقال لفته عن رأيه أي صرفه و يقال أرعد الرجل و أبرق إذا تهدد و أوعد و القصم بالقاف و الفاء الكسر.
و قال الجوهري قال أبو عبيد النقيبة النفس يقال فلان ميمون النقيبة إذا كان مبارك النفس قال ابن السكيت إذا كان ميمون المشورة قوله في إزاحة علته أي في إزالة موانعه في كل ما دبر و الغرض تمكينه التام قوله و ذلك ما ليس أي هذا التمكين التام مختص به من بين كل من في عنقه بيعة لا يشركه فيه أحد و في بعض النسخ لما أي ذلك التمكين لسوابق لم تحصل إلا له و لأخيه.
قوله من ملك التخلي أي له أن يختار التخلي و يزهد فيما فيه من الإمارة و ذلك حجة يتحقق بها في قلوب الناس أنه إنما سعى في تمكين الخليفة للآخرة لا للدنيا و يزول شك من كان في ذلك شاكا و قوله ما يلزمنا معطوف على قوله و ذلك محيط أي منعهما ما نمنع به أنفسنا يشتمل على كل ما يحتاط فيه محتاط في دين أو دنيا فيدل على أنا نراعي فيهما كل ما نراعي في أنفسنا من الحفظ من شرور الدنيا و الآخرة.
قوله و إظهار الدعوة الثانية لعلها إشارة إلى البيعة الثانية مع ولاية العهد قوله تائقا من تاقت نفسه إلى الشيء أي اشتاقت.
2- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الصُّولِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْمُبَرَّدِ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَافِظُ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَشْرَسَ قَالَ: عَرَضَ الْمَأْمُونُ يَوْماً لِلرِّضَا ع بِالامْتِنَانِ عَلَيْهِ بِأَنْ وَلَّاهُ الْعَهْدَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ مَنْ أَخَذَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَخَلِيقٌ أَنْ يُعْطِيَ بِهِ.
3- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام رُوِيَ أَنَّهُ قَصَدَ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ مَعَ هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو الرِّضَا ع فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ جِئْتُكَ فِي سِرٍّ فَأَخْلِ لِيَ الْمَجْلِسَ فَأَخْرَجَ الْفَضْلُ يَمِيناً مَكْتُوبَةً بِالْعِتْقِ وَ الطَّلَاقِ وَ مَالًا كَفَّارَةً لَهُ وَ قَالا لَهُ إِنَّا جِئْنَاكَ لِنَقُولَ كَلِمَةَ حَقٍّ وَ صِدْقٍ وَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْإِمْرَةَ إِمْرَتُكُمْ وَ الْحَقَّ حَقُّكُمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ الَّذِي نَقُولُ بِأَلْسِنَتِنَا عَلَيْهِ ضَمَائِرُنَا وَ إِلَّا نُعْتِقْ مَا نَمْلِكُ وَ النِّسَاءُ طَوَالِقُ وَ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ حِجَّةً رَاجِلًا إِنَّا عَلَى أَنْ نَقْتُلَ الْمَأْمُونَ وَ نُخَلِّصَ لَكَ الْأَمْرَ حَتَّى يَرْجِعَ الْحَقُّ إِلَيْكَ فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمَا وَ شَتَمَهُمَا وَ لَعَنَهُمَا وَ قَالَ لَهُمَا كَفَرْتُمَا النِّعْمَةَ فَلَا تَكُونُ لَكُمَا سَلَامَةٌ وَ لَا لِي إِنْ رَضِيتُ بِمَا قُلْتُمَا فَلَمَّا سَمِعَ الْفَضْلُ ذَلِكَ مِنْهُ مَعَ هِشَامٍ عَلِمَا أَنَّهُمَا أَخْطَئَا فَقَصَدَا الْمَأْمُونَ بَعْدَ أَنْ قَالا لِلرِّضَا ع أَرَدْنَا بِمَا فَعَلْنَا أَنْ نُجَرِّبَكَ فَقَالَ لَهُمَا الرِّضَا ع كَذَبْتُمَا فَإِنَّ قُلُوبَكُمَا عَلَى مَا أَخْبَرْتُمَانِي إِلَّا أَنَّكُمَا لَمْ تَجِدَانِي نَحْوَ مَا أَرَدْتُمَا
فَلَمَّا دَخَلَا عَلَى الْمَأْمُونِ قَالا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا قَصَدْنَا الرِّضَا وَ جَرَّبْنَاهُ وَ أَرَدْنَا أَنْ نَقِفَ عَلَى مَا يُضْمِرُهُ لَكَ فَقُلْنَا وَ قَالَ فَقَالَ الْمَأْمُونُ وُفِّقْتُمَا فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِ الْمَأْمُونِ قَصَدَهُ الرِّضَا ع وَ أَخْلَيَا الْمَجْلِسَ وَ أَعْلَمَهُ مَا قَالا وَ أَمَرَهُ أَنْ يَحْفَظَ نَفْسَهُ مِنْهُمَا فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ الرِّضَا ع عَلِمَ أَنَّ الرِّضَا ع هُوَ الصَّادِقُ 3347 .
4- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام الْهَمَدَانِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِيِّ قَالَ: بَعَثَ الْمَأْمُونُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع جَارِيَةً فَلَمَّا أُدْخِلَتْ إِلَيْهِ اشْمَأَزَّتْ مِنَ الشَّيْبِ فَلَمَّا رَأَى كَرَاهَتَهَا رَدَّهَا إِلَى الْمَأْمُونِ وَ كَتَبَ إِلَيْهِ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ
نَعَى نَفْسِي إِلَى نَفْسِي الْمَشِيبُ -
وَ عِنْدَ الشَّيْبِ يَتَّعِظُ اللَّبِيبُ -
فَقَدْ وَلَّى الشَّبَابُ إِلَى مَدَاهُ
فَلَسْتُ أَرَى مَوَاضِعَهُ تَئُوبُ -
سَأَبْكِيهِ وَ أَنْدُبُهُ طَوِيلًا -
وَ أَدْعُوهُ إِلَيَّ عَسَى يُجِيبُ
وَ هَيْهَاتَ الَّذِي قَدْ فَاتَ مِنْهُ -
تُمَنِّينِي بِهِ النَّفْسُ الْكَذُوبُ -
وَدَاعُ الْغَانِيَاتِ بَيَاضُ رَأْسِي -
وَ مَنْ مُدَّ الْبَقَاءُ لَهُ يَشِيبُ -
أَرَى الْبِيضَ الْحِسَانَ يَحُدْنَ عَنِّي -
وَ فِي هِجْرَانِهِنَّ لَنَا نَصِيبٌ -
فَإِنْ يَكُنِ الشَّبَابُ مَضَى حَبِيباً -
فَإِنَّ الشَّيْبَ أَيْضاً لِي حَبِيبٌ -
سَأَصْحَبُهُ بِتَقْوَى اللَّهِ حَتَّى -
يُفَرِّقَ بَيْنَنَا الْأَجَلُ الْقَرِيبُ
3348 .
بيان: قال الجوهري الغانية الجارية التي غنيت بزوجها و قد تكون التي غنيت بحسنها و جمالها.
5- ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام حَمْزَةُ الْعَلَوِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ يَاسِرٍ الْخَادِمِ قَالَ: كَانَ الرِّضَا ع إِذَا خَلَا جَمَعَ حَشَمَهُ كُلَّهُمْ عِنْدَهُ الصَّغِيرَ وَ الْكَبِيرَ فَيُحَدِّثُهُمْ وَ يَأْنَسُ بِهِمْ وَ يُؤْنِسُهُمْ وَ كَانَ ع إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمَائِدَةِ لَا يَدَعُ صَغِيراً وَ لَا كَبِيراً حَتَّى السَّائِسَ وَ الْحَجَّامَ إِلَّا أَقْعَدَهُ مَعَهُ عَلَى مَائِدَتِهِ