کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
و لا تنس محاسبة نفسك يوما و ليلة أبدا فإن النفس إذا أرسلت استرسلت و إذا قيدت تقيدت.
و اختم على فمك لا يخرج منه كلمة إلا و تحب أن تراها مكتوبة في عملك يوم القيامة فما لا تحبه فاتركه
فقد روي عن رجل من المجاهدين قتل مع النبي ص في بعض الغزوات فأتته أمه و هو شهيد بين القتلى فرات في بطنه حجر المجاعة مربوطا لشدة صبره و قوة عزمه فمسحت عليه و قالت هنيئا لك يا بني فسمعها رسول الله ص فقال لها مه أو نحوها لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه.
و عليك بالمواظبة على الدعاء في كل حال و الإلحاح فيه فقد روي عنهم صلى الله عليهم ما فتح الله لأمر باب دعاء إلا و فتح له باب إجابة و اجهد في الدعاء لإخوانك فإن لك بالدعاء لهم مائة ألف ضعف ما تدعوه مضمونة و دعاؤك لنفسك مظنون فإذا صحت عقيدة امرئ من الناس فلا يكن في قلبك عليه غل أبدا لأن معاصيه تتعاظم على الله
فقد روي عنهم ع أن رجلا قال و الله لا يغفر الله لفلان فقال تعالى قد غفرت ذنوبه و حبطت عمل الذي تأبى علي أن أغفر لعبدي.
و لا يمنعك ذلك من الإنكار عليه بمراتب.
و ليكن في نفسك أن ليس في الكون من هو أدون منك لعلمك بمعصيتك و عدم عذر نفسك فيها و ما سواك لا تعلمه و لأن عاقبة الأمور مستورة عنك فعسى العاصي يغفر له و الطائع يحبط عمله.
و إياك ثم إياك ثم إياك أن تميل نفسك في أحد إلى حب الرئاسة بالحق فإن ذلك من أكبر ما يعصى الله به و ذلك لأن الله تعالى إذا رضي منك بأن لا تكلف إلا نفسك كان خيرا لك من أن تسأل عن غيرك و ليس بمفتقر أنك سبب النجاة لغيرك خصوصا إذا مالت النفس إليها.
و لا تخدعنك نفسك بأن ذلك لله فإن كراهة الرئاسة لله و النيات لها لله إذا اتفقت من غير حب لها هو سبيل الصالحين بل سبيل المعصومين الذين علموا أن تعريفهم عن الله و توصيلهم من الله إلى الله فإذا عرض لك فإنه يكون ريبا و لو
على فرد فارعد قلبك منه و زد حذرا و أثبت قدما و لا تر لنفسك عليه حقا فيفسد عملك فإن رأى لك هو حقا فهو فرضه و إن لم ير لك حقا أفسد هو عمله و أصلحت أنت عملك.
و إياك ثم إياك و المسارعة إلى الفتيا و حبها فإنه ورد في الخبر أن أسرع الناس إلى اقتحام جراثيم جهنم أسرعهم إلى الفتوى و ناهيك بقوله لنبيه ص وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ و قوله تعالى وَ لا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَ هذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ و قوله تعالى قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ إلى غير ذلك.
و اجعل لنفسك وردا من الليل تذكر فيه ربك و لا تكن من الغافلين فهذه وصيتي إلى نفسي أولا ثم إلى إخواني المؤمنين و إليك خصوصا نفعك الله و إيانا و المؤمنين بها و بسائر المواعظ بمحمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و علي و محمد و جعفر و موسى و علي و محمد و علي و الحسن و الحجة بن الحسن صلوات الله عليهم أجمعين و ختم لنا و لكم بما يرضى به عنا إنه أهل ذلك.
و لا تغفل عن معاودة المواعظ يوما قط فإن لم تستطع ففي الأسبوع فإن بذلك يتجلى القلب و يتذكر الآخرة و عليك بالمداومة على كتاب الله و سنة نبيه ص و صلة ذريته.
و كتب الفقير إلى الله المنان إبراهيم بن سليمان حامدا مصليا مستغفرا في المشهد الغروي صلوات الله و سلامه على مشرفه بتاريخ سادس شهر عاشوراء سنة خمس عشرة و تسع مائة سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ .
صورة إجازة 45 الشيخ إبراهيم القطيفي المشار إليه 12624 للشيخ منصور 12625 ولد الشيخ محمد بن تركي المذكور.
يقول الفقير إلى الله المنان إبراهيم بن سليمان إني قد أجزت مضمون ما حوته هذه الإجازة للشيخ الأجل الركن الأظل الحاوي من مكارم الأخلاق ما قسم النجوة يوم التلاق الفاضل العالم العامل الشيخ منصور ابن الشيخ الأجل شمس الدين محمد بن تركي حسب ما أجزته لوالده فهو أهل لذلك و أوصيه بما أوصيت به نفسي و والده و ألتمس منه الدعاء في خلواته و دبر صلواته فله مائة ضعفه إذا فعل حسب الخبر المشهور عن أهل بيت النبوة ع و أستغفر الله العظيم لي و له و للمؤمنين و المؤمنات إنه غَفُورٌ رَحِيمٌ .
صورة إجازة أخرى 46 من الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي المشار إليه نور الله ضريحه 12626 للشيخ شمس الدين محمد الأسترآبادي رحمه الله.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي ابتدأ فطرة ما خلق فأحسنه على غير مثال و فضل بني آدم على كثير ممن خلق على علم منه في حالتي المبدإ و المآل و جعل فضيلته بالعلم الذي علم لقبوله دون سائر سبحات الجلال و أكمل غايته من خلقه بالجامع في النشأة الظاهرة بين صفتي الجلال و الجمال فآدم و من دونه تحت لواء حمده يوم عرض الحساب و نشر صحائف الأعمال خاتم المرسلين و سيد النبيين و إمام المقدسين الطهر المفضال محمد المصطفى المصطنع على عين ربه الملك المتعال و بالمصطفين من عترته و آله أكرم عترة و أطهر نسب و أشرف آل وراثة في العلم و العمل و الأوصاف و مكارم الأخلاق و محاسن الفعال المستدعين من مشكاة نوره و الحافظين لما ينزل عليه الروح الأمين بالغدو و الآصال الشاربين من سلسل سلسبيل عذب شربه الروي الزلال المكملين لأوليائه المنقذين لعباده من حيرة عمى الجهالة و ظلمة الضلال خصوصا جامع متضاد صفات الكمالات قامع أفئدة أهل الشرك و الشك و الريب و الضلالات محل المشكلات و خواض الغمرات و فاك المعضلات و طاوس الملائكة في ملكوت حضرات السماوات صاحب الدلالات الواضحات و البراهين الواضحات القاطعات تاج رأس صفوة لؤي و مضر الفاروق الأكبر و حامل الثقل الأكبر علي بن أبي طالب الطهر الطاهر المطهر صلى الله على محمد و عليه و على ذريتهما بعدد قطر المطر.
و بعد فلما ثبت دين سيد المرسلين ص بالأدلة الواضحة و المعجزات الباهرة اللائحة و لو لم يكن إلا كلام رب العالمين المسمى بالفرقان الكريم و القرآن
العظيم الذي تحدى به الفصحاء من العرب العرباء في المحافل و المجامع أن يأتوا بمثله أو بعشر سور منه أو بسورة فاعترفوا بالعجز عن فصاحته و بلاغته و بالقصور عن درجة معرفته و دلالته فأقر المنصف الماهر و أصر المتعسف المكابر و لجأ إلى القتال بالسيوف و تجرع مرارات الحتوف لكان فيه أتم الكفايات و أبلغ النهايات لا جرم وجب التمسك بدينه ص و التعلق منه بأوثق عراه و أمتن حباله.
و إذ قد اختلفت الآراء و المذاهب و تشتتت الأهواء فذهب إلى كل واد ذاهب و كان القرآن كما وصفه من نزل على قلبه ذا وجوه كاد أن يتمسك كل فريق منه بما قفوه رجعنا في التميز إلى السنة النبوية و الأحاديث المروية و كان ما اتفق على نقله جميع الأمة أولى بأن يعتمد عليه ذو المروة و الهمة
و منه قوله ع إني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور فتمسكوا بكتاب الله عز و جل و خذوا به و حثوا عليه و رغبوا فيه ثم أهل بيتي.
و قد تواتر نقل هذا الحديث بعبارات شتى اشتركت في وجوب التمسك بأهل بيته فأخذنا عنهم و اقتبسنا من أنوارهم حتى عرفنا ما تشابه من كتاب ربنا و تواترت الأخبار عن الناقلين عنهم مع اختلاف الأمصار و الأعصار و ثبتت به دلالة النبوة و بل و بدونه بأضعاف مضاعفة من أراده وقف عليه في مظانه مع اتفاق أمة محمد ص على فضلهم و عدالتهم و وفور علمهم فوجب اتباعهم كما وجب اتباع الرسول ص فمن عدل عنهم فهو محجوج إذا أصبح مسئولا يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا ... لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا و حيث اقتضت الحكمة الإلهية اختبار النشأة الإنسانية و امتحانها و ليعلم صادق القول و النية غلب أهل الضلال و شاع الفساد و الظلم من الجهال فاستتر أهل الذكر و الدلالة و تحير المفتون بالجهالة إلا من وفقه الله لاقتفاء الآثار و اتباع رسوم الديار و ذلك شذذ من أهل التوحيد و الرسالة الموصوفون بالطريقة الوسطى و العدالة.
و كان منهم من أيده الله بحسن النظر و امتحان الفكر خدن دراسة العلم و المسائل
حاوي خصال المكارم و الفضائل لهج اللسان بالذكر عند المعضلات ولع الاعتبار عند النظر و الخطرات محقق العلوم العقلية و الآداب عارف المحكمات و المتشابهات من الكتاب العالم العامل الفاضل الكامل التقي النقي الورع العابد الزاهد المجاهد شمس الملة و العلم و الحق و الدين محمد بن الحسن الأسترآبادي جعله الله من الفائزين يوم الحسرة و الندامة بل من الشافعين المشفعين في عرصات القيامة فوصل خطاه سيرا إلى محال القدس و البركات و منزل الرحمة و مرتفع الدرجات مواقع النجوم التي أقسم بها مليك السماوات.
فلما قضى من الزيارة إربا و أحسن عند الحضرة الغروية على مشرفها الصلاة و السلام أدبا رأى العبد المحقر في كماله المصغر في إفضاله و هو مشغول بدراسة بعض المسائل الشرعية على الطريقة النبوية العتروية فأحب أن يفيد باسم المستفيد و يزيد و يعين باسم المستعين المستزيد إذ ليس المملوك أهلا أن يفيد مثله في الكمال لقلة البضاعة و كثرة الإضاعة في أكثر الأحوال.
فذاكرته في الكتاب الموسوم بالشرائع من أوله إلى آخره إذ هو في فنه رائع سقى الله قبرا حله من أتى به صوب عهاد فيض سحائب القدس الربانية و أفاض عليه المراحم الرحيمية الرحمانية مذاكرة شهدت له بالفضل و الاطلاع و المعرفة و الاتساع و كانت الإفادة منه أكثر من الاستفادة بل ليس إلا ما أفاده.
فلما أتى على آخره بالمشهد المقدس الغروي التمس مني أن أجيز له ما أجيز لي من الرواية لينتظم في سلك رواه الحديث عن أئمة الهدى ع و ليتوصل إلى نقل الفتاوي لمن بعد عنه المدى و أن أجيز له في العمل بما قرأه و نقله إلى من يعمل به من الطلبة فأجبت إلى ما التمسه طلبا لرضاه و لوجوب نقل العلم إلى من أرضاه فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
و لأقدم لذلك مقدمة هي أنه قد صح من مذهب الطائفة المحقة أن أخذ الأحكام لا تجوز إلا عن صادق عرف صدقه بعصمته و عصمته بنص ربه و نبي شريعته لأن من سواه لا يؤمن مخالفته فضلا عن خطائه و إصابته و لا يجوز غير ذلك مع الإمكان
لأنه من قسم الظن المنهي عنه في القرآن.
لكن لما كان إمام كل عصر لا يخلو من غيبة و استتار و غربة و بعد ديار لاستيلاء أهل النفاق و تغلب أهل الشقاق خصوصا إمام الزمان و ناموس العصر و الأوان الذي انقطع خبره و كاد أن ينسى ذكره فنفسي لنفسه الفداء و مهجتي لأقدامه الوقاء.
يا حسرة تقلع الأحشاء زفرتها
على بعاد إمام العصر و الزمن
تكاد تنشق نفسي لوعة و أسى
أن خانني فيك دهري و القوى زمني
ها نور شخصك في عيني يقدمني
و حسن ذكرك يحييني و يلزمني .
أذن القائمون مقام النبي ص لشيعتهم في العمل بما يرويه عنهم أهل مودتهم و أمروا بتفريع الأحكام عن أصولها فتعاطى ذلك الشيعة للضرورة فإذا حضر الأصل فليس لفرع صورة و أجمعوا على بطلان العمل بقول من يموت بل يرجع العاقل إلى غيره من ورثة الذكر المنزل من حضرة الجبروت لئلا ينقطع الآثار النبوية و يترك العمل بالكتاب و السنة المروية و لئلا يبقى الباطل الذي أخطأ فيه الناظر إلى أن يظهر إمام الزمان في أواخر الدهور و الأعاصر فاطردت عادتهم بذلك حتى أن مثل بحر العلوم الحقيقية و علم الكنوز العقلية و سماء شمس الشريعة المحمدية جمال المحققين الحسن بن يوسف بن المطهر قدس الله نفسه الزكية لم يلتفت إلى نقله لما مات و عمل بفتوى ابنه السعيد أو تلميذه العميد و تلك عادة السلف ممن كان منهم سار على سيرتهم و عليه مع ما أشرنا إليه أدلة صريحة في الأصول لا يجهلها إلا من ليس بذي معقول.