کتابخانه روایات شیعه
رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ لِعَلِيٍّ: أَنْتَ الَّذِي احْتَجَّ اللَّهُ بِكَ فِي ابْتِدَائِهِ الْخَلْقَ حَيْثُ أَقَامَهُمْ أَشْبَاحاً، فَقَالَ لَهُمْ: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: وَ مُحَمَّدٌ رَسُولِي قَالُوا: بَلَى.
قَالَ: وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَصِيِّي فَأَبَى الْخَلْقُ جَمِيعاً إِلَّا اسْتِكْبَاراً وَ عَتَوْا مِنْ وَلَايَتِكَ إِلَّا نَفَرٌ قَلِيلٌ، وَ هُمْ أَقَلُّ الْقَلِيلِ، وَ هُمْ أَصْحَابُ الْيَمِينِ.
413- 5- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، قَالَ: جَمَعَ زِيَادٌ النَّاسَ بِرَحَبَةِ الْكُوفَةِ لِيُعَرِّضَهُمْ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ فِي كَرْبٍ عَظِيمٍ، فَأَغْفَيْتُ فَإِذَا أَنَا بِشَخْصٍ قَدْ سَدَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا النَّقَّادُ ذُو الرَّقَبَةِ، أُرْسِلْتُ إِلَى صَاحِبِ الْقَصْرِ، فَانْتَبَهْتُ مَذْعُوراً، وَ إِذَا غُلَامٌ لِزِيَادٍ قَدْ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ: انْصَرِفُوا، فَإِنَّ الْأَمِيرَ عَنْكُمْ مَشْغُولٌ. وَ سَمِعْنَا الصِّيَاحَ مِنْ دَاخِلِ الْقَصْرِ، فَقُلْتُ فِي ذَلِكَ:
مَا كَانَ مُنْتَهِياً عَمَّا أَرَادَ بِنَا
حَتَّى تَنَاوَلَهُ النَّقَّادُ ذُو الرَّقَبَةِ
فَأَسْقَطَ الشِّقَّ مِنْهُ ضَرْبَةٌ ثَبَتَتْ
كَمَا تَنَاوَلَ ظُلْماً صَاحِبُ الرَّحَبَةِ 288 .
414- 6- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كُتِبَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبَتَّةَ، وَ مَنْ أُتِيَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَلْيُكَافِئْ، فَإِنْ عَجَزَ فَلْيُثْنِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ كَفَرَ النِّعْمَةَ.
415- 7- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُظَفَّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنُ زِيَادٍ الْأَحْمَرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ، عَنْ أَبِيهِ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قَدْ بُويِعَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَوَجَدْتُهُ مُطْرِقاً كَئِيباً، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَصَابَكَ- جُعِلْتُ فِدَاكَ- مِنْ قَوْمِكَ فَقَالَ: صَبْرٌ جَمِيلٌ. فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! إِنَّكَ لَصَبُورٌ.
قَالَ: فَأَصْنَعُ مَا ذَا قُلْتُ: تَقُومُ فِي النَّاسِ وَ تَدْعُوهُمْ إِلَى نَفْسِكَ وَ تُخْبِرُهُمْ أَنَّكَ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ بِالْفَضْلِ وَ السَّابِقَةِ، وَ تَسْأَلُهُمُ النَّصْرَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُتَظَاهِرِينَ عَلَيْكَ، فَإِنْ أَجَابَكَ عَشَرَةٌ مِنْ مِائَةٍ شَدَّدْتَ بِالْعَشْرِ عَلَى الْمِائَةِ، فَإِنْ دَانُوا لَكَ كَانَ ذَلِكَ مَا أَحْبَبْتَ، وَ إِنْ أَبَوْا قَاتِلْهُمُ، فَإِنْ ظَهَرْتَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ سُلْطَانُ اللَّهِ الَّذِي آتَاهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ كُنْتَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ، وَ إِنْ قُتِلْتَ فِي طَلَبِهِ قُتِلْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ شَهِيداً، وَ كُنْتَ أَوْلَى بِالْعُذْرِ عِنْدَ اللَّهِ، لِأَنَّكَ أَحَقُّ بِمِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَ تَرَاهُ- يَا جُنْدَبُ- كَانَ يُبَايِعُنِي عَشَرَةٌ مِنْ مِائَةٍ فَقُلْتُ: أَرْجُو ذَلِكَ.
فَقَالَ: لَكِنِّي لَا أَرْجُو وَ لَا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ اثْنَانِ، وَ سَأُخْبِرُكَ مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ، إِنَّمَا يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَى قُرَيْشٍ، وَ إِنَّ قُرَيْشاً تَقُولُ: إِنَّ آلَ مُحَمَّدِ يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلًا عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ، وَ أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ هَذَا الْأَمْرِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ قُرَيْشٍ، وَ أَنَّهُمْ إِنْ وَلَّوْهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ هَذَا السُّلْطَانُ إِلَى أَحَدٍ أَبَداً، وَ مَتَى كَانَ فِي غَيْرِهِمْ تَدَاوَلُوهُ بَيْنَهُمْ، وَ لَا وَ اللَّهِ لَا يَدْفَعُ إِلَيْنَا هَذَا السُّلْطَانَ قُرَيْشٌ أَبَداً طَائِعِينَ.
قَالَ: فَقُلْتُ: أَ فَلَا أَرْجِعُ وَ أُخْبِرُ النَّاسَ مَقَالَتَكَ هَذِهِ، وَ أَدْعُوهُمْ إِلَى نَصْرِكَ فَقَالَ:
يَا جُنْدَبُ، لَيْسَ ذَا زَمَانَ ذَلِكَ.
قَالَ جُنْدَبٌ: فَرَجَعْتُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْعِرَاقِ، فَكُنْتُ كُلَّمَا ذَكَرْتُ مِنْ فَضْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) شَيْئاً زَبَرُونِي وَ نَهَرُونِي حَتَّى رُفِعَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِي إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَبَعَثَ إِلَيَّ فَحَبَسَنِي حَتَّى كُلِّمَ فِيَّ فَخَلَّى سَبِيلِي.
416- 8- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ خَالِدٍ
الْمَرَاغِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَصَّافُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ طَلِيقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: ذِمَّتِي بِمَا أَقُولُ رَهِينَةٌ، وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ ، أَنَّهُ لَا يَهِيجُ عَلَى التَّقْوَى زَرْعُ قَوْمٍ، وَ لَا يَظْمَأُ عَلَى التَّقْوَى سِنْخُ أَصْلٍ، أَلَا إِنَّ الْخَيْرَ كُلَّ الْخَيْرِ فِيمَنْ عَرَفَ قَدْرَهُ، وَ كَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَنْ لَا يَعْرِفَ قَدْرَهُ، إِنَّ أَبْغَضَ خَلْقِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ رَجُلٌ قَمَشَ عِلْماً 289 مِنْ أَغْمَارِ غَشْوَةٍ وَ أَوْبَاشِ فِتْنَةٍ، فَهُوَ فِي عَمًى عَنِ الْهُدَى الَّذِي أَتَى مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ، وَ ضَالٌّ عَنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، يَظُنُّ أَنَّ الْحَقَّ فِي صُحُفِهِ، كَلَّا وَ الَّذِي نَفْسُ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِهِ، قَدْ ضَلَّ وَ ضَلَّ مَنِ افْتَرَى، سَمَّاهُ رَعَاعُ النَّاسِ عَالِماً وَ لَمْ يَكُنْ فِي الْعِلْمِ يَوْماً سَالِماً، بَكَّرَ 290 فَاسْتَكْثَرَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ، حَتَّى إِذَا ارْتَوَى مِنْ غَيْرِ حَاصِلٍ، وَ اسْتَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ، جَلَسَ لِلنَّاسِ مُفْتِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ هَيَّأَ لَهَا حَشْواً مِنْ رَأْيِهِ، ثُمَّ قَطَعَ عَلَى الشُّبُهَاتِ، خَبَّاطُ جَهَالاتٍ رَكَّابُ عَشَوَاتٍ، فَالنَّاسُ مِنْ عِلْمِهِ فِي مِثْلِ غَزْلِ الْعَنْكَبُوتِ، لَا يَعْتَذِرُ مِمَّا لَا يَعْلَمُ فَيَسْلَمَ، وَ لَا يَعَضُّ عَلَى الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ فَيَغْنَمَ، تَصْرُخُ مِنْهُ الْمَوَارِيثُ، وَ تَبْكِي مِنْ قَضَائِهِ الدِّمَاءُ، وَ تُسْتَحَلُّ بِهِ الْفُرُوجُ الْحَرَامُ، غَيْرُ مَلِيٍّ وَ اللَّهِ بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ، وَ لَا نَادِمٍ عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْهُ، وَ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَلَّتْ عَلَيْهِمُ النِّيَاحَةُ وَ هُمْ أَحْيَاءٌ.
فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَنْ نَسْأَلُ بَعْدَكَ وَ عَلَى مَا نَعْتَمِدُ فَقَالَ:
اسْتَفْتِحُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ إِمَامٌ مُشْفِقٌ، وَ هَادٍ مُرْشِدٌ، وَ وَاعِظٌ نَاصِحٌ، وَ دَلِيلٌ يُؤَدِّي إِلَى جَنَّةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ).
417- 9- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ:
حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ عَمْرٍو الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ دَاحَةَ، قَالَ: أَوَّلُ شِعْرٍ
رُثِيَ بِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا) قَوْلُ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو السَّهْمِيِّ، مِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ غَالِبٍ:
إِذَا الْعَيْنُ قَرَّتْ فِي الْحَيَاةِ وَ أَنْتُمُ
تَخَافُونَ فِي الدُّنْيَا فَأَظْلَمَ نُورُهَا
مَرَرْتُ عَلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ بِكَرْبَلَاءَ
فَفَاضَ عَلَيْهِ مِنْ دُمُوعِي غَزِيرُهَا
فَمَا زِلْتُ أَرْثِيهِ وَ أَبْكِي لِشَجْوِهِ
وَ يَسْعَدُ عَيْنِي دَمْعَهَا وَ زَفِيرَهَا
وَ بَكَيْتُ مِنْ بَعْدِ الْحُسَيْنِ عِصَابَةً
أَطَافَتْ بِهِ مِنْ جَانِبَيْهِ قُبُورُهَا
سَلَامٌ عَلَى أَهْلِ الْقُبُورِ بِكَرْبَلَاءَ
وَ قَلَّ لَهَا مِنِّي سَلَامٌ يَزُورُهَا
سَلَامٌ بِآصَالِ الْعَشِيِّ وَ بِالضُّحَى
تُؤَدِّيهِ نَكْبَاءُ الرِّيَاحِ وَ مُورُهَا
وَ لَا بَرِحَ الْوُفَّادُ زُوَّارُ قَبْرِهِ
يَفُوحُ عَلَيْهِمْ مِسْكُهَا وَ عَبِيرُهَا 291 .
418- 10- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ خَالِدٍ الْمَرَاغِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَزَّازُ الْفِلَسْطِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الصَّلْتِ الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي النَّجْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْيَسَعِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ الْعَبْدِيِّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: قَدِّمُوا رَجُلًا مِنْكُمْ يُكَلِّمُنِي، فَقَدَّمُونِي فَقَالَ عُثْمَانُ: هَذَا، وَ كَأَنَّهُ اسْتَحْدَثَنِي. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْعِلْمَ لَوْ كَانَ بِالسِّنِّ لَمْ يَكُنْ لِي وَ لَا لَكَ فِيهِ سَهْمٌ وَ لَكِنَّهُ بِالتَّعَلُّمِ.
فَقَالَ عُثْمَانُ: هَاتِ. فَقُلْتُ: « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ» 292 فَقَالَ عُثْمَانُ: فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَقُلْتُ لَهُ: فَمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ.
فَقَالَ عُثْمَانُ: دَعْ هَذَا وَ هَاتِ مَا مَعَكَ. فَقُلْتُ لَهُ: « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ» 293 إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: وَ هَذِهِ أَيْضاً نَزَلَتْ فِينَا. فَقُلْتُ لَهُ: فَأَعْطِنَا بِمَا أَخَذْتَ مِنَ اللَّهِ.
فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ، فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَ إِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْفَذِّ 294 ، فَلَا تَسْتَمِعُوا إِلَى قَوْلِ هَذَا، وَ إِنَّ هَذَا لَا يَدْرِي مَنِ اللَّهُ وَ لَا أَيْنَ اللَّهُ.
فَقُلْتُ لَهُ: أَمَّا قَوْلُكَ: عَلَيْكُمْ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ، فَإِنَّكَ تُرِيدُ مِنَّا أَنْ نَقُولُ غَداً: رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ، وَ أَمَّا قَوْلُكَ: أَنَا لَا أَدْرِي مَنِ اللَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ رَبُّنَا وَ رَبُّ آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ، وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنِّي لَا أَدْرِي أَيْنَ اللَّهُ، فَإِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) بِالْمِرْصَادِ. قَالَ:
فَغَضِبَ وَ أَمَرَ بِصَرْفِنَا وَ غَلَقَ الْأَبْوَابَ دُونَنَا.
419- 11- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْوَابِشِيِّ، قَالَ: ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَصْحَابَنَا فَقَالَ: كَيْفَ صَنِيعُكَ بِهِمْ فَقُلْتُ: وَ اللَّهِ مَا أَتَغَدَّى وَ لَا أَتَعَشَّى إِلَّا وَ مَعِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ.
فَقَالَ: فَضْلُهُمْ عَلَيْكَ- يَا أَبَا مُحَمَّدٍ- أَكْثَرُ مِنْ فَضْلِكَ عَلَيْهِمْ. فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ كَيْفَ ذَلِكَ، وَ أَنَا أُطْعِمُهُمْ طَعَامِي وَ أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مَالِي وَ أُخْدِمُهُمْ خَادِمِي فَقَالَ: إِذَا دَخَلُوا دَخَلُوا بِالرِّزْقِ الْكَثِيرِ، وَ إِذَا خَرَجُوا خَرَجُوا بِالْمَغْفِرَةِ لَكَ.
420- 12- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الصَّفَّارِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): خَيْرُ مَا يُخَلِّفُ الرَّجُلُ بَعْدَهُ ثَلَاثَةٌ: وَلَدٌ بَارٌّ يَسْتَغْفِرُ لَهُ، وَ سُنَّةُ خَيْرٍ يُقْتَدَى بِهِ فِيهَا، وَ صَدَقَةٌ تَجْرِي مِنْ بَعْدِهِ.
6 421- 13- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: فِيمَا أَوْحَى اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ: يَا مُوسَى، مَا خَلَقْتُ خَلْقاً أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ، وَ إِنِّي إِنَّمَا ابْتَلَيْتُهُ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَ أُعَافِيهِ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَ أَنَا أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُ عَبْدِي عَلَيْهِ، فَلْيَصْبِرْ عَلَى بَلَائِي، وَ لْيَشْكُرْ نَعْمَائِي، وَ لْيَرْضَ بِقَضَائِي، أَكْتُبْهُ فِي الصِّدِّيقِينَ عِنْدِي إِذَا عَمِلَ بِرِضَائِي وَ أَطَاعَ أَمْرِي.
422- 14- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ خَالِدٍ الْمَرَاغِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ صَالِحٍ الْعَدْلُ السَّبِيعِيُّ بِحَلَبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ تَسْنِيمٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَوْنَعَةَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَجُلَانِ يَسْأَلَانِ عَنْ طَلَاقِ الْأَمَةِ، فَالْتَفَتَ إِلَى خَلْفِهِ فَنَظَرَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: يَا أَصْلَعُ، مَا تَرَى فِي طَلَاقِ الْأَمَةِ فَقَالَ لَهُ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا، وَ أَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَ الَّتِي تَلِيهَا، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمَا عُمَرُ وَ قَالَ: ثِنْتَانِ. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! جِئْنَاكَ وَ أَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَسَأَلْنَاكَ فَجِئْتَ إِلَى رَجُلٍ سَأَلْتَهُ وَ اللَّهِ مَا كَلَّمَكَ. فَقَالَ عُمَرُ: تَدْرِيَانِ مَنْ هَذَا قَالا: لَا. قَالَ: هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: لَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَ الْأَرَضِينَ السَّبْعَ وُضِعَتَا فِي كِفَّةٍ وَ وُضِعَ إِيمَانُ عَلِيٍّ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَ إِيمَانُ عَلِيٍّ.
423- 15- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُظَفَّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ الْإِسْكَافِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ عُمَرَ النَّهْدِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) مُنْصَرَفِي مِنْ مَكَّةَ فَقَالَ لِي: يَا مِنْهَالُ، مَا صَنَعَ حَرْمَلَةُ بْنُ كَاهِلَةَ الْأَسَدِيُّ فَقُلْتُ: تَرَكْتُهُ حَيّاً
بِالْكُوفَةِ، قَالَ: فَرَفَعَ يَدَيْهِ جَمِيعاً، فَقَالَ:" اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِيدِ، اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِيدِ، اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ النَّارِ". قَالَ الْمِنْهَالُ: فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ، وَ قَدْ ظَهَرَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عبيد [عُبَيْدَةَ]، وَ كَانَ لِي صَدِيقاً، قَالَ: فَكُنْتُ فِي مَنْزِلِي أَيَّاماً حَتَّى انْقَطَعَ النَّاسُ عَنِّي، وَ رَكِبْتُ إِلَيْهِ فَلَقِيتُهُ خَارِجاً مِنْ دَارِهِ، فَقَالَ: يَا مِنْهَالُ، لَمْ تَأْتِنَا فِي وِلَايَتِنَا هَذِهِ، وَ لَمْ تُهَنِّنَا بِهَا، وَ لَمْ تَشْرَكْنَا فِيهَا فَأَعْلَمْتُهُ أَنِّي كُنْتُ بِمَكَّةَ، وَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكَ الْآنَ، وَ سَايَرْتُهُ وَ نَحْنُ نَتَحَدَّثُ حَتَّى أَتَى الْكُنَاسَ، فَوَقَفَ وُقُوفاً كَأَنَّهُ يَنْتَظِرُ شَيْئاً، وَ قَدْ كَانَ أُخْبِرَ بِمَكَانِ حَرْمَلَةَ بْنِ كَاهِلَةَ، فَوَجَّهَ فِي طَلَبِهِ، فَلَمْ نَلْبَثُ أَنْ جَاءَ قَوْمٌ يَرْكُضُونَ وَ قَوْمٌ يَشْتَدُّونَ حَتَّى قَالُوا: أَيُّهَا الْأَمِيرُ، الْبِشَارَةَ، قَدْ أُخِذَ حَرْمَلَةُ بْنُ كَاهِلَةَ، فَمَا لَبِثْنَا أَنْ جِيءَ بِهِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ قَالَ لِحَرْمَلَةَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَكَّنَنِي مِنْكَ. ثُمَّ قَالَ: الْجَزَّارَ الْجَزَّارَ، فَأُتِيَ بِجَزَّارٍ، فَقَالَ لَهُ: اقْطَعْ يَدَيْهِ، فَقُطِعَتَا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اقْطَعْ رِجْلَيْهِ، فَقُطِعَتَا، ثُمَّ قَالَ: النَّارَ النَّارَ، فَأُتِيَ بِنَارٍ وَ قَصَبٍ فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ وَ اشْتَعَلَتْ فِيهِ النَّارُ. فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! فَقَالَ لِي: يَا مِنْهَالُ، إِنَّ التَّسْبِيحَ لَحَسَنٌ، فَفِيمَ سَبَّحْتَ فَقُلْتُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ، دَخَلْتُ فِي سَفْرَتِي هَذِهِ مُنْصَرَفِي مِنْ مَكَّةَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) فَقَالَ لِي: يَا مِنْهَالُ، مَا فَعَلَ حَرْمَلَةُ بْنُ كَاهِلَةَ الْأَسَدِيُّ فَقُلْتُ: تَرَكْتُهُ حَيّاً بِالْكُوفَةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ جَمِيعاً فَقَالَ:" اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِيدِ، اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِيدِ، اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ النَّارِ".
فَقَالَ لِي الْمُخْتَارُ: أَ سَمِعْتَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) يَقُولُ هَذَا فَقُلْتُ: وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُهُ قَالَ، فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ قَامَ فَرَكِبَ، وَ قَدِ احْتَرَقَ حَرْمَلَةُ، وَ رَكِبْتُ مَعَهُ وَ سِرْنَا، فَحَاذَيْتُ دَارِي، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُشَرِّفَنِي وَ تُكْرِمَنِي وَ تَنْزِلَ عِنْدِي وَ تَحَرَّمَ بِطَعَامِي. فَقَالَ: يَا مِنْهَالُ، تُعْلِمُنِي أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ دَعَا بِأَرْبَعِ دَعَوَاتٍ فَأَجَابَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيَّ ثُمَّ تَأْمُرُنِي أَنْ آكُلَ! هَذَا يَوْمُ صَوْمٍ شُكْراً لِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) عَلَى مَا فَعَلْتُهُ بِتَوْفِيقِهِ.