کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

احكام القرآن-ابن عربی

الجزء الرابع

سورة سبأ[مكية فيها ثلاث آيات‏] سورة فاطر[فيها آيتان‏] سورة يس‏[فيها أربع آيات‏] سورة الصافات‏[مكية فيها آيتان‏] سورة ص‏[فيها إحدى عشرة آية] سورة الزمر[فيها أربع آيات‏] سورة المؤمن‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة فصلت‏[فيها ست آيات‏] سورة الشورى‏[فيها ثمان آيات‏] سورة الزخرف‏[فيها ست آيات‏] سورة الدخان‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة الجاثية[فيها ثلاث آيات‏] سورة الأحقاف‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة محمد[فيها ثلاث آيات‏] سورة الفتح‏[فيها خمس آيات‏] سورة الحجرات‏[فيها سبع آيات‏] سورة ق‏[فيها آية واحدة] سورة الذاريات‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة الطور[فيها آيتان‏] سورة النجم سورة الرحمن‏[فيها آية واحدة] سورة الواقعة[فيها آية واحدة] سورة الحديد[فيها أربع آيات‏] سورة المجادلة[فيها ست آيات‏] سورة الحشر[فيها إحدى عشرة آية] سورة الممتحنة[فيها سبع آيات‏] سورة الصف‏[فيها آيتان‏] سورة الجمعة[فيها آيتان‏] سورة المنافقون‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة التغابن‏[فيها خمس آيات‏] سورة الطلاق‏[فيها خمس آيات‏] سورة التحريم‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة الملك‏[فيها آية واحدة] سورة القلم‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة المعارج‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة نوح‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة الجن‏[فيها آيتان‏] سورة المزمل‏[فيها تسع آيات‏] سورة المدثر[فيها أربع آيات‏] سورة القيامة[فيها أربع آيات‏] سورة الدهر[فيها ست آيات‏] سورة المرسلات‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة النبأ[فيها آيتان‏] سورة عبس‏[فيها آيتان‏] سورة المطففين‏[فيها آيتان‏] سورة الانشقاق سورة البروج‏[فيها آيتان‏] سورة الطارق‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة الأعلى‏[فيها أربع آيات‏] سورة الغاشية[فيها آية واحدة] سورة الفجر[فيها خمس آيات‏] سورة البلد[فيها ثلاث آيات‏] سورة الشمس‏[فيها آية واحدة] سورة الليل‏[فيها آيتان‏] سورة الضحى‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة الإنشراح‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة التين‏[فيها خمس آيات‏] سورة العلق‏[فيها خمس آيات‏] سورة القدر[فيها ثلاث آيات‏] سورة البينة[فيها آيتان‏] سورة الزلزلة سورة التكاثر[فيها آيتان‏] سورة العصر[فيها آية واحدة] سورة الفيل سورة قريش‏[فيها آية واحدة] سورة الماعون‏[فيها ثلاث آيات‏] سورة الكوثر[فيها آيتان‏] سورة النصر[فيها آية واحدة] سورة تبت‏[و فيها ثلاث مسائل‏] سورة الإخلاص سورة الفلق و الناس‏[فيهما ثلاث مسائل‏]

احكام القرآن ابن عربی


صفحه قبل

احكام القرآن، ج‏1، ص: 2

سورة الفاتحة فيها خمس آيات‏

الآية الأولى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ .

فيها مسألتان:

المسألة الأولى- قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ .

اتفق الناس على أنها آية من كتاب اللّه تعالى في سورة النمل‏ «1» ، و اختلفوا في كونها في أول كلّ سورة، فقال مالك و أبو حنيفة: ليست في أوائل السّور بآية، و إنما هي استفتاح ليعلم بها مبتدؤها.

و قال الشافعى: هي آية في أول الفاتحة، قولا واحدا؛ و هل تكون آية في أول كلّ سورة؟ اختلف قوله في ذلك؛ فأما القدر الذي يتعلّق بالخلاف من قسم التوحيد و النظر في القرآن و طريق إثباته قرآنا، و وجه اختلف المسلمين في هذه الآية منه- فقد استوفيناه في كتب الأصول، و أشرنا إلى بيانه في مسائل الخلاف، و وددنا أنّ الشافعى لم يتكلّم في هذه المسألة، فكلّ مسألة له ففيها إشكال عظيم، و نرجو أنّ الناظر في كلامنا فيها سيمحى‏ «2» عن قلبه ما عسى أن يكون قد سدل من إشكال به.

و فائدة الخلاف في ذلك الذي يتعلق بالأحكام أنّ قراءة الفاتحة شرط في صحة الصلاة عندنا و عند الشافعى، خلافا لأبى حنيفة حيث يقول: إنها مستحبّة، فتدخل‏ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ في الوجوب عند من يراه، أو في الاستحباب، [كذلك‏] «3» . و يكفيك أنها ليست‏ «4» بقرآن للاختلاف فيها، و القرآن لا يختلف فيه، فإنّ إنكار القرآن كفر.

(1) أى في قوله تعالى: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. و في ص: لا خلاف في أنها ليست بآية تامة في سورة النمل، و أنها هناك بعض آية، و أن ابتداء الآية من قوله تعالى: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ‏ ، و مع ذلك فكونها ليست آية تامة في سورة النمل لا يمنع أن تكون آية في غيرها لوجود مثلها في القرآن.

(2) في م: سيمسح.

(3) ليس في م.

(4) في القرطبي: ليست من القرآن اختلاف الناس فيها.

احكام القرآن، ج‏1، ص: 3

فإن قيل: و لو لم تكن قرآنا لكان مدخلها في القرآن كافرا.

قلنا: الاختلاف فيها يمنع من أن تكون آية، و يمنع من تكفير من يعدّها من القرآن، فإنّ الكفر لا يكون إلّا بمخالفة النص و الإجماع في أبواب العقائد.

فإن قيل: فهل تجب قراءتها في الصلاة؟ قلنا: لا تجب، فإنّ‏

أنس بن مالك رضى اللّه عنه روى‏ أنه صلّى خلف رسول اللّه [2] صلى اللّه عليه و سلم و أبى بكر و عمر، فلم يكن أحد منهم يقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ؛ و نحوه عن عبد اللّه بن مغفّل.

فان قيل: الصحيح من حديث انس؛ فكانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين.

و قد قال الشافعى: معناه انهم كانوا لا يقرؤون شيئا قبل الفاتحة.

قلنا: و هذا يكون تأويلا «1» لا يليق بالشافعي لعظيم فقهه، و انس و ابن مغفل؛ إنما قالا هذا ردّا على من يرى قراءة: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ .

فإن قيل: فقد روى جماعة قراءتها، و قد تولى الدّارقطنيّ جميع ذلك في جزء صحّحه.

قلنا: لسنا ننكر الرواية، لكن مذهبنا يترجّح بأنّ أحاديثنا و إن كانت أقلّ فإنها أصحّ و بوجه عظيم و هو المعقول في مسائل كثيرة من الشريعة، و ذلك أنّ مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالمدينة انقضت عليه العصور، و مرّت عليه الأزمنة من لدن زمان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إلى زمان مالك، و لم يقرأ أحد [قط] «2» فيه بسم اللّه الرحمن الرحيم، اتّباعا للسنة؛ بيد أنّ أصحابنا استحبّوا قراءتها في النّفل، و عليه تحمل الآثار الواردة في قراءتها.

المسألة الثانية-

ثبت عن النبىّ صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: قال اللّه تعالى: قسّمت الصلاة بيني و بين عبدى نصفين، فنصفها لي، و نصفها لعبدي، و لعبدي ما سأل. يقول العبد:

الحمد للّه رب العالمين، يقول اللّه تعالى: حمدنى عبدى. يقول العبد: الرحمن الرحيم. يقول اللّه تعالى: أثنى علىّ عبدى. يقول العبد: مالك يوم الدّين. يقول تعالى: مجّدنى عبدى‏ «3» .

يقول العبد: إياك نعبد و إياك نستعين. يقول اللّه تعالى: فهذه الآية بيني و بين عبدى و لعبدي ما سأل يقول العبد: اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب‏

(1) في ا: قلنا هذا تأويل.

(2) ليس في م.

(3) في ص: فوض إلى عبدى.

احكام القرآن، ج‏1، ص: 4

عليهم و لا الضالّين. يقول اللّه: فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل.

فقد تولّى سبحانه قسمة القرآن‏ «1» بينه و بين العبد بهذه الصفة، فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.

و هذا دليل قوىّ، مع أنه‏

ثبت في الصحيح عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب‏

، و

ثبت عنه أنه قال: من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج‏ «2» ثلاثا- غير تمام‏ «3» .

الآية الثانية- قوله تعالى: «4» الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ .

اعلموا علّمكم اللّه المشكلات أنّ البارئ تعالى حمد نفسه، و افتتح بحمده كتابه، و لم يأذن في ذلك لأحد من خلقه، بل نهاهم في محكم كتابه، فقال: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ‏ «5» ، و منع بعض الناس من أن يسمع مدح بعض له، أو يركن إليه، و أمرهم بردّ ذلك، و قال: احثوا «6» في وجوه المدّاحين التراب- رواه المقداد و غيره.

و كأن في مدح اللّه لنفسه و حمده لها وجوها منها ثلاث أمهات:

الأول- أنه علّمنا كيف نحمده، و كلّفنا حمده و الثناء عليه؛ إذ لم يكن لنا سبيل إليه إلا به.

الثاني- أنه قال بعض الناس معناه: قولوا الحمد للّه، فيكون فائدة ذلك التكليف لنا.

و على هذا تخرّج قراءة من قرأ بنصب الدال في الشاذ.

الثالث- أنّ مدح النفس إنما نهى عنه لما يدخل عليها من العجب بها، و التكثّر على الخلق من أجلها، فاقتضى ذلك الاختصاص بمن يلحقه التغيّر و لا يجوز منه التكثر و هو المخلوق، و وجب ذلك للخالق لأنه أهل الحمد.

و هذا هو الجواب الصحيح و الفائدة المقصودة.

الآية الثالثة- قوله [3] تعالى‏ «7» : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ .

فيها مسألتان:

المسألة الأولى- يقول اللّه تعالى: فهذه الآية بيني و بين عبدى، و

قد روينا

(1) في ا: القراءة.

(2) الخداج: النقصان، يريد ذات خداج، و صفها بالمصدر مبالغة، أو على حذف مضاف؛ أى ذات خداج.

(3) ثلاثا: أى كرر قوله: فهي خداج- ثلاث مرات.

(4) الفاتحة: 2

(5) النجم: 32

(6) احثوا: ارموا.

(7) الفاتحة: 5

احكام القرآن، ج‏1، ص: 5

عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و اسندنا لكم أنه قال: قال اللّه تعالى: يا بن آدم، أنزلت عليك سبعا، ثلاثا لي، و ثلاثا لك، و واحدة بيني و بينك؛ فأما الثلاث التي لي ف الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ . و أما الثلاث التي‏ «1» لك ف اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ . و أما الواحدة التي بيني و بينك ف إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ . يعنى من العبد العبادة، و من اللّه سبحانه العون.

المسألة الثانية- قال أصحاب الشافعى: هذا يدلّ على أنّ المأموم يقرؤها، و إن لم يقرأها فليس له حظّ في الصلاة لظاهر هذا الحديث.

و لعلمائنا في ذلك ثلاثة أقوال:

الأول- يقرؤها إذا أسرّ خاصة- قاله ابن القاسم.

الثاني- قال ابن وهب و أشهب في كتاب محمد: لا يقرأ.

الثالث- قال محمد بن عبد الحكم: يقرؤها خلف الإمام، فإن لم يفعل أجزأه، كأنه رأى ذلك مستحبّا.

و المسألة عظيمة الخطر، و قد أمضينا القول في مسائل الخلاف في دلائلها بما فيه غنية «2» .

و الصحيح عندي وجوب قراءتها فيما يسرّ و تحريمها فيما جهر إذا سمع قراءة الإمام، لما عليه من فرض الإنصات له و الاستماع لقراءته، فإن كان عنه في مقام بعيد فهو بمنزلة صلاة السرّ؛ لأنّ أمر النبىّ صلى اللّه عليه و سلم بقراءتها عامّ في كل صلاة و حالة، و خصّ من ذلك حالة الجهر بوجوب فرض الإنصات، و بقي العموم في غير ذلك على ظاهره، و هذه نهاية التحقيق في الباب. و اللّه أعلم.

الآية الرابعة و الخامسة- قوله تعالى: «3» اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ «4» فيها سبع مسائل:

المسألة الأولى- لا خلاف أنّ الفاتحة سبع آيات، فإذا عددت فيها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

(1) انظر ما سيأتى في الصفحة التالية، إذ يقول: و الصحيح أن قوله: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ خاتمة آية.

(2) الغنية: الاستغناء و الكفاية.

(3) الفاتحة: 6، 7

(4) يجرى المؤلف على أن يقول: إلى آخر السورة، أو: إلى آخر الآية، فآثرنا أن نكمل هذه الآيات ليستقل القارئ بالفهم.

احكام القرآن، ج‏1، ص: 6

آية اطّرد العدد، و إذا أسقطتها تبيّن تفصيل العدد فيها.

قلنا: إنما الاختلاف بين أهل العدد في قوله: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ - هل هو خاتمة آية أو نصف آية؟ و يركب هذا الخلاف في عدّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ .

و الصحيح أنّ قوله: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ خاتمة آية؛ لأنه كلام تامّ مستوفى.

فإن قيل: فليس بمقفّى على نحو الآيات [قبله‏] «1» .

قلنا: هذا غير لازم في تعداد الآي، و اعتبره بجميع سور القرآن و آياته تجده صحيحا إن شاء اللّه تعالى، كما قلنا.

المسألة الثانية-

ثبت عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: إذا قال الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ فقولوا: آمين؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه.

و ثبت عنه أنه قال: إذا أمّن الإمام فأمّنوا، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه‏

؛ فترتيب المغفرة للذنب على أربع مقدمات ذكر منها ثلاثا و أمسك عن واحدة، لأن ما بعدها يدلّ عليها: المقدمة الأولى تأمين الإمام. الثانية تأمين من خلفه. الثالثة تأمين الملائكة. الرابعة موافقة التأمين. فعلى هذه المقدمات الأربع تترتّب المغفرة. و إنما أمسك عن الثالثة «2» اختصارا لاقتضاء الرابعة لها فصاحة؛ و ذلك يكون في البيان للاسترشاد و الإرشاد، و لا يصحّ ذلك [4] مع جدل أهل العناد، و قد بيناه في أصول الفقه.

المسألة الثالثة- اختلف في قوله: «آمين»، فقيل هو على وزن فاعيل كقوله يامين.

و قيل فيه أمين على وزن يمين؛ الأولى ممدودة، و الثانية مقصورة، و كلاهما لغة، و القصر أفصح و أخصر، و عليها من الخلق الأكثر.

المسألة الرابعة- في تفسير هذه اللفظة: و في ذلك ثلاثة أقوال:

قيل: إنها اسم من أسماء اللّه تعالى، و لا يصح نقله و لا ثبت قوله.

الثاني: قيل معناه اللهم استجب، وضعت موضع الدعاء اختصارا.

الثالث: قيل معناه كذلك يكون، و الأوسط أصحّ و أوسط.

(1) ليس في م.

(2) في م: عن الرابعة.

احكام القرآن، ج‏1، ص: 7

المسألة الخامسة- هذه كلمة لم تكن لمن قبلنا، خصّنا اللّه سبحانه بها، في الأثر عن ابن عباس أنه قال: ما حسدكم أهل الكتاب على شي‏ء ما حسدوكم على قولكم: «آمين».

المسألة السادسة- في تأمين المصلّى، و لا يخلو أن يكون إماما أو مأموما أو منفردا، فأما المنفرد فإنه يؤمّن‏ «1» اتفاقا. و أما المأموم فإنه يؤمّن في صلاة السرّ «2» لنفسه إذا أكمل قراءته، و في صلاة الجهر إذا أكمل القراءة إمامه يؤمّن. و أما الإمام فقال مالك:

لا يؤمّن، و معنى قوله عنده إذا أمّن الإمام: إذا بلغ مكان التأمين، كقولهم: أنجد الرجل إذا بلغ نجدا.

و قال ابن حبيب: يؤمّن. قال ابن بكير: هو بالخيار، فإذا أمّن الإمام فإنّ الشافعى قال: يؤمّن المأموم جهرا. و أبو حنيفة و ابن حبيب يقولان: يؤمّن سرّا.

و الصحيح عندي تأمين الإمام جهرا؛

فإنّ ابن شهاب قال: و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول آمين، خرّجه البخاري و مسلم‏ «3»

و غيرهما. و في البخاري: حتى إنّ للمسجد للجّة «4» من قول الناس آمين.

و في كتاب الترمذي: و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول آمين، حتى يسمع من الصفّ. و كذلك رواه أبو داود، و

روى عن وائل بن حجر: أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم لما فرغ من قراءة الفاتحة قال: آمين، يرفع بها صوته.

المسألة السابعة- ليس في أمّ القرآن حديث يدلّ على فضلها إلا حديثان:

أحدهما حديث: قسّمت‏ «5» الصلاة بيني و بين عبدى نصفين ...

الثاني حديث أبىّ بن كعب: لأعلمنك سورة ما أنزل في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الفرقان مثلها.

و ليس في القرآن حديث صحيح في فضل سورة إلا قليل سنشير إليه، و باقيها لا ينبغي لأحد منكم أن يلتفت إليها.

(1) في م: فليؤمن.

(2) في م: فإنه يؤمن في صلاة الجهر ... و في صلاة السر.

(3) صحيح مسلم: 307

(4) اللجة: الجلبة. يعنى أصوات المصلين.

(5) صحيح مسلم: 296

احكام القرآن، ج‏1، ص: 8

سورة البقرة

اعلموا- وفّقكم اللّه- أنّ علماءنا قالوا: إنّ هذه السورة من أعظم سور القرآن؛ سمعت بعض أشياخى يقول: فيها ألف أمر، و ألف نهى، و ألف حكم، و ألف خبر.

و لعظيم فقهها أقام عبد اللّه بن عمر ثماني سنين في تعلّمها، و قد أوردنا ذلك عليكم مشروحا في الكتاب الكبير في أعوام، و ليس في فضلها حديث صحيح إلّا

من طريق أبى هريرة عن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، و إنّ البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله شيطان. خرّجه الترمذي.

و عدم الهدى و ضعف القوى و كلب الزمان على الخلق بتعطيلهم و صرفهم عن الحق.

و الذي حضر الآن من أحكامها في هذا المجموع تسعون آية:

الآية الأولى- قوله تعالى‏ «1» : الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ‏ .

فيها مسألتان:

المسألة الأولى: يُؤْمِنُونَ‏ . قد بيّنا حقيقة الإيمان في كتب الأصول و منها تؤخذ.

المسألة الثانية- [5] قوله: بِالْغَيْبِ‏ . و حقيقته ما غاب عن الحواسّ مما لا يوصل إليه إلّا بالخبر دون النّظر، فافهموه.

و قد اختلف العلماء فيه على أربعة أقوال:

الأول- ما ذكرناه كوجوب البعث، و وجود الجنة و نعيمها و عذابها و الحساب.

الثاني بالقدر. الثالث باللّه تعالى. الرابع يؤمنون بقلوبهم الغائبة عن الخلق لا بألسنتهم التي يشاهدها «2» الناس؛ معناه ليسوا بمنافقين.

و كلها قويّة إلا الثاني و الثالث؛ فإنه يدرك بصحيح النظر، فلا يكون غيبا حقيقة، و هذا الأوسط و إن كان عامّا فإنّ مخرجه على الخصوص.

و الأقوى هو الأول؛ أنه الغيب الذي أخبر به الرسول عليه السلام مما لا تهتدى إليه‏

(1) الآية الثالثة.

صفحه بعد