کتابخانه تفاسیر
تفسير ابن ابى زمنين، ص: 3
[الجزء الثاني]
سورة الأنبياء
تفسير سورة الأنبياء و هى مكية كلها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 21/ 5- 1
قوله: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ أى: أن ذلك قريب. يحيى: عن خداش، عن أبى عامر، عن أبى عمران الجونى قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «حين بعث إلىّ بعث إلى صاحب الصور فأهوى به إلى فيه، و قدم رجلا و أخر رجلا، ينتظر متى يؤمر ينفخ، ألا فاتقوا النفخة» «1» .
وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ يعنى: المشركين عن الآخرة مُعْرِضُونَ (1) عن القرآن
ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ يعنى: القرآن إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَ هُمْ يَلْعَبُونَ (2) يسمعونه بآذانهم، و لا تقبله قلوبهم
لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ أى: غافلة «2» .
قال محمد: المعنى: استمعوه لاعبين لاهية قلوبهم.
وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا أشركوا، يقول بعضهم لبعض، و أسروا ذلك فيما بينهم هَلْ هذا يعنون: محمدا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَ فَتَأْتُونَ السِّحْرَ يعنون:
(1) رواه أبو عمرو الدانى فى السنن (377)، (718)، عن ابن أبى زمنين بإسناده إلى يحيى بن سلام به.
(2) و فى البريطانية (فى غفلة) بدل (غافلة) و ما أثبت من الأصل، و مصدر التخريج.
تفسير ابن ابى زمنين، ص: 4
القرآن، أى: تصدقون به وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) أنه سحر.
قال محمد: قوله: وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فيه وجهان: يجوز أن يكون (الذين ظلموا) رفعا على معنى: هم الذين ظلموا أنفسهم، و قد يجوز أن يكون المعنى: أعنى الذين ظلموا «1» .
قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ «2» السر فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ .
بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ أى: أخلاط أحلام، يعنون: القرآن بَلِ افْتَراهُ يعنون: محمدا بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5) كما جاء موسى و عيسى، فيما يزعم محمد.
21/ 10- 6
ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَ فَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6) أى: أن القوم إذا كذبوا رسولهم، و سألوه الآية فجاءتهم و لم يؤمنوا- أهلكهم اللّه، أفهم يؤمنون إن جاءتهم آية، أى: لا يؤمنون إن جاءتهم.
وَ ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ قال قتادة: يعنى: من آمن من أهل التوراة و الإنجيل إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (7) و هم لا يعلمون
وَ ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً يعنى: النبيين لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ أى: و لكن جعلناهم جسدا يأكلون الطعام، قال هذا لقول المشركين ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ . «3»
وَ ما كانُوا خالِدِينَ (8) فى الدنيا لا يموتون. قال محمد: قوله: (جسدا) هو واحد ينبىء عن جماعة، المعنى: و ما جعلنا الأنبياء قبله ذوى أجساد لا تأكل الطعام و لا تموت، فنجعله كذلك.
ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ كانت الرسل تحذر قومها عذاب اللّه فى الدنيا و الآخرة إن
(1) انظر إعراب القرآن للزجاج (2/ 366) و الكتاب لسيبويه (1/ 236).
(2) قال أبو حيان الأندلسى: قرأ حمزة و الكسائى و حفص و الأعمش و طلحة و ابن أبى ليلى و أيوب و خلف و ابن سعدان و ابن جرير (قال ربى) على معنى الخبر على نبيه صلى اللّه عليه و سلم و قرأ باقى السبعة (قل) على الأمر لنبيه صلى اللّه عليه و سلم (يعلم) أقوالكم هذه و هو يجازيكم عليها. (البحر المحيط 7/ 409).
(3) سورة الفرقان: آية (7).
تفسير ابن ابى زمنين، ص: 5
لم يؤمنوا، فلما لم يؤمنوا صدق اللّه رسله الوعد، فأنزل العذاب على قومهم.
قال: فَأَنْجَيْناهُمْ وَ مَنْ نَشاءُ يعنى: النبيين و المؤمنين وَ أَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9) المشركين.
لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً القرآن فِيهِ ذِكْرُكُمْ فيه شرفكم، يعنى: قريشا لمن آمن به أَ فَلا تَعْقِلُونَ (10) يقوله للمشركين.
21/ 18- 11
[ وَ كَمْ قَصَمْنا أهلكنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً مشركة] «1» يعنى: أهلها وَ أَنْشَأْنا خلقنا.
فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا رأوا عذابنا، يعنى: قبل أن يهلكوا إِذا هُمْ مِنْها من القرية يَرْكُضُونَ (12) يفرون، قال اللّه:
لا تَرْكُضُوا لا تفروا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ أى: إلى دنياكم التى أترفتم فيها وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (12) من دنياكم شيئا، أى: لا تقدرون على ذلك، و لا يكون ذلك، يقال لهم هذا استهزاء بهم.
قالُوا يا وَيْلَنا و هذا حين جاءهم العذاب إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (14) قال اللّه:
فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ أى: فما زال ذلك قولهم، يعنى: يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (14).
حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (15) أى: قد هلكوا و سكنوا.
وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (16) أى: إنما خلقناهما للبعث و الحساب، و الجنة و النار
لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً قال الحسن: اللهو (المرأة) «2» بلسان اليمن لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا أى: من عندنا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ (17) أى: و ما كنا فاعلين و ذلك أن المشركين قالوا: إن الملائكة بنات اللّه
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِ بالقرآن عَلَى الْباطِلِ يعنى: (الشرك) فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ ذاهب.
(1) ما بين () سقط من البريطانية.
(2) ما بين () طمس فى الأصل و ما أثبتناه من النسخة الثانية البريطانية.
تفسير ابن ابى زمنين، ص: 6
قال محمد: قوله: فَيَدْمَغُهُ أى: يكسره، و أصل هذا إصابة الرأس و الدماغ بالضرب، و هو مقتل.
وَ لَكُمُ الْوَيْلُ العذاب مِمَّا تَصِفُونَ (18) قال قتادة: لقولهم: إن الملائكة بنات اللّه.
21/ 28- 19
وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ يعنى: الملائكة لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ لا يَسْتَحْسِرُونَ (19) أى: يعيون.
أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ
أى: يحيون الموتى، (هذا على الاستفهام، أى: أنهم قد اتخذوا آلهة لا يحيون الموتى) «1» .
قال محمد: يقال: أنشر اللّه الموتى فنشروا.
لَوْ كانَ فِيهِما يعنى: فى السموات و الأرض آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ غير اللّه لَفَسَدَتا لهلكتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ ينزه نفسه عَمَّا يَصِفُونَ (22) يقولون:
لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ بعباده وَ هُمْ يُسْئَلُونَ (23) و العباد يسألهم اللّه عن أعمالهم
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً على الاستفهام، أى: قد فعلوا، و هذا الاستفهام، و أشباهه استفهام على معرفة.
قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ يعنى: حجتكم على ما تقولون: إن اللّه أمركم أن تتخذوا من دونه آلهة، أى: ليست عندهم بذلك حجة.
هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ قال قتادة: يعنى: القرآن «2» وَ ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي يعنى: أخبار الأمم السالفة و أعمالهم، ليس فيها اتخاذ آلهة دون اللّه بَلْ أَكْثَرُهُمْ يعنى: جماعتهم لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24) عن الحق.
(1) ما بين () سقط من البريطانية.