کتابخانه تفاسیر
فتح القدير
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
سورة النساء
الجزء الثاني
سورة المائدة
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
سورة هود
الجزء الثالث
سورة يوسف
سورة إبراهيم
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
سورة مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
سورة الحج
سورة المؤمنون
الجزء الرابع
سورة النور
سورة الشعراء
سورة الأحزاب
سورة الزمر
فهرس الموضوعات
الجزء الخامس
الجزء السادس
(4) فهرس القراءات القرآنية
(5) فهرس المفردات اللغوية
(6) فهرس الموضوعات العامة
القرآن الكريم
الأنبياء و الرسل
الرسول صلى الله عليه و سلم
قصص القرآن
المؤمنون
أهل الكتاب
الأوامر و المستحبات
الزواجر و المنهيات
مفاهيم القرآن
فتح القدير، ج1، ص: 5
الجزء الأول
التعريف بالمؤلف و الكتاب
آ- التعريف بالمؤلف
1- اسمه و نسبه:
هو محمد بن علي بن محمد بن عبد اللّه الشوكاني ثم الصنعاني «1» .
و الشوكاني: نسبة إلى «عدني شوكان» أو إلى «هجرة شوكان» «2» ، و هما اسمان لقرية واحدة بينها و بين صنعاء دون مسافة يوم، و إليها نسب والده، و هي نسبة على غير قياس؛ لأن النسب إلى المضاف يكون إلى صدره، و نسبة غير حقيقية «3» ؛ كما صرّح به أحد تلاميذه.
و الصنعاني: نسبة إلى صنعاء، إذ فيها نشأ، و فيها توفي و دفن، رحمه اللّه تعالى.
2- مولده و نشأته:
ولد بهجرة شوكان «4» في وسط نهار الإثنين 28 من شهر ذي القعدة سنة 1173 ه. و لا التفات إلى غير هذا التاريخ الذي وصلنا موثقا بخطه و خط ولده.
و نشأ في حجر والده بصنعاء، و كان أبوه قاضيا و عالما، و معروفا بالطيبة و الصلاح، فتربّى الابن على العفاف و الطهارة، و التفرّغ لطلب العلم، مكفيّا في بيت أبيه من جميع أسباب الحياة و وسائل الرزق.
(1). الإمام الشوكاني من أعلام المسلمين الكبار، و كتابه «فتح القدير» أشهر من أن يعرّف، و لكننا أردنا أن نضع بين يدي القارئ حقائق تاريخية و دقائق علمية تزيده معرفة و تبصرة، و تملؤه حماسة و نشاطا.
(2). قال عنها في البدر الطالع (1/ 481): «و هذه الهجرة معمورة بأهل الفضل و الصلاح و الدين من قديم الأزمان ..».
(3). يقول العلّامة حسين بن محسن السبعي الأنصاري، و هو تلميذ الإمام الشوكاني و نسبة صاحب الترجمة إلى شوكان ليست حقيقية، لأن وطنه و وطن سلفه و قرابته، بمكان عدني شوكان، بينه و بينها جبل كبير مستطيل، يقال له «هجرة شوكان» فمن هذه الحيثية كان انتساب أهله إلى شوكان. و اللّه أعلم.
(4). كانت ولادته أثناء رحلة قام بها الأبوان إلى موطنهما الأصلي، و كانا قد استوطنا صنعاء من قبل.
فتح القدير، ج1، ص: 6
و قد ابتدأ تحصيله العلميّ الواسع بقراءة القرآن و حفظه على جماعة من المعلمين، و ختمه على الفقيه حسن ابن عبد اللّه الهبل، و جوّده على جماعة من مشايخ القرآن بصنعاء، ثم انتقل إلى حفظ كثير من المتون، «كالأزهار» للإمام مهدي في الفقه، و «مختصر الفرائض» للعصيفري، و «الملحة» للحريري، و «الكافية» و «الشافية» لابن الحاجب، و «التهذيب» للتفتازاني، و «التخليص» في علوم البلاغة للقزويني ... و غيرها.
و قرأ عدة كتب في التاريخ و الأدب، ثم شرع بالسّماع و الطلب على العلماء البارزين في اليمن؛ حتى استوفى كلّ ما عندهم من كتب، تشمل العلوم الدينية و اللسانية و العقلية و الرياضية و الفلكية، و كان في هذه المرحلة يجمع بين التحصيل العلميّ و التدريس، فهو يلقي على تلاميذه ما تلقّاه بدوره عن مشايخه، حتى إذا استوفى كل ما عرفه أو سمع عنه من كتب؛ تفرّغ لإفادة طلّاب العلم، فكانت دروسه اليومية تزيد على عشرة دروس في اليوم في فنون متعدّدة؛ مثل التفسير، و الحديث، و الأصول، و المعاني، و البيان، و المنطق، و تقدّم للإفتاء و هو في نحو العشرين من عمره، و لم يعترض عليه شيوخه في ذلك.
3- حياته العلمية و مناصبه:
تمتاز حياة الشوكاني العلمية بالجد و المثابرة، و الحيوية و النشاط، و الذكاء الفطريّ، و قد ظهر هذا في اتّساع ثقافته، و عمق تفكيره، و تصدّيه للإصلاح و الاجتهاد، و قد لمسنا هذا من خلال نشأته حيث جمع بين الدراسة و التدريس، كما وفّق بين إلقاء الدروس اليومية العديدة و التأليف.
و من الثابت أنه لم يرحل في طلب العلم، و كان تحصيله مقتصرا على علماء صنعاء؛ لعدم إذن أبويه له في السفر منها، و قد عوّض عن ذلك بالسّماع و الإجازة و القراءة لكل ما وقعت عليه يده من الكتب، و في مختلف العلوم، كما استوفى كلّ ما عند علماء اليمن من كتب و معارف، و زاد في قراءته الخاصة على ما ليس عندهم.
و لم يقتصر الشوكاني رحمه اللّه تعالى في حياته العلمية منذ شبابه و حتى وفاته على الجمع و المحاكاة، مثل الكثير من علماء عصره، بل دعا إلى ثورة عارمة في نبذ التعصب و التقليد، و النظر في الأدلة، و العودة إلى هدي الكتاب و السّنة. و هذا الموقف العلمي المتميّز؛ أكسبه تحفزا زائدا و استحضارا دائما؛ في مواجهة تحدّي الشانئين له من المقلدين و الحاسدين، و جعله في طليعة المجدّدين المجتهدين، الذين أسهموا في إيقاظ الأمّة الإسلامية من سباتها العميق، في العصر الحديث.
و رغم زهده في المناصب، و انعزاله عن طلّاب الدنيا و رجال الحكم و السياسة، و تفرغه للعلم، فإن الدنيا جاءته صاغرة، و اختير للقضاء العام في صنعاء، و هو في السادسة و الثلاثين من عمره، ثم جمع بين القضاء و الوزارة، فأصبح متوليا شؤون اليمن الداخلية و الخارجية، و سار في الناس بأحسن سيرة، ممتعا بشخصية قوية، و سمعة طيبة، مضيفا إلى أمجاد أمته المسلمة تجربة فريدة فذة، تجمع بين العلم و العمل، و الحكم و العدالة.
فتح القدير، ج1، ص: 7
4- مذهبه و عقيدته:
كان مذهب الشوكاني في مطلع حياته العلمية المذهب الزيديّ، و قد حفظ أشهر كتب المذهب، و ألّف فيه كتبا، و برع في مسائله و أحكامه حتى أصبح قدوة، ثم طلب الحديث و فاق فيه أهل زمانه من الزيدية و غيرهم، مما جعله يخلع ربقة التقليد، و يدعو إلى الاجتهاد و معرفة الأدلة من الكتاب و السّنّة.
و يظهر هذا الموقف الاجتهاديّ المتميز في رسالة سمّاها: «القول المفيد في حكم التقليد» و في كتاب فقهيّ كبير سمّاه: «السيل الجرّار المتدفق على حدائق الأزهار» تكلّم فيه عن عيون المسائل الفقهية عند الزيدية، و صحّح ما هو مقيّد بالأدلة، و زيّف ما لم يكن عليه دليل. فقام عليه المقلدون و المتعصبون، يجادلونه و يصاولونه، و يتهمونه بهدم مذهب أهل البيت. و لكنه بقي ثابتا على موقفه لا يتزحزح عنه، و ألّف كتابا جمع فيه محاسن أهل البيت سمّاه «درّ السّحابة في مناقب القرابة و الصحابة» و أظهر فيه وجوب محبّة أهل البيت، و لزوم موالاتهم و مودّتهم؛ مما دفع عنه تهمة التعصب حيال مذهب بعينه، و أنّ دعوته إلى الاجتهاد تشمل أهل المذاهب جميعا.
أما عقيدة الشوكانيّ- رحمه اللّه تعالى- فكانت عقيدة السّلف، من حمل صفات اللّه تعالى الواردة في القرآن و السّنة الصحيحة على ظاهرها من غير تأويل و لا تحريف، و له رسالة في بيان ذلك اسمها: «التحف بمذهب السّلف».
و قد دعا إلى جانب ذلك إلى نبذ كلام المتكلمين، و تطهير عقيدة التوحيد من مظاهر الشرك، و تخليص ما دخل على حياة الناس و تدينهم من البدع و الخرافات. و يظهر هذا جليا في كثير من كتبه، و بخاصة كتابه:
«قطر الوليّ «1» على حديث الوليّ».
5- مشايخه و تلاميذه:
لقد كفانا الشوكاني رحمه اللّه تعالى مؤونة هذا البحث، و ألّف كتابا في مشايخه و تلاميذه سمّاه: «الإعلام بالمشايخ الأعلام و التلاميذ الكرام»، و ترجم لبعضهم في كتابه: «البدر الطالع» و من أبرز مشايخه.
1- والده علي بن محمد الشوكاني، المتوفى سنة 1211 ه.
2- السيد عبد الرحمن بن قاسم المداني، المتوفى سنة 1211 ه.
3- العلامة أحمد بن عامر الحدائي، المتوفى سنة 1197 ه.
4- السيد العلامة إسماعيل بن الحسن بن أحمد ابن الإمام القاسم بن محمد، المتوفى سنة 1206 ه.
5- العلامة القاسم بن يحيى الخولاني، المتوفى سنة 1209 ه.
6- العلامة عبد بن إسماعيل النهمي، المتوفى سنة 1208 ه.
(1). الوليّ: قال في القاموس: الولي: المطر بعد المطر، و الوليّ: اسم منه.
فتح القدير، ج1، ص: 8
7- العلامة الحسن بن إسماعيل المغربي، المتوفى سنة 1208 ه.
8- السيد الإمام عبد القادر بن أحمد الكوكبائي، المتوفى سنة 1207 ه.
9- السيد العلامة علي بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن أحمد بن عامر، المتوفى سنة 1207 ه.
10- السيد العارف يحيى بن محمد الحوتي، المتوفى سنة 1247 ه.
11- القاضي عبد الرحمن بن حسن الأكوع، المتوفى سنة 1206 ه.
و من أبرز تلاميذه:
1- السيد محمد بن محمد بن زبارة الحسني اليمني الصنعاني، المتوفى سنة 1281 ه.
2- محمد بن أحمد السودي، المتوفى سنة 1226 ه.
3- محمد بن أحمد مشحم الصعدي الصنعاني، المتوفى سنة 1223 ه.
4- السيد أحمد بن علي بن محسن بن الإمام المتوكل على اللّه إسماعيل بن القاسم، المتوفى سنة 1223 ه.
5- السيد محمد بن محمد بن هاشم بن يحيى الشامي ثم الصنعاني، المتوفى سنة 1251 ه.
6- عبد الرحمن بن أحمد البهكلي الضمدي الصبياني، المتوفى سنة 1227 ه.
7- أحمد بن عبد اللّه الضمدي، المتوفى سنة 1222 ه.
8- علي بن أحمد هاجر الصنعاني، المتوفى سنة 1235 ه.
9- عبد اللّه بن محسن الحيمي ثم الصنعاني، المتوفى سنة 1240 ه.
10- القاضي محمد بن حسن الشجني الذماري، المتوفى سنة 1286 ه.
11- ابنه القاضي أحمد بن محمد الشوكاني، المتوفى سنة 1281 ه.
6- كتبه و مؤلفاته:
جمع الإمام الشوكاني رحمه اللّه تعالى في شخصيته العلمية الفذّة ثلاثة أمور «1» ، رشحته إلى أن يعدّ من أعلام المسلمين، و من المجددين، الذين يبعث اللّه على رأس كل قرن واحدا منهم، يحفظ للأمة دينها، و يجدد روح العزة و المجد فيها، و هذه الأمور الثلاثة هي:
سعة التبحر في العلوم على اختلاف أجناسها.
كثرة التلاميذ المحققين الذين يحيطون به، و يسجلون كلامه، و يتناقلون كتبه و أفكاره.
سعة التأليف في مختلف العلوم و الفنون.
و يهمنا في هذه الفقرة أن نتعرف على الكتب المطبوعة، التي تركها الشوكاني تراثا خالدا للأمة الإسلامية، تنهل منها العلم و المعرفة، و تجد فيها الفكر الصائب المستنير وسط ظلام الجمود و التعصب و التقليد، مما يؤكد